غزة: بداية عام دراسي مشحونة بالقلق من «كورونا» .. وتكاليف الدراسة
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير آمنة الدبش)
■ما زال الخوف من شبح جائحة كورونا يلقي بظلاله على القطاع التربوي ويفرض واقعاً تعليمياً جديداً مع بداية العام الدراسي الجديد في قطاع غزة، ويقف عائقاً أمام الحياة الطبيعية في ظل افتقار القطاع لإجراءات الوقاية والتدابير الاحترازية، وضعف الامكانيات في المدارس.
قلق وتوتر يساوران أولياء أمور الطلبة وسط مخاوفهم لغياب رؤية واضحة لعودة أبنائهم لمقاعدهم الدراسية بشكل آمن، حيث أثارت «كورونا» عاصفة من التساؤلات والشكوك وحالة من الترقب حول ما سيؤول اليه مصير العام الدراسي الجديد وسير العملية التعليمية.
ووفق إحصاءات وزارة التربية والتعليم، يبلغ عدد الطلبة الذين يلتحقون بكافة المراحل التعليمية للعام الدراسي 2020/ 2021 أكثر (290) ألف طالب وطالبة إلى جانب أكثر من (20) ألفاً من الطلبة الجدد في الصف الأول الابتدائي، فيما يصل عدد طلبة مدارس الأونروا في القطاع نحو (285) ألفاً و(150) ألفاً في المدارس الخاصة.
ويقول محمد ابو شاويش والد الطالب يوسف (10 أعوام) «نتخوف عودة ابنائنا إلى المدارس في ظل الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، ووجود اكتظاظ في الصفوف لا يقل فيه عدد الطلاب عن 40 طالباً، اضافة الى عدم تأهيل المدارس وصيانتها بشكل دائم وافتقارها كذلك إلى الحد الأدنى من الظروف الصحية والتعليمية، ما يعني صعوبة توفير السلامة والامن والتباعد الاجتماعي بين الطلاب»، مضيفاً «نسمع تصريحات تصدر عبر وسائل الاعلام لكنها بالحقيقة لم تطبق على أرض الواقع».
تبعات «الانقطاع» جسيمة
المواطنة أم إسماعيل، أم لثلاثة اطفال على مقاعد الدراسة أصغرهم التحق في هذا العام الدراسي للصف الأول، تحدثت لمراسلة «الحرية» في غزة، قائلة «من الطبيعي أن تبدو العودة للمدارس مختلفة، عما اعتدنا عليه في السابق، فأكثر ما يقلقني المرحلة الانتقالية لابني الأصغر نحو الصف الأول بعد انقطاعه عن الدراسة في «البستان» لعدة أشهر لم يتم من خلالها تدريسه وتأسيسه بالمحتوى المقرر جراء «كورونا»». وأشارت إلى أن «انقطاع أبنائنا عن الدراسة فترة طويلة سيكون له تبعات جسيمة على أنماط حياتهم وقدراتهم الادراكية والمعرفية ستلازمهم طيلة حياتهم».
وعبرت حنين (13عاماً) ،الطالبة في الصف السابع، بحسرة عن عدم رغبتها بالعودة إلى مقاعد الدراسة، «لا أخاف من الكورونا، هناك أشياء أكثر بشاعة منه في الحياة، أشعر بحسرة عندما أرى والدي يخفي ملامح العوز والفقر الذي ينتهك حياتنا بعدم توفير المستلزمات المدرسية، الوباء الحقيقي ليست كورونا بل هو الفقر والحرمان».
تخوفات من عودة «كورونا»
سيناريوهات مقترحة وآراء التربويين كثيرة، معظمها تتكهن وتطرح وجهات نظر فردية بالنهاية تقع على عاتق أولياء الأمور، بعضاً منها قدمها الطالب عبد الرحمن في الثانوية العامة، قائلاً: «التعايش مع الأزمة والعودة إلى المقاعد الدراسية بات أمراً واقعاً، المشكلة الأساسية تكمن في حال تم إعلان الطوارئ وإغلاق المدارس من جديد واللجوء الى تطبيق نظام التعلم عن بعد فكيف سيكون الحال، ونحن نعيش ظروفاً مأساوية قاسية تمنعنا من توفير الاحتياجات المطلوبة وخاصة الحاسوب، إضافة الى سوء خدمات الانترنت في غزة والانقطاع المتواصل للكهرباء، فما هو مصيرنا؟!».
وأوضح الإخصائي والاستشاري النفسي الدكتور عبد الله الجمل«سيظل هذا العام الدراسي محفوراً في أذهان الكل بحروف من الهلع والتوتر تاركاً أثاراً سلبية، يتطلب معالجتها بالتعاون مع مختلف الجهات، فالخوف من المجهول يتنامى، رغم خلو قطاع غزة من الفيروس، لكن التوتر يؤثر على سلوكيات أبنائهم». ودعا الجمل الجهات المعنية إلى بذل مزيد من الجهود ، وتحمل مسؤولياتها تجاه الطلبة وأولياء الأمور، ومواجهة الأزمة بمختلف أبعادها، ومعالجة تداعياتها مهما بلغ الأمر للحفاظ على سير المسيرة التعليمية، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي داخل المدرسة وخارجها.
ومن ناحيته، تحدث أمين سر المجلس المركزي لأولياء الأمور حسام الأعرج، عن وجود إجراءات وقائية لتهيئة الاجواء الملائمة للطلبة داخل المدارس، بما يضمن أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بالتوجيهات التي تقدمها وزارة التربية والتعليم بتطهير وتعقيم المدارس والمرافق التعليمية بصفة يومية ومستمرة.
ونوه الأعرج لـ«الحرية»، إلى أن هناك متابعة ورعاية طبية لمساعدة الطلبة من قبل الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين لتقديم الدعم المعنوي لهم وإبعادهم عن الذعر والتوتر. مضيفاً «وصلتنا مطالب في أول أيام بدء العام الدراسي الجديد من قبل أولياء الأمور لتقليص مدة الحصة الدراسية إلى ٣٥ دقيقة وإلغاء الطابور للفترة المسائية، وتوفير المياه بشكل يومي في جميع المدارس. فمن الضروري تكاتف جهود المدرسة والأسرة معا حتى يستطيع الطلاب الشعور بالطمأنينة والراحة وتخطي شعور الخوف والقلق في هذه المرحلة الصعبة».
إجراءات وقائية
وبدوه، أكد مدير عام الارشاد والصحة المدرسية في وزارة التربية والتعليم بغزة خالد أبو فضة لـ«الحرية»، أن الوزارة أطلقت مشروعاً يحمل اسم «العودة الآمنة للمدارس»، يشمل تدريب المعلمين والأذنة وأصحاب المقاصف على كيفية المحافظة على البيئة الصحية للطلبة داخل المدارس مع مراعاة البروتوكول الصحي المعمول به بالشراكة مع وزارة الصحة. موضحاً أنه «ستنفذ خطة إرشادية متكاملة لعودة آمنة للطلبة ومعالجة الاثار النفسية بتنفيذ أنشطة ترفيهية متعددة لطلبة الصف الأول، فيما طلبة الصف الثاني الابتدائي وحتى الثانوية العامة سيخصص لهم برنامج سيراعي احتياجاتهم النفسية».
وأعلن وكيل وزارة التربية والتعليم زياد ثابت في تصريح صحفي، أن التعليم بغزة لازال يعمل بسيناريو الدوام الكامل ويخضع للتغيير بناءً على تقييم لجنة الطوارئ بوزارة الصحة في ظل استمرار انتشار «كورونا». موضحاً أن الدوام المدرسي للمرحلة الاستدراكية خلال شهر أغسطس الجاري سيقتصر على 4 حصص بواقع 40 دقيقة لكل حصة مدرسية، على أن يعود الدوام لوضعه الطبيعي مع بداية الشهر القادم بمعدل 5 حصص دراسية.
فيما نبه رئيس برنامج التعليم بـ«الأونروا» بقطاع غزة فريد أبو عاذرة، إلى وجود سيناريوهات مقترحة مع وزارة التربية والتعليم، منها دوام يومي لجميع الطلبة في مدارسهم كالمعتاد، والدعوة لنصف الطلبة لمدة ثلاثة ايام في الأسبوع والنصف الثاني باقي أيام الأسبوع. مضيفاً: «لدينا مرونة كافية في مدارسنا لاتخاذ قرارات عند الحاجة مثل الانتقال من سيناريو إلى آخر».
التعايش مع كورونا يعني أن جهداً مضاعفاً يقع على عاتق الجميع، من معلمين وطلاب وأولياء أمور ومسؤولين في التربية والتعليم وجهات مختصة لنخرج بسلام من عنق زجاجة الجائحة■
■ما زال الخوف من شبح جائحة كورونا يلقي بظلاله على القطاع التربوي ويفرض واقعاً تعليمياً جديداً مع بداية العام الدراسي الجديد في قطاع غزة، ويقف عائقاً أمام الحياة الطبيعية في ظل افتقار القطاع لإجراءات الوقاية والتدابير الاحترازية، وضعف الامكانيات في المدارس.
قلق وتوتر يساوران أولياء أمور الطلبة وسط مخاوفهم لغياب رؤية واضحة لعودة أبنائهم لمقاعدهم الدراسية بشكل آمن، حيث أثارت «كورونا» عاصفة من التساؤلات والشكوك وحالة من الترقب حول ما سيؤول اليه مصير العام الدراسي الجديد وسير العملية التعليمية.
ووفق إحصاءات وزارة التربية والتعليم، يبلغ عدد الطلبة الذين يلتحقون بكافة المراحل التعليمية للعام الدراسي 2020/ 2021 أكثر (290) ألف طالب وطالبة إلى جانب أكثر من (20) ألفاً من الطلبة الجدد في الصف الأول الابتدائي، فيما يصل عدد طلبة مدارس الأونروا في القطاع نحو (285) ألفاً و(150) ألفاً في المدارس الخاصة.
ويقول محمد ابو شاويش والد الطالب يوسف (10 أعوام) «نتخوف عودة ابنائنا إلى المدارس في ظل الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، ووجود اكتظاظ في الصفوف لا يقل فيه عدد الطلاب عن 40 طالباً، اضافة الى عدم تأهيل المدارس وصيانتها بشكل دائم وافتقارها كذلك إلى الحد الأدنى من الظروف الصحية والتعليمية، ما يعني صعوبة توفير السلامة والامن والتباعد الاجتماعي بين الطلاب»، مضيفاً «نسمع تصريحات تصدر عبر وسائل الاعلام لكنها بالحقيقة لم تطبق على أرض الواقع».
تبعات «الانقطاع» جسيمة
المواطنة أم إسماعيل، أم لثلاثة اطفال على مقاعد الدراسة أصغرهم التحق في هذا العام الدراسي للصف الأول، تحدثت لمراسلة «الحرية» في غزة، قائلة «من الطبيعي أن تبدو العودة للمدارس مختلفة، عما اعتدنا عليه في السابق، فأكثر ما يقلقني المرحلة الانتقالية لابني الأصغر نحو الصف الأول بعد انقطاعه عن الدراسة في «البستان» لعدة أشهر لم يتم من خلالها تدريسه وتأسيسه بالمحتوى المقرر جراء «كورونا»». وأشارت إلى أن «انقطاع أبنائنا عن الدراسة فترة طويلة سيكون له تبعات جسيمة على أنماط حياتهم وقدراتهم الادراكية والمعرفية ستلازمهم طيلة حياتهم».
وعبرت حنين (13عاماً) ،الطالبة في الصف السابع، بحسرة عن عدم رغبتها بالعودة إلى مقاعد الدراسة، «لا أخاف من الكورونا، هناك أشياء أكثر بشاعة منه في الحياة، أشعر بحسرة عندما أرى والدي يخفي ملامح العوز والفقر الذي ينتهك حياتنا بعدم توفير المستلزمات المدرسية، الوباء الحقيقي ليست كورونا بل هو الفقر والحرمان».
تخوفات من عودة «كورونا»
سيناريوهات مقترحة وآراء التربويين كثيرة، معظمها تتكهن وتطرح وجهات نظر فردية بالنهاية تقع على عاتق أولياء الأمور، بعضاً منها قدمها الطالب عبد الرحمن في الثانوية العامة، قائلاً: «التعايش مع الأزمة والعودة إلى المقاعد الدراسية بات أمراً واقعاً، المشكلة الأساسية تكمن في حال تم إعلان الطوارئ وإغلاق المدارس من جديد واللجوء الى تطبيق نظام التعلم عن بعد فكيف سيكون الحال، ونحن نعيش ظروفاً مأساوية قاسية تمنعنا من توفير الاحتياجات المطلوبة وخاصة الحاسوب، إضافة الى سوء خدمات الانترنت في غزة والانقطاع المتواصل للكهرباء، فما هو مصيرنا؟!».
وأوضح الإخصائي والاستشاري النفسي الدكتور عبد الله الجمل«سيظل هذا العام الدراسي محفوراً في أذهان الكل بحروف من الهلع والتوتر تاركاً أثاراً سلبية، يتطلب معالجتها بالتعاون مع مختلف الجهات، فالخوف من المجهول يتنامى، رغم خلو قطاع غزة من الفيروس، لكن التوتر يؤثر على سلوكيات أبنائهم». ودعا الجمل الجهات المعنية إلى بذل مزيد من الجهود ، وتحمل مسؤولياتها تجاه الطلبة وأولياء الأمور، ومواجهة الأزمة بمختلف أبعادها، ومعالجة تداعياتها مهما بلغ الأمر للحفاظ على سير المسيرة التعليمية، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي داخل المدرسة وخارجها.
ومن ناحيته، تحدث أمين سر المجلس المركزي لأولياء الأمور حسام الأعرج، عن وجود إجراءات وقائية لتهيئة الاجواء الملائمة للطلبة داخل المدارس، بما يضمن أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بالتوجيهات التي تقدمها وزارة التربية والتعليم بتطهير وتعقيم المدارس والمرافق التعليمية بصفة يومية ومستمرة.
ونوه الأعرج لـ«الحرية»، إلى أن هناك متابعة ورعاية طبية لمساعدة الطلبة من قبل الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين لتقديم الدعم المعنوي لهم وإبعادهم عن الذعر والتوتر. مضيفاً «وصلتنا مطالب في أول أيام بدء العام الدراسي الجديد من قبل أولياء الأمور لتقليص مدة الحصة الدراسية إلى ٣٥ دقيقة وإلغاء الطابور للفترة المسائية، وتوفير المياه بشكل يومي في جميع المدارس. فمن الضروري تكاتف جهود المدرسة والأسرة معا حتى يستطيع الطلاب الشعور بالطمأنينة والراحة وتخطي شعور الخوف والقلق في هذه المرحلة الصعبة».
إجراءات وقائية
وبدوه، أكد مدير عام الارشاد والصحة المدرسية في وزارة التربية والتعليم بغزة خالد أبو فضة لـ«الحرية»، أن الوزارة أطلقت مشروعاً يحمل اسم «العودة الآمنة للمدارس»، يشمل تدريب المعلمين والأذنة وأصحاب المقاصف على كيفية المحافظة على البيئة الصحية للطلبة داخل المدارس مع مراعاة البروتوكول الصحي المعمول به بالشراكة مع وزارة الصحة. موضحاً أنه «ستنفذ خطة إرشادية متكاملة لعودة آمنة للطلبة ومعالجة الاثار النفسية بتنفيذ أنشطة ترفيهية متعددة لطلبة الصف الأول، فيما طلبة الصف الثاني الابتدائي وحتى الثانوية العامة سيخصص لهم برنامج سيراعي احتياجاتهم النفسية».
وأعلن وكيل وزارة التربية والتعليم زياد ثابت في تصريح صحفي، أن التعليم بغزة لازال يعمل بسيناريو الدوام الكامل ويخضع للتغيير بناءً على تقييم لجنة الطوارئ بوزارة الصحة في ظل استمرار انتشار «كورونا». موضحاً أن الدوام المدرسي للمرحلة الاستدراكية خلال شهر أغسطس الجاري سيقتصر على 4 حصص بواقع 40 دقيقة لكل حصة مدرسية، على أن يعود الدوام لوضعه الطبيعي مع بداية الشهر القادم بمعدل 5 حصص دراسية.
فيما نبه رئيس برنامج التعليم بـ«الأونروا» بقطاع غزة فريد أبو عاذرة، إلى وجود سيناريوهات مقترحة مع وزارة التربية والتعليم، منها دوام يومي لجميع الطلبة في مدارسهم كالمعتاد، والدعوة لنصف الطلبة لمدة ثلاثة ايام في الأسبوع والنصف الثاني باقي أيام الأسبوع. مضيفاً: «لدينا مرونة كافية في مدارسنا لاتخاذ قرارات عند الحاجة مثل الانتقال من سيناريو إلى آخر».
التعايش مع كورونا يعني أن جهداً مضاعفاً يقع على عاتق الجميع، من معلمين وطلاب وأولياء أمور ومسؤولين في التربية والتعليم وجهات مختصة لنخرج بسلام من عنق زجاجة الجائحة■
أضف تعليق