حواتمة: أدعو السلطة لمغادرة سياسة رد الفعل الخجولة في مواجهة الضم والانتقال إلى المواجهة الشاملة
• الخلافات والمشاورات الأميركية الإسرائيلية لن تقود إلى إلغاء الضم، بل للبحث في تطبيقه بما يخدم كامل مصالح الطرفين فلسطينياً وإقليمياً
• أدعو السلطة للتراجع عن مبدأ «تبادل الأرض على خطي 4 حزيران»، لإسقاط ذرائع نتنياهو لضم الكتل الإستيطانية
• خطوات السلطة في تطبيق قرار 19/5 خجولة ويسودها التردد، وعليها حسم أمرها لإلغاء إتفاق أوسلو وبروتوكول باريس والدخول في المواجهة الشاملة
• سياسة السلطة في مواجهة الضم مرتبكة ومربكة للحركة الشعبية ولا توفر اليقين لديها بجدية المواجهة حتى النهاية
• التأييد الدولي لقضيتنا وحقوقنا عنصر ضروري، لكنه لن يكون بديلاً عن العامل الفلسطيني بإعتباره العنصر الرئيسي أولاً وعاشراً..
• الرهان على الدعم الدولي لإسقاط صفقة ترامب – نتنياهو ومشروع الضم يقوم على الوهم ويعبر عن سياسية تتهرب من المواجهة الشاملة
• أية دعوة الآن لإحياء الرباعية وإستئناف المفاوضات بإشرافها تصب في خدمة رؤية ترامب – نتنياهو ومشروع الضم والإلحاق
• أبلغت موسكو في آذار (مارس) الماضي أن الصيغة التفاوضية الوحيدة التي نقبل بها هي المؤتمر الدولي بإشراف الأمم المتحدة.. وشروط قيامه الآن غير متوفرة برأيي
• أتمنى على غوتيريش وملادينوف عدم الإنشغال بإحياء الرباعية الدولية لصالح العمل على توفير الحماية الدولية لشعبنا وصون حقوقه الوطنية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية
دمشق (الاتجاه الديمقراطي)
■ وصف نايف حواتمة الأمين، العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، خطوات السلطة الفلسطينية في مواجهة مشروع الضم وتطبيقاته، تنفيذاً للقرار القيادي الفلسطيني في 19/5/2020، إنها ما زالت «خطوات خجولة» لم تتقدم حتى الآن «نحو المجابهة الإستراتيجية الشاملة» في خطة «معيارها قرارات المجلسين الوطني والمركزي وصولاً لإلغاء إتفاق أوسلو وبروتوكول باريس وتحرير الحركة الشعبية من قيودهما».
جاء هذا في حوار فتح فيه حواتمة ملفات مشروع الضم الإسرائيلي وضرورات الرد الفلسطيني، أجرته معه مجلة «الحرية» الفلسطينية وعدد من وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية الأجنبية.
كما وصف حواتمة سياسة السلطة أنها «مرتبكة ومربكة للحركة الشعبية» ولا تعبئ القوى الوطنية في المواجهة الشاملة لمشروع للضم .
كذلك أكد حواتمة أهمية الدعم الدولي للقضية الوطنية لكنه حذر من في الوقت نفسه خطورة بناء الأوهام على إمكانية هذا الدعم منفرداً إسقاط مشروع الضم، مؤكداً في السياق نفسه أن العنصر الرئيسي سيبقى هو «العنصر الفلسطيني» وأن مشروع الضم لن يسقط «إلا في الميدان»، في معركة مفتوحة «يخوضها الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة».
وقال حواتمة أيضاً إن محاولات إحياء الرباعية الدولية لإستئناف المفاوضات تصب موضوعياً في خدمة رؤية ترامب، مؤكداً أن البديل الوطني يتمثل في التمسك بالدعوة لمؤتمر دولي بإشراف الأمم المتحدة ورعايتها وضع المجلس الوطني أسسه وآلياته وشروط إنعقاده.
فما يلي النص الكامل للحوار مع حواتمة:
■ كيف يقرأ نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، المشاورات الإسرائيلية الأميركية بشأن ملف الضم وتوقيته وحدوده، وهل يعتقد أن هذه المشاورات التي لم تصل إلى نتائجها النهائية بعد، ستكون سبباً في إفشال الضم أو الغائه؛ كما توقعت بعض الدوائر؟
■■ حتى نقرأ جيداً المشاورات الأميركية – الإسرائيلية دون تسطيح أو مبالغة، علينا أن نتفق أولاً، وقبل كل شيء، أن الضم والإلحاق الإستعماري التوسعي ليس موضع خلاف، لا في الدوائر الأميركية ولا في الدوائر الإسرائيلية الحاكمة، بل أصبح الضم خطة متفقاً عليها، جرى التمهيد لتطبيقها بسلسلة من الإجراءات الميدانية، إن في المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أو في رسم الخرائط في لجنة مشتركة إسرائيلية أميركية أشرف على تشكيلها شخصياً كل من الرئيس ترامب ورئيس حكومة الإحتلال نتنياهو. في 17/5/2020، نالت حكومة الثنائي نتنياهو، غانتس ثقة الكنيست الإسرائيلي بأغلبية مريحة (73 صوتاً) على برنامج محوره قضيتان: ضم 33% من أراضي الضفة الفلسطينية (إلى جانب مدينة القدس) وإعتماد قانون القومية اليهودية، ما يعني أن الحكومة الإسرائيلية وضعت الأساس البرنامجي «لدولة إسرائيل الكبرى» ضم ما يقارب ثلث الضفة من جهة وقيام نظام تمييز عنصري (أبارتهايد) من جهة أخرى. إذن نحن دخلنا مرحلة الضم والإلحاق – خطة ترامب - نتنياهو والضم الإستعماري التوسعي أصبح سياسة التحالف الأميركي – الإسرائيلي، ولن يتم التراجع عنه في ظل ما هو مرئي لنا من تداعيات وأحداث عدوانية..
أما المشاورات الأميركية الإسرائيلية فتتمحور حول 3 إتجاهات لتطبيق الضم نحو إسرائيل الكبرى، وهي متفقة على الضم وليست مختلفة عليه.
• الإتجاه الأول هو إتجاه نتنياهو الذي يرى أنه أمام فرصة قد لا تتكرر، في ظل إدارة ترامب، ويخشى أن تتغير الإدارة في الولايات المتحدة في الإنتخابات القادمة لذلك يصف هذه الفرصة بأنها شبيهة بالفرصة التي أتاحت لإسرائيل الإعلان عن دولتها عام 1948. هو يدعو إلى تطبيق الضم والإلحاق على أوسع نطاق، ولأوسع مساحة من الأرض. وعندما إصطدم بإقتراحات بديلة أخذ يتحدث عن الضم على مرحلتين: الأولى ضم الكتل الإستيطانية الكبرى الملحقة بالقدس، وهي وإن كانت تساوي 10% فقط من مساحة الضفة، إلا أنها ستؤدي إلى شطر الضفة إلى شطرين شمالي وجنوبي، تفصل بينهما «القدس الكبرى» كما يسميها، وهذه خطوة كبرى وخطيرة على طريق بناء وقائع ميدانية هدفها قطع الطريق على قيام دولة فلسطينية متواصلة، على حدود 4 حزيران كما ينص على ذلك برنامجنا الوطني (البرنامج المرحلي). أما المرحلة الثانية فتطال مناطق الغور وشمال البحر الميت، بعد أن تكون الضجة رداً على ضم المستوطنات قد هدأت.
نتنياهو في هذه الخطوة يستند إلى أن المفاوض الفلسطيني قبل في مواقف سابقة مبدأ «تبادل الأراضي» على خطي 4 حزيران، ما يعني في المضمون، قبوله بضم الكتل الإستيطانية إلى دولة الإحتلال . لذلك أدعو المفاوض الفلسطيني ليعلن تراجعه عن مبدأ «تبادل الأراضي» وأن يؤكد تمسكه وبكل شبر من الأرض الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران 67، وقرار الأمم المتحدة 19/67 في نوفمبر 2012 «الإعتراف بدولة فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة على حدود 4 حزيران، يونيو 67 وعاصمتها القدس».
• الإتجاه الثاني يمثله شريك نتنياهو في الحكومة غانتس، ويلتقي معه عراب صفقة القرن كوشنير، يدعو إلى تطبيق خطة ترامب – نتنياهو، بعناصرها كاملة، بما في ذلك إحضار الجانب الفلسطيني إلى المفاوضات وفقاً للصفقة، وأن يكون الضم واحداً من مخرجات المفاوضات، بحيث يكون المفاوض الفلسطيني شاهداً على نحر البرنامج الوطني، وشاهداً على الحق الباطل لدولة الإحتلال في ابتلاع الأراضي الفلسطينية. ويعتقد كوشنير أنه بذلك يستطيع أن ينال بركة عديد الدول العربية على الضم، وأن ينجح في إقامة كيان هزيل ومسخ، ويطلق عليه «الدولة الفلسطينية»، وهو في الحقيقة مجرد حكم إداري ذاتي، على السكان، دون الأرض، وتحت الهيمنة والسيادة التامة لدولة الإحتلال. بكل ما في هذا الحل من تداعيات خطيرة كالتهجير الجماعي لأصحاب الأرض، وإسقاط حق العودة للاجئين وإغراق الحالة الفلسطينية في بحور من الخلافات الصاخبة.
أما الإتجاه الثالث فيمثله الرئيس ترامب، وفي الحكومة الإسرائيلية وزير الخارجية اشكنازي، الذي يحاول أن يمسك العصا من الوسط دون الوصول إلى حسم الموقف. بإنتظار بلورة إقتراحات وتوافقات جديدة.
لذلك قد يقدم نتنياهو في الأول من تموز يوليو (2020) على خطوة ما، ليؤكد ما يسميه « حق إسرائيل في الضم»، وقد يؤجل هذا الأمر لموعد لاحق؛ دون أن يعني هذا، مرة أخرى، أن مشروع الضم والإلحاق والسيادة السياسية على الأرض قد سقط فالمشروع قائم، والنقاش يدور حول «أفضل السبل» لتطبيقه بما يخدم المصالح الإسرائيلية وفي الوقت نفسه الأميركية، ولا يوفر «الإحراج» للدول العربية التي بدأت تنفتح على إسرائيل تحت عناوين وذرائع مختلفة؛ في إطار التمهيد لولادة الحلف الإقليمي الأميركي – الإسرائيلي العربي. في إطار معادلة إقليمية جديدة تقوم على العداء لإيران، ولمصالح الشعوب العربية.
■ من موقعكم كطرف رئيسي في الحركة الوطنية الفلسطينية وأصحاب، دور وطني فاعل في إستنهاض الحركة الشعبية في الأراضي المحتلة والشتات، كيف تقيمون الرد الفلسطيني على مشروع الضم، والخطوات التي اتخذتها السلطة، الفلسطينية للرد على السياسات الإسرائيلية؟
■■ نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نقوم بدورنا كطرف رئيس في الحركة الوطنية الفلسطينية على مستويين:
• المستوى الأول في الأطر الرسمية في م.ت.ف. لذلك كانت مساهمتنا، وبصماتنا وإقتراحاتنا وسياستنا، واضحة في القرارات التي اتخذها المجلس الوطني في دورته الأخيرة (30/4/2018) وفي المجلس المركزي (دورة 15/1/2018) وبالتالي نحن نعتبر هذه القرارات هي معيار التقييم للسياسة الرسمية الفلسطينية. كذلك نشارك في أعمال اللجنة التنفيذية، رغم أن التنفيذية تعرضت للتهميش الكبير على يد مركز القرار في الحالة الفلسطينية، وكذلك نشارك في ما يسمى «خلية الأزمة».
ومع ذلك نقول بوضوح، إن الخطوات التي خطتها السلطة الفلسطينية في تطبيق قرار القيادة الفلسطينية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير + اللجنة المركزية لفتح + السلطة الفلسطينية.. في 19/5/2020، للتحلل من الإلتزام بالإتفاقات والتفاهمات، ما زالت عند الخطوة الأولى ولم تتقدم حتى الآن نحو الخطوة الثانية والثالثة حتى الوصول إلى الإلغاء التام لإلتزامات السلطة الفلسطينية بإتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الإقتصادي.
فخطوة وقف التنسيق الأمني مازالت خطوة خجولة، لا يتلمس المواطن أثرها ميدانياً. كذلك لم يتم سحب الإعتراف بإسرائيل، ولا مقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، ولا نقل القضية الوطنية إلى الأمم المتحدة بالملفات الثلاثة المتفق عليها:
• نيل العضوية، العاملة في الأمم المتحدة لدولة فلسطين
• طلب الحماية الدولية للشعب والأرض
• الدعوة لمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وبموجب قراراتها ذات الصلة، وبإشراف مباشر من الدول الخمس دائمة العضوية، في إطار زمني محدد، وقرارات ملزمة تكفل لشعبنا حقه في تقرير مصيره، وقيام دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران 67، وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.
السياسة التي تتبعها السلطة الفلسطينية سياسة مرتبكة ومربكة للحالة الجماهيرية، تقوم على رد الفعل التكتيكي، وتقوم على المبالغة في إطلاق التصريحات المتناقضة حتى في اليوم الواحد، لأنها سياسة تفتقر إلى الإستراتيجية الوطنية الشاملة للمجابهة في الميدان، عبر المقاومة الشعبية، وفي المحافل الدولية، في الجمعية العامة ومجلس الأمن في الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، والمنظمات والوكالات الدولية الأخرى.
هذه السياسة بدلاً من أن تعبئ الشعب، وتستنهض قواه، تقود إلى زرع البلبلة في صفوفه، وإلى إضعاف اليقين بجدية السلطة في المواجهة. أي إن هذه السياسة تستبعد الرهان على الحالة الشعبية وعلى المقاومة الشعبية الشاملة، وتبحث عن حلول جانبية لمشروع الضم، ليست هذه الحلول موجودة إلا في الأوهام التي تعشش في بعض الرؤوس، وتتردد في الدخول في الإشتباك الميداني ضد الإحتلال والإستيطان، وإن كانت تطرب لبعض الدعوات في ما يسمى «الإشتباك التفاوضي».
هذه السلطة مازالت تراهن على المفاوضات، وتقدم العروض بشكل دائم على لسان الناطقين باسمها، يقودها وهم بإمكانية استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، علماً أن موسكو أبلغت السلطة، أن المشروع الأميركي الوحيد المطروح على طاولة المفاوضات هو صفقة ترامب – نتنياهو، وأية مفاوضات تعقد على هذا الأساس هي انتحار لأي مفاوض فلسطيني سيقدم على المشاركة، فضلاً عن كونها نحراً للقضية والحقوق الوطنية.
المطلوب استراتيجية وطنية كفاحية واضحة وصريحة، تستند في السياسة إلى الخروج من أوسلو وبروتوكول باريس، خروجاً نهائياً، وتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتحرير المقاومة الشعبية من القيود التي تربكها وتحد من دورها، وتوفير اليقين لديها. بتشكيل قيادة إئتلافية مشتركة وموحدة ومتوازنة مشتركة للمقاومة الشعبية، وأخرى خاصة بالقدس الشرقية ومخيمات اللاجئين في القدس والضفة وقطاع غزة والشتات، ما يؤكد عندها جدية السلطة في مجابهة مشروع الضم وباقي مشاريع الإحتلال، وتوفير اليقين لدى الحركة الشعبية بأن السلطة أسقطت رهاناتها الوهمية على البدائل التي أثبتت فشلها، وأنها غادرت سياسات رد الفعل التكتيكي قصير النفس، وأنها أعادت تنظيم صفوفها لخوض معركة الإستقلال، بكل الوسائل والسبل والإمكانيات المتاحة لشعبنا وقواه السياسية.
نحن الآن أمام معركة فاصلة، لم يعد ممكناً فيها أن نتردد أو نبني سياساتنا على الرهانات الفاشلة والهابطة. لذلك أدعو السلطة إلى مغادرة هذه السياسة وأن نصوغ معاً خطة المواجهة الشاملة، ومعيارها الإلتزام بما توافقنا عليه في المجلسين الوطني والمركزي.
■ نايف حواتمة، بصفته أميناً عاماً لتنظيم فلسطيني رئيسي، عرف عنه دائماً دوره المتقدم في تقديم البرامج والمبادرات وتوفير الإجابات السياسية والخطوات الملموسة والعملية على الإستحقاقات الوطنية في المؤسسة وفي الميدان، ألا يرى في الإلتفاف الدولي حول القضية الفلسطينية ورفض الضم عنصراً في المعركة الوطنية؟
■ ■ نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مقدمة القوى التي تقيم وزناً لموقع القضية الوطنية في المعادلات الدولية، ولنا أن نفخر أنه تحت راية البرنامج المرحلي، الذي بادرنا إلى طرحه، برنامجاً لعموم الحالة الوطنية الفلسطينية، دخلت م.ت.ف الأمم المتحدة وأصبحت طرفاً معترفاً به في المجتمع الدولي. وواصلنا على الدوام معركتنا في المحافل الدولية من خلال علاقاتنا الأممية، ومن خلال الدور المتقدم الذي تقوم به وتؤديه جالياتنا الفلسطينية في العالم كله.
لذلك نقول إن الإلتفاف الدولي حول قضيتنا يعزز من قدرتنا على الصمود والمجابهة، ويتيح لنا أن نحقق الإنتصارات في المحافل الدولية، لكن دون أن يساورنا الوهم، ولو للحظة، أن الساحة الدولية ستشكل بديلاً لساحة النضال على الأرض الفلسطينية وفي بلدان اللجوء والجاليات والشتات.
فالعنصر الفلسطيني هو الأساس في المعركة، هو الذي يستقطب التأييد الدولي من خلال سياسته الثورية الواقعية، ومن خلال تضحيات شعبنا في الميدان. ولولا هذين العاملين لما تحقق لنا هذا التأييد الدولي.
هنا، يتوجب عليّ أن أحذر من بعض النغمات التي بدأت تنطلق هنا وهناك، تراهن على العامل الدولي في إسقاط صفقة ترامب – نتنياهو أي مخطط الضم. هذه النغمات خطيرة لأنها توحي لشعبنا وكأن الميدان الدولي هو ساحة المعركة الرئيسية والأولى. إن ساحة المعركة الرئيسية ،أولاً وعاشراً، هي الأرض الفلسطينية والوحدة الوطنية في الوطن والشتات وإنهاء الإنقسام المدمر الآن وليس غداً. أي بالإستراتيجية الوطنية الشاملة، واستنهاض كل عناصر القوة الفلسطينية، في مقدمها المقاومة الشعبية الشاملة، وأي محاولة لتقديم صورة الدعم الدولي بديلاً للمعركة في الميدان، هي تزوير للحقائق وتبرير لسياسة رد الفعل التكتيكي المتقطعة وتبرير للاحجام عن التقدم بالخطوات الجريئة نحو الإشتباك الشامل مع الإحتلال.
الدعم الدولي، يوفر لما الفرصة لنبني عليه، في الميدان، ومن أجل مطالبة المجتمع الدولي بخطوات إضافية كالإعتراف بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، ونزع الشرعية عن الإحتلال وفرض عقوبات على دولة الإحتلال، وغير ذلك من الخطوات الضاغطة. أما الإعتماد على الدعم الدولي وحده فهو استسلام خطير للواقع على الأرض الفلسطينية وتعبير مذل عن حالة العجز.
■ هناك تحركات لإحياء الرباعية الدولية، كإطار لإستئناف المفاوضات. كيف ترون هذه التحركات؟
■ ■ في موسكو، في آذار (مارس) الماضي، كنا على رأس وفد من الجبهة، التقينا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونائبه المبعوث الرئاسي إلى المنطقة ميخائيل بوغدانوف، وأبلغناهم أن الرباعية الدولية باتت جزءاً من الماضي، ولم تعد تمثل إطاراً صالحاً لإدارة المفاوضات. وأن أية تفاوضات، قد تطرح علينا كفلسطينيين هي المؤتمر الدولي الذي رسمنا أسسه وآلياته وشروطه في قرارات المجلس الوطني الأخير، وأشرت إليه في موقع سابق في هذه المقابلة.
برأينا إن الحديث عن المفاوضات الآن، هو مضيعة للوقت، لصالح الإحتلال الإسرائيلي ومشروع الضم، من شأنه أن يؤسس لوهم لدى بعض الأطراف الفلسطينية في إمكانية تجنب المعركة في الميدان ونقلها إلى طاولة المفاوضات.
إن موازين القوى، حتى على الصعيد الدولي، لا تسمح لنا بإقامة مفاوضات متوازنة في الأسس والشروط والآليات، تكفل لنا حقوق شعبنا الوطنية المشروعة. لذلك أؤكد على ضرورة ألا نشغل أنفسنا، وألا نبني أوهاماً، على إمكانية إستئناف المفاوضات تحت إشراف الرباعية الدولية التي، وإن أعيد إحياؤها مرة أخرى، سيكون الدور الرئيس فيها للولايات المتحدة، أي لصفقة ترامب نتنياهو و«هذا ما تطرحه الآن الرباعية الدولية بأن تكون رؤية ترامب على رأس جدول أعمال الرباعية الدولية»
أنا أدعو الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، وبدلاً من أن ينشغل بإحياء اللجنة الرباعية الدولية، أن ينشغل بالوفاء بوعوده لشعبنا بتوفير الحماية الدولية له، وأن ينشغل بالعمل على تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بقضيتنا الوطنية، وفي المقدمة عقد مؤتمر دولي للسلام إشراف الأمم المتحدة وبرعاية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وبسقف زمني محدد.
كما أدعو المبعوث الدولي السيد ملادينوف ألا ينشغل هو أيضاً بإحياء الرباعية الدولية التي دخلت في حالة موت سريري منذ نيسان 2004 وأفرغتها الإدارة الأميركية منذ ذلك التاريخ من وظيفتها، وأن ينشغل بدلاً من ذلك في مواصلة الكشف عن سياسات الإحتلال وجرائمه، وأن يعمل لصون حقوق الإنسان الفلسطيني، وأن يقدم إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية التقارير الواجب تقديمها عن جرائم الإحتلال الإسرائيلي وسياساته الدموية ضد شعبنا وإنتهاكاته اليومية للقوانين وقرارات الشرعية الدولية.■
• أدعو السلطة للتراجع عن مبدأ «تبادل الأرض على خطي 4 حزيران»، لإسقاط ذرائع نتنياهو لضم الكتل الإستيطانية
• خطوات السلطة في تطبيق قرار 19/5 خجولة ويسودها التردد، وعليها حسم أمرها لإلغاء إتفاق أوسلو وبروتوكول باريس والدخول في المواجهة الشاملة
• سياسة السلطة في مواجهة الضم مرتبكة ومربكة للحركة الشعبية ولا توفر اليقين لديها بجدية المواجهة حتى النهاية
• التأييد الدولي لقضيتنا وحقوقنا عنصر ضروري، لكنه لن يكون بديلاً عن العامل الفلسطيني بإعتباره العنصر الرئيسي أولاً وعاشراً..
• الرهان على الدعم الدولي لإسقاط صفقة ترامب – نتنياهو ومشروع الضم يقوم على الوهم ويعبر عن سياسية تتهرب من المواجهة الشاملة
• أية دعوة الآن لإحياء الرباعية وإستئناف المفاوضات بإشرافها تصب في خدمة رؤية ترامب – نتنياهو ومشروع الضم والإلحاق
• أبلغت موسكو في آذار (مارس) الماضي أن الصيغة التفاوضية الوحيدة التي نقبل بها هي المؤتمر الدولي بإشراف الأمم المتحدة.. وشروط قيامه الآن غير متوفرة برأيي
• أتمنى على غوتيريش وملادينوف عدم الإنشغال بإحياء الرباعية الدولية لصالح العمل على توفير الحماية الدولية لشعبنا وصون حقوقه الوطنية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية
دمشق (الاتجاه الديمقراطي)
■ وصف نايف حواتمة الأمين، العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، خطوات السلطة الفلسطينية في مواجهة مشروع الضم وتطبيقاته، تنفيذاً للقرار القيادي الفلسطيني في 19/5/2020، إنها ما زالت «خطوات خجولة» لم تتقدم حتى الآن «نحو المجابهة الإستراتيجية الشاملة» في خطة «معيارها قرارات المجلسين الوطني والمركزي وصولاً لإلغاء إتفاق أوسلو وبروتوكول باريس وتحرير الحركة الشعبية من قيودهما».
جاء هذا في حوار فتح فيه حواتمة ملفات مشروع الضم الإسرائيلي وضرورات الرد الفلسطيني، أجرته معه مجلة «الحرية» الفلسطينية وعدد من وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية الأجنبية.
كما وصف حواتمة سياسة السلطة أنها «مرتبكة ومربكة للحركة الشعبية» ولا تعبئ القوى الوطنية في المواجهة الشاملة لمشروع للضم .
كذلك أكد حواتمة أهمية الدعم الدولي للقضية الوطنية لكنه حذر من في الوقت نفسه خطورة بناء الأوهام على إمكانية هذا الدعم منفرداً إسقاط مشروع الضم، مؤكداً في السياق نفسه أن العنصر الرئيسي سيبقى هو «العنصر الفلسطيني» وأن مشروع الضم لن يسقط «إلا في الميدان»، في معركة مفتوحة «يخوضها الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة».
وقال حواتمة أيضاً إن محاولات إحياء الرباعية الدولية لإستئناف المفاوضات تصب موضوعياً في خدمة رؤية ترامب، مؤكداً أن البديل الوطني يتمثل في التمسك بالدعوة لمؤتمر دولي بإشراف الأمم المتحدة ورعايتها وضع المجلس الوطني أسسه وآلياته وشروط إنعقاده.
فما يلي النص الكامل للحوار مع حواتمة:
■ كيف يقرأ نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، المشاورات الإسرائيلية الأميركية بشأن ملف الضم وتوقيته وحدوده، وهل يعتقد أن هذه المشاورات التي لم تصل إلى نتائجها النهائية بعد، ستكون سبباً في إفشال الضم أو الغائه؛ كما توقعت بعض الدوائر؟
■■ حتى نقرأ جيداً المشاورات الأميركية – الإسرائيلية دون تسطيح أو مبالغة، علينا أن نتفق أولاً، وقبل كل شيء، أن الضم والإلحاق الإستعماري التوسعي ليس موضع خلاف، لا في الدوائر الأميركية ولا في الدوائر الإسرائيلية الحاكمة، بل أصبح الضم خطة متفقاً عليها، جرى التمهيد لتطبيقها بسلسلة من الإجراءات الميدانية، إن في المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أو في رسم الخرائط في لجنة مشتركة إسرائيلية أميركية أشرف على تشكيلها شخصياً كل من الرئيس ترامب ورئيس حكومة الإحتلال نتنياهو. في 17/5/2020، نالت حكومة الثنائي نتنياهو، غانتس ثقة الكنيست الإسرائيلي بأغلبية مريحة (73 صوتاً) على برنامج محوره قضيتان: ضم 33% من أراضي الضفة الفلسطينية (إلى جانب مدينة القدس) وإعتماد قانون القومية اليهودية، ما يعني أن الحكومة الإسرائيلية وضعت الأساس البرنامجي «لدولة إسرائيل الكبرى» ضم ما يقارب ثلث الضفة من جهة وقيام نظام تمييز عنصري (أبارتهايد) من جهة أخرى. إذن نحن دخلنا مرحلة الضم والإلحاق – خطة ترامب - نتنياهو والضم الإستعماري التوسعي أصبح سياسة التحالف الأميركي – الإسرائيلي، ولن يتم التراجع عنه في ظل ما هو مرئي لنا من تداعيات وأحداث عدوانية..
أما المشاورات الأميركية الإسرائيلية فتتمحور حول 3 إتجاهات لتطبيق الضم نحو إسرائيل الكبرى، وهي متفقة على الضم وليست مختلفة عليه.
• الإتجاه الأول هو إتجاه نتنياهو الذي يرى أنه أمام فرصة قد لا تتكرر، في ظل إدارة ترامب، ويخشى أن تتغير الإدارة في الولايات المتحدة في الإنتخابات القادمة لذلك يصف هذه الفرصة بأنها شبيهة بالفرصة التي أتاحت لإسرائيل الإعلان عن دولتها عام 1948. هو يدعو إلى تطبيق الضم والإلحاق على أوسع نطاق، ولأوسع مساحة من الأرض. وعندما إصطدم بإقتراحات بديلة أخذ يتحدث عن الضم على مرحلتين: الأولى ضم الكتل الإستيطانية الكبرى الملحقة بالقدس، وهي وإن كانت تساوي 10% فقط من مساحة الضفة، إلا أنها ستؤدي إلى شطر الضفة إلى شطرين شمالي وجنوبي، تفصل بينهما «القدس الكبرى» كما يسميها، وهذه خطوة كبرى وخطيرة على طريق بناء وقائع ميدانية هدفها قطع الطريق على قيام دولة فلسطينية متواصلة، على حدود 4 حزيران كما ينص على ذلك برنامجنا الوطني (البرنامج المرحلي). أما المرحلة الثانية فتطال مناطق الغور وشمال البحر الميت، بعد أن تكون الضجة رداً على ضم المستوطنات قد هدأت.
نتنياهو في هذه الخطوة يستند إلى أن المفاوض الفلسطيني قبل في مواقف سابقة مبدأ «تبادل الأراضي» على خطي 4 حزيران، ما يعني في المضمون، قبوله بضم الكتل الإستيطانية إلى دولة الإحتلال . لذلك أدعو المفاوض الفلسطيني ليعلن تراجعه عن مبدأ «تبادل الأراضي» وأن يؤكد تمسكه وبكل شبر من الأرض الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران 67، وقرار الأمم المتحدة 19/67 في نوفمبر 2012 «الإعتراف بدولة فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة على حدود 4 حزيران، يونيو 67 وعاصمتها القدس».
• الإتجاه الثاني يمثله شريك نتنياهو في الحكومة غانتس، ويلتقي معه عراب صفقة القرن كوشنير، يدعو إلى تطبيق خطة ترامب – نتنياهو، بعناصرها كاملة، بما في ذلك إحضار الجانب الفلسطيني إلى المفاوضات وفقاً للصفقة، وأن يكون الضم واحداً من مخرجات المفاوضات، بحيث يكون المفاوض الفلسطيني شاهداً على نحر البرنامج الوطني، وشاهداً على الحق الباطل لدولة الإحتلال في ابتلاع الأراضي الفلسطينية. ويعتقد كوشنير أنه بذلك يستطيع أن ينال بركة عديد الدول العربية على الضم، وأن ينجح في إقامة كيان هزيل ومسخ، ويطلق عليه «الدولة الفلسطينية»، وهو في الحقيقة مجرد حكم إداري ذاتي، على السكان، دون الأرض، وتحت الهيمنة والسيادة التامة لدولة الإحتلال. بكل ما في هذا الحل من تداعيات خطيرة كالتهجير الجماعي لأصحاب الأرض، وإسقاط حق العودة للاجئين وإغراق الحالة الفلسطينية في بحور من الخلافات الصاخبة.
أما الإتجاه الثالث فيمثله الرئيس ترامب، وفي الحكومة الإسرائيلية وزير الخارجية اشكنازي، الذي يحاول أن يمسك العصا من الوسط دون الوصول إلى حسم الموقف. بإنتظار بلورة إقتراحات وتوافقات جديدة.
لذلك قد يقدم نتنياهو في الأول من تموز يوليو (2020) على خطوة ما، ليؤكد ما يسميه « حق إسرائيل في الضم»، وقد يؤجل هذا الأمر لموعد لاحق؛ دون أن يعني هذا، مرة أخرى، أن مشروع الضم والإلحاق والسيادة السياسية على الأرض قد سقط فالمشروع قائم، والنقاش يدور حول «أفضل السبل» لتطبيقه بما يخدم المصالح الإسرائيلية وفي الوقت نفسه الأميركية، ولا يوفر «الإحراج» للدول العربية التي بدأت تنفتح على إسرائيل تحت عناوين وذرائع مختلفة؛ في إطار التمهيد لولادة الحلف الإقليمي الأميركي – الإسرائيلي العربي. في إطار معادلة إقليمية جديدة تقوم على العداء لإيران، ولمصالح الشعوب العربية.
■ من موقعكم كطرف رئيسي في الحركة الوطنية الفلسطينية وأصحاب، دور وطني فاعل في إستنهاض الحركة الشعبية في الأراضي المحتلة والشتات، كيف تقيمون الرد الفلسطيني على مشروع الضم، والخطوات التي اتخذتها السلطة، الفلسطينية للرد على السياسات الإسرائيلية؟
■■ نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نقوم بدورنا كطرف رئيس في الحركة الوطنية الفلسطينية على مستويين:
• المستوى الأول في الأطر الرسمية في م.ت.ف. لذلك كانت مساهمتنا، وبصماتنا وإقتراحاتنا وسياستنا، واضحة في القرارات التي اتخذها المجلس الوطني في دورته الأخيرة (30/4/2018) وفي المجلس المركزي (دورة 15/1/2018) وبالتالي نحن نعتبر هذه القرارات هي معيار التقييم للسياسة الرسمية الفلسطينية. كذلك نشارك في أعمال اللجنة التنفيذية، رغم أن التنفيذية تعرضت للتهميش الكبير على يد مركز القرار في الحالة الفلسطينية، وكذلك نشارك في ما يسمى «خلية الأزمة».
ومع ذلك نقول بوضوح، إن الخطوات التي خطتها السلطة الفلسطينية في تطبيق قرار القيادة الفلسطينية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير + اللجنة المركزية لفتح + السلطة الفلسطينية.. في 19/5/2020، للتحلل من الإلتزام بالإتفاقات والتفاهمات، ما زالت عند الخطوة الأولى ولم تتقدم حتى الآن نحو الخطوة الثانية والثالثة حتى الوصول إلى الإلغاء التام لإلتزامات السلطة الفلسطينية بإتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الإقتصادي.
فخطوة وقف التنسيق الأمني مازالت خطوة خجولة، لا يتلمس المواطن أثرها ميدانياً. كذلك لم يتم سحب الإعتراف بإسرائيل، ولا مقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، ولا نقل القضية الوطنية إلى الأمم المتحدة بالملفات الثلاثة المتفق عليها:
• نيل العضوية، العاملة في الأمم المتحدة لدولة فلسطين
• طلب الحماية الدولية للشعب والأرض
• الدعوة لمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وبموجب قراراتها ذات الصلة، وبإشراف مباشر من الدول الخمس دائمة العضوية، في إطار زمني محدد، وقرارات ملزمة تكفل لشعبنا حقه في تقرير مصيره، وقيام دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران 67، وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.
السياسة التي تتبعها السلطة الفلسطينية سياسة مرتبكة ومربكة للحالة الجماهيرية، تقوم على رد الفعل التكتيكي، وتقوم على المبالغة في إطلاق التصريحات المتناقضة حتى في اليوم الواحد، لأنها سياسة تفتقر إلى الإستراتيجية الوطنية الشاملة للمجابهة في الميدان، عبر المقاومة الشعبية، وفي المحافل الدولية، في الجمعية العامة ومجلس الأمن في الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، والمنظمات والوكالات الدولية الأخرى.
هذه السياسة بدلاً من أن تعبئ الشعب، وتستنهض قواه، تقود إلى زرع البلبلة في صفوفه، وإلى إضعاف اليقين بجدية السلطة في المواجهة. أي إن هذه السياسة تستبعد الرهان على الحالة الشعبية وعلى المقاومة الشعبية الشاملة، وتبحث عن حلول جانبية لمشروع الضم، ليست هذه الحلول موجودة إلا في الأوهام التي تعشش في بعض الرؤوس، وتتردد في الدخول في الإشتباك الميداني ضد الإحتلال والإستيطان، وإن كانت تطرب لبعض الدعوات في ما يسمى «الإشتباك التفاوضي».
هذه السلطة مازالت تراهن على المفاوضات، وتقدم العروض بشكل دائم على لسان الناطقين باسمها، يقودها وهم بإمكانية استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، علماً أن موسكو أبلغت السلطة، أن المشروع الأميركي الوحيد المطروح على طاولة المفاوضات هو صفقة ترامب – نتنياهو، وأية مفاوضات تعقد على هذا الأساس هي انتحار لأي مفاوض فلسطيني سيقدم على المشاركة، فضلاً عن كونها نحراً للقضية والحقوق الوطنية.
المطلوب استراتيجية وطنية كفاحية واضحة وصريحة، تستند في السياسة إلى الخروج من أوسلو وبروتوكول باريس، خروجاً نهائياً، وتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتحرير المقاومة الشعبية من القيود التي تربكها وتحد من دورها، وتوفير اليقين لديها. بتشكيل قيادة إئتلافية مشتركة وموحدة ومتوازنة مشتركة للمقاومة الشعبية، وأخرى خاصة بالقدس الشرقية ومخيمات اللاجئين في القدس والضفة وقطاع غزة والشتات، ما يؤكد عندها جدية السلطة في مجابهة مشروع الضم وباقي مشاريع الإحتلال، وتوفير اليقين لدى الحركة الشعبية بأن السلطة أسقطت رهاناتها الوهمية على البدائل التي أثبتت فشلها، وأنها غادرت سياسات رد الفعل التكتيكي قصير النفس، وأنها أعادت تنظيم صفوفها لخوض معركة الإستقلال، بكل الوسائل والسبل والإمكانيات المتاحة لشعبنا وقواه السياسية.
نحن الآن أمام معركة فاصلة، لم يعد ممكناً فيها أن نتردد أو نبني سياساتنا على الرهانات الفاشلة والهابطة. لذلك أدعو السلطة إلى مغادرة هذه السياسة وأن نصوغ معاً خطة المواجهة الشاملة، ومعيارها الإلتزام بما توافقنا عليه في المجلسين الوطني والمركزي.
■ نايف حواتمة، بصفته أميناً عاماً لتنظيم فلسطيني رئيسي، عرف عنه دائماً دوره المتقدم في تقديم البرامج والمبادرات وتوفير الإجابات السياسية والخطوات الملموسة والعملية على الإستحقاقات الوطنية في المؤسسة وفي الميدان، ألا يرى في الإلتفاف الدولي حول القضية الفلسطينية ورفض الضم عنصراً في المعركة الوطنية؟
■ ■ نحن في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مقدمة القوى التي تقيم وزناً لموقع القضية الوطنية في المعادلات الدولية، ولنا أن نفخر أنه تحت راية البرنامج المرحلي، الذي بادرنا إلى طرحه، برنامجاً لعموم الحالة الوطنية الفلسطينية، دخلت م.ت.ف الأمم المتحدة وأصبحت طرفاً معترفاً به في المجتمع الدولي. وواصلنا على الدوام معركتنا في المحافل الدولية من خلال علاقاتنا الأممية، ومن خلال الدور المتقدم الذي تقوم به وتؤديه جالياتنا الفلسطينية في العالم كله.
لذلك نقول إن الإلتفاف الدولي حول قضيتنا يعزز من قدرتنا على الصمود والمجابهة، ويتيح لنا أن نحقق الإنتصارات في المحافل الدولية، لكن دون أن يساورنا الوهم، ولو للحظة، أن الساحة الدولية ستشكل بديلاً لساحة النضال على الأرض الفلسطينية وفي بلدان اللجوء والجاليات والشتات.
فالعنصر الفلسطيني هو الأساس في المعركة، هو الذي يستقطب التأييد الدولي من خلال سياسته الثورية الواقعية، ومن خلال تضحيات شعبنا في الميدان. ولولا هذين العاملين لما تحقق لنا هذا التأييد الدولي.
هنا، يتوجب عليّ أن أحذر من بعض النغمات التي بدأت تنطلق هنا وهناك، تراهن على العامل الدولي في إسقاط صفقة ترامب – نتنياهو أي مخطط الضم. هذه النغمات خطيرة لأنها توحي لشعبنا وكأن الميدان الدولي هو ساحة المعركة الرئيسية والأولى. إن ساحة المعركة الرئيسية ،أولاً وعاشراً، هي الأرض الفلسطينية والوحدة الوطنية في الوطن والشتات وإنهاء الإنقسام المدمر الآن وليس غداً. أي بالإستراتيجية الوطنية الشاملة، واستنهاض كل عناصر القوة الفلسطينية، في مقدمها المقاومة الشعبية الشاملة، وأي محاولة لتقديم صورة الدعم الدولي بديلاً للمعركة في الميدان، هي تزوير للحقائق وتبرير لسياسة رد الفعل التكتيكي المتقطعة وتبرير للاحجام عن التقدم بالخطوات الجريئة نحو الإشتباك الشامل مع الإحتلال.
الدعم الدولي، يوفر لما الفرصة لنبني عليه، في الميدان، ومن أجل مطالبة المجتمع الدولي بخطوات إضافية كالإعتراف بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، ونزع الشرعية عن الإحتلال وفرض عقوبات على دولة الإحتلال، وغير ذلك من الخطوات الضاغطة. أما الإعتماد على الدعم الدولي وحده فهو استسلام خطير للواقع على الأرض الفلسطينية وتعبير مذل عن حالة العجز.
■ هناك تحركات لإحياء الرباعية الدولية، كإطار لإستئناف المفاوضات. كيف ترون هذه التحركات؟
■ ■ في موسكو، في آذار (مارس) الماضي، كنا على رأس وفد من الجبهة، التقينا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونائبه المبعوث الرئاسي إلى المنطقة ميخائيل بوغدانوف، وأبلغناهم أن الرباعية الدولية باتت جزءاً من الماضي، ولم تعد تمثل إطاراً صالحاً لإدارة المفاوضات. وأن أية تفاوضات، قد تطرح علينا كفلسطينيين هي المؤتمر الدولي الذي رسمنا أسسه وآلياته وشروطه في قرارات المجلس الوطني الأخير، وأشرت إليه في موقع سابق في هذه المقابلة.
برأينا إن الحديث عن المفاوضات الآن، هو مضيعة للوقت، لصالح الإحتلال الإسرائيلي ومشروع الضم، من شأنه أن يؤسس لوهم لدى بعض الأطراف الفلسطينية في إمكانية تجنب المعركة في الميدان ونقلها إلى طاولة المفاوضات.
إن موازين القوى، حتى على الصعيد الدولي، لا تسمح لنا بإقامة مفاوضات متوازنة في الأسس والشروط والآليات، تكفل لنا حقوق شعبنا الوطنية المشروعة. لذلك أؤكد على ضرورة ألا نشغل أنفسنا، وألا نبني أوهاماً، على إمكانية إستئناف المفاوضات تحت إشراف الرباعية الدولية التي، وإن أعيد إحياؤها مرة أخرى، سيكون الدور الرئيس فيها للولايات المتحدة، أي لصفقة ترامب نتنياهو و«هذا ما تطرحه الآن الرباعية الدولية بأن تكون رؤية ترامب على رأس جدول أعمال الرباعية الدولية»
أنا أدعو الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، وبدلاً من أن ينشغل بإحياء اللجنة الرباعية الدولية، أن ينشغل بالوفاء بوعوده لشعبنا بتوفير الحماية الدولية له، وأن ينشغل بالعمل على تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بقضيتنا الوطنية، وفي المقدمة عقد مؤتمر دولي للسلام إشراف الأمم المتحدة وبرعاية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وبسقف زمني محدد.
كما أدعو المبعوث الدولي السيد ملادينوف ألا ينشغل هو أيضاً بإحياء الرباعية الدولية التي دخلت في حالة موت سريري منذ نيسان 2004 وأفرغتها الإدارة الأميركية منذ ذلك التاريخ من وظيفتها، وأن ينشغل بدلاً من ذلك في مواصلة الكشف عن سياسات الإحتلال وجرائمه، وأن يعمل لصون حقوق الإنسان الفلسطيني، وأن يقدم إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية التقارير الواجب تقديمها عن جرائم الإحتلال الإسرائيلي وسياساته الدموية ضد شعبنا وإنتهاكاته اليومية للقوانين وقرارات الشرعية الدولية.■
أضف تعليق