بغياب رقابة «سلطة النقد» بغزة... قيمة العملة في ميزان جشع الصرافين
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير وسام زغبر)
■ عبر المواطن محمد بعلوشة عن استيائه الشديد لإلزام بعض البنوك المحلية في قطاع غزة أصحاب الشيكات المكتوبة بالدولار الأميركي بصرفها بالشيكل الإسرائيلي بحجة عدم توفر عملة الدولار بالأسواق، فيما استغرب المواطن محمود حماد بوجود فروق في أسعار الصرف الرسمية وسعر السوق، دون إجراءات رادعة بحق محلات الصرافة. وأضاف المواطن إسلام مطر، «في حال ارتفاع الدولار كما حدث قبل أسابيع قليلة، أحجم الصرافون على صرف عملة الدولار بحجة عدم توفر عملة الشيكل الإسرائيلي لديهم».
واشتكى مواطنون فلسطينيون من جشع وابتزاز بعض شركات وتجار الصرافة كونها تفرق في صرف العملات النقدية الأجنبية على سبيل المثال بين الدولار الأميركي ذي اللون الأبيض (الطبعة القديمة) ونظيره الأزرق (الطبعة الجديدة) بفارق يصل إلى 10 شواكل (2.6) دولار عن كل 100 دولار، ما أثار استياءً شديداً في صفوف المواطنين لا سيما في قطاع غزة، وعلى وجه الخصوص في أوقات الأزمات والمحن التي تعصف بالقطاع.
ولم يصل الحال إلى ذلك، بل تجاوزه في صرف الحوالات المالية التي تأتي من الخارج بعملة أخرى بخلاف العملة الأصلية للحوالة، ما يكبد صاحب الحوالة خسائر في فرق العملات، ناهيك عن سعر صرف عملة الدولار الأقل من فئة (50) دولاراً بفارق يصل لنحو (15) شيكلاً عن كل مئة دولار بزعم أن البنوك تضع عراقيل أمام استلامها.
وتساءل المواطن «شادي» عن رقابة سلطة النقد الفلسطينية اتجاه محال الصرافة بالقول، إن «أحد البنوك المحلية العاملة في القطاع رفض إعطاء رواتب مشروع المال مقابل العمل بالدولار، بل أصر على دفعها بالشيكل وأقل من سعر السوق بـ(5) شواكل ما يقارب (1.5) دولار لكل 100 دولار». فيما تساءل المواطن «محمد»، عن الدور الرقابي لمحال الصرافة التي تتعامل مع أسعار الصرف كسوق سوداء.
تحذير الصرافين
مئات الشكاوى بخصوص عدم قبول البنوك ومحال الصرافة لعملة الدولار القديمة أو التي يعتبروها «غير نظيفة»، أو «مغسولة»، ما أدى إلى انخفاض سعر صرفها بالنسبة لسعر السوق بمبلغ يتراوح من (1.5-5.5) دولاراً، ما حذا بسلطة النقد الفلسطينية لإصدار بيان تحذر الصرّافين من استغلال حالة الطوارئ والتلاعب في أسعار صرف العملات والحوالات المالية أو صرف الحوالات الواردة بعملة أخرى بخلاف العملة الأصلية للحوالة. وتجدر الإشارة إلى أن سعر صرف الدولار في فلسطين يشهد تبايناً بين قطاع غزة والضفة الفلسطينية ما بين (4-8) شواكل أي ما يقارب (1-2.3) دولاراً لكل (100) دولار، وهو ما يخلق أزمة للمواطنين والتجار.
من جهته، قال محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، «إننا نُحقق في شكاوى بشأن قيام بعض الصرافين بالتلاعب بأسعار صرف العملات خلال فترة الطوارئ، وصرف الحوالات الواردة بعملة أخرى بخلاف العملة الأصلية للحوالة، بما يخالف التعليمات الصادرة وشروط الترخيص». موضحاً أن سلطة النقد حافظت خلال فترة الطوارئ على قيام المصارف والصرافين بتوفير خدمة الحوالات والحوالات السريعة للمواطنين من وإلى فلسطين.
إجراءات صارمة
وشدد الشوا على أن سلطة النقد ستتخذ إجراءات صارمة بحق كل صراف يثبت عدم التزامه بالتعليمات ويستغل ظروف الطوارئ ويتلاعب بأسعار الصرف. وبين أن الصرافين ملزمون بموجب التعليمات بالإفصاح للجمهور عن أسعار العملات على شاشة خاصة بذلك، مطالبًا الجمهور بالحصول على وصل استلام بالعملية المالية التي يتم تنفيذها من خلال الصرافين والاحتفاظ بها، والتقدم بشكوى رسمية لسلطة النقد في حال عدم التزام الصراف بأسعار الصرف حسب السوق، وفي حالات عدم تسديد الحوالة بالعملة الأصلية.
ووفق تقرير لسلطة النقد الفلسطينية في نهاية عام 2018، أن عدد المصارف في فلسطين (14) مصرفاً، منها (7) مصارف محلية، و(7) وافدة، فيما يبلغ عدد الصرافين المرخصين لديها (311) صرافاً بواقع (266) صراف شركة و(45) صراف أفراد، وبواقع (254) صراف بالضفة و(57) في غزة. وحسب وزارة الاقتصاد الوطني بغزة، فإن مجمل الصرافين العاملين بالقطاع نحو (500) صراف.
وتعد مهنة صرف العملات من بين المهن الرائجة في غزة، إذ تجذب مئات التجار الذين يتوزعون في الأسواق والساحات العامة على مدار ساعات النهار، وهم يحملون مبالغ من المال بعملات مختلفة من أجل البيع والشراء.
ويرى المختص الاقتصادي الدكتور مازن العجلة، أن التباين في سعر صرف الدولار وتسليم الحوالات المالية، إجراء غير قانوني ومخالف لسلطة النقد التي تعتبر كافة العملات قانونية طالما إنها «غير مهترئة» أو«غير ممزقة» بشكل كامل، ما ينعكس سلباً على المواطنين.
وحول إجراءات سلطة النقد الرادعة بحق محال الصرافة، أوضح د. العجلة أن هذا الأمر متعلق بالمواطن وتقديمه شكوى ضد الصرافين، وبدورها ستقوم سلطة النقد بفرض غرامات على محال الصرافة والبنوك المخالفة وإعادة الحقوق لأصحابها.
الاحتكام لسعر السوق
ويقر صاحب محل صرافة رفض الكشف عن اسمه، أنه لا يرجع للأسعار الرسمية في بيع وشراء العملات، بل يحتكم لأسعار السوق فقط، والتي تتقلب بحسب العرض والطلب. مضيفاً، أن «كافة التجار في غزة لا يتداولون صرف العملة وفق الشاشة، لكن حسب ما يجري تحديده في السوق المحلي، والذي يُعد مصلحة لكبار التجار».
وأوضح أن سلطة النقد لا تقدم لقطاع غزة سوى توجيهات وتحذيرات دون رقابة فعلية منذ الانقسام في عام 2007، رغم تأكيد وزارة الاقتصاد الوطني بغزة أن عمل المصارف ومحال الصرافة هي من اختصاص سلطة النقد فقط، ما دعا مراقبون فلسطينيون سلطة النقد لإجبار الصرافين على الإعلان عن السعر الحقيقي لصرف العملات الأجنبية دون أي ابتزاز للمواطنين، واتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين.
دون رقابة صارمة وإجراءات فعلية رادعة من سلطة النقد على مصارف وصرافي العملات بغزة سيبقى التلاعب في صرف العملات والحوالات المالية. ■
• نشر في مجلة الحرية في العدد الاسبوعي 1771
■ عبر المواطن محمد بعلوشة عن استيائه الشديد لإلزام بعض البنوك المحلية في قطاع غزة أصحاب الشيكات المكتوبة بالدولار الأميركي بصرفها بالشيكل الإسرائيلي بحجة عدم توفر عملة الدولار بالأسواق، فيما استغرب المواطن محمود حماد بوجود فروق في أسعار الصرف الرسمية وسعر السوق، دون إجراءات رادعة بحق محلات الصرافة. وأضاف المواطن إسلام مطر، «في حال ارتفاع الدولار كما حدث قبل أسابيع قليلة، أحجم الصرافون على صرف عملة الدولار بحجة عدم توفر عملة الشيكل الإسرائيلي لديهم».
واشتكى مواطنون فلسطينيون من جشع وابتزاز بعض شركات وتجار الصرافة كونها تفرق في صرف العملات النقدية الأجنبية على سبيل المثال بين الدولار الأميركي ذي اللون الأبيض (الطبعة القديمة) ونظيره الأزرق (الطبعة الجديدة) بفارق يصل إلى 10 شواكل (2.6) دولار عن كل 100 دولار، ما أثار استياءً شديداً في صفوف المواطنين لا سيما في قطاع غزة، وعلى وجه الخصوص في أوقات الأزمات والمحن التي تعصف بالقطاع.
ولم يصل الحال إلى ذلك، بل تجاوزه في صرف الحوالات المالية التي تأتي من الخارج بعملة أخرى بخلاف العملة الأصلية للحوالة، ما يكبد صاحب الحوالة خسائر في فرق العملات، ناهيك عن سعر صرف عملة الدولار الأقل من فئة (50) دولاراً بفارق يصل لنحو (15) شيكلاً عن كل مئة دولار بزعم أن البنوك تضع عراقيل أمام استلامها.
وتساءل المواطن «شادي» عن رقابة سلطة النقد الفلسطينية اتجاه محال الصرافة بالقول، إن «أحد البنوك المحلية العاملة في القطاع رفض إعطاء رواتب مشروع المال مقابل العمل بالدولار، بل أصر على دفعها بالشيكل وأقل من سعر السوق بـ(5) شواكل ما يقارب (1.5) دولار لكل 100 دولار». فيما تساءل المواطن «محمد»، عن الدور الرقابي لمحال الصرافة التي تتعامل مع أسعار الصرف كسوق سوداء.
تحذير الصرافين
مئات الشكاوى بخصوص عدم قبول البنوك ومحال الصرافة لعملة الدولار القديمة أو التي يعتبروها «غير نظيفة»، أو «مغسولة»، ما أدى إلى انخفاض سعر صرفها بالنسبة لسعر السوق بمبلغ يتراوح من (1.5-5.5) دولاراً، ما حذا بسلطة النقد الفلسطينية لإصدار بيان تحذر الصرّافين من استغلال حالة الطوارئ والتلاعب في أسعار صرف العملات والحوالات المالية أو صرف الحوالات الواردة بعملة أخرى بخلاف العملة الأصلية للحوالة. وتجدر الإشارة إلى أن سعر صرف الدولار في فلسطين يشهد تبايناً بين قطاع غزة والضفة الفلسطينية ما بين (4-8) شواكل أي ما يقارب (1-2.3) دولاراً لكل (100) دولار، وهو ما يخلق أزمة للمواطنين والتجار.
من جهته، قال محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، «إننا نُحقق في شكاوى بشأن قيام بعض الصرافين بالتلاعب بأسعار صرف العملات خلال فترة الطوارئ، وصرف الحوالات الواردة بعملة أخرى بخلاف العملة الأصلية للحوالة، بما يخالف التعليمات الصادرة وشروط الترخيص». موضحاً أن سلطة النقد حافظت خلال فترة الطوارئ على قيام المصارف والصرافين بتوفير خدمة الحوالات والحوالات السريعة للمواطنين من وإلى فلسطين.
إجراءات صارمة
وشدد الشوا على أن سلطة النقد ستتخذ إجراءات صارمة بحق كل صراف يثبت عدم التزامه بالتعليمات ويستغل ظروف الطوارئ ويتلاعب بأسعار الصرف. وبين أن الصرافين ملزمون بموجب التعليمات بالإفصاح للجمهور عن أسعار العملات على شاشة خاصة بذلك، مطالبًا الجمهور بالحصول على وصل استلام بالعملية المالية التي يتم تنفيذها من خلال الصرافين والاحتفاظ بها، والتقدم بشكوى رسمية لسلطة النقد في حال عدم التزام الصراف بأسعار الصرف حسب السوق، وفي حالات عدم تسديد الحوالة بالعملة الأصلية.
ووفق تقرير لسلطة النقد الفلسطينية في نهاية عام 2018، أن عدد المصارف في فلسطين (14) مصرفاً، منها (7) مصارف محلية، و(7) وافدة، فيما يبلغ عدد الصرافين المرخصين لديها (311) صرافاً بواقع (266) صراف شركة و(45) صراف أفراد، وبواقع (254) صراف بالضفة و(57) في غزة. وحسب وزارة الاقتصاد الوطني بغزة، فإن مجمل الصرافين العاملين بالقطاع نحو (500) صراف.
وتعد مهنة صرف العملات من بين المهن الرائجة في غزة، إذ تجذب مئات التجار الذين يتوزعون في الأسواق والساحات العامة على مدار ساعات النهار، وهم يحملون مبالغ من المال بعملات مختلفة من أجل البيع والشراء.
ويرى المختص الاقتصادي الدكتور مازن العجلة، أن التباين في سعر صرف الدولار وتسليم الحوالات المالية، إجراء غير قانوني ومخالف لسلطة النقد التي تعتبر كافة العملات قانونية طالما إنها «غير مهترئة» أو«غير ممزقة» بشكل كامل، ما ينعكس سلباً على المواطنين.
وحول إجراءات سلطة النقد الرادعة بحق محال الصرافة، أوضح د. العجلة أن هذا الأمر متعلق بالمواطن وتقديمه شكوى ضد الصرافين، وبدورها ستقوم سلطة النقد بفرض غرامات على محال الصرافة والبنوك المخالفة وإعادة الحقوق لأصحابها.
الاحتكام لسعر السوق
ويقر صاحب محل صرافة رفض الكشف عن اسمه، أنه لا يرجع للأسعار الرسمية في بيع وشراء العملات، بل يحتكم لأسعار السوق فقط، والتي تتقلب بحسب العرض والطلب. مضيفاً، أن «كافة التجار في غزة لا يتداولون صرف العملة وفق الشاشة، لكن حسب ما يجري تحديده في السوق المحلي، والذي يُعد مصلحة لكبار التجار».
وأوضح أن سلطة النقد لا تقدم لقطاع غزة سوى توجيهات وتحذيرات دون رقابة فعلية منذ الانقسام في عام 2007، رغم تأكيد وزارة الاقتصاد الوطني بغزة أن عمل المصارف ومحال الصرافة هي من اختصاص سلطة النقد فقط، ما دعا مراقبون فلسطينيون سلطة النقد لإجبار الصرافين على الإعلان عن السعر الحقيقي لصرف العملات الأجنبية دون أي ابتزاز للمواطنين، واتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين.
دون رقابة صارمة وإجراءات فعلية رادعة من سلطة النقد على مصارف وصرافي العملات بغزة سيبقى التلاعب في صرف العملات والحوالات المالية. ■
• نشر في مجلة الحرية في العدد الاسبوعي 1771
أضف تعليق