23 تشرين الثاني 2024 الساعة 18:55

هجوم استيطاني واسع على القدس لتغيير الوجه الحقيقي للمدينة

2019-11-30 عدد القراءات : 589

رام الله (الاتجاه الديمقراطي)

في تقريره الاسبوعي عن الاستيطان قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير إنه وفي محاولة لإحكام السيطرة على مدينة القدس المحتلة وفصلها عن محيطها الفلسطيني تعمل وزارة الإسكان الإسرائيلية على إعادة التخطيط لإقامة حي استيطاني جديد على أراضي مطار قلنديا المهجور لتوسيع مستوطنة "عطروت" شمال القدس، ويشمل مخطط الحي الاستيطاني 11 ألف وحدة سكنية تمتد على نحو 600 دونم من المطار ومصنع الصناعات الجوية حتى حاجز قلنديا ، علما بأنه تمت مصادرة هذه الأراضي في مطلع السبعينات على يد حكومة حزب العمل آنذاك. ويتضمن المخطط حفر نفق تحت حي كفر عقب من أجل ربط الحي الجديد بتجمع المستوطنات الشرقي. ويضم المخطط الاستيطاني أراضي في مطار "عطروت" (قلنديا) الذي أغلق من قبل سلطات الاحتلال مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 . وأصدر وزير الإسكان السابق ، يوآف غالانت ، أوامر باستئناف العمل على المشروع الاستيطاني، بعد انتخاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقد بدأت الحكومة الإسرائيلية في الأسابيع الماضية ببناء 176 وحدة استيطانية في مستوطنة "نوف تسيون"، المقامة على سفوح جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، والتي كانت قد صادقت عليها في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2017 في ترجمة ميدانية لإعلان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بشأن المستوطنات . ومع اكتمال البناء في المستوطنة التي تضم حاليا 96 وحدة ، فسوف تتحول "نوف تسيون" إلى أكبر بؤرة استيطانية داخل الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس. ومع إتمام مراحل البناء المخططة في "نوف تسيون"، سينتهي إلى توسعتها حتى تصل إلى 550 وحدة استيطانية ، وقد أنشأت هذه المستوطنة كحي خاص من قبل مستثمرين يهود، في قلب بلدة جبل المكبر في القدس المحتلة؛ حيث تقدم مستثمرون يهود مطلع تسعينيات القرن الماضي بمشروع لبناء مئات الوحدات الاستيطانية على مساحة 114 دونمًا، وتمت المصادقة على المشروع في عام 1993، ثم تأجل البناء حتى عام 2002، في حين تم إسكانها بالمستوطنين قبل نحو ثمانية أعوام. ومن الجدير ذكره بان الأرض التي تم تخصيصها لتوسيع المستوطنة كانت موضع نزاع قانوني لفترة طويلة واستحوذ عليها لاحقا رجل الأعمال الإسرائيلي، رامي ليفي ورجل الأعمال الأسترالي اليهودي، وأحد مؤسسي شركة "سكايب"، كيفن بريمستر. والبناء الحالي ليس سوى المرحلة الأولى من المشروع ، وتشتمل المرحلة الثانية على خطتين لبناء 350 وحدة سكنية وفندق، وقطار هوائي . أما في المرحلة الأخيرة من المشروع، فسيتم بناء 550 وحدة استيطانية، وفندق مكون من 150 غرفة وبنايات للخدمات العامة. يذكر أن الشركة المنفذة للمشروع، قررت بناء جدار حول المنطقة تحت حراسة الأمن الإسرائيلي بعد الاحتجاج الفلسطيني على المشروع ، وبعدها تمت إقامة الأبنية وإسكانها بالمستوطنين.
وفي القدس كشف الناشط الحقوقي رائد بشير في مكتب قانوني مقدسي يترافع عن التجار في حي المصرارة بالقدس المحتلة عن وجود ثلاثة مخططات مشاريع تنظيمية وإعادة هيكلة ستغير في حال تنفيذها طابع القدس العربية التجاري . وفي سياق هذه المشاريع سوف يشهد الحي تغييراً جوهرياً في طابعه التجاري من خلال تحويل الساحة الكبرى مقابل المحلات التجارية الى حديقة عامة واطالة النفق المجاور حتى باب الخليل ، حيث قدمت بلدية الاحتلال مشروعاً يحمل الرقم (77679-04- 101) المسمى إكمال النفق، والمشروع عبارة عن 44 دونماً تشمل فتح نفق تحت الأرض يبدأ من باب الخليل حتى حي المصرارة لتحويل المنطقة المفتوحة الى شبكة طرق مواصلات . وكشف المكتب القانوني أن بلدية الاحتلال تقوم حالياً بإعداد مخطط هيكلي تحت رقم (0465229 -101) يبدأ بشارع السلطان سليمان، وصولاً إلى حي المصرارة الذي يشمل أحياء ومناطق شارع صلاح الدين والزهراء وشارع نابلس والسان جورج وجميع الأحياء التجارية للمدينة”. ويمتد المشروع على مساحة 700 دونم، وقد حصل على موافقات مبدئية من الجهات المختصة. هذا الاستهداف مرتبط بمشروع الشارع الأمريكي التجاري في جنوب القدس بمنطقة جبل المكبر، الذي يتضمن مراكز تجارية ضخمة، ويحمل الرقم 0379594- 101، يخطط لأن تكون البديل خلال العقود المقبلة عن المراكز التجارية التقليدية الأصيلة في القدس العربية.
وفي المقابل القى ألغاء المحكمة المركزية في القدس قرار الحكم الذي صادق على بيع أملاك الوقف الأرثوذكسية في البلدة القديمة من القدس الشرقية المحتلة، إلى جمعية عطيرت كوهانيم الاستيطانية الضوء على الوسائل غير المشروعة التي تعتمدها جمعيات الاستيطان اليهودي للسيطرة بالتزوير والاحتيال على املاك الفلسطينيين. ووفقا للقرار فقد قبلت المحكمة طلب بطريركية الروم الأرثوذكس بإعادة النظر في حكم قضائي سابق، وإعادة المحكمة بشأنه، لأن الشركات الوهمية التي يدعي المستوطنون شراء الأملاك منها، لم تظهر في المحكمة ولم تقدم لائحة دفاع أمام المحكمة بشأن فندق بترا وامبريال عند باب الخليل ومبنى آخر في حارة النصارى في البلدة القديمة وحوانيت أخرى في باب الخليل في القدس، تم بيعهما بالخداع للشركات الاستيطانية الإسرائيلية، قبل سنوات . ويتضح من مجريات التحقيق أن جمعية عطيرت كوهانيم الاستيطانية تنفذ اعمالا غير مألوفة تشمل عمليات احتيال وتزوير مستندات وتقديمها للمحكمة، وإعطاء رشوة ودفعات مالية ومحاولات لتقديم رشى جنسية أيضا .
فيما يتواصل الزحف الاستيطاني على اراضي المواطنين الفلسطينيين بسرعة كبيرة وخاصة في المناطق الاستراتيجية في قلب الضفة الغربية حيث قدمت منظمة ( ييش دين ) الحقوقية الاسرائيلية اعتراضين على خطتين استيطانيتين تسعيان الى توسيع البناء في مستوطنة "شيلو" وسط الضفة الغربية على اراضي قرى ترمسعيا وجالود وقريوت، والاعتراض الاول يتعلق بالخطة (205/22) والتي تنطبق في بؤرة شيلو الشمالية في ارض جالود وقريوت وتسعى الى تقنين وشرعنة البناء الاستيطاني غير القانوني بهدف ضمها الى مستوطنة "شيلو" من الناحية الادارية والتنظيمية ضمن ما يسمى تعديل على الحدود وتوسيع حدود شيلو وبناء اكثر من 175 وحدة سكنية اضافة الى بناء مدينة سياحية اثرية فيما يسمونه شيلو القديمة على انقاض خربة سيلون الفلسطينية وبناء فنادق ومسارح ومراكز تجارية في تلك المنطقة. والاعتراض الثاني على الخطة(205/13/5) في الجزء الجنوبي من شيلو على اراضي ترمسعيا والتي يريدون ضم اجزاء من الاراضي لمستوطنة شيلو بهدف توسيع مخططها الهيكلي .
وقد ارتفع عدد الوحدات الاستيطانية التي تم تشييدها خلال العشر سنوات الأخيرة إلى قرابة العشرين ألفاً وفقاً للمعطيات التي نشرها مكتب الإحصاء المركزي الاسرائيلي حيث تم تشييد ما مجموعه 19,634 وحدة استيطانية في العقد الأخير، قرابة النصف منها في مستوطنات معزولة وفيما يتعلق بتوزيع عملية البناء فقد بينت الإحصائية أن 60% من المباني تم تشييدها في مستوطنات صغيرة ومعزولة لا يزيد عدد سكانها عن 10 آلاف مستوطن والتي شيد فيها 11,628 وحدة، أما بقية الوحدات فقد شيدت في كتل استيطانية كبيرة مثل " أرائيل" قرب سلفيت التي بلغت حصتها 1,718 وحدات ، وحي جفعات زئيف الاستيطاني شمالي القدس 1,283 ، أما مستوطنة موديعين عيليت غربي رام الله فقد شيد فيها 2,310 وحدة استيطانية.
وفي سياق الدعم المتواصل للمستوطنين تعهد نتنياهو بتحويل 40 مليون شيكل للمستوطنات ، في ما يبدو أنها "هدية" لقادة المستوطنين على إعلان دعمهم له. وأعلن رئيس حكومة الاحتلال خلال استقباله رؤساء مجالس المستوطنات في الضفة الغربية عن تخصيص هذه المساعدات المالية لدعم ميزانية الامن والطوارئ في مستوطنات الضفة الغربية وغور الاردن . مشيراً الى انه لاحقا لقرارات سابقة سيتم تحويل منحة أمنية أحادية المرة بقدر 34.5 مليون شيكل كميزانية إضافية خاصة كما سيتم تحويل ميزانية خاصة لدعم محطات الإسعاف الفوري في الضفة الغربية وغور الأردن بقدر 5.5 مليون شيكل.هذا وستصادق حكومة الاحتلال على قرار آخر سيشمل تحويل 3.6 مليون شيكل لمراكز دعم المستوطنات . أما نفتالي بينيت ، وزير جيش الاحتلال الجديد فقد عين موشيه فريشت من سكان مجمع مستوطنات "غوش عتصيون"،مستشاراً قانونياً للمستوطنات في وزارة جيش الاحتلال وكجزء من منصبه الجديد سيكون مسؤولًا عن الإدارة القانونية الخاصة بوضع المستوطنات في وزارة جيش الاحتلال، وعن تقديم موافقات لتعزيز مشاريع الاستيطان، وصياغة ردود الوزارة على الالتماسات التي تقدم للمحاكم، خاصةً أمام المحكمة العليا الإسرائيلية.
على صعيد آخر فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قيودا جديدة على دخول الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية في ما يسمى مناطق التماس الواقعة بين جدار الفصل العنصري و”الخط الأخضر”والتي تقدر مساحة الأراضي بحوالي 140 ألف دونم، وغالبيتها أراض زراعية، ولا تتوفر لدى أصحابها إمكانية الوصول إليها بشكل متواصل. وكانت الإدارة المدنية للاحتلال تصدر تصاريح تسمح بدخول الفلسطينيين إلى الأراضي التي يملكونها في هذه المنطقة لكن الإدارة المدنية نشرت مؤخرا تعليمات تقضي بتقليص ذلك، وأصبحت تحدد التصاريح الجديدة عدد المرات التي يدخل فيها الفلسطينيون إلى أراضيهم . وكانت سلطات الاحتلال رفضت 72% من طلبات الفلسطينيين بالدخول إلى أراضيهم في “منطقة التماس”، في العام 2018، بينما كانت هذه النسبة 24% في العام 2014، وذلك وفقا لمعطيات قدمتها الإدارة المدنية للجمعية الحقوقية الإسرائيلية “مركز الدفاع عن الفرد”، وذكر المركز أنه توجد 84 بوابة في جدار الفصل العنصري تقود إلى “منطقة التماس”، بينها تسع بوابات مفتوحة يوميا، وعشر بوابات تفتح مرة في الأسبوع و65 بوابة تفتح بصورة موسمية. ويدور الحديث هنا عن أكثر من 9% من أراضي الضفة الغربية. وتنفذ سلطات الاحتلال في هذه المناطق ، باسم الأمن عملية نهب أراضي بشكل فعلي
وتتخوف حكومة الاحتلال من قيام مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان ميشال باشليت بنشر"القائمة السوداء" للشركات الإسرائيلية التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وعدم الانتظار حتى تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة حيث تشير تقديرات اسرائيلية بانه بعد نشر قرار محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ، والتي بموجبها يتعين على جميع دول الاتحاد الأوروبي وضع علامات على منتجات المستوطنات- فإن المفوضة باشليت أخذت تدفع نحو نشر القائمة السوداء قبل نهاية العام الحالي . هذا في الوقت الذي يدرس فيه الكونغرس الأمريكي خطوات ضد نشر القائمة ، حيث توجه نواب ديموقراطيون وجمهوريون برسائل الى باشليت والى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يؤكدون بموجبها أن الولايات المتحدة ستتخذ خطوات قاسية ضد مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان في حال قامت بنشر القائمة السوداء، وبالتأكيد أن قامت بالحاق الضرر بالشركات الامريكية .
وبمناسبة احتفال الأمم المتحدة السنوي باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، الذي يوافق 29 تشرين الأول/ نوفمبر من كل عام ، أكد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن إنشاء المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية، ويشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ، على نحو ما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 ودعا إلى وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتوقف عن هدم المنازل الفلسطينية، وإنهاء المعاناة واسعة
النطاق في غزة". وبدورها اعتبرت الممثلة العليا للشؤون السياسية والخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، ، أن العودة إلى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما زالت ممكنة، محذرة من أن المستوطنات الإسرائيلية تهدد حل الدولتين. وقالت موغيريني نحن أكدنا أن المستوطنات غير شرعية تحت القانون الدولي وهي تهدد حل الدولتين”.

أضف تعليق