23 كانون الأول 2024 الساعة 11:13

حنظلة لا يزال طفلا..33 عاما على استشهاد ناجي العلي

2020-08-29 عدد القراءات : 1121
يصادف يوم 29 أغسطس/آب، الذكرى 33 لاغتيال ناجي العلي، رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي اغتيل في غرب لندن عن عمر يناهز 51 عاما. وتوفي العلي إثر إصابة نارية غادرة في عنقه يوم 22 يوليو/تموز 1987 أدخلته في غيبوبة استمرت 37 يوما انتهت باستشهاده.
ومع مضي وقت طويل ما زال الكثيرون يتبادلون رسوماته على وسائل التواصل الاجتماعي ويرى الكثيرون أن ذلك يرجع إلى تناوله لموضوعات وطنية وإنسانية بأسلوب سلس ومشحون بالعواطف.
ولد ناجي العلي في قرية الشجرة قضاء الجليل عام 1937، وبعد حرب 1948 شرد مع عائلته وانتقل إلى مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، ليسجن بعد ذلك بسبب نشاطه السياسي.
طور العلي موهبته بالرسم على جدران زنزانته، ثم انتقل إلى الكويت 1963 وبدأ يرسم لعدد من الصحف أهمها مجلة القبس الكويتية على مدار 11عاما.
ويقول ناجي العلي في كتاب قامت عائلته وأصدقاؤه بتجميعه تحت اسم (طفل في فلسطين: رسوم ناجي العلي): «مهمتي أن أتحدث بصوت الناس، شعبي في المخيمات في مصر والجزائر، وباسم العرب البسطاء في المنطقة كلها والذين لا منافذ كثيرة لديهم للتعبير عن وجهة نظرهم».
وكانت رسومات ناجي العلي تحمل الكثير من الانتقادات للأنظمة العربية وبعض القيادات الفلسطينية التي عاب عليها الرسام والصحفي الفلسطيني طريقة تعاملها مع القضية الفلسطينية. وكان ناجي دائما يوقّع أعماله برسم حنظلة.
حنظلة، شخصية ناجي العلي الشهيرة، هي لطفل يبلغ من العمر 10 سنوات، ظهر لأول مرة في لوحاته عام 1969 بجريدة السياسة الكويتية، وهو رمز لمرحلة قاسية واستثنائية في عمر الوطن، وكان أيقونة يقف خلفها حلم العودة.
عمر حنظلة هو نفسه عمر ناجي العلي عندما غادر فلسطين، ولم يكن الأول ليكبر حتى يعود مبتكره إلى أرض الوطن، حينها فقط كنا سنشهد صبا وشباب ذاك الطفل.
بعد ظهور حنظلة عام 1969، اتخذه العلي بمثابة توقيع له على لوحاته، ولاقت الشخصية ثناء الجماهير العربية، كونها رمزا لصمود الشعب الفلسطيني.
ورغم استخدام العلي لشخصيات عدة في لوحاته لانتقاد عدد من القيادات الفلسطينية والعربية، مثل فاطمة، وشخصية جندي الاحتلال طويل الأنف، الذي يظهر مرتبكا أمام حجر صغير في يد طفل فلسطيني، إلا أنها جميعها لم تنل شهرة حنظلة.
سخر ناجى العلي فنه لمراقبة التغيرات السياسية ولخدمة فلسطين وفضح الاحتلال. وقد شهد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. وعن هذه الفترة يقول في إحدى المقابلات الصحفية: «كنت في صيدا أثناء الغزو الإسرائيلي، واجهت نفس ما واجهه الناس من رعب وخوف، وعشت أيام القصف وغارات الطيران، ورأيت الدماء والقتلى بأم العين، وبقيت في صيدا لمدة شهر بعد احتلالها، وفي تلك الأيام العصيبة لم أرسم، وحتى لو استطعت فأنا غير قادر على توصيل رسوماتي إلى الصحيفة التي أعمل بها».
قرر ناجي العلي اختراق الحصار المفروض على بيروت حتى وصل إلى جريدة السفير التي كان أحد أفرادها في ذلك الوقت، وبدأ في بث الروح المعنوية لدى المدافعين عن بيروت لمقاومة الحصار الذي استمر 3 أشهر.
في هذه الفترة خرجت لوحته الشهيرة «صباح الخير يا بيروت»؛ إذ استخدم حنظلة صاحب الـ10 أعوام، وقدم من خلاله وردة إلى بيروت التي رسمها في شكل فتاة جميلة تخرج من جدار محطم بينما يكسو الحزن عينيها.
كان لناجي العلي مكانة خاصة عند كبار المثقفين والفنانين، إذ قال عنه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: «فلسطيني واسع القلب، ضيق المكان، سريع الصراخ، طافح بالطعنات، وفي صمته تحولات المخيم، مفتوح على الساعات القادمة وعلى دبيب النمل وأنين الأرض، يجلس على سر الحرب وفي علاقات الخبز، خرج على العالم باسم البسطاء ومن أجلهم، شاهرا ورقة وقلم رصاص، فصار وقتا للجميع».
 أما الفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير المصري جورج بهجوري فقال عنه: «كان يمشي كما لو كان يقفز إلى أعلى مثل الكنجارو، وكان يفلسف كل شيء أو يحوله إلى سياسة، وأخذ شخصية (حنظلة) من وحي رسمه لنفسه، حيث كان يرسم نفسه مع الكاريكاتير مثل حنظلة، في حجم (ميكي ماوس)، لكنه صنفه كرمز للنضال الفلسطيني، حتى أصبح من أشهر الكاريكاتورات العالمية».
فيما قال الأديب العربي عبدالرحمن منيف، عن تجربته: «لا تزال رسوم ناجي العلي راهنة، وربما أكثر راهنية من الماضي، وهذا دليل على أن الفن الحقيقي والصادق له قدرة على الحياة والتجدد».
وكانت رسالة الشاعر السوري أدونيس، لروحه: «سلاما ناجي أيها الشهيد الآخر، والشاهد الآخر».
ورغم مضي 33 عاما على غياب صاحب «حنظلة»، لم يعلن حتى الآن هوية الشخص المجهول الذي أطلق الرصاص عليه، ولم تكشف ملابسات اغتياله، بالرغم من إعادة الشرطة البريطانية فتح ملف التحقيق عام 2017.
وتلقى العلي رصاصة من الخلف استقرت في رقبته في وضح النهار بينما كان يترجل من سيارته متوجها إلى مكتب صحيفة القبس الكويتية في نايتسبريدج حيث كان يعمل في ذلك الوقت.
وقد حاول الشهود اللحاق بالمسلّح المشتبه به وهو يتتبع ناجي العلي لكنه لاذ بالفرار.

أضف تعليق