23 تشرين الثاني 2024 الساعة 14:17

من النكبة إلى الصفقة.. لا حل متوازن لـ«حق العودة»

2020-05-14 عدد القراءات : 676
■نكبة فلسطين تسرد حكاية شعب هُجر قسراً من أرضه عام 1948 تحت وقع المجازر والإرهاب الصهيوني المتواصل وبدعم وإسناد دول الاستعمار القديم الممثل ببريطانيا وفرنسا، وأمام مشهد وأكذوبة دولية تدعى المجتمع الدولي وحل محله كيان آخر ودولة تدعى «إسرائيل» تتباهى بديمقراطيتها أمام الحالة المنهكة التي ولدتها فوضى «الربيع العربي» و«التطبيع» فيما تُنسب حضارة وثقافة وهوية الفلسطينيين أصحاب الأرض إليها ويبقى العالم متفرجاً لتسويق تلك المسرحية الهزلية التي شاخت وزاد عمرها عن السبعين.
نكبة فلسطين بقي من عناوينها مخيمات اللجوء والتشرد في قطاع غزة والضفة الفلسطينية وما تبقى من دول الجوار الشاهد الحي على الجريمة رغم الأطروحة الأميركية لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، فيما يبقى الشاهد الثاني وهو الأونروا رغم محاولات القضاء عليها تارة بالأزمة المالية الخانقة وتارة أخرى بإتباع أساليب منها استمرار التقليص التدريجي لخدماتها وطمس الهوية الفلسطينية في المناهج الدراسية، وتارة بقطع المساعدات الأميركية عنها على طريق إنهاء عملها إلى الأبد رغم محاولة البعض تحويل اللاجئ من صاحب حق وقضية إلى متسول يلهث وراء مساعدات إنسانية هنا وهناك.
وتتواصل الهجمة الإسرائيلية والأميركية على الشاهد الثالث للنكبة المتمثل بالقرار الأممي 194، رغم المحاولات المتكررة لعرقلة تطبيق هذا القرار الذي يضمن عودة اللاجئين إلى ديارهم، واستبداله باتفاقات ومبادرات جديدة منها الاعتراف بيهودية الدولة وتبادل الأراضي وتوطين اللاجئين في أماكن إقامتهم ومحاولة التهرب من تطبيق قرارات الشرعية الدولية إضافة إلى استمرار القيادة الرسمية والسلطة الفلسطينية اتباع سياسة الانتظار العدمية واستمرار الرهان على وهم المفاوضات العقيمة التي وضعت قضية اللاجئين في أدراج الحل النهائي لاتفاق أوسلو الفاسد.
فكل ما يطرح من حلول بديلة لحق العودة للاجئين الفلسطينيين وإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق «صفقة ترامب- نتنياهو» التي فتحت شهية الاستيطان والضم الإسرائيلي وابتلاع الأرض الفلسطينية بقوة الاحتلال على أكثر من 85% منها، بما يقطع الطريق على إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967 بعاصمتها القدس من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
فلا حلول سياسية مطروحة للقضية الفلسطينية اليوم، سوى «خطة ترامب- نتنياهو» التي شرعنت مخطط ضم الضفة الفلسطينية وتجاهلت حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، وتجاهلت مصير أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني في داخل إسرائيل ما زالوا مشردين خارج ديارهم وممتلكاتهم الذين ما زالوا يناضلون بالعودة إليها والتي تعتبرها إسرائيل مسألة داخلية فيما يعتبرها أصحابها بأنها جزءاً من قضية اللاجئين في الشتات ينطبق عليهم القرار 194.
حيث ان إسرائيل لم تكتف في ذلك بفرضها قوانين عنصرية بحق المواطنين العرب في فلسطين المحتلة عام 1948 بدءاً من قانون النكبة ومنع إحياء ذكراها إلى تعديل شروط المواطنة بإعلان الولاء لدولة إسرائيل وعبرنة المناهج، وصولاً إلى قانون القومية للشعب اليهودي واعتبار اللغة العبرية هي اللغة الرسمية والرئيسة للدولة.. الخ.
أمام «خطة ترامب- نتنياهو»، فلا بد للفلسطينيين بكافة أماكن تواجدهم تسليط الضوء على الخطر المحدق بقضيتهم ورفع الصوت عالياً للتمسك بحق العودة إلى الديار والممتلكات والتمسك بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بقضيتهم وفي مقدمتها القرار 194 وما فسرته اللجنة القانونية بالأمم المتحدة، والتحذير من أية محاولة للالتفاف على هذا الحق أو تفريغه من مضمونه باعتباره حق مقدس لا يمكن التنازل او المساومة او التفريط به.
المطلوب اليوم قبل الغد، الشروع بمراجعة فلسطينية شاملة لـ(72) عاماً من عمر النكبة، وما طرأ من تغيير في السياسة الفلسطينية خلال سبعة عقود من النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي ومشاريعه التوسعية الاستعمارية وسياسة التمييز العنصري والأبارتهايد ومشاريع الضم وسواها من الجرائم والإرهاب المنظم، والتأكيد على ضرورة إنهاء الانقسام وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية المقيتة، والإعلان عن إنهاء اتفاق أوسلو بكافة قيوده والتزاماته وملحقاته بما فيها الشروع الفوري والقيام بخطوات عملية لتنفيذ قرارات المجلسين المركزي (2015 + 2018) والوطني (2018) بالخروج من اتفاق أوسلو البائس بكل التزاماته وقيوده وملحقاته لصالح الإستراتيجية الوطنية الكفاحية والموحدة البديلة، وفي مقدمتها، سحب الاعتراف بإسرائيل طالما لم تعترف بدولة فلسطين ووقف التنسيق الأمني ووقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي، وإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الموحد (البرنامج المرحلي) لـ م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.
المطلوب اليوم أيضاً، خوض كل أشكال النضال وعلى كافة المستويات ضد الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري والضم، بإعادة الاعتبار لحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد لاستنزاف العدو ميدانياً وسياسياً ودبلوماسياً بديلاً للمفاوضات العقيمة تحت الرهان الأميركي المنحاز لإسرائيل، باستنهاض الانتفاضة الشعبية الشاملة، وتدويل الحقوق الفلسطينية، والاستفادة من الدول الصديقة والمنظمات الدولية التي تقف لجانب نضالات شعبنا وحقوقه.
هذا هو واقعنا الفلسطيني من نكبة إلى نكسة إلى انقسام إلى أزمات حادة، ورغم ذلك لن ننسى حقوقنا رغم الآلام التي لحقت بنا على مدار 72 عاماً، وسنبقى نعيش الأمل بالسلام المتوازن القائم على عودة الحقوق إلى أصحابها بما فيها حق العودة وفق القرار 194، لنؤكد أنه في حال موت الكبار لن ينسى الصغار هذا الحق التاريخي وسيتورثوه على طريق العودة للقدس العاصمة، والمجدل ويافا وعكا وحيفا وصفد واللد والرملة وأم الرشراش، وإلى كل ربوع فلسطين التي يشتد حنيننا صوبها. ■

أضف تعليق