ما بعد قرار محكمة الجنايات ليس كما قبله
يعدّ قرار المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم الاحتلال خطوة مهمة على طريق محاكمة المجرمين الإسرائيليين على جرائمهم. وخطوة جريئة وشجاعة لفاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية، التي أثبتت أن المحكمة لا تلاحق كما دأبت السود فقط، وإنما ستحاكم البيض، أو الأصح خطت خطوة كبيرة على طريق محاكمتهم.
الطريق لا يزال طويلًا، وهو بحاجة إلى جهود سياسية وقانونية. فالغرفة الابتدائية معها 120 يومًا قابلة للتمديد لمدة 60 يومًا، والسقف الزمني يصل إلى ستة أشهر كحد أقصى، وخلالها ستبت المحكمة بما قدمته المدعية العامة. وإذا رفضت ما قدّمته فهذا لا يغلق الباب أمام التحقيق، بل يضع المدعية العامة أمام المسؤولية لإثبات ادّعائها، وتقديم المزيد من الحيثيات للبرهنة عليه.
من الطبيعي ألا تكون بنسودا قد أقدمت على هذه الخطوة الدراماتيكية بعد سنوات من التحقيق، تأخرت فيها كثيرًا في اتخاذ القرار، من دون أن تكون متأكدة من أنها تملك البراهين الكافية على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب.
يكمن التعقيد في المسألة في أنها ليست قانونية فقط، بل سياسية وتتأثر بضغوط سياسية كبيرة، تقف خلفها إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة، التي انتقلت في عهد الرئيس دونالد ترامب من موقع التأييد لإسرائيل إلى موقع الشراكة مع الاحتلال، وعبرت عن رفضها بشدّة لفتح التحقيق في جرائم الاحتلال.
من المتوقع أن يمارس حكام واشنطن وتل أبيب الضغوط الهائلة على المدعية العامة، وقضاة الغرفة الابتدائية، وعلى مكونات محكمة الجنايات كافة، وعلى دول مختلفة ومؤثرة، عربية وأجنبية، لكي تبذل جهودها لثني القيادة الفلسطينية والمحكمة عن متابعة الأمر الجلل، الذي سيكون له إذا وصل إلى محاكمة المجرمين تداعيات كبيرة، ربما ستغيّر قواعد اللعبة المعتمدة منذ انطلاق مؤتمر مدريد وحتى الآن.
تتمثل نقطة ضعف القرار في المساواة بين الضحية والجلاد، وما يمكن أن يقود إليه ذلك إلى تقديم فلسطينيين للمحكمة بزعم ارتكاب جرائم ضد المدنيين الإسرائيليين. وهذه المساواة غير منسجمة مع القانون الدولي الذي يعطي الحق لمن يقع تحت الاحتلال بمقاومته بكافة الأشكال المتاحة، بما فيها المقاومة المسلحة، باعتبارها شكلًا من أشكال الدفاع عن النفس والحقوق.
وصلت ردة الفعل الإسرائيلية إلى حد الهستيريا في مختلف الأوساط الإسرائيلية، لأن المحاكمة يمكن أن تصل إلى شريحة طويلة عريضة من القادة الحاليين والسابقين وقادة المستوطنات وكل القادة الذين ارتكبوا جرائم بحق الفلسطينيين. وظهر الغضب الإسرائيلي، في ذروته، جليًا، في دعوة الوزير بتسلئيل سموتريتش الحكومة الإسرائيلية إلى إعطاء إنذار للسلطة الفلسطينية بسحب ادعائها من المحكمة الجنائية، وفرض السيادة الإسرائيلية في غور الأردن وتفكيك السلطة.
أما ردة الفعل الفلسطينية فهي كانت بالإجماع مرحبة بالقرار، وتباينت كالعادة بين موقفين أقصيين:
الموقف الأول: مال إلى التهوين من أهمية هذا القرار بزعم أن الاحتلال لا يزول بالقرارات الدولية، وأن السلطة ستضع الإنجاز على الرف أسوة بسابقيه، وخصوصًا الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي، أو تساوم عليه كما فعلت في اتفاق أوسلو وتقرير غولدستون، من دون تحمّل المسؤولية بعمل كل ما يلزم للحؤول دون حصول ذلك.
الموقف الثاني: التهويل بالقرار إلى حد اعتباره سيصل حتمًا إلى محاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم، وأنه أحد إنجازات الرئيس والديبلوماسية الفلسطينية، وإسقاط دور كل الأطراف والعوامل الأخرى، بما فيها اللجنة الوطنية المشكلة من مختلف القوى والمجتمع المدني التي تابعت هذا الموضوع، ودور الشعب الفلسطيني الرئيسي الصامد المقاوم، الذي أبقى قضيته حية رغم الأثمان الغالية. ويكاد التهويل بالأمر عند البعض يظهر وكأن المعركة انتهت أو على وشك الانتهاء، وليس الانطلاق من أن ما جرى مجرد معركة في حرب طويلة، وأن موعد الاحتفال بالنصر العظيم لم يحن بعد.
إن عدم رؤية الإنجازات وجه العملة الآخر لتضخيمها، وإذا لم ندرك أهمية الإنجاز من دون تقليل وتضخيم، وما يمكن أن يؤدي إليه من عدم المتابعة الجدية وعدم توفير مستلزماتها؛ فلن نستطيع مراكمة المكاسب والانتصارات، انطلاقًا من أن معركتنا طويلة، وطويلة جدًا، وبحاجة إلى نفس طويل، وصبر لا ينقطع.
وإذا لم نستعد لمواجهة ردود الفعل الإسرائيلية العنيفة المحتملة، خصوصًا إذا قَبِلت الغرفة الابتدائية بفتح التحقيق؛ يمكن أن ينقلب الإنجاز إلى محنة، عبر إقدام حكومة الاحتلال على تعميق الانقسام ودفعه إلى الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتنفيذ تهديداتها بضم الأغوار وشمال البحر الميت، وتوسيع الاستيطان الاستعماري بشكل سرطاني، وتكثيف الضغوط على السلطة لكي تتراجع عن معركتها القانونية ضد إسرائيل، وإلا ستتعرض لما يمكن أن يحلها، أو إعادة بنائها على أسس تحقق الأمن والأهداف الإسرائيلية بصورة أفضل.
وفي ظل التطورات الحاصلة والمحتملة، تصبح الموافقة الإسرائيلية على إجراء الانتخابات في القدس، بل في الضفة والقطاع مستبعدة أكثر وأكثر. وهذا يفرض الاستعداد للخيارات الأخرى، وأهمها تحويل الانتخابات إلى معركة نضالية، وإنجاز الوفاق الوطني على أساس برنامج يجسد القواسم المشتركة.
لا يمكن أن نصل إلى الشروع في محاكمة جرائم الاحتلال، وتبقى الأمور بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على ما هي عليه الآن، وهذا ما يجب أن نستعد له أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، وسنعرف مصيره خلال مدة أقصاها ستة أشهر.
تتطلب التحديات الراهنة والقادمة والتطورات المحتملة الكفَّ عن جعل الرهان على التغيير الذي يمكن أن تحمله الانتخابات الإسرائيلية والأميركية القادمة، غير المضمون، هو جوهر الإستراتيجية الفلسطينية. وهذا التغيير إن حصل لن يغير المشهد السياسي جوهريًا، خصوصًا أن بيني غانتس الذي يُراهن عليه، هو أحد الذين سيتعرضون للمحاكمة كون يديه ملطختين بدماء الفلسطينيين عندما كان رئيسًا لأركان جيش الاحتلال.
إن احتمال رفض الغرفة الابتدائية طلب المدعية العامة يبقى ضمن دائرة الاحتمالات، ويجب الاستعداد له أيضًا وأخذه بالحسبان.
من أجل البناء على ما تحقق في مختلف المجالات، وخصوصًا على المستوى الدولي (الاعتراف الدولي بالدولة المراقبة، اعتراف 140 دولة بدولة فلسطين، تأكيد الأمم المتحدة في العام 2019 على مجمل القرارات التاريخية بخصوص القضية الفلسطينية، بما فيها التجديد للأونروا، ورفض المساعي الأميركية الإسرائيلية لحلها وتصفية قضية اللاجئين، وقرارات المجلس العالمي لحقوق الإنسان المناصرة للقضية الفلسطينية)، لا بد من اعتماد إستراتيجية متعددة الأطراف والأبعاد والمستويات، تهدف إلى إنهاء الاحتلال، وإنجاز الاستقلال الوطني والسيادة، والعودة، والمساواة الفردية والقومية.
وترتكز هذه الإستراتيجية أساسًا، ونقطة الثقل فيها، على ما يجري على أرض الصراع، وعلى تعزيز الصمود والتواجد الشعبي الفلسطيني على أرض فلسطين، وعلى المقاومة والمقاطعة، بالتضافر والتكامل مع مختلف أشكال العمل السياسي والقانوني والديبلوماسي والإعلامي، من دون التعويل عليها أكثر ما يجب، وبمشاركة مختلف أطياف وأفراد الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده.
وهذا لن يتأتى بأفضل صورة، ولن يحقق نتائج حاسمة، إذا لم يتحرك الشعب الفلسطيني لفرض إرادته ومصلحته على الفصائل، بحيث تكون الأولوية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، باعتبارها ضرورة وليست مجرد خيار، خصوصًا بعد وصول مختلف الإستراتيجيات بغض النظر عن اختلاف الأسباب (المقاومة والمفاوضات) إلى طريق مسدود، بما فيها تعذّر إمكانية تحقيق هدنة طويلة مع رفع الحصار، والاحتفاظ بسلاح المقاومة ومواصلة تطويره.
على الفلسطينيين التحلي بمزيد من اليقظة والحذر، كون نتنياهو في مأزق شخصي وسياسي تزداد حدته بعد قرار الجنائية الدولية، وهذا محتمل جدًا أن يدفعه مرة أخرى إلى الهروب إلى الأمام واتخاذ خطوات كبرى قبل وبعد الانتخابات القريبة، في الثاني من آذار القادم، طالما أعلن عزمه على تنفيذها، لضمان فوزه فيها، وللحصول على الحصانة القضائية إذا فاز فيها لتجنب إنهاء حياته بدخول السجن كمجرم.
الطريق لا يزال طويلًا، وهو بحاجة إلى جهود سياسية وقانونية. فالغرفة الابتدائية معها 120 يومًا قابلة للتمديد لمدة 60 يومًا، والسقف الزمني يصل إلى ستة أشهر كحد أقصى، وخلالها ستبت المحكمة بما قدمته المدعية العامة. وإذا رفضت ما قدّمته فهذا لا يغلق الباب أمام التحقيق، بل يضع المدعية العامة أمام المسؤولية لإثبات ادّعائها، وتقديم المزيد من الحيثيات للبرهنة عليه.
من الطبيعي ألا تكون بنسودا قد أقدمت على هذه الخطوة الدراماتيكية بعد سنوات من التحقيق، تأخرت فيها كثيرًا في اتخاذ القرار، من دون أن تكون متأكدة من أنها تملك البراهين الكافية على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب.
يكمن التعقيد في المسألة في أنها ليست قانونية فقط، بل سياسية وتتأثر بضغوط سياسية كبيرة، تقف خلفها إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة، التي انتقلت في عهد الرئيس دونالد ترامب من موقع التأييد لإسرائيل إلى موقع الشراكة مع الاحتلال، وعبرت عن رفضها بشدّة لفتح التحقيق في جرائم الاحتلال.
من المتوقع أن يمارس حكام واشنطن وتل أبيب الضغوط الهائلة على المدعية العامة، وقضاة الغرفة الابتدائية، وعلى مكونات محكمة الجنايات كافة، وعلى دول مختلفة ومؤثرة، عربية وأجنبية، لكي تبذل جهودها لثني القيادة الفلسطينية والمحكمة عن متابعة الأمر الجلل، الذي سيكون له إذا وصل إلى محاكمة المجرمين تداعيات كبيرة، ربما ستغيّر قواعد اللعبة المعتمدة منذ انطلاق مؤتمر مدريد وحتى الآن.
تتمثل نقطة ضعف القرار في المساواة بين الضحية والجلاد، وما يمكن أن يقود إليه ذلك إلى تقديم فلسطينيين للمحكمة بزعم ارتكاب جرائم ضد المدنيين الإسرائيليين. وهذه المساواة غير منسجمة مع القانون الدولي الذي يعطي الحق لمن يقع تحت الاحتلال بمقاومته بكافة الأشكال المتاحة، بما فيها المقاومة المسلحة، باعتبارها شكلًا من أشكال الدفاع عن النفس والحقوق.
وصلت ردة الفعل الإسرائيلية إلى حد الهستيريا في مختلف الأوساط الإسرائيلية، لأن المحاكمة يمكن أن تصل إلى شريحة طويلة عريضة من القادة الحاليين والسابقين وقادة المستوطنات وكل القادة الذين ارتكبوا جرائم بحق الفلسطينيين. وظهر الغضب الإسرائيلي، في ذروته، جليًا، في دعوة الوزير بتسلئيل سموتريتش الحكومة الإسرائيلية إلى إعطاء إنذار للسلطة الفلسطينية بسحب ادعائها من المحكمة الجنائية، وفرض السيادة الإسرائيلية في غور الأردن وتفكيك السلطة.
أما ردة الفعل الفلسطينية فهي كانت بالإجماع مرحبة بالقرار، وتباينت كالعادة بين موقفين أقصيين:
الموقف الأول: مال إلى التهوين من أهمية هذا القرار بزعم أن الاحتلال لا يزول بالقرارات الدولية، وأن السلطة ستضع الإنجاز على الرف أسوة بسابقيه، وخصوصًا الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي، أو تساوم عليه كما فعلت في اتفاق أوسلو وتقرير غولدستون، من دون تحمّل المسؤولية بعمل كل ما يلزم للحؤول دون حصول ذلك.
الموقف الثاني: التهويل بالقرار إلى حد اعتباره سيصل حتمًا إلى محاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم، وأنه أحد إنجازات الرئيس والديبلوماسية الفلسطينية، وإسقاط دور كل الأطراف والعوامل الأخرى، بما فيها اللجنة الوطنية المشكلة من مختلف القوى والمجتمع المدني التي تابعت هذا الموضوع، ودور الشعب الفلسطيني الرئيسي الصامد المقاوم، الذي أبقى قضيته حية رغم الأثمان الغالية. ويكاد التهويل بالأمر عند البعض يظهر وكأن المعركة انتهت أو على وشك الانتهاء، وليس الانطلاق من أن ما جرى مجرد معركة في حرب طويلة، وأن موعد الاحتفال بالنصر العظيم لم يحن بعد.
إن عدم رؤية الإنجازات وجه العملة الآخر لتضخيمها، وإذا لم ندرك أهمية الإنجاز من دون تقليل وتضخيم، وما يمكن أن يؤدي إليه من عدم المتابعة الجدية وعدم توفير مستلزماتها؛ فلن نستطيع مراكمة المكاسب والانتصارات، انطلاقًا من أن معركتنا طويلة، وطويلة جدًا، وبحاجة إلى نفس طويل، وصبر لا ينقطع.
وإذا لم نستعد لمواجهة ردود الفعل الإسرائيلية العنيفة المحتملة، خصوصًا إذا قَبِلت الغرفة الابتدائية بفتح التحقيق؛ يمكن أن ينقلب الإنجاز إلى محنة، عبر إقدام حكومة الاحتلال على تعميق الانقسام ودفعه إلى الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتنفيذ تهديداتها بضم الأغوار وشمال البحر الميت، وتوسيع الاستيطان الاستعماري بشكل سرطاني، وتكثيف الضغوط على السلطة لكي تتراجع عن معركتها القانونية ضد إسرائيل، وإلا ستتعرض لما يمكن أن يحلها، أو إعادة بنائها على أسس تحقق الأمن والأهداف الإسرائيلية بصورة أفضل.
وفي ظل التطورات الحاصلة والمحتملة، تصبح الموافقة الإسرائيلية على إجراء الانتخابات في القدس، بل في الضفة والقطاع مستبعدة أكثر وأكثر. وهذا يفرض الاستعداد للخيارات الأخرى، وأهمها تحويل الانتخابات إلى معركة نضالية، وإنجاز الوفاق الوطني على أساس برنامج يجسد القواسم المشتركة.
لا يمكن أن نصل إلى الشروع في محاكمة جرائم الاحتلال، وتبقى الأمور بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على ما هي عليه الآن، وهذا ما يجب أن نستعد له أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، وسنعرف مصيره خلال مدة أقصاها ستة أشهر.
تتطلب التحديات الراهنة والقادمة والتطورات المحتملة الكفَّ عن جعل الرهان على التغيير الذي يمكن أن تحمله الانتخابات الإسرائيلية والأميركية القادمة، غير المضمون، هو جوهر الإستراتيجية الفلسطينية. وهذا التغيير إن حصل لن يغير المشهد السياسي جوهريًا، خصوصًا أن بيني غانتس الذي يُراهن عليه، هو أحد الذين سيتعرضون للمحاكمة كون يديه ملطختين بدماء الفلسطينيين عندما كان رئيسًا لأركان جيش الاحتلال.
إن احتمال رفض الغرفة الابتدائية طلب المدعية العامة يبقى ضمن دائرة الاحتمالات، ويجب الاستعداد له أيضًا وأخذه بالحسبان.
من أجل البناء على ما تحقق في مختلف المجالات، وخصوصًا على المستوى الدولي (الاعتراف الدولي بالدولة المراقبة، اعتراف 140 دولة بدولة فلسطين، تأكيد الأمم المتحدة في العام 2019 على مجمل القرارات التاريخية بخصوص القضية الفلسطينية، بما فيها التجديد للأونروا، ورفض المساعي الأميركية الإسرائيلية لحلها وتصفية قضية اللاجئين، وقرارات المجلس العالمي لحقوق الإنسان المناصرة للقضية الفلسطينية)، لا بد من اعتماد إستراتيجية متعددة الأطراف والأبعاد والمستويات، تهدف إلى إنهاء الاحتلال، وإنجاز الاستقلال الوطني والسيادة، والعودة، والمساواة الفردية والقومية.
وترتكز هذه الإستراتيجية أساسًا، ونقطة الثقل فيها، على ما يجري على أرض الصراع، وعلى تعزيز الصمود والتواجد الشعبي الفلسطيني على أرض فلسطين، وعلى المقاومة والمقاطعة، بالتضافر والتكامل مع مختلف أشكال العمل السياسي والقانوني والديبلوماسي والإعلامي، من دون التعويل عليها أكثر ما يجب، وبمشاركة مختلف أطياف وأفراد الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده.
وهذا لن يتأتى بأفضل صورة، ولن يحقق نتائج حاسمة، إذا لم يتحرك الشعب الفلسطيني لفرض إرادته ومصلحته على الفصائل، بحيث تكون الأولوية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، باعتبارها ضرورة وليست مجرد خيار، خصوصًا بعد وصول مختلف الإستراتيجيات بغض النظر عن اختلاف الأسباب (المقاومة والمفاوضات) إلى طريق مسدود، بما فيها تعذّر إمكانية تحقيق هدنة طويلة مع رفع الحصار، والاحتفاظ بسلاح المقاومة ومواصلة تطويره.
على الفلسطينيين التحلي بمزيد من اليقظة والحذر، كون نتنياهو في مأزق شخصي وسياسي تزداد حدته بعد قرار الجنائية الدولية، وهذا محتمل جدًا أن يدفعه مرة أخرى إلى الهروب إلى الأمام واتخاذ خطوات كبرى قبل وبعد الانتخابات القريبة، في الثاني من آذار القادم، طالما أعلن عزمه على تنفيذها، لضمان فوزه فيها، وللحصول على الحصانة القضائية إذا فاز فيها لتجنب إنهاء حياته بدخول السجن كمجرم.
أضف تعليق