ليس برنامجا انتخابيا .. فقط
اتكأ البعض على إعلان المدعية العامة لـ«الجنائية الدولية» بخصوص التحقيق في جرائم حرب وقعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورأى فيه رادعا كافيا للجم المخططات التوسعية الإسرائيلية. ويعلل تقديره هذا على ما نشرته وسائل إعلام عن إلغاء نتنياهو، عشية إعلان بنسودا،عدد من الاجتماعات الحكومية المخصصة لبحث الإجراءات المفترضة لضم غور الأردن.
ويلتقي هذا التقدير ـ بالنتيجة ـ مع تحليلات سابقة أحالت كل ما في تصريحات نتنياهو بشأن توسيع الاستيطان ومشاريع الضم إلى اعتبارات انتخابية، وحصروا أهدافها في حشد أصوات المستوطنين لصالح تعزيز فرصه في تحقيق حلمه في تشكيل حكومته الخامسة. وبالتالي فإن منسوب الخطورة في هذه التصريحات منخفض!
صحيح أن الإعلان المذكور أربك حكومة الاحتلال، وأن لنتنياهو أهدافا انتخابية من وراء تصريحاته بشأن الضم، لكن الثابت أنه يمتلك مشروعا استعماريا توسعيا يعتزم تنفيذه كاملا، وهذا ما أثبتته الأعوام العشرة السابقة.
وجد نتنياهو وحكومته في مواقف إدارة ترامب فرصة«تاريخية» تمكنه من تجاوز أية معيقات تقف في وجه تطبيق مشروعه تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، ومستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورأى في عناوين «صفقة ترامب» رافعة كبرى لتحقيق هذا الهدف خاصة وأنها تبنت خطة «السلام الاقتصادي» التي طرحها نتنياهو، وألغت البحث في الحل التفاوضي الثنائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لصالح «الحل الإقليمي»، بعد تجاوز القضايا الأهم في الصراع ممثلة باللاجئين والقدس والاستيطان.
والأهم فيما وجده نتنياهو بمجيء إدارة ترامب أنها حفزته للتسريع بتطبيق مشروع دولة «إسرائيل الكبرى»، وهذا يعني تقسيم الضفة إلى مكانين: مكان تحت الإدارة الخدمية للسلطة الفلسطينية، وهي مناطق التجمعات الفلسطينية باستثناء القدس والأغوار اللتين ستضمان إلى دولة الاحتلال، ومعهما شبكة الاستيطان الواسعة بمادياتها الجغرافية الواسعة وما تحتويه من ثروات طبيعية. وستكون المنطقة «الفلسطينية»، وفق هذا المشروع، بلاسيادة وتحت السيطرة الاقتصادية والأمنية الإسرائيلية المباشرة.
وشهدت السنوات الثلاث الماضية تغولا واسعا في تنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى». وعلى هذا الطريق، تصاعدت جرائم الاحتلال في القتل والاعتقال ونهب الأراضي وهدم المنازل والتوسع في البناء الاستيطاني، وجميعها جرائم حرب من الدرجة الأولى في عرف القانون الدولي والإنساني، وهي ماثلة للعيان أمام أعين الجميع.
لذلك، عندما أعلنت المدعية العامة لـ«الجنائية الدولية» توفر الأسباب لإجراء تحقيق بجرائم حرب ارتكبت في الأراضي الفلسطينية، كان من الطبيعي أنترتبك الحكومة الإسرائيلية أمام هذا التطور غير المحسوب، بعدما استطاع الضغط الأميركي ـ الإسرائيلي إبعاد هذا الملف عن المتابعة الملحة من على جدول أعمال المحكمة لمدة خمس سنوات اعتقدت خلالها الحكومة الإسرائيلية أن هذه المحكمة تكيفت مع هذه الضغوط وانحنت أمامها.
السؤال المهم الذي طرح عقب صدور الإعلان يتعلق بمدى انعكاسه على سلوك إسرائيل الاحتلالي.وفيما إذا كان تأجيل بعض الإجراءات بشأن الاستيطان والضم يمثل «فرملة» في السياسة التوسعية الإسرائيلية، تحسبا من مواقف مستجدة من قبل المدعية العامة ، بنسودا.
يمكن القول إن حكومة نتنياهوتعاملت مع إعلان بنسودابثلاثة أشكال متكاملة:
* التراجع الشكلي عن بعض التحضيرات المعلنة بشأن إجراءات الضم، بهدف التخفيف من الصدى الذي تحثه هذه الإجراءات وتدخل في ملفات التحقيق في حال بدئه. وهنا ، يتجاوز نتنياهو الغلة الانتخابية لهذه الإجراءات .. ولكن إلى حين.
* ربطا بماسبق، تواصل الحكومة الاسرائيلية إجراءات التحضير للخطوات العملية اللاحقة بشأن سياساتها التوسعية والعدوانية.ولقد حذر مراقبون من استثمار تل أبيب للأحداث والتطورات التي تعصف بالمنطقة للتقدم في مشروع ضم الأغوار.وفعلا، تابعت اللجنة الوزارية الإسرائيلية المشكلة لهذا الغرض، ودرست مشروع قانون بهذا الخصوص تمهيدًا لعرضه على الكنيست.
ودوافع نتنياهو لضم الأغوار سياسية واقتصاديةباعتبارها منطقة واسعة تبلغ مساحتها 24% من مساحة الضفة الغربية ، ويوجد فيها 37 مستوطنة وبؤرة استيطانية تسيطر على ما نسبته 12% من أراضي منطقة الأغوار ويستوطن فيها حوالي 9500 مستوطن إسرائيلي ، وتجني اسرائيل منها ، حسب تقارير يصدرها مجلس المستوطنات بين 650 – 750 مليون دولار سنويا. ويوجه ضمها ضربة قاسية للاقتصاد الفلسطيني،المنهك أساسا،خاصة وأن الأغوار تعتبر مفتاح التنمية الاقتصادية والبشرية الفلسطينية المستدامة.
لذلك، من الضروري عدم الرهان على مفعول إعلان بنسودا باعتباره بات يشكل رادعا للاحتلال يمنعه تلقائيا من متابعةمخطط ضم الأغوار. ولهذا السبب، ينبغي متابعة هذه السياسات ووضعها في تصرف المحكمة الجنائية الدولية.
* التعامل الإسرائيلي الأساسي مع إعلان بنسودا ينطلق من وحدة الموقفين الإسرائيلي والأميركي من قرارات الشرعية الدولية والمؤسسة الأممية التي أصدرتها.وسبق أن صرح نتنياهو مرارا أنه ينوي ضم الأغوار والحصول على اعتراف أميركي بحق إسرائيل في ضم الأغوار الفلسطينية وكافة مستوطنات الضفة الغربية إلى سيادتها.ومنذ صدور إعلان بسنوداانشغلت كل من تل ابيب وواشنطن في بحث سبل إفراع هذا الإعلان من مضمونه التنفيذي،عبر مضاعفة الضغوط على جميع الأطراف ذات الصلة كي يتجمد الوضع عند حدود إصداره ، وعدم التقدم في الخطوات التي تمهد فعليا لبدء عمل المحكمة والتحقيق فيما ارتكبته إسرائيل من جرائم حرب.
يعبر نتنياهو وحزبه الليكود عن مشروع اليمين الصهيوني في السياسة والاقتصاد. ويأتي مشروع تجسيد دولة «إسرائيل الكبرى» على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية في مقدمة عناوين هذا المشروع ، الذي تقوم آليات تطبيقه على مبدأ فرض الوقائع الاحتلالية بالقوة، ولايأبه القائمون على هذا المشروع بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة،طالما يجدون الدعم والحماية على يد الحليف الأميركي وسواه.
ولهذا السبب، تم التأكيد مرارا على ضرورة تحويل الاشتباكات السياسية والشعبية الفلسطينية الموضعية مع جميع الإجراءات الاحتلالية إلى معركة مفتوحة ومتصاعدة، وهذا هو السبيل كي يضع إسرائيل أمام حسابات جديدة كلما أقدمت على أي من خطواتها الاحتلالية، ويجعلها تبدأ التفكير بمنطق الخسارة المتوقعة، وهي التي تعودت على جني الربح الصافي .. والمجاني.
وهذه المعركة بأشكالها السياسية والديبلوماسية وفي ميدان المقاومة الشعبية تضع المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة أمام واقع مختلف يفرض عليها الدخول على خط الحلول، التي في ظل هذه المعادلة الجديدة لن تستطيع تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني ربطا بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ويلتقي هذا التقدير ـ بالنتيجة ـ مع تحليلات سابقة أحالت كل ما في تصريحات نتنياهو بشأن توسيع الاستيطان ومشاريع الضم إلى اعتبارات انتخابية، وحصروا أهدافها في حشد أصوات المستوطنين لصالح تعزيز فرصه في تحقيق حلمه في تشكيل حكومته الخامسة. وبالتالي فإن منسوب الخطورة في هذه التصريحات منخفض!
صحيح أن الإعلان المذكور أربك حكومة الاحتلال، وأن لنتنياهو أهدافا انتخابية من وراء تصريحاته بشأن الضم، لكن الثابت أنه يمتلك مشروعا استعماريا توسعيا يعتزم تنفيذه كاملا، وهذا ما أثبتته الأعوام العشرة السابقة.
وجد نتنياهو وحكومته في مواقف إدارة ترامب فرصة«تاريخية» تمكنه من تجاوز أية معيقات تقف في وجه تطبيق مشروعه تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، ومستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورأى في عناوين «صفقة ترامب» رافعة كبرى لتحقيق هذا الهدف خاصة وأنها تبنت خطة «السلام الاقتصادي» التي طرحها نتنياهو، وألغت البحث في الحل التفاوضي الثنائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لصالح «الحل الإقليمي»، بعد تجاوز القضايا الأهم في الصراع ممثلة باللاجئين والقدس والاستيطان.
والأهم فيما وجده نتنياهو بمجيء إدارة ترامب أنها حفزته للتسريع بتطبيق مشروع دولة «إسرائيل الكبرى»، وهذا يعني تقسيم الضفة إلى مكانين: مكان تحت الإدارة الخدمية للسلطة الفلسطينية، وهي مناطق التجمعات الفلسطينية باستثناء القدس والأغوار اللتين ستضمان إلى دولة الاحتلال، ومعهما شبكة الاستيطان الواسعة بمادياتها الجغرافية الواسعة وما تحتويه من ثروات طبيعية. وستكون المنطقة «الفلسطينية»، وفق هذا المشروع، بلاسيادة وتحت السيطرة الاقتصادية والأمنية الإسرائيلية المباشرة.
وشهدت السنوات الثلاث الماضية تغولا واسعا في تنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى». وعلى هذا الطريق، تصاعدت جرائم الاحتلال في القتل والاعتقال ونهب الأراضي وهدم المنازل والتوسع في البناء الاستيطاني، وجميعها جرائم حرب من الدرجة الأولى في عرف القانون الدولي والإنساني، وهي ماثلة للعيان أمام أعين الجميع.
لذلك، عندما أعلنت المدعية العامة لـ«الجنائية الدولية» توفر الأسباب لإجراء تحقيق بجرائم حرب ارتكبت في الأراضي الفلسطينية، كان من الطبيعي أنترتبك الحكومة الإسرائيلية أمام هذا التطور غير المحسوب، بعدما استطاع الضغط الأميركي ـ الإسرائيلي إبعاد هذا الملف عن المتابعة الملحة من على جدول أعمال المحكمة لمدة خمس سنوات اعتقدت خلالها الحكومة الإسرائيلية أن هذه المحكمة تكيفت مع هذه الضغوط وانحنت أمامها.
السؤال المهم الذي طرح عقب صدور الإعلان يتعلق بمدى انعكاسه على سلوك إسرائيل الاحتلالي.وفيما إذا كان تأجيل بعض الإجراءات بشأن الاستيطان والضم يمثل «فرملة» في السياسة التوسعية الإسرائيلية، تحسبا من مواقف مستجدة من قبل المدعية العامة ، بنسودا.
يمكن القول إن حكومة نتنياهوتعاملت مع إعلان بنسودابثلاثة أشكال متكاملة:
* التراجع الشكلي عن بعض التحضيرات المعلنة بشأن إجراءات الضم، بهدف التخفيف من الصدى الذي تحثه هذه الإجراءات وتدخل في ملفات التحقيق في حال بدئه. وهنا ، يتجاوز نتنياهو الغلة الانتخابية لهذه الإجراءات .. ولكن إلى حين.
* ربطا بماسبق، تواصل الحكومة الاسرائيلية إجراءات التحضير للخطوات العملية اللاحقة بشأن سياساتها التوسعية والعدوانية.ولقد حذر مراقبون من استثمار تل أبيب للأحداث والتطورات التي تعصف بالمنطقة للتقدم في مشروع ضم الأغوار.وفعلا، تابعت اللجنة الوزارية الإسرائيلية المشكلة لهذا الغرض، ودرست مشروع قانون بهذا الخصوص تمهيدًا لعرضه على الكنيست.
ودوافع نتنياهو لضم الأغوار سياسية واقتصاديةباعتبارها منطقة واسعة تبلغ مساحتها 24% من مساحة الضفة الغربية ، ويوجد فيها 37 مستوطنة وبؤرة استيطانية تسيطر على ما نسبته 12% من أراضي منطقة الأغوار ويستوطن فيها حوالي 9500 مستوطن إسرائيلي ، وتجني اسرائيل منها ، حسب تقارير يصدرها مجلس المستوطنات بين 650 – 750 مليون دولار سنويا. ويوجه ضمها ضربة قاسية للاقتصاد الفلسطيني،المنهك أساسا،خاصة وأن الأغوار تعتبر مفتاح التنمية الاقتصادية والبشرية الفلسطينية المستدامة.
لذلك، من الضروري عدم الرهان على مفعول إعلان بنسودا باعتباره بات يشكل رادعا للاحتلال يمنعه تلقائيا من متابعةمخطط ضم الأغوار. ولهذا السبب، ينبغي متابعة هذه السياسات ووضعها في تصرف المحكمة الجنائية الدولية.
* التعامل الإسرائيلي الأساسي مع إعلان بنسودا ينطلق من وحدة الموقفين الإسرائيلي والأميركي من قرارات الشرعية الدولية والمؤسسة الأممية التي أصدرتها.وسبق أن صرح نتنياهو مرارا أنه ينوي ضم الأغوار والحصول على اعتراف أميركي بحق إسرائيل في ضم الأغوار الفلسطينية وكافة مستوطنات الضفة الغربية إلى سيادتها.ومنذ صدور إعلان بسنوداانشغلت كل من تل ابيب وواشنطن في بحث سبل إفراع هذا الإعلان من مضمونه التنفيذي،عبر مضاعفة الضغوط على جميع الأطراف ذات الصلة كي يتجمد الوضع عند حدود إصداره ، وعدم التقدم في الخطوات التي تمهد فعليا لبدء عمل المحكمة والتحقيق فيما ارتكبته إسرائيل من جرائم حرب.
يعبر نتنياهو وحزبه الليكود عن مشروع اليمين الصهيوني في السياسة والاقتصاد. ويأتي مشروع تجسيد دولة «إسرائيل الكبرى» على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية في مقدمة عناوين هذا المشروع ، الذي تقوم آليات تطبيقه على مبدأ فرض الوقائع الاحتلالية بالقوة، ولايأبه القائمون على هذا المشروع بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة،طالما يجدون الدعم والحماية على يد الحليف الأميركي وسواه.
ولهذا السبب، تم التأكيد مرارا على ضرورة تحويل الاشتباكات السياسية والشعبية الفلسطينية الموضعية مع جميع الإجراءات الاحتلالية إلى معركة مفتوحة ومتصاعدة، وهذا هو السبيل كي يضع إسرائيل أمام حسابات جديدة كلما أقدمت على أي من خطواتها الاحتلالية، ويجعلها تبدأ التفكير بمنطق الخسارة المتوقعة، وهي التي تعودت على جني الربح الصافي .. والمجاني.
وهذه المعركة بأشكالها السياسية والديبلوماسية وفي ميدان المقاومة الشعبية تضع المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة أمام واقع مختلف يفرض عليها الدخول على خط الحلول، التي في ظل هذه المعادلة الجديدة لن تستطيع تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني ربطا بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
أضف تعليق