23 تشرين الثاني 2024 الساعة 21:39

كهرباء غزة .. فصل من الأزمات الفلسطينية المتراكمة

2020-01-09 عدد القراءات : 557

غزة ( الاتجاه الديمقراطي) (تقرير عبد الرحيم أبوكويك)

نشر في مجلة الحرية الفلسطينية في عددها 1757
■ تتواصل معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة بفعل أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتكررة عليهم، لعقد ونيف من الزمن، والتي ألقت بظلالها الثقيلة على كاهلهم، وعلى مختلف القطاعات والبنى الحيوية والتحتية جراء الحصار الإسرائيلي، ونقص الوقود المغذي لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع.
وبدأت الأزمة تتفاقم مع قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لمحطة توليد الكهرباء في صيف 2006، ما أوقف محطة الكهرباء بالكامل وخلق حالة من العجز في الطاقة الكهربائية انعكست سلباً على حياة المواطنين وأدت لوقوع حوادث إنسانية مؤلمة في صفوفهم، حيث توفي «32» فلسطينياً من بينهم «25» طفلاً وسيدة، وأصيب «36» آخرين من بينهم «20» طفلاً و«6» سيدات خلال الفترة الممتدة من عام 2010 وحتى نهاية عام 2018.
من جهته، أكد مدير العلاقات العامة في شركة توزيع الكهرباء بغزة محمد ثابت في لقاء مع «الحرية» أن أزمة الكهرباء مازالت قائمة، وأن المتوفر منها لا يسد حاجة الناس مع دخول فصل الشتاء، خاصة في ظل المنخفضات الجوية، وفي ذروة فصل الصيف، مُشيراً إلى أن السبب المباشر لهذه الإشكالية هو أن الكميات المتوفرة للشركة محدودة، والطلب عليها يتزايد في حين أن المتوفر من الكهرباء في أحسن الظروف هو 200 ميغاوات، والمطلوب في الوضع الطبيعي هو 500 ميغاوات والذي قد يرتفع في ظل المنخفضات الجوية إلى 550 ميغاوات، وعليه فإن نسبة العجز أصبحت كبيرة، ولا يمكن لهذه الكميات أن تكفي قطاع غزة على مدار الساعة.
وأوضح ثابت أنه على الرغم من تشغيل 3 مولدات في محطة التوليد بغزة عبر المنحة القطرية، إلا أن المتحصل من الكهرباء من هذه المحطة وصل إلى قرابة 85 ميغاوات، وما نحصل عليه من الجانب الإسرائيلي يصل إلى 120 ميغاوات، في حين لم يصل من الجانب المصري ومنذ مارس 2018 أي كمية، بسبب توقف تدفق الكهرباء المصرية عبر الحدود، نتيجة الوضع الأمني في سيناء.
المنحة القطرية
وحول المنحة القطرية ودورها في التخفيف من الأزمة، قال ثابت إن :«المنحة لا تقدم لشركة الكهرباء، وهي موجهة لحكومة غزة، ونحن شركة خدماتية نشتري الكهرباء منها، ونبيعها للمواطنين». مضيفاً: «المواطن في غزة ما زال يخلط ما بين شركتنا وبين شركة غزة للكهرباء التي تمتلك محطة التوليد، فشركة غزة للكهرباء التي تمتلك محطة التوليد هي شركة خاصة ربحية ولا علاقة لنا بها، وأما نحن في شركة توزيع الكهرباء، فالمشرف على أعمالنا هي سلطة الطاقة الفلسطينية».
وحول طبيعة الانقطاع المتكرر للكهرباء وتدويره على المناطق، أوضح ثابت: «يحدث نتيجة العجز بسبب الفجوة بين المتوفر من الطاقة وبين المطلوب، ففي فصل الربيع والخريف تتمكن الشركة من تطبيق جدول مريح فيه زيادة في ساعات وصل الكهرباء، ولكن مع دخول فصل الشتاء أو الصيف الحار، فالطلب على الكهرباء يزيد من هذه الفجوة ما يؤدي إلى تقليص عدد ساعات وصل التيار الكهربائي».
الحل الجذري
ورأى ثابت أن حل أزمة الكهرباء جذرياً بحاجة إلى جلب خطوط كهرباء إضافية، والتخطيط لمشاريع استراتيجية مثل خط 161، والعمل على توسعة محطة التوليد وتشغيلها على الغاز بديلاً عن السولار، وإعادة ربط غزة بالكهرباء المصرية عبر خطوط كبيرة، وزيادة كمية الكهرباء الواردة من مصر لصالح القطاع.
ونوه ثابت إلى أن «معظم دول العالم يتم فيها الحرص على زيادة كميات الكهرباء سنوياً، من منطلق أن التنمية والتطوير والبناء والتعمير والمشاريع المختلفة بحاجة لطاقة متزايدة، ونحن في قطاع غزة ورغم أن استهلاكنا لا يقارن باستهلاك مناطق أو دول مجاورة فقد أصبحنا غير قادرين على تلبية احتياج المواطن لما نواجهه يومياً من تحديات كبيرة في أعمالنا، إضافة إلى صعوبة فهم المواطنين لطبيعة عملنا في هذا المجال يعرضنا لكثير من الانتقادات».
وبين ثابت «وجود فاقد من الكهرباء مثل سرقتها و(خطوط القلاب) واستهلاك الكهرباء بدون عدادات، وعدم دفع ثمن استهلاك الكهرباء من الكثير من المواطنين والمؤسسات سواء العامة أو الخاصة، ما يعيق عملنا في القيام بواجبنا، إضافة إلى ممارسات الاحتلال المتعلقة بالحصار».
وفي ختام حديثه، أشار ثابت إلى أنه رغم بقاء الأزمة، فإن شركة توزيع الكهرباء استطاعت تحقيق انجازات منها إعادة تأهيل شبكة الكهرباء، وبناء شبكات جديدة، ومد الأحياء السكنية والمدن الجديدة بالكهرباء.
ولا يتوقف تأثير انقطاع الكهرباء على ما يسببه للمواطنين من معاناة، بل يتعداه إلى إلحاق أضرار كبيرة بالبيئة، حيث تضطر البلديات في قطاع غزة إلى ضخ مياه الصرف الصحي إلى مياه بحر غزة دون معالجة، وهو ما يحرم السكان من فرصة الاستجمام على مياه الشاطئ طوال فترة الصيف.
وفد طرأ تحسنً في إمدادات الكهرباء بغزة عام 2019، بعد التوصل لـ«تفاهمات» تخفيف الحصار مع الاحتلال عام 2018، وتعهد دولة قطر بتزويد شركة الكهرباء بالسولار بمنحة تقدر بـ 180 مليون دولار لمدة ستة أشهر قبل أن تجدد المنحة حتى نهاية آذار (مارس) 2020. الامر الذي أحدث استقراراً في انتظام الجدول الزمني للكهرباء، وفي جدول التوزيع مقارنة بالأعوام السابقة، والتي كان يصل فيها معدل ساعات وصل الكهرباء إلى 4 ساعات وصل مقابل 16 ساعة قطع.
يمكن القول إن أزمة الكهرباء في غزة جزء من رزمة الأزمات التي يعانيها القطاع وأهله، وهي كما غيرها من الأزمات وليدة الحصار والعدوان الإسرائيلي ،وتزداد تفاقما مع استمرار واقع الانقسام، الذي يقطع الطريق على إمكانية وضع عموم الأزمات الفلسطينية السياسية والاجتماعية والاقتصادية على سكة الحلول الوطنية الجامعة

أضف تعليق