24 تشرين الثاني 2024 الساعة 08:57

ما يُسمـّـىٰ «صفحة المنسق»

2020-05-27 عدد القراءات : 1100
كعادتك تستيقظ وتحمل جهازك الخليوي للتتصفح الصفحات وصفحتك أو تذهب لارتشاف قهوتك وتبدأ بالتصفح أو أنك لا تكترث لذٰلك لكنك بين الفينة والفينة تبدأ بالتصفح، خلال ذلك تمر بك "صفحات مُموّلة" يجب أن تكون حذراً منها وتمر بك خلالها صفحة "المنسق"، فإذا كانت أمامك فاعلم أنك هنا في مجابهة أكثر الصفحات ترويجاً للقتل والإجرام والتدمير والهدم والمصادرة والاعتقال ضد الشعب الفلسطيني، فكُن على حذر.
لقد تمت صناعة هذه الصفحة للمساهمة في القضاء على كل ما هو فلسطيني، صفحة مسانِدة لكل ما يقوم به الااحتلال بكافة أذرعه المدنية والعسكرية وخاصة المخابرات الاحتلالية الحقيرة، صفحة مُسَمِّمَة مسمومة تنثر المجهول والمقبول واللامعقول في محاولة لصهر فكرك وإعادة تشكيله والاستفادة من هذا التشكيل، لذا فإنها تضرب على الأوتار التي تثير المشاعر الفلسطينية والعربية والعالمية وكلها مهمة، ستجدها تنشر عن سبل التطور وكيفية الخلاص من واقع مؤلم نعيشه كما تتحدث عن الحب والخير والسلام والدين، ستسعى لتطبيب روحك المشرذمة وتحاكي ما يجول بخاطرك عن أشياء كثيرة كالفساد مثلا، ستحيك لك القصص المفبركة أحيانا والصادقة (حق يراد به باطل) أحيانا أخرى، وتظل تبرز كالحمامة الوديعة أمام القتل والإرهاب الفلسطيني لدى البعض (ركّزْ لدى البعض)، وتقوم بصياغة الأحداث بما يتلاءم وحاجات الاحتلال والمشروع الاحتلالي الذي لا يتوقف.
وتهتم هذه الصفحة بمناسباتك الدينية فيتم صياغة رسائل تحاكي قيمك الروحانية وعاطفتك الدينية لتبث كأفعى مجلجلة سمها في قلبك وعقلك وروحك، ستهتم لك بكل مواسمك كموسم الزيتون وموسم العنب وموسم الجوافة وغيرها وتحدثك عن الفصول وكيفية التعامل مع المواسم والفصول وبينها ستحاول أن تمسح لك وجهك الوطني لتستبدله بوجه لا شكل ولا لون له سوى الخضوع، وأن تمسح لك ما تبقى من قيم وطنية لتستبدله بفراغ جاهز للخنوع، ومن باب التقرب أيضا سيدعوك "الأراچوز" وهو يمد أمامه وجبة إفطار فلاحية للإفطار معه ويطلب منك أن تدعوه لذٰلك ليمرر مخططاته الرهيبة وحقه بالاحتلال والاستيطان والسيطرة بشكل نهائي على القدس وضواحيها وحقيقة أن هذه الأرض هو من يملكها ونحن فيها ضيوف يجب أن نحسن التصرف.
من أهم ما تقوم به وحدة المخابرات الاحتلالية التي تسمى صفحة المنسق، هو التطرق لمواضيع صحيحة وقد تكون تعاني منها كفلسطيني، واستخدامها لإدراج مفاهيم تجعلك تلعن أشياء أخرى أكثر من لعنتك للاحتلال على طريق تهذيبك وتبديلك لأولوياتك حتى يتلاشى الاحتلال من هذه القائمة التي كان يجب أن يترأسها، وهنا تكمن خطورة الاستخدام لحق يراد به باطل، وكذلك القيام بقلب الحقائق في أي قضية أو عملية أو اعتداء احتلالي بما يجعل الطرف الاحتلالي مظلوما والضحية هي الظالم، وهذا ما يسمى "باطل يراد به باطل".
كل هذه الماكنة تدفعك للإعجاب بالصفحة وهنا يكمن الخطأ والخطر، ثم وضع "لايك" على المنشور وهنا تزداد الخطورة ثم التعليق على المنشور وهذا هو الأخطر، فأنت يا صديقي بذٰلك قد قمت بمد هذه الصفحة بعنصر القوة، الأمر الذي يدفعها للاستمرار والابتكار، وحتى أكون واضحاً فإن معظم التعليقات تهاجم الاحتلال وأساليبه لكنك من حيث لا تدري تُقوّي الصفحة عبر تعليقاتك، أمّا التعليقات التافهة التي تؤيد ما يقول فهي بدون شك ملغومة ومدروسة، خاصة تلك التي تشتم قيادتنا على صفحات الاحتلال، أما التعليقات التي لا علاقة لها بالموضوع المثار فهي تستجدي من أجل التصاريح أو تداعب وحدة المخابرات لإثبات أن من يعلق هو ما يُسمّىٰ "رجل نظيف أمنيا"، حالة غاية بالخطورة أمام وحدة متخصصة لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتدرسها بكافة أبعادها للاستفادة منها وتحليلها وتحليل كل الشخصيات ومعرفة مدى تأثير مسألة في المجتمع والخروج بقرارات، وهي قطعاً ليس كل ما تقوم به بناء على الصفحة لكنها رافد ملهم ومهم في ظل هذا الإقبال اللا مفهوم على صفحة تحلل سفك الدم الفلسطيني.
لست مضطرا لدخول هذه الصفحة ولا شبيهاتها، فأنت يمكنك استسقاء بعض أخبارك من مواقع صحفية، وهناك صحفيون ينقلون ما تداولت الصحف الاحتلالية يمكنك قراءة ما كتبوا بحذر، فإذا كان هناك فرضا موضوع بهذه الصفحة تحديدا يمكنك أن تدخل وتقرأ (رغم أن عداد المشاهدات يعد) بدون أي تفاعل مع المنشور، وفرضا أن لديك ما تقول وهو مهم في دحضك لكذبهم وافتراءاتهم، فإن بإمكانك كتابة منشور على صفحتك تهاجم ما تم ذكره من قبل الاحتلال وأنا ضامن لك بأنهم سيقرأونه وستصل رسالتك التي تعرّيهم، وإياك أن تشارك أي منشور من هذه الصفحة كاتباً تعقيبك فإنك بذلك تقوم بالترويج للصفحة، وفي هذا الإطار فقد يعتبر البعض أن ما أكتبه ترويجاً، فإن ما كتبته جاء بناء على ملاحظة حول عشرات الآلاف لمشاهدات "ڤيديو" واحد على هذه الصفحة وآلاف "اللايكات" ومئات التعليقات مما استوجب التحذير.
هذا الاحتلال الاستيطاني النازي العنصري القاتل المجرم لن يتوقف عن محاولاته في طمس هويتنا الفلسطينية، وهدر كرامتنا، وتصفية وجودنا، وقتل أطفالنا ونخبنا، وإحكام سيطرته على أرضنا، ومصادرة قدسنا، وهدم مسجدنا وكنيستنا، وسيستخدم في سبيل كل ذٰلك أحقر وأتفه الأساليب وأرخصها وصولاً لبعثرة أي قيم نحملها ونثرها في رمال الصحاري، حتى نكون كالهائمين على وجوهنا لا نعرف ماذا نريد، فالحذر ثم الحذر من ما يسمى صفحة المنسق التي تساهم في تحقيق ذلك.

أضف تعليق