24 كانون الأول 2024 الساعة 14:24

هل ستقود جائحة كورونا الى تفكك الإتحاد الأوروبي..؟؟

2020-04-07 عدد القراءات : 647
ثمة حقائق يجب التأكيد عليها،أن من ينتصر في الحرب على جائحة "كورونا" سيكتب فصول التاريخ ويحدد المستقبل،وان من فشل في إدارة دفة الأزمة الناشئة عن تفشي وانتشار جائحة "كورونا"،وعجز عن إدارة العالم خلال تلك الأزمة،لن يكون جديراً بقيادة العالم.
فهذه الأزمة كشفت عن هشاشة النظام الصحي والطبي لدول الغرب الإستعماري وامريكا،تلك القوى الإستعمارية التي تقدس الإقتصاد والمال على حساب صحة وحياة الإنسان،وتعتبر الإنسان كأي سلعة تجارية، ولا غرابة في عالم رأسمالي " متغول" و"متوحش"،متجرد من كل المنظومات الأخلاقية والإنسانية التي عرتها وفضحتها جائحة "كورونا"، وما الحديث عن وصفات الديمقراطية والإنسانية والحرية،تلك الأوهام التي تروج لها وتسوقها مؤسسات النهب الدولية من صندوق نقد وبنك دوليين على شعوب ودول العالم الثالث ، ما هي إلا قيم ومبادىء ومفاهيم زائفة يجري الدوس عليها عندما تتعارض مع مصالح وأهداف القوى الإستعمارية، فالعراق "ذبح" من الوريد الى الوريد تحت تلك الشعارات الزائفة، والعديد من الدول العربية " مثل سوريا وليبيا تدمر وتنهب خيراتها وثرواتها وتقتل شعوبها وتتفكك مؤسساتها ويتم اضعاف جيوشها، ويجري تفتيت و "تذرير" وتقسيم جغرافيتها وإعادة تركيبها خدمة للمشاريع الإستعمارية وتأبيد السيطرة على شعوب المنطقة، واحتجاز تطورها،والسطو على ونهب خيراتها وثروتها تحت سقف تلك الشعارات...وكذلك تنكشف وتتعرى كذبة وفرية إنسانية امريكا والغرب الإستعماري،عندما ترفض،رفع الحصار الظالم واللا شرعي عن ايران،في ظل انتشار وباء جائحة " كورونا" فيه، وترفض تقديم أي مساعدات طبية وصحية، ادوات ،معدات ،معقمات وأجهزة تنفس ووقاية لها، تمكنها من مجابهة هذا الوباء والحد من انتشاره، وكذلك فعلت دول الإتحاد الأوروبي مع ايطاليا واسبانيا، اللتان فتك فيروس جائحة " كورونا" بأرواح شعوبهما،بلا رحمة،حيث لم تهب دول الإتحاد الأوروبي الغنية ،دول الشمال المانيا وهولندا والنمسا،لنجدتهما وتقديم المساعدات الطبية والصحية والغذائية والمالية لها،لكي تتمكن من مواجهة فيروس " جائحة " كورونا"....في حين كانت المساعدات الإنسانية والصحية والطبية والأطباء وغيرهم،تتدفق عليهما من قبل الدول التي توصف بأنها انظمة شمولية وديكتاتورية،مثل الصين وروسيا وحتى كوبا التي حاصرتها أمريكا لمدة 58 عاماً،هؤلاء اصحاب فكر إنساني،يقدم صحة الإنسان على المال والإقتصاد،يقدمون بلا مقابل واشتراطات لا مالية ولا سياسية.
تخلي دول الشمال من الإتحاد الأوروبي الغنية عن تقديم المساعدات لدول الإتحاد الجنوبية التي فتك فيروس جائحة " كورونا" بأرواح شعوبها،واضح بان ذلك يضع وحدة الإتحاد الأوروبي على المحك،فعلى ضوء إستفحال أزمة " كورونا" في دول الجنوب من الإتحاد الأوروبي( ايطاليا واسبانيا وفرنسا) وعدم تقديم المساعدات لها من دول شمال الإتحاد الغنية ( المانيا ،هولندا والنمسا)،وجدنا اتحاد منقسم على نفسه،ووجهات نظر مختلفة،وأولويات متباينة،وهي التي دفعت برئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الذي تعاني بلاده من معدلات إصابة وضحايا مرتفعة بسبب كورونا، أن يضع الاتحاد كله أمام خيارين في هذه اللحظة التاريخية؛ فإما "أوروبا متضامنة كما يجب، وإما الفردية والتفكك". إذًا، هي عودة إلى نقطة البداية كما عبّر عن ذلك الرئيس السابق لمفوضية الاتحاد الأوروبي، رومانو برودي، إذ أنه لا جدوى من معارضة المعسكر الشمالي لخطط المؤمنين بفكرة الاتحاد من انتشال بلادهم من وقع الأزمة الصحية، التي أوقفت عجلة الإنتاج والاقتصاد بحجة الخوف من نفق اقتصادي مظلم. فما الذي ستفعله الدول المعارضة عندما تجد نفسها أمام حقيقة مديونية هائلة لعدد كبير من أعضائها، التي ستؤثر على الناتج الإجمالي لمجموع دول الاتحاد، والمتوقع أن ينخفض إلى معدّلات قياسية بحسب بعض الخبراء.
وفي التعبيرات عن أزمة الإتحاد الأوروبي الذاهب نحو التفكك قال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، في تصريح له إنه "لا يمكن أن يكون التضامن كلمة تستخدم دون التزام، ويجب إثباتها بالحقائق".
من منا لا يعرف او لم يسمع عن وزير خارجية امريكا كونداليزا رايس" في زمن رئاسة جورج بوش الإبن، تلك التي قالت عن الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل لأول مرة بالوكالة عن أمريكا على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز/2006، أنها جاءت من اجل خلق ما أسمته بالشرق الأوسط الجديد، ولكن حزب الله والمقاومة اللبنانية ومعهما محور المقاومة سوريا وايران، أفشلوا ذلك المخطط،رايس هذه في رسالتها العلمية الجامعية،رسالة الدكتوراة،قبل ان تحتل او تتبوأ أي منصب رسمي،تنبأت بإنهيار الإتحاد السوفياتي وقد قالت في وصفها لما سيجري في الإتحاد السوفياتي،وقد جرى فعلاً " إن الإمبراطوريات التاريخية والدول العظمى المعاصرة،ترحل وتتفكك فجاة دون أن تمنحك مقدمات تراقبها وتبني عليها سياقاً طويلاً ينتهي بالتفكك،إنها كما الطوفان،والزلزال عملية تحدث فجأة ،إنها تحدث وحسب." وهذا الكلام الذي صح في حال الإتحاد السوفياتي،لا يمكن إنكار إمكانية ان يصح أيضاً في حال غيره من الإمبراطوريات والدول العظمى.
فرصة لليمين الأوروبي لكي يغتنمها
الأصدقاء يختبرون في المحن والشدائد،فكيف اذا كان الأمر متعلقا بالحلفاء،فيفترض ان يكونوا ايثاريين وتضحويين،يقدمون الدعم والمساندة لحلفائهم بدون مقابل،ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل انقاذ أرواحهم،من فيروس وبائي خطير يفتك بها بلا رحمة أو رأفة،ولكن هذا الإتحاد يبدو انه سقط في اول محنة تعرض لها،محنة "كورونا" التي ستلتهم هذا الإتحاد،وهي ستوفر الذخيرة الحية والمادة الدعائية والتحريضية،لكل قوى واحزاب اليمين واليمين المتطرف في دول الإتحاد الأوروبي،التي تطالب بالخروج من هذا الإتحاد والإنكفاء على الذات في ظل الإنقسام الحاصل بين دول اليمين،والتي انتشر فيها فيروس جائحة " كورونا" بشكل كبير (ايطاليا،اسبانيا وفرنسا)،ودول الشمال من الإتحاد التي سجلت فيها الإصابات بشكل أقل ( المانيا،هولندا والنمسا)،والتي لم تهب لنجدة دول الجنوب وتقديم الدعم والمساندة لها في مجابهة فيروس جائحة " الكورونا" والآثار الإقتصادية المترتبة عليه،وحالة الإنقسام حول الآليات التي يجب ان تتبع في مواجهة التأثيرات الإقتصادية لهذه الجائحة،بين دول الجنوب في الإتحاد ودول الشمال منه،تدفع بالأمور نحو تفكك الإتحاد الأوروبي وإنهياره،فقوى اليمين في ايطاليا واسبانيا وفرنسا والمانيا،ترى بان سياسة الحدود المفتوحة، هي التي جلبت فيروس جائحة " الكورونا" ورفعت من عدد الإصابات،ولذلك يجب العمل على اغلاق الحدود بين دول الإتحاد...وكذلك يبدو بان هناك تعميق للحقد والكراهية بين مكونات هذا الإتحاد على خلفية انتشار هذا الفيروس، ونحن نرى بأن السؤال المركزي هو هل الإتحاد الأوروبي الذي سقط في اول محنة تعرض لها ذاهب نحو التفكك والإنهيار،ام ان الحكم على ذلك ما زال مبكراً مبكراً ولا يمكن الجزم به ..؟؟، وخاصة بأن المعركة مع جائحة " الكورونا" لم يجر حسمها نحو التعافي الصحي والمترتبات عليها مالياً واقتصادياً...واذا ما حسمت سلباً،فهذا يعني بأن قوى اليمين والإنفصال تصبح فرصها كبيرة في تحقيق اهدافها في فك الإتحاد،وتمرير أجنداتها السياسية واقناع الجماهير بها،في ظل حالة الإرباك والتوهان المسيطرة على قيادة دول الإتحاد،وكملاحظة أخيرة ما يمكن ويصح قوله بحق الإتحاد الأوروبي،فهذا ممكن ومتوقع حصوله في حالة الإتحاد الفيدرالي الأمريكي،حيث الحواجز والإغلاقات بين الولايات المختلفة،والتي أصبح البعض منها يطالب بالإنفصال عن الإتحاد الفيدرالي،موجهاً الإتهامات للدولة العميقة الأمريكية بعدم تقديم الدعم والإسناد الكافي لها في معركتها وحربها على فيروس جائحة " الكورونا"، وقادم الأيام والتطورات المترافقة مع استمرار وتوسع وزيادة انتشار الفيروس،بما يترتب عليه من زيادة في عدد الإصابات والوفيات،او التراجع والإنحسار، بما يقلل من عدد الإصابات والوفيات،كل ذلك سيلعب دوراً مهماً في تحديد مصر الإتحاد الفيدرالي الأمريكي،بإستمرار الوحدة او الإنفصال.

أضف تعليق