23 كانون الأول 2024 الساعة 11:41

أزمة الرسوم الجامعية تعود لـ«الإسلامية» و«فلسطين» مجدداً

2020-01-26 عدد القراءات : 785
غزة (تقرير وسام زغبر)
■ما أن توصلت جامعة الأزهر بمدينة غزة إلى حلول مؤقتة لأزمة الرسوم الدراسية، والتي سمحت بموجبها لطلبتها بدخول قاعات الامتحانات لنهاية الفصل الدراسي الأول بعد احتجاجات طلابية استمرت لأيام متواصلة، طغت على السطح من جديد أزمة جامعتي فلسطين والإسلامية بغزة بحجب الصفحات الإلكترونية من كشف للعلامات أو التسجيل للطلبة بذريعة عدم تسديدهم أو استكمال رسومهم الجامعية.
وبدأت الأزمة المالية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة في العام 2013 وتتواصل حتى الآن على وقع إبر التسكين دون أية حلول مجدية، والتي انعكست بالسلب على سير العملية التعليمية في الجامعات والمعاهد الفلسطينية بالقطاع، تارة بتخفيض الرواتب للموظفين، ومنع الطلبة من الدخول لقاعات الامتحانات أو حجز شهاداتهم تارة أخرى، مما بات يهدد عمل الجامعات بانتظام والتي تواجه بعضاً منها خطر الإغلاق.
ولا تقتصر البطالة في غزة على المهنيين وغير المتعلمين، بل تطال خريجي التعليم العالي، حيث معدل البطالة في جميع التخصصات التي تدرّس حالياً في مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة بـ (77%) وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فيما يصل معدل البطالة في صفوف القوى العاملة في قطاع غزة ما نسبته (52%)، وارتفعت في صفوف الشباب وفق الفئة العمرية (18-29) عاماً لتصل لـ(69%)، في حين يعتمد ما نسبته (80%) من السكان على المساعدات من جهات مختلفة، وتصل نسبة انعدام الأمن الغذائي لـ(70%)، فيما تخرّج الجامعات سنوياً ما بين (10-15) ألف طالب وطالبة من مختلف التخصصات، يتنافسون على نحو (100) فرصة عمل فقط.
وقال الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي في وزارة التربية والتعليم بغزة أيمن اليازوري إنّ «الأزمة المالية في الجامعات تشكلت بسبب انخفاض نسبة الرسوم التي يدفعها الطالب، إضافةً إلى عدم دفع الوزارة موازنات الجامعات، التي بات معظمها يصارع البقاء، على الرغم من تقليل النفقات التشغيلية والمصاريف الأخرى».
وأوضح اليازوري أن نسبة الطلبة في الجامعات مثل الأزهر والإسلامية والقدس المفتوحة إلى جانب الكلية الجامعية (45%) من مجموع الطلبة الملتحقين والمسجلين في مؤسسات التعليم العالي، فيما (25-30%) فقط من مجموع الطلبة استطاعوا دفع رسوم الفصل الدراسي (2018/2019) كاملاً، فيما الباقي لم يستطع دفع الرسوم أو دفعها بشكل جزئي.
تحييد التعليم
فيما أكد منسق الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية إبراهيم الغندور أن جامعتي فلسطين والإسلامية بغزة تتجاهلان معاناة سكان القطاع الخانقة، من حصار وتدني الدخل في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. مشدداً على وقوف الحملة إلى جانب تطلعات الطلبة الذين يكابدون العيش يومياً جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وطالب الغندور جامعات القطاع بعدم الزج في الطلبة في أزماتها المالية، وسط دعوات متزايدة للجامعات بالعدول فوراً عن إجراءاتها التعسفية، بما يعزز منظومة التعليم الوطني، وحق الفقراء في التعليم في ظل الأوضاع الراهنة. متهماً إدارة الجامعات بأن جل اهتمامها هي تعظيم الجباية.
وطالبت الحملة الوطنية الحكومة الفلسطينية ووزارة التعليم العالي، بتحييد التعليم عن التجاذبات السياسية وزيادة مخصصات الجامعات لاسيما في قطاع غزة التي خفضتها الحكومات المتعاقبة منذ الانقسام الفلسطيني، وتفعيل صندوق إقراض الطالب الجامعي لما له من آثار إيجابية تجاه تلبية احتياجات الطالب الذي يتم استثماره عبر بوابة التعليم الجامعي نظراً لارتفاع تكلفة التعليم الذي بات يهدد مستقبل الكثيرين من الطلبة ويحرمهم من استكمال مسيرتهم.
العجز المالي
وكشف مراقبون فلسطينيون أن الرسوم الجامعية المتراكمة على الطلبة في الجامعة الإسلامية قدرت بـ(8) ملايين دينار أردني، وفي جامعة الأزهر بـ(5) ملايين دينار، فيما تواصل الجامعة الإسلامية احتجاز نحو 4 آلاف شهادة جامعية، ونظيرتها جامعة الأزهر واللاتي تصنفان أنهما جامعة عامة وليست حكومية أو خاصة، تواصل احتجاز أكثر من ألفي شهادة جامعية، وتواصل جامعة فلسطين الخاصة احتجاز نحو (1100) شهادة جامعية، رغم تخرّج الطلبة وإنهاء تعليمهم الجامعي.
فيما أوضح المراقبون أن العجز المالي الناتج عن تراكم مستحقات موظفي الجامعة الإسلامية البالغ عددهم نحو (1200) موظف قدرَّ بنحو (15) مليون دينار، وفي جامعة الأزهر البالغ عدد موظفيها نحو (600) موظف قدرَّ بنحو (3) ملايين دينار، في ظل اعتماد الجامعات مالياً على الرسوم الجامعية بالدرجة الأولى إلى جانب بعض المنح والمساعدات التي انخفضت في السنوات العشر الأخيرة.
ووفق المراقبين إن الجامعة الإسلامية أصبحت عاجزة عن تسديد رواتب موظفيها بشكل كامل منذ العام 2013، ما دفعها لتقليص رواتب العاملين فيها إلى أقل من (50%)، قبل أن تتخذ جملة من القرارات لمواجهة الأزمة المالية التي تعصف بها، منها تقليص رواتب المحاضرين إلى (70%) من دون أن يكون لهم حق المطالبة فيما بعد براتب كامل، إلى جانب تحديد رواتب الموظفين غير المحاضرين بـنحو (280) دولاراً أميركياً بدلاً من (500) دولار.
وبلغ عدد الجامعات والمعاهد والكليات الجامعية في قطاع غزة (28) جامعة وكلية، فيما بلغ عدد الطلبة المسجلين في مؤسسات التعليم العالي في محافظات القطاع خلال العام الدراسي (2018/2019) نحو (80385) طالباً وطالبة يشكل الطلاب ما نسبته (45.2%) والطالبات ما نسبته (54.8%)، فيما بلغ عدد الخريجين (19377).
وكان الأكاديمي في الجامعة الإسلامية يحيى السراج، قد أوضح في تصريحات صحفية أنه لا يوجد أي مجال لتقشف الجامعات بقطاع غزة والتي وصلت الأوضاع بها لحد الهاوية. مطالباً بتدخل فوري لإنقاذ الجامعات بتوفير الدعم والتبرعات لتتمكن من الاستمرارية.
تفعيل الأنشطة الطلابية
بدوره، قال أحمد أبو حليمة مسؤول كتلة الوحدة الطلابية بجامعات قطاع غزة، إن «خطوات إدارة الجامعات تهدف للضغط على الطلاب لإجبارهم على استكمال رسومهم الدراسية في مخالفة واضحة مع لوائح الجامعة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالقطاع».
وأوضح أبو حليمة أن أسباب الأزمة المالية التي تشهدها جامعات القطاع تعود لعدم تحويل وزارة التعليم العالي برام الله مستحقات الجامعات المالية ما يدفعها للضغط على الطلبة. مبيناً أن البيانات الاستنكارية والحملات الإعلامية لم تعد كافية للضغط على إدارة الجامعات، لذلك يتطلب تفعيل برنامج الأطر الطلابية داخل الجامعات، والتوحد خلف برنامج نقابي لتوفير بيئة تعليمية تراعي أوضاع الطلبة.
وأضاف: أن «سكرتاريا الأطر الطلابية تداعت لاجتماع ووضعت عددا من الخطوات والتحركات الطلابية لإجبار جامعتي فلسطين والإسلامية عن التراجع عن خطواتها الجائرة». مؤكداً أن الحراك الطلابي تحت مظلة الأطر الطلابية كفيل بتجاوب الجامعات مع مطالب وحقوق الطلبة على غرار ما جرى بالاتفاق في جامعة الأزهر عبر وضع آلية تسديد مريحة للطلبة تضمن عدم حرمانهم من الدخول لقاعات الامتحانات.
وأوضح مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقريره السنوي أن الأسباب المباشرة لأزمة مؤسسات التعليم العالي يعود إلى تراجع التحصيل المالي كبدل رسوم دراسية ليصل إلى (25-30%) فقط، وتدني نسبة الإنفاق الحكومي، وشح المصادر التمويلية الكافية والثابتة. كاشفاً عن غياب الضمانات الحكومية لإقامة نظام للقروض لمساعدة الطلبة المتعسرين مالياً على مواصلة تعليمهم العالي على أن الديون بعد حصول الخريج على عمل.
 وأشار التقرير إلى استمرار مشكلة احتجاز شهادات التخرج بسبب عدم تسديد الخريجين رسوم شهاداتهم أو تراكم الأقساط الغير مسددة، داعياً إلى العمل على إنهاء مشكلة تصديق شهادات التخرج للخريجين من المؤسسات التعليمية التي لم تحصل على ترخيص من التعليم العالي، والعمل على تحييد خدمات التعليم عن تداعيات الانقسام.
وبين التقرير أن استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية والضغوط المفروضة على مؤسسات التعليم دون تدخلات حكومية ووقف جادة من كافة الأطراف سيرفع عدد المحرومين من التعليم العالي وسيؤدي لتراجع جودة التعليم. داعياً لخلق آلاف فرص العمل في المؤسسات الحكومية والخاصة وغير الحكومية أو العمل على تفعيل صندوق إقراض للمشاريع الصغيرة للشباب.
حل الأزمة المالية في جامعات ومعاهد قطاع غزة مرهون بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولكن إبر التسكين تبقى قائمة ما لم توضع خطط اقتصادية حكومية للمواءمة بين سوق العمل والتخصصات الجامعية إلى جانب دعم مؤسسات التعليم العالي وإقامة صندوق الطالب للإقراض.■
المصدر: مجلة الحرية الفلسطينية، العدد 1759

أضف تعليق