المقاومة الشعبية... «أوسلو» وإنعكاسه على المقاومة الشعبية
شكل تاريخ 13سبتمبر1993، تاريخا مفصليا في مسيرة الانتفاضة، والمقاومة الشعبية الفلسطينية بشكل خاص، وفي مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، بجميع جوانبه بشكل عام، فقد أعلن من العاصمة ألأمريكية واشنطن، وعلى لسان القيادة التي إستحوذت على القرار الوطني الفلسطيني، بداية فصل جديد، في كتاب الكفاح والألم الفلسطيني، والذي خطت فصوله الأولى بدماء آلاف من الشهداء، وعنونت صفحاته الطويلة، آلام وأوجاع الفلسطينيين، على إمتداد الوطن المحتل وخارجه، فقد وقع«إتفاق أوسلو»، الذي سمي نسبة للعاصمة النرويجية «أوسلو»، التي إحتضنت جولات من المفاوضات السرية، كهزيم الرعد على مسامع الجماهير الفلسطينية المنتفضة والثائرة، بل أحدث أزمة سياسية، على صعيد الداخل الفلسطيني، وفي داخل البيت الفلسطيني الواحد (منظمة التحرير الفلسطينية) والذي أعتبر الانقسام السياسي الأخطر في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية.
الفخ القاتل
وقد رأت قيادة معظم الفصائل الفلسطينية، بأن «أوسلو» فخ إسرائيلي، ومستنقع من رمال متحركة، سيبتلع جميع إنجازات الشعب الفلسطيني، وتضحياته الكبيرة التي بذلها خلال الأعوام الستة للانتفاضة الفلسطينية الأولى، بل أكثر من ذلك، فقد اعتبروا أن هذا الاتفاق، ليس إلا طوق نجاة للعدو الإسرائيلي، وليس إلا مواربة وعملية إلتفاف خبيثة، يراد منها تصفية أعظم أشكال المقاومة الشعبية، التي إبتدعها وسار بها قدما، الشعب الفلسطيني بصلابة وعزيمة جبارة.
ويعرف إتفاق أوسلو رسميا باسم «إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي»، والذي أعتبرته القيادة المتنفذة، بأنه نواة الكيانية الفلسطينية، والخطوة الأولى على طريق تحقيق الحلم الفلسطيني، وإنتزاع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، المتمثلة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، بعاصمتها القدس، وتحقيق حق عودة اللاجئين.
أدى إتفاق «أوسلو»، الى إعتراف القيادة الموقعة عليه، باسم قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بحق «دولة إسرائيل» في العيش بسلام وأمان، مؤكدة بأن إعلان المبادئ المذكور، فتح حقبة جديدة خالية من جميع أشكال العنف، وطبقا لذلك فإن منظمة التحرير الفلسطينية، تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وستقوم بتعديل بنود الميثاق الوطني، ليتماشى مع هذا التغيير، كما وسوف تأخذ على عاتقها، إلزام كل عناصر وأفراد منظمة التحرير بها، ومنع إنتهاك هذه الحالة وضبط المنتهكين، مشددة على إعتماد خيار المفاوضات، كإستراتيجية سياسية وحيدة، لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، والدرب الوحيد للوصول الى عملية سلام شامل، وقد قوبل ذلك، باعتراف إسرائيلي وعلى لسان رئيس وزرائها إسحاق رابين، بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبناء على الاتفاق الموقع، أرسل ياسرعرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقتها، رسالة الى وزير الخارجية النرويجي آنذاك يوهان هولست، يؤكد فيها ضمان منظمة التحرير الفلسطينية، وبالاستناد للإلتزامات التي وقعت عليها، في إتفاق «أوسلو»، على دفع الشعب الفلسطيني للمضي في خطوات، تؤدي الى تطبيع العلاقات، ورفض العنف والإرهاب، والمساهمة في السلام والاستقرار.
أبرز نصوص «أوسلو»
• تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية الإرهاب والعنف(تمنع المقاومة المسلحة ضد إسرائيل) وتحذف البنود التي تتعلق بها في ميثاقها كالعمل المسلح .
• تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها الممثل الفلسطيني.
• تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل (على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية).
•خلال خمس سنوات تنسحب إسرائيل من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتين تشكلان 1,5% من أرض فلسطين.
• تقر إسرائيل بحق الفلسطينيين في إقامة حكم ذاتي (أصبح يعرف فيما بعد السلطة الفلسطينية) على الأراضي التي تنسحب منها في الضفة الغربية وغزة (حكم ذاتي للفلسطينيين وليس دولة مستقلة ذات سيادة).
• إقامة مجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
• إنشاء قوة شرطة من أجل حفظ الأمن في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
• إسرائيل هي المسؤولة عن حفظ أمن منطقة الحكم الذاتي من أي عدوان خارجي (لا يوجد جيش فلسطيني للسلطة الفلسطينية).
• بعد ثلاثة سنين تبدأ «مفاوضات الوضع الدائم» يتم خلالها مفاوضات بين الجانبين بهدف التوصل لتسوية دائمة. وتشمل هذه المفاوضات القضايا المتبقية بما فيها:
•القدس (من يتحكم بالقدس الشرقية والغربية والأماكن المقدسة وساكنيها...الخ).
•اللاجئون (حق العودة وحق التعويض.. الخ).
• المستوطنات في الضفة الغربية والقطاع (هل تفكك أم تبقى أو تزيد زيادة طبيعة ومن يحميها السلطة أم الجيش الإسرائيلي).
•الترتيبات الأمنية (كمية القوات والأسلحة المسموحة بها داخل أراض الحكم الذاتي، والتعاون والتنسيق بين شرطة السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي).
مكاسب صافية للاحتلال
وعليه نلاحظ مما سبق، ومن خلال استعراض سلة الالتزامات، التي رتبت بخطوات أولية وخطوات لاحقة، تأتي كمحصلة لمفاوضات الحل الدائم، بأن الجانب الإسرائيلي، ومن خلال «أوسلو» وما تبعه من إتفاقيات (بروتوكول باريس الاقتصادي)، نجح بتنفيذ ما كان يرمي إليه، من توقيع هذه الاتفاقية مع منظمة التحرير الفلسطينية، والتي نلخصها بالنقاط التالية:
• الالتفاف على الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وصولا إلى وقفها وتصفية الإنجازات الميدانية التي حققتها الانتفاضة على إمتداد ست سنوات متتالية.
• خلق شرخ كبير بين القيادة الفلسطينية وداخل منظمة التحرير الفلسطينية.
• الالتفاف على الصورة الاجرامية التي رافقت عدسات الكاميرا العالمية، والظهور بصورة «دولة السلام».
• فتح باب التطبيع مع المحيط الإقليمي بعد أن كان محرما وخاصة مع بعض الدول العربية.
• خلق كيان فلسطيني محلي، حول الاحتلال الإسرائيلي من إحتلال باهظ الى إحتلال ناعم دون تكلفة.
• ضمان أمن المستوطنين والجنود من خلال إتفاقية التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
•ضمان السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني ومنع قيام إقتصاد وطني من خلال بوتوكول باريس الاقتصادي الذي ألحق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي.
• تحويل عمل المؤسسات الرسمية الفلسطينية من مؤسسات بناء الدولة الفلسطينية إلى مؤسسات خدماتية تعنى بتفاصيل الهموم الضيقة للشعب الفلسطيني.
• ظهور طبقة من البرجوازية الطفيلية التي منحت الدعم والحصانة خاصة داخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
انفلات الاستيطان
وكنتيجة لهذه النقاط، تمكنت إسرائيل من المضي في مشروعها الاستيطاني التوسعي، وفي فرض سياسية الأمر الواقع على الأرض الفلسطينية، في مقدمة لضرب جميع أشكال المقاومة وفي قلبها المقاومة الشعبية وإفشال أي مشروع مستقبلي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، من خلال الاستمرار في النشاط الاستيطاني، الذي تصاعد عاما بعد عام، فقد ازداد عدد المستوطنين في الضفة الغربية 300% منذ توقيع إتفاق «أوسلو» حتى الآن، إذ لم يتجاوز عدد المستوطنين في الضفة الغربية في العام 1993 120 ألف مستوطن، وفي القدس 144 ألفا، والذين أصبحوا بحسب الاحصائيات في العام 2016 ، 420 ألفا في الضفة الغربية و 240 ألفا في القدس، كما زاد عدد المستوطنات ليصبح 128 مستوطنة، وبلغ عدد البؤر الاستيطانية 116 بؤرة تغطي قرابة 60% من مساحة الضفة الغربية.
كما تم تقطيع أوصال الضفة الغربية، ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي، والشروع في عملية تهويد مدينة القدس، والتحكم بتفاصيل الحياة اليومية الفلسطينية، من خلال نقاط التفتيش، وعزل بعض المناطق عن أخرى، وإنتشار نقاط التفتيش الكثيفة التي إنتشرت بين القرى والمدن، ناهيك عن التحكم والسيطرة الكاملة على مصادر المياه، والثروات الطبيعية الفلسطينية والمعابر البرية، أي العودة بالمشهد الميداني والسياسي الفلسطيني، إلى ما قبل اندلاع الانتفاضة الأولى، بل بوتيرة أعلى وأكثر حساسية وخبث، تحت شعار وجود سلطة الحكم الذاتي، التي أصبحت فيما بعد السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحت مظلة مفاوضات السلام الشامل، التي تاه في ثناياها المفاوض الفلسطيني، دون كلل ودون أي تنبه، لمخاطر الأفعى الإسرائيلية، الآخذة بالزحف على كثبان الرمل الفلسطينية، والتي أحاطت بجميع عناصر القوة الفلسطينية، وعصرتها بعد لدغة السم، التي غرست في وريد المقاومة الشعبية، ذات الست سنوات ربيعا، والتي كان اليأس والإحباط الشعبي العارم، أولى العوارض الجانبية، التي بدأت تظهر كبقع متخثرة، تحت الجلد الفلسطيني وفي مختلف أعضائه.
لم يكن الجانب الإسرائيلي بغافل عن عامل الزمن، ولم تكن جميع تلك الخطوات المهندسة على إيقاع اللحن الصهيوني، إلا سباقا مع الزمن في معركة فرض سياسية الأمر الواقع، وتخوفا من انفجار، كان يعلم الإسرائيلي بأنه قادم، نتيجة الخطوات المستقبلية المنوي تنفيذها، وهي تجويف الكيان الفلسطيني حديث المولد، من أي قدرة سياسية أو ميدانية، على أن يكون شريكا مقررا أو قويا وفعالا في المرحلة القادمة، من مسيرة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، والتي ركزت بشكل رئيسي على تدمير الثقة بين الشعب الفلسطيني وقيادته.
كما ركز الاحتلال الإسرائيلي، على الترويج لمشروع السلام القادم، بين قيادة السلطة الفلسطينية، مستخدما جميع الوسائل والتسهيلات، والتي وصلت إلى إقتناع البعض من القيادة الأولى، بأن الدولة الفلسطينية المنشود إقامتها، أصبحت قاب قوسين أو أدنى، مما دفع ببعضهم للتجهيز لمعركة الرئاسة، والسيطرة على مفاصل الدولة القادمة، في حين حول الجانب الإسرائيلي، كل ما نتج عن سياسة التنسيق الأمني والاقتصادي، وجولات المفاوضات الهزيلة، لضرب النفسية الجماهيرية الفلسطينية، وإحداث شرخ عميق في وجدان هذه الجماهير، التي كانت تنظر لجميع تلك الإنجازات والتضحيات، تتبخر على نار الاذلال اليومي، والقهر والقتل والاعتقال، تحت شعار السلام ونبذ العنف،والالتزام بالاتفاقيات الدولية، وتذوب في وعاء الأوهام والهذيان السلطوي، في مستقبل خال من الاحتلال، ومزهر بمستقبل الحرية للشعب الفلسطيني.
تراجعت المقاومة الشعبية، نتيجة العوامل - آنفة الذكر- في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأصبحت مقتصرة على بعض المبادرات الفردية، التي راحت تنتقل من قرية الى أخرى، ومن مدينة الى أخرى، دون حاضنة جماهيرية واسعة، أو آليات عمل موحدة، وفي ظل غياب لبرنامج موحد، واقتصرت على المبادرات الميدانية لبعض التجمعات الفلسطينية، في التصدي لخطر هذا المشروع أو ذاك، وبقيت الأراضي الفلسطينية، فارغة من أي حركة جماهيرية واسعة وشاملة، حتى العام 2000، عندما إنطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي عرفت باسم «إنتفاضة الاستقلال» والتي شكلت ثاني أهم نماذج المقاومة الشعبية، التي خاضها الشعب الفلسطيني في تاريخه المعاصر، خاصة بعد توقيع إتفاق «أوسلو».
الفخ القاتل
وقد رأت قيادة معظم الفصائل الفلسطينية، بأن «أوسلو» فخ إسرائيلي، ومستنقع من رمال متحركة، سيبتلع جميع إنجازات الشعب الفلسطيني، وتضحياته الكبيرة التي بذلها خلال الأعوام الستة للانتفاضة الفلسطينية الأولى، بل أكثر من ذلك، فقد اعتبروا أن هذا الاتفاق، ليس إلا طوق نجاة للعدو الإسرائيلي، وليس إلا مواربة وعملية إلتفاف خبيثة، يراد منها تصفية أعظم أشكال المقاومة الشعبية، التي إبتدعها وسار بها قدما، الشعب الفلسطيني بصلابة وعزيمة جبارة.
ويعرف إتفاق أوسلو رسميا باسم «إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي»، والذي أعتبرته القيادة المتنفذة، بأنه نواة الكيانية الفلسطينية، والخطوة الأولى على طريق تحقيق الحلم الفلسطيني، وإنتزاع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، المتمثلة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، بعاصمتها القدس، وتحقيق حق عودة اللاجئين.
أدى إتفاق «أوسلو»، الى إعتراف القيادة الموقعة عليه، باسم قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بحق «دولة إسرائيل» في العيش بسلام وأمان، مؤكدة بأن إعلان المبادئ المذكور، فتح حقبة جديدة خالية من جميع أشكال العنف، وطبقا لذلك فإن منظمة التحرير الفلسطينية، تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وستقوم بتعديل بنود الميثاق الوطني، ليتماشى مع هذا التغيير، كما وسوف تأخذ على عاتقها، إلزام كل عناصر وأفراد منظمة التحرير بها، ومنع إنتهاك هذه الحالة وضبط المنتهكين، مشددة على إعتماد خيار المفاوضات، كإستراتيجية سياسية وحيدة، لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، والدرب الوحيد للوصول الى عملية سلام شامل، وقد قوبل ذلك، باعتراف إسرائيلي وعلى لسان رئيس وزرائها إسحاق رابين، بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبناء على الاتفاق الموقع، أرسل ياسرعرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقتها، رسالة الى وزير الخارجية النرويجي آنذاك يوهان هولست، يؤكد فيها ضمان منظمة التحرير الفلسطينية، وبالاستناد للإلتزامات التي وقعت عليها، في إتفاق «أوسلو»، على دفع الشعب الفلسطيني للمضي في خطوات، تؤدي الى تطبيع العلاقات، ورفض العنف والإرهاب، والمساهمة في السلام والاستقرار.
أبرز نصوص «أوسلو»
• تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية الإرهاب والعنف(تمنع المقاومة المسلحة ضد إسرائيل) وتحذف البنود التي تتعلق بها في ميثاقها كالعمل المسلح .
• تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها الممثل الفلسطيني.
• تعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل (على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية).
•خلال خمس سنوات تنسحب إسرائيل من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتين تشكلان 1,5% من أرض فلسطين.
• تقر إسرائيل بحق الفلسطينيين في إقامة حكم ذاتي (أصبح يعرف فيما بعد السلطة الفلسطينية) على الأراضي التي تنسحب منها في الضفة الغربية وغزة (حكم ذاتي للفلسطينيين وليس دولة مستقلة ذات سيادة).
• إقامة مجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
• إنشاء قوة شرطة من أجل حفظ الأمن في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
• إسرائيل هي المسؤولة عن حفظ أمن منطقة الحكم الذاتي من أي عدوان خارجي (لا يوجد جيش فلسطيني للسلطة الفلسطينية).
• بعد ثلاثة سنين تبدأ «مفاوضات الوضع الدائم» يتم خلالها مفاوضات بين الجانبين بهدف التوصل لتسوية دائمة. وتشمل هذه المفاوضات القضايا المتبقية بما فيها:
•القدس (من يتحكم بالقدس الشرقية والغربية والأماكن المقدسة وساكنيها...الخ).
•اللاجئون (حق العودة وحق التعويض.. الخ).
• المستوطنات في الضفة الغربية والقطاع (هل تفكك أم تبقى أو تزيد زيادة طبيعة ومن يحميها السلطة أم الجيش الإسرائيلي).
•الترتيبات الأمنية (كمية القوات والأسلحة المسموحة بها داخل أراض الحكم الذاتي، والتعاون والتنسيق بين شرطة السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي).
مكاسب صافية للاحتلال
وعليه نلاحظ مما سبق، ومن خلال استعراض سلة الالتزامات، التي رتبت بخطوات أولية وخطوات لاحقة، تأتي كمحصلة لمفاوضات الحل الدائم، بأن الجانب الإسرائيلي، ومن خلال «أوسلو» وما تبعه من إتفاقيات (بروتوكول باريس الاقتصادي)، نجح بتنفيذ ما كان يرمي إليه، من توقيع هذه الاتفاقية مع منظمة التحرير الفلسطينية، والتي نلخصها بالنقاط التالية:
• الالتفاف على الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وصولا إلى وقفها وتصفية الإنجازات الميدانية التي حققتها الانتفاضة على إمتداد ست سنوات متتالية.
• خلق شرخ كبير بين القيادة الفلسطينية وداخل منظمة التحرير الفلسطينية.
• الالتفاف على الصورة الاجرامية التي رافقت عدسات الكاميرا العالمية، والظهور بصورة «دولة السلام».
• فتح باب التطبيع مع المحيط الإقليمي بعد أن كان محرما وخاصة مع بعض الدول العربية.
• خلق كيان فلسطيني محلي، حول الاحتلال الإسرائيلي من إحتلال باهظ الى إحتلال ناعم دون تكلفة.
• ضمان أمن المستوطنين والجنود من خلال إتفاقية التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
•ضمان السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني ومنع قيام إقتصاد وطني من خلال بوتوكول باريس الاقتصادي الذي ألحق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي.
• تحويل عمل المؤسسات الرسمية الفلسطينية من مؤسسات بناء الدولة الفلسطينية إلى مؤسسات خدماتية تعنى بتفاصيل الهموم الضيقة للشعب الفلسطيني.
• ظهور طبقة من البرجوازية الطفيلية التي منحت الدعم والحصانة خاصة داخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
انفلات الاستيطان
وكنتيجة لهذه النقاط، تمكنت إسرائيل من المضي في مشروعها الاستيطاني التوسعي، وفي فرض سياسية الأمر الواقع على الأرض الفلسطينية، في مقدمة لضرب جميع أشكال المقاومة وفي قلبها المقاومة الشعبية وإفشال أي مشروع مستقبلي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، من خلال الاستمرار في النشاط الاستيطاني، الذي تصاعد عاما بعد عام، فقد ازداد عدد المستوطنين في الضفة الغربية 300% منذ توقيع إتفاق «أوسلو» حتى الآن، إذ لم يتجاوز عدد المستوطنين في الضفة الغربية في العام 1993 120 ألف مستوطن، وفي القدس 144 ألفا، والذين أصبحوا بحسب الاحصائيات في العام 2016 ، 420 ألفا في الضفة الغربية و 240 ألفا في القدس، كما زاد عدد المستوطنات ليصبح 128 مستوطنة، وبلغ عدد البؤر الاستيطانية 116 بؤرة تغطي قرابة 60% من مساحة الضفة الغربية.
كما تم تقطيع أوصال الضفة الغربية، ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي، والشروع في عملية تهويد مدينة القدس، والتحكم بتفاصيل الحياة اليومية الفلسطينية، من خلال نقاط التفتيش، وعزل بعض المناطق عن أخرى، وإنتشار نقاط التفتيش الكثيفة التي إنتشرت بين القرى والمدن، ناهيك عن التحكم والسيطرة الكاملة على مصادر المياه، والثروات الطبيعية الفلسطينية والمعابر البرية، أي العودة بالمشهد الميداني والسياسي الفلسطيني، إلى ما قبل اندلاع الانتفاضة الأولى، بل بوتيرة أعلى وأكثر حساسية وخبث، تحت شعار وجود سلطة الحكم الذاتي، التي أصبحت فيما بعد السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحت مظلة مفاوضات السلام الشامل، التي تاه في ثناياها المفاوض الفلسطيني، دون كلل ودون أي تنبه، لمخاطر الأفعى الإسرائيلية، الآخذة بالزحف على كثبان الرمل الفلسطينية، والتي أحاطت بجميع عناصر القوة الفلسطينية، وعصرتها بعد لدغة السم، التي غرست في وريد المقاومة الشعبية، ذات الست سنوات ربيعا، والتي كان اليأس والإحباط الشعبي العارم، أولى العوارض الجانبية، التي بدأت تظهر كبقع متخثرة، تحت الجلد الفلسطيني وفي مختلف أعضائه.
لم يكن الجانب الإسرائيلي بغافل عن عامل الزمن، ولم تكن جميع تلك الخطوات المهندسة على إيقاع اللحن الصهيوني، إلا سباقا مع الزمن في معركة فرض سياسية الأمر الواقع، وتخوفا من انفجار، كان يعلم الإسرائيلي بأنه قادم، نتيجة الخطوات المستقبلية المنوي تنفيذها، وهي تجويف الكيان الفلسطيني حديث المولد، من أي قدرة سياسية أو ميدانية، على أن يكون شريكا مقررا أو قويا وفعالا في المرحلة القادمة، من مسيرة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، والتي ركزت بشكل رئيسي على تدمير الثقة بين الشعب الفلسطيني وقيادته.
كما ركز الاحتلال الإسرائيلي، على الترويج لمشروع السلام القادم، بين قيادة السلطة الفلسطينية، مستخدما جميع الوسائل والتسهيلات، والتي وصلت إلى إقتناع البعض من القيادة الأولى، بأن الدولة الفلسطينية المنشود إقامتها، أصبحت قاب قوسين أو أدنى، مما دفع ببعضهم للتجهيز لمعركة الرئاسة، والسيطرة على مفاصل الدولة القادمة، في حين حول الجانب الإسرائيلي، كل ما نتج عن سياسة التنسيق الأمني والاقتصادي، وجولات المفاوضات الهزيلة، لضرب النفسية الجماهيرية الفلسطينية، وإحداث شرخ عميق في وجدان هذه الجماهير، التي كانت تنظر لجميع تلك الإنجازات والتضحيات، تتبخر على نار الاذلال اليومي، والقهر والقتل والاعتقال، تحت شعار السلام ونبذ العنف،والالتزام بالاتفاقيات الدولية، وتذوب في وعاء الأوهام والهذيان السلطوي، في مستقبل خال من الاحتلال، ومزهر بمستقبل الحرية للشعب الفلسطيني.
تراجعت المقاومة الشعبية، نتيجة العوامل - آنفة الذكر- في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأصبحت مقتصرة على بعض المبادرات الفردية، التي راحت تنتقل من قرية الى أخرى، ومن مدينة الى أخرى، دون حاضنة جماهيرية واسعة، أو آليات عمل موحدة، وفي ظل غياب لبرنامج موحد، واقتصرت على المبادرات الميدانية لبعض التجمعات الفلسطينية، في التصدي لخطر هذا المشروع أو ذاك، وبقيت الأراضي الفلسطينية، فارغة من أي حركة جماهيرية واسعة وشاملة، حتى العام 2000، عندما إنطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي عرفت باسم «إنتفاضة الاستقلال» والتي شكلت ثاني أهم نماذج المقاومة الشعبية، التي خاضها الشعب الفلسطيني في تاريخه المعاصر، خاصة بعد توقيع إتفاق «أوسلو».
أضف تعليق