هل ينجو نتنياهو من «أعراض» كورونا؟
تفاقم تداعيات انتشار «كورونا» أضعف قدرة نتنياهو على المناورة، وجعلة محاصراً بين تصاعد الاحتجاج الجماهيري ومزايدات شريكه الرئيسي في الحكومة «كاحول لافان». وربما هذا هو تفسير حاله «المهادنة» التي يبدو عليها في مواجهة الخصوم والمنافسين، على غير سلوكه المعتاد الذي يقوم على قاعدة «الهجوم خير وسيلة للدفاع».
وإذا كان الأطباء باتوا على دراية معقولة نسبياً بتأثير أعراض الإصابة بالفيروس على حياة المريض، وفرص تعافيه، إلا أن المحللين السياسيين في حيرة من أمرهم في سياق محاولاتهم معرفة مستقبل نتنياهو المنهك بأعراض كورونا الاقتصادية والسياسية والحزبية، ومدى تأثيرها على المسار الذي خطط له للنجاة من وطأة التحالف مع غانتس وشبح ملفه القضائي.
صحيح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ما يزال يتكئ في خطاب تسويق انجازاته على مسار التطبيع مع بعض الرسميات العربية، إلا أنه يدرك تماما أنه بحاجة إلى انجاز ما على صعيد مواجهة انتشار كورونا وتفاقم تداعياته. وهو إلى الآن لم يجد سوى الاشادة بنتائج مواجهة الموجة الأولى من الجائحة قبل أشهر، وكان لافتا أنه أحال هذا النجاح إلى «الوحدة التي ميّزت إدارة الحكومة للإغلاق الأول»، كرد غير معهود على الهجوم الذي يشنه غانتس على رئيس الحكومة (وحزبه الليكود) محملاً إياه المسؤولية عن تفاقم الأوضاع الصحية والاقتصادية في إسرائيل.
وعشية افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، من الواضح أن رئيس «كاحول لافان» يرى في تردي شعبية نتنياهو والليكود فرص مناسبة للضغط من أجل المصادقة على الميزانية بالصيغة التي يريدها حزبه، مراهناً على أن الوضع الحالي لخصمه لا يشجعه على قلب الطاولة في وجه الجميع والتوجه نحو انتخابات مبكرة، وخاصة أن خصوماً كثيرين باتوا يشكلون منافسة جدية لرئيس الوزراء وفي مقدمتهم بينيت، الذي حاز ائتلافه «يمينا» على 20 مقعداً بالكنيست في توقعات استطلاعات الرأي مؤخرا.
ويمكن القول إن نتنياهو اليوم يعاني أعراضا «جانبية» متعددة المستويات لانتشار كورونا:
• نجح نتنياهو خلال السنوات الماضية في فرض نفسه بلا منازع على رأس الليكود، وأفشل جميع محاولات منافسته. وهذا كان مترافقا مع سير الحزب بتنفيذ مشروعه السياسي ـ الاقتصادي الذي فرض نفسه بقيادة نتنياهو كبرنامج لليمين. وجاء انتشار كورونا كحدث كبير وطارئ أربك جميع الحكومات في العالم بدرجات متفاوتة. وكان وقع ذلك على الحكومة الإسرائيلية أشد بسبب طبيعة الحكومة وظروف تشكيلها، في وقت وضع فيه نتنياهو على رأس أجندته تطبيق إجراءات الضم واستكمال برنامجه التوسعي الاستعماري في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الاعلان عن الشق السياسي للصفقة في الشهر الأول من العام الجاري.
وإذا كان نتنياهو استفاد من قدوم الجائحة في فرض حكومة بقيادته تحت يافطة حالة الطوارئ و«الوحدة» في مواجهة الفيروس، إلا أنه بدأ يدفع الثمن غاليا مع ظهور مؤشرات فشل سياسته في مواجهة انتشارها المتصاعد وتداعياته الاقتصادية والصحية المتفاقمة. والأبرز في هذا ظهور اعتراضات جدية من داخل حزبه على هذه السياسة، ومنها رئيسة لجنة كورونا في الكنيست يفعات شاشا بيتون التي وقفت في وجهه. ويلفت الانتباه أن الاستطلاعات الأخيرة توقعت لها الحصول على 8 مقاعد لو خاضت الانتخابات في قائمة منفصلة.
• ومن تداعيات تفاقم انتشار الجائحة على حزب نتنياهو أن تجنب الانتخابات المبكرة الآن لم يعد حكرا على «كاحول لافان» وحلفائه ضمن الائتلاف الحكومي، بل وصل إلى الليكود نفسه في ظل المؤشرات الحالية التي تعكس تراجع قوة الحزب وتدني شعبية رئيسه. وهذا يفترض تغيرا ملموسا في سلوك «الحزب الأكبر» داخل الحكومة وخارجها.
• تصاعد الاحتجاجات على تفاقم تداعيات انتشار الفيروس شجع غانتس وحزبه وحلفاءه على تبني خطاب «النأي بالنفس» عن سياسات الحكومة في هذا الشأن من جهة، وتبني مطالب قسم كبير من المحتجين الذين ينادون بالتخفيف من إجراءات الإغلاق من جهة أخرى، وقد زايد في ذلك غانتس قائلا في معرض تحديه لنتنياهو إن حزبه «لن يقف ساكتا أمام محاولات الإضرار بالجماهير»، وبأنه سيطالب بإنهاء حالة الطوارئ. وهذه هي المرة الأولى التي تبدو فيها الحكومة الحالية برأسين على هذه الدرجة من الوضوح والندية.
وهذا يعني أن «كاحول لافان» يحاول التقدم في المشهد السياسي والحزبي على قاعدة امتلاكه «رؤية» متقدمة ومتميزة لمواجهة انتشار كورونا، دون الاضرار بمصالح قطاعات واسعة من الإسرائيليين، أي أنها فرصة لهذا الحزب الذي بقي عاجزا على الصعيد السياسي عن الخروج من عباءة مواقف الليكود. ويتميز هنا غانتس عن غيره من المنتقدين لسياسات نتنياهو بأنه يتحدث باعتباره الرئيس القادم للحكومة بحسب الاتفاق الائتلافي مع الليكود ورئيسه.
• التقدم الكبير لتحالف «يمينا» في استطلاعات الرأي يطرح تساؤلات جدية عن حقيقة تمثيل معسكر نتنياهو لليمين، وخاصة أن حزب بينيت كان من أركان هذا المعسكر نتنياهو لسنوات طويلة قبل أن يتجاهله الأخير في تشكيل حكومته الحالية ويفضل إرضاء شخصيات من الليكود عبر تقليدها حقائب وزارية.
ومثل هذه المعطيات تؤثر جديا في حسابات أحزاب الائتلاف الحكومي وغيرها. وخاصة أن استطلاعات الرأي لم تعد تمنح نتنياهو الأفضلية لمنصب رئاسة الوزراء بفارق كبير جدا عن غيره (الفارق بينه وبين بينيت 9% فقط في آخر استطلاع)، أي أنه بات من الممكن التفكير لدى عدد من الأطراف الحزبية بمن فيهم من داخل الحكومة بأن الظروف القائمة باتت تسمح بـ«التغيير».
وإذا كان الأطباء باتوا على دراية معقولة نسبياً بتأثير أعراض الإصابة بالفيروس على حياة المريض، وفرص تعافيه، إلا أن المحللين السياسيين في حيرة من أمرهم في سياق محاولاتهم معرفة مستقبل نتنياهو المنهك بأعراض كورونا الاقتصادية والسياسية والحزبية، ومدى تأثيرها على المسار الذي خطط له للنجاة من وطأة التحالف مع غانتس وشبح ملفه القضائي.
صحيح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ما يزال يتكئ في خطاب تسويق انجازاته على مسار التطبيع مع بعض الرسميات العربية، إلا أنه يدرك تماما أنه بحاجة إلى انجاز ما على صعيد مواجهة انتشار كورونا وتفاقم تداعياته. وهو إلى الآن لم يجد سوى الاشادة بنتائج مواجهة الموجة الأولى من الجائحة قبل أشهر، وكان لافتا أنه أحال هذا النجاح إلى «الوحدة التي ميّزت إدارة الحكومة للإغلاق الأول»، كرد غير معهود على الهجوم الذي يشنه غانتس على رئيس الحكومة (وحزبه الليكود) محملاً إياه المسؤولية عن تفاقم الأوضاع الصحية والاقتصادية في إسرائيل.
وعشية افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، من الواضح أن رئيس «كاحول لافان» يرى في تردي شعبية نتنياهو والليكود فرص مناسبة للضغط من أجل المصادقة على الميزانية بالصيغة التي يريدها حزبه، مراهناً على أن الوضع الحالي لخصمه لا يشجعه على قلب الطاولة في وجه الجميع والتوجه نحو انتخابات مبكرة، وخاصة أن خصوماً كثيرين باتوا يشكلون منافسة جدية لرئيس الوزراء وفي مقدمتهم بينيت، الذي حاز ائتلافه «يمينا» على 20 مقعداً بالكنيست في توقعات استطلاعات الرأي مؤخرا.
ويمكن القول إن نتنياهو اليوم يعاني أعراضا «جانبية» متعددة المستويات لانتشار كورونا:
• نجح نتنياهو خلال السنوات الماضية في فرض نفسه بلا منازع على رأس الليكود، وأفشل جميع محاولات منافسته. وهذا كان مترافقا مع سير الحزب بتنفيذ مشروعه السياسي ـ الاقتصادي الذي فرض نفسه بقيادة نتنياهو كبرنامج لليمين. وجاء انتشار كورونا كحدث كبير وطارئ أربك جميع الحكومات في العالم بدرجات متفاوتة. وكان وقع ذلك على الحكومة الإسرائيلية أشد بسبب طبيعة الحكومة وظروف تشكيلها، في وقت وضع فيه نتنياهو على رأس أجندته تطبيق إجراءات الضم واستكمال برنامجه التوسعي الاستعماري في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الاعلان عن الشق السياسي للصفقة في الشهر الأول من العام الجاري.
وإذا كان نتنياهو استفاد من قدوم الجائحة في فرض حكومة بقيادته تحت يافطة حالة الطوارئ و«الوحدة» في مواجهة الفيروس، إلا أنه بدأ يدفع الثمن غاليا مع ظهور مؤشرات فشل سياسته في مواجهة انتشارها المتصاعد وتداعياته الاقتصادية والصحية المتفاقمة. والأبرز في هذا ظهور اعتراضات جدية من داخل حزبه على هذه السياسة، ومنها رئيسة لجنة كورونا في الكنيست يفعات شاشا بيتون التي وقفت في وجهه. ويلفت الانتباه أن الاستطلاعات الأخيرة توقعت لها الحصول على 8 مقاعد لو خاضت الانتخابات في قائمة منفصلة.
• ومن تداعيات تفاقم انتشار الجائحة على حزب نتنياهو أن تجنب الانتخابات المبكرة الآن لم يعد حكرا على «كاحول لافان» وحلفائه ضمن الائتلاف الحكومي، بل وصل إلى الليكود نفسه في ظل المؤشرات الحالية التي تعكس تراجع قوة الحزب وتدني شعبية رئيسه. وهذا يفترض تغيرا ملموسا في سلوك «الحزب الأكبر» داخل الحكومة وخارجها.
• تصاعد الاحتجاجات على تفاقم تداعيات انتشار الفيروس شجع غانتس وحزبه وحلفاءه على تبني خطاب «النأي بالنفس» عن سياسات الحكومة في هذا الشأن من جهة، وتبني مطالب قسم كبير من المحتجين الذين ينادون بالتخفيف من إجراءات الإغلاق من جهة أخرى، وقد زايد في ذلك غانتس قائلا في معرض تحديه لنتنياهو إن حزبه «لن يقف ساكتا أمام محاولات الإضرار بالجماهير»، وبأنه سيطالب بإنهاء حالة الطوارئ. وهذه هي المرة الأولى التي تبدو فيها الحكومة الحالية برأسين على هذه الدرجة من الوضوح والندية.
وهذا يعني أن «كاحول لافان» يحاول التقدم في المشهد السياسي والحزبي على قاعدة امتلاكه «رؤية» متقدمة ومتميزة لمواجهة انتشار كورونا، دون الاضرار بمصالح قطاعات واسعة من الإسرائيليين، أي أنها فرصة لهذا الحزب الذي بقي عاجزا على الصعيد السياسي عن الخروج من عباءة مواقف الليكود. ويتميز هنا غانتس عن غيره من المنتقدين لسياسات نتنياهو بأنه يتحدث باعتباره الرئيس القادم للحكومة بحسب الاتفاق الائتلافي مع الليكود ورئيسه.
• التقدم الكبير لتحالف «يمينا» في استطلاعات الرأي يطرح تساؤلات جدية عن حقيقة تمثيل معسكر نتنياهو لليمين، وخاصة أن حزب بينيت كان من أركان هذا المعسكر نتنياهو لسنوات طويلة قبل أن يتجاهله الأخير في تشكيل حكومته الحالية ويفضل إرضاء شخصيات من الليكود عبر تقليدها حقائب وزارية.
ومثل هذه المعطيات تؤثر جديا في حسابات أحزاب الائتلاف الحكومي وغيرها. وخاصة أن استطلاعات الرأي لم تعد تمنح نتنياهو الأفضلية لمنصب رئاسة الوزراء بفارق كبير جدا عن غيره (الفارق بينه وبين بينيت 9% فقط في آخر استطلاع)، أي أنه بات من الممكن التفكير لدى عدد من الأطراف الحزبية بمن فيهم من داخل الحكومة بأن الظروف القائمة باتت تسمح بـ«التغيير».
أضف تعليق