15 تشرين الثاني 2024 الساعة 07:47

في يوم الشباب العالمي.. الشباب الفلسطيني تحت مقصلة الأزمات

2020-08-12 عدد القراءات : 1189
كارثة وطنية تعصف بحال الشباب الفلسطيني بقطاع غزة والتي تتزامن مع يومهم العالمي، والذي حمل دائماً في مطالبه شعار «العدالة الاجتماعية» الذي يدعو لتوفير أدنى مقومات الحياة والصمود في الوقت الذي تتعدى نسب الفقر والبطالة حاجز الـ (75%).
قراءة هذا المشهد بحاجة إلى حلول قائمة على معالجة المسببات التي أدت لنتيجة حتمية نحو هروب الشباب من الواقع بديلاً للحلول الترقيعية التي انتهجتها سلطة الأمر الواقع بقطاع غزة، في ظل غياب الدور الفعلي لحكومة السلطة الفلسطينية. فكافة المؤشرات الإحصائية حول واقع الشباب تشير إلى نتائج تنذر بأخطار محدقة تحيط بالمجتمع الفلسطيني وخصوصاً في قطاع غزة، الذي يعاني من سياسات عدوانية تستهدف كافة مقومات الحياة في القطاع، إضافة للانقسام السياسي الداخلي الذي ترك آثاراً مأساوية على واقع الحياة في المجتمع الفلسطيني.
إن التعبير عن الجوع والواقع المرير الذي يعيشه الشباب من خلال شعار «بدنا نعيش» يُقابل بالقمع وتكميم الأفواه دون حلول للأفق المسدود ولصرخات تحمل أوجاع الشباب، دفع الحال بهم نحو الانتحار كخلاص من الظلم، أو نحو الهجرة عبر قوارب الموت، رغم المحاولات العديدة التي قادها الشباب لتحسين ظروفهم المعيشية ودق جدران الخزان، عبروا بها عن واقعهم المهمش بأشكال وأساليب متعددة كان أبرزها شعار «بدنا نعيش».
إن تزايد المحاولات الانتحارية الغير مكتملة بقطاع غزة التي وصلت لأكثر من 562 حالة سنوياً، فيما سجل مركز الميزان لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 17 حالة انتحار بالقطاع حتى منتصف العام الجاري. فهيمنة فكرة الخلاص الفردي على الشباب وتراجع القيم الوطنية بشكل ملحوظ عبر التفكير بالهجرة نتيجة لمسببات تهدف لفك الارتباط ما بين المواطن والقضية الوطنية عبر إغراقه بالهموم الذاتية التي تمنعه وتحد من قدرته بالاستمرارية.
الكارثة هنا هي محاولة اختراق الوعي الشبابي في ظل حالة الفقر واليأس الذي تعاني منه الجماهير الكادحة تحت الاحتلال وفي ظل الانقسام الفلسطيني، والأكثر سوءاً هنا هو هيمنة مفاهيم التكيف السلبي على الشباب نتيجة انعدام القدرة على التغيير وغياب النموذج وفقدان الثقة بالهياكل الموجودة، وفي ظل التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية من «صفقة ترامب – نتنياهو» ومشروع الضم الإسرائيلي والذي يتطلب تعزيز مقومات الصمود بدلاً من ترقيع الأزمات والتي انعكست على أوضاع الشباب الفلسطيني لتغييب دورهم الوطني بالتصدي والدفاع عن الأرض. فلا قيمة للعودة بدون الأرض، ولا قيمة للأرض بدون الشعب.
ويُعد الشباب حسب تركيبتهم من أكثر شرائح المجتمع سعياً وراء التغيير، بكل صوره وأشكاله السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لما تملكه هذه الشريحة من دافعية قوية باتجاه بناء مجتمعات عصرية وحديثة ومتطورة قادرة على استيعاب قدراتهم وطموحاتهم وإمكانياتهم، ولقد أثبتت التجارب المتعددة التي انطلقت منها الثورات والانتفاضات الشعبية فضلاً عن مقاومة الأنظمة الدكتاتورية والسلطوية التي تسعى لقمع الشعوب وإبقائها تعيش حالة من الخوف على أن الشباب قادر على إعادة الاعتبار لنفسه واستعادة دوره الريادي في كافة المستويات .
لذلك بات مطلوباً، وضع خطة وطنية شاملة لتعزيز صمود الشباب الفلسطيني في الوطن والشتات، تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الرئيسية للشباب، بوعي ومسؤولية عالية، تنبع من الإدراك المسؤول، بأن معالجة قضايا الشباب وتوفير مقومات صمودهم، هي بالضرورة عنصراً رئيسياً وحاسماً من عناصر القوة الفلسطينية، وهذا يتطلب العمل على إعادة بناء وتفعيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية المعنية بالشباب والطلاب وعقد مؤتمراتها على أسس ديمقراطية، وفتح المجال أمام المشاركة الفاعلة للشباب في صنع القرار الوطني، باعتبار أن تنمية الشباب تعني توسيع قدراتهم ومشاركتهم وتمليكهم عناصر القوة والأمل والفعل والتأثير■

أضف تعليق