23 كانون الأول 2024 الساعة 08:38

الوقائع الميدانية تدفع نحو «إسرائيل الكبرى» والفلسطينيون.. مكانك قف

2020-11-29 عدد القراءات : 841
■ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية ومنها صحيفة هآرتس العبرية عن مخطط لبناء نحو 4 آلاف وحدة استيطانية في القدس المحتلة تمتد من مستوطنة «هار حوما» على جبل أبو غنيم لتصل إلى «رامات راحيل»، إضافة إلى بناء (1500) وحدة استيطانية في مستوطنة «هار حوما» جنوب شرق القدس المحتلة، إضافة إلى إجبار عشرات العائلات الفلسطينية على إخلاء منازلها في سلوان والشيخ جراح بالقدس المحتلة بدعوى أن هذه الأراضي التي أقيمت عليها هذه المنازل تعود ملكيتها ليهود قبل عام 1948، يعد جريمة إسرائيلية وفق القانون الدولي عدا عن ذلك أنها جريمة لا إنسانية تكشف ازدواجية معايير محاكم الاحتلال وقوانينها العنصرية اتجاه كل ما هو غير يهودي.
ولا تقتصر بناء المستوطنات الإسرائيلية والتضييق على الفلسطينيين وخاصة سكان القدس على ذلك، بل تطال أكثر من ذلك لتطويق مدينة القدس وعزلها عن محيطها الفلسطيني في الضفة الفلسطينية، حيث نشرت وسائل إعلام إسرائيلية خبراً عن نشر مناقصة مخطط لبناء (1257) وحدة استيطانية في مستوطنة «جفعات همتوس» جنوبي القدس، على أن تستكمل لبناء مجمع استيطاني ضخم على طول طريق الخليل، وبناء وحدات استيطانية جديدة قرب مستوطنة «معاليه أدوميم»، وبناء حي استيطاني في مستوطنة «إفرات» (E2) الذي يفصل بيت لحم عن منطقة الجنوب.
وفي المحصلة، وفق صحيفة هآرتس، فإن بناء مستوطنة «جفعات همتوس» سيكمل خطة عمرها 53 عاماً لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، والتي هي تطوير لخطة عمرها 107 سنوات للحركة الصهيونية لضمان السيطرة على القدس وضمان أمنها من خلال السيطرة على سلسلة الجبال في مناطق تقع حول المدينة.
ولم تكتف بذلك، بل أن منظمة «ريغافيم» الاستيطانية الإسرائيلية تقدمت بالتماس للمحكمة العليا الإسرائيلية تطالبها بالإسراع في هدم تجمع الخان الأحمر شرقي القدس. هذه الخطوات والإعلانات التي تشرعن الاستيطان تأتي بعد أسابيع قليلة على زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الفلسطينية والجولان السوري ومحاولة منه لإضفاء الشرعية الإسرائيلية على المستوطنات ومنتجاتها، في تعارض مع القانون الدولي الذي يحظر طرد الفلسطينيين أصحاب الأرض من أراضيهم وممتلكاتهم، وكذلك قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وخاصة القرار 2334 الذي أدان الاستيطان واعتبر الضفة الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة أراضٍ محتلة.
الاحتلال يبقى احتلالاً ومحاكمه تنصف المستوطنين في مصادرة ونهب أراضي الفلسطينيين وأملاكهم، فيما القانون الإسرائيلي يبقى سيفاً مسلطاً على رقاب الفلسطينيين، يمنعون من حقهم في الدفاع عن أنفسهم ورفض التماسات العودة إلى أراضيهم وبيوتهم وأملاكهم التي شردوا وهجروا منها عام 1948.
فالزمن ليس ببعيد، عندما صادقت المحكمة المركزية الإسرائيلية على تملك ثلاث شركات مرتبطة بالجمعية الاستيطانية «عطيرت كوهانيم» حقوقاً قانونية لثلاث عقارات قرب باب الخليل في البلدة القديمة بالقدس المحتلة لمدة (99) عاماً مع إمكانية تمديد العقد لـ(99) عاماً أخريات بموجب اتفاقية بين الشركات الاستيطانية الثلاثة والبطريركية اليونانية الأرثوذكسية في القدس المحتلة. حيث تلك العقارات هي فندق البتراء (4 طوابق)، وفندق امبريال (طابقين) وبيت المعظمية بالقرب من باب حُطة المؤدي للمسجد الأقصى.
واللافت أيضاً أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» في تقرير له، حذر من سياسة هدم منازل الفلسطينيين التي تتبعها قوات الاحتلال الإسرائيلية في المناطق المصنفة «ج» وفي القدس المحتلة، حيث هدمت قوات الاحتلال وصادرت (129) مبنى خلال ثلاثة أسابيع بحجة عدم الحصول على «رخصة بناء» وتهجير (100) شخص وإلحاق الضرر بنحو (200) آخرين، واستمرار جرائم المستوطنين التي تتفاقم دون أن يكون هناك أي عقاب.
حيث تشير المعطيات أن اعتداء المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة زادت وتيرتها وتتفاقم يوماً بعد يوم، في تبادل للأدوار بين المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى السماح للمستوطنين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى والصلاة فيه، فيما يمنع الفلسطيني من الوصول لـ «الأقصى» للصلاة في محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى على غرار المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
ومن الواضح أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تسابق الزمن في بناء المستوطنات وتوسيع نطاقها وتسارع من وتيرة النهب والضم في عموم الضفة الفلسطينية وفي القلب منها القدس المحتلة وتواصل جرائمها بحق الأماكن المقدسة وتضيق الخناق على المقدسيين بسحب هوياتهم وإبعادهم، مستغلة الشهرين المتبقيين لإدارة ترامب وحالتي التطبيع العربي والانقسام الفلسطيني، وتحول دون وصول الفلسطينيين من الضفة للقدس والمقدسات فيها، وتمنع الفلسطينيين من قطاع غزة أيضاً، وتعزلها عن محيطها الفلسطيني والعربي جغرافياً وديمغرافياً في محاولة لقطع الحبل السري عن قيام دولة فلسطينية مستقلة سيدة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 وعاصمتها القدس لصالح قيام دولة «إسرائيل الكبرى» على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية وفي مقدمتها قرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي يضمن عودة اللاجئين إلى أراضيهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948.
ومن الواضح أيضاً أن القانون الإسرائيلي يشرعن الاستيطان ويصادر أراضي الفلسطينيين ومنازلهم وهدمها ويواصل جرائم الصيد البشري والاعتقالات والاقتحامات اليومية في سياسة تطهير عرقي ونظام أبارتهايد يهيمن على الشعب الفلسطيني بأكمله في تحدٍ للقانون الدولي. ولم يكتف المشروع الصهيوني بجرائم القتل والتشريد والتهجير للفلسطينيين بل يلاحقهم في تاريخهم وأرضهم ومناهجهم الدراسية، وتشويه تاريخ قضيتهم الفلسطينية وتاريخ صراعهم مع الاحتلال الإسرائيلي.
ومن الواضح أيضاً أن المشروع الصهيوني وصل إلى خواتيمه، والدليل على ذلك، أن الإسرائيليين يقضُّون مضاجع الفلسطينيين وقضاياهم الحياتية واليومية، ويعبثون في هويتهم الفكرية وتراثهم الوطني ومناهجهم المدرسية، ويبحثون عن آليات لتجريم النضال الفلسطيني والشهداء والأسرى والمناضلين عبر ملاحقة النصب التذكارية والشوارع بأسماء الشهداء، ووقف رواتب الأسرى والشهداء وسرقة الأموال الفلسطينية «المقاصة» وملاحقة الأسرى في لقمة عيشهم.
ولكن السؤال لقيادة السلطة الفلسطينية التي عادت إلى سابق علاقاتها والتزاماتها مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي برسالة منسق يتبع للإدارة المدنية الإسرائيلية لتعود التفاهمات إلى سابق عهدها وتطبق السلطة ما عليها من التزامات ومنها تفعيل التنسيق الأمني ووقف كل أشكال التحريض والعنف في وسائل الإعلام والمناهج الدراسية وسوى ذلك، والتي شكلت هذه العودة تراجعاً عن قرار الاجتماع القيادي في (19/5/2020) وانقلاباً على قرارات المجلسين الوطني والمركزي واجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة الفلسطينية، في حالة انتظارية لوصول الساكن الجديد للبيت الأبيض واستمرار الرهانات الخاسرة على مفاوضات ميتة تعيد اللجنة الرباعية إحياءها، والتي خُبر شعبنا طوال أكثر من ربع قرن مدى فسادها، ومدى الضرر الذي ألحقته بقضيته الوطنية. فيما الدولة القائمة بالاحتلال الملتزمة بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وفق رسالة المنسق، ستواصل سرقة نحو (600) مليون شيكل من أموال الضرائب الفلسطينية ورغم ذلك ستبقى يدها نظيفة وبريئة من كل أشكال الجرائم.
إن الحالة الانتظارية للقيادة الفلسطينية والرهانات الخاسرة على بايدن لن تعود على الفلسطينيين بشيء، فأقصى ما يمكن أن يقدمه بايدن للفلسطينيين هو فتح مكتب م.ت.ف في واشنطن وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس وعودة جزء من المساعدات الأميركية للسلطة والأونروا، ولكن الشروط الأميركية ستكون أصعب هذه المرة، فلا مصالحة ولا حوار فلسطيني، ولا مقاومة شعبية ولا مقاطعة، ولا عضوية في منظمات دولية جديدة ولا مطاردة لإسرائيل في المحافل الدولية، وهذه الشروط ستضع القضية الفلسطينية في آخر سلم اهتمامات بايدن ولن تجبر إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية.
لذلك بات مطلوباً من قيادة م.ت.ف والسلطة الفلسطينية توحيد المرجعية الوطنية الخاصة بمدينة القدس بخطة عمل تشكل جزءاً من البرنامج الوطني الفلسطيني الموحد، وبموازنات مالية فاعلة تستجيب لحاجاتها، بتوفير الدعم وتعزيز صمود المقدسيين وصمود مؤسساتهم على اختلاف وظائفها، وتدويل قضية القدس في المحافل الدولية، للتصدي لإجراءات الاحتلال وسياساته التصعيدية في القدس المحتلة.
فليس هناك متسعاً من الوقت، أمام الوقائع الميدانية التي تصنعها إسرائيل على الأرض، سوى التسريع بتطبيق قرارات اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية وفي مقدمها تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية وإطلاق أسرع مقاومة شعبية بكل أشكال النضال وتعزيز الثقة بين الشعب وقيادته بما يدعم المواجهة الوطنية الشاملة وصولاً للعصيان الوطني الشامل لدحر الاحتلال الإسرائيلي، وإنجاز خطة وطنية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وتعزيز أسس الشراكة الوطنية فعلاً لا قولاً بعيداً عن إدارة الانقسام، وبناء النظام السياسي الفلسطيني بالاستناد إلى البرنامج الوطني المرحلي الذي فتح الباب لإطلاق يوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني■

أضف تعليق