ورقة نتنياهو الأخيرة؟
لم يسبق لبنيامين نتنياهو أن وجد نفسه محاصرا بالاحتمالات السيئة كما هو الآن. وبعدما أعلن المستشار القضائي للحكومة قراره تقديم لوائح إتهام ضده،أجمعت توقعات المحللين على أن رئيس الوزراء، منتهي الولاية، أمام سيناريوهات صعبة، في ظل التقاط خصومه ومنافسيه قرار المستشار، باعتباره فرصة ثمينة للدفع باتجاه إخراجه نهائيا من الحلبة السياسية.
وعلى الرغم من أن التهم لم توجه لنتنياهو رسميا بعد،إلا أن تداعيات هذا الإعلان ستنسحب على رصيد حزب الليكود الجماهيري،وهو في الطريق إلى الانتخابات الثالثة، في حال لم تحصل «معجزة» (صفقة) تمكِّن الكنيست من تشكيل حكومة في اللحظات الأخيرة.
وفي جميع الحالات،سيكون هذا الأمر عنوانا بارزا للسجالات التي ستدور بين مكونات المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي.وبالتأكيد ، لن تكون صفوف الليكود خارج هذه السجالات .. وتداعياتها.
ويعيش الليكود في هذه الفترة مأزقا مركبا في حال بقاء نتنياهو أو مغادرته. فبوجوده،سيواصل الخصوم هجومهم على الحزب، الذي يقوده متهم بالفساد وخيانة الأمانة، وهذا يعرض شعبيته للتآكل التدريجي، كما عبرت عن ذلك بوضوح نتائج الاستطلاعات التي أجريت عقب إعلان المستشار القضائي للحكومة.وفي حال مغادرته،سيؤدي التنافس على خلافته إلى نشوء صراعات داخلية، بعد أن خلا منها الحزب لسنوات طويلة في ظل القبضة الحديدية والمناورات والصفقات، التي أدار بها نتنياهو شؤون الحزب الداخلية. ولقد ساهمت قيادة نتنياهو المديدة لليكود إلى إفراغ الحزب من الشخصيات القادرة على مواجهته، وانشق الكثير من هذه الشخصيات خلال السنوات العشرة الماضية وشكلوا أحزابا جديدة دخلت الكنيست بعدد جيد من المقاعد.
محاولات الاطاحة بنتنياهو من داخل الليكود ضعيفة لكنها مرشحة للتصاعد وعلى الرغم من مؤيدو نتنياهو هم الإغلبية داخل «الليكود» في مواجهة أي منافس له على رئاسة الحزب، إلا أن التجارب تدل على أن هذه معطيات متحركة مع تطور الوقائع وردات الفعل حول إعلان المستشار القضائي. وقد تحدثت مصادر من الليكود عن وجود تعاون مابين جدعون ساعر الشخص الوحيد (حتى الآن) الذي قرر منافسة نتنياهو، وبين رئيس الكنيست يولي إدلشتاين من أجل جمع تواقيع 61 عضو كنيست لترشيح شخص غير نتنياهو من قبل الحزب، يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، في ظل تقديرات بنجاح ساعر وإدلشتاين في الحصول على توقيع أكثر من نصف كتلة الليكود في الكنيست. وهذا إن صح يعني أن ساعر سيكون منافسا قويا في مواجهة نتنياهو في حال أجريت الانتخابات الداخلية في الحزب على أبواب الانتخابات الثالثة. ومن الطبيعي أن ينعكس تدهور مكانة نتنياهو في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي على معسكر اليمين المتحالف مع الليكود، ويساعد على إنعاش محاولات «أزرق ـ أبيض» وغيره على تفتيت هذه الكتلة والتفاوض مع بعض أطرافها لتشكيل حكومة عندما تحين الفرصة.
بالمقابل، من شأن التداعيات السلبية على الليكود في حال مغادرة نتنياهو، أن تحفز الكثير من قياداته على البحث عن سبل للخروج بأقل الخسارات من هذا المأزق.وهذا مايفسر مانشرته الصحف العبرية عن محادثات جرت في الكنيست، حول خطة لتشكيل حكومة وحدة، الفترة الممنوحة للكنيست، بهدف منع انتخابات ثالثة. وحسب هذه الخطة، يتولى زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، رئاسة الحكومة في الأشهر الستة المقبلة،على اعتبار أنه سيكون في هذا المنصب تلقائيا حتى إجراء الانتخابات الثالثة. وبموجب هذه الخطة يتولى بعده رئيس كتلة «كاحول لافان»، بيني غانتس، رئاسة الحكومة لمدة سنتين، ثم يعود في نهايتها الليكود إلى رئاستها.
ويقول مؤيدو نتنياهو إنه بموجب هذه الخطة سيبقى هو رئيسا لليكود ويمتنع عن إجراء انتخابات داخلية على رئاسة الحزب.وبالتالي يتخلص من هواجس المنافسة. وفي الوقت نفسه، ينجو «الليكود» من احتمال شبه مؤكد بخسارة الكثير من المقاعد بنتيجة الانتخابات الثالثة ربطا بتطورات ملف نتنياهو القضائي.
لكن المشكلة التي ستواجه أصحاب هذا الاقتراح هي موقف تحالف كاحول لافان» منها على خلفية أن الرجل الثاني في هذا التحالف يئير لبيد يرفض على الإطلاق الجلوس يوما واحدا في حكومة يقودها نتنياهو. كما أن لدى غانتس وحلفائه أسبابا أخرى لرفض هذا الاقتراح، منها، تقديرهم بأن فرص فوزهم بمقاعد جديدة أفضل في الانتخابات الثالثة مقابل تراجع الليكود، على خلفية الأزمة التي يعيشها رئيسه نتنياهو. والأهم من هذا كله أن رهانهم ينتعش حول إمكانية حدوث بلبلة داخلة الليكود وربما انشقاق بعض الشخصيات منه، وانعكاس هذا الأمر على معسكر اليمين المتحالف مع الليكود، مما يسهل على «أزرق ـ أبيض» تشكيل حكومة بقيادته المنفردة دون تناوب مع أحد.
في ظل هذا المستجد المتعلق بملفه القضائي، من الطبيعي أن تخف حماسة نتنياهو للانتخابات الثالثة التي كان يراهن عليها لتعديل ما لضالحة في خريطة الكنيست التي نتجت عن الانتخابات السابقة،مع أنه أبدى حتى الآن موقفا يوحي بأنه مستعد لخوض الكثير من المعارك كي يحد من تداعيات إعلان المستشار القضائي. لكن ذلك بحد ذاته يعني فتح جبهات صراع يستنفد الكثير من طاقة الحزب ويبددها وينعكس سلبا على جمهوره ، في وقت كان الحزب يستعد فيه للتخطيط لفوز أفضل في الانتخابات القادمة.
وأمام هذه السيناريوهات القاتمة، من المتوقع أن يلجأ نتنياهو إلى لعبته المفضلة في خلط الأوراق، فيقرر شن عدوان جديد وواسع على قطاع غزة، وربما يترافق هذا مع تصعيد كبير في الضفة،ولاتنقصه اليافطات لتمرير ذلك داخل المجتمع الإسرائيلي،على خلفية الخطر الوجودي الذي يتهدد إسرائيل على يد محيطها «الإرهابي».
وقد سبق لنتياهو أن قام بمثل ذلك في محات سابقة شعر فيها باشتداد الأزمة من حوله فلجأ إلى الهروب منها عبر العدوان، ويرفق عادة خطاب الحرب بدعوة مكونات المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي لـ«تجاوز الخلافات» والوقوف إلى جانبه «كمدافع عن أمن الإسرائيليين».
ومع ذلك ، من الواضخ أن مايواجهه نتنياهو مختلف عما واجهه في السابق،في ظل كثرة خصومة وتراكم ملفات القضاء حوله، ويبقى مستقبله السياسي مهددا على نحو جدي، وإن نجح في تأجيل الوصول إلى خط النهاية بسبب الأزمة التي بدأت مع الانتخابات قبل الماضية .. ولم تنته فصولا. ■
وعلى الرغم من أن التهم لم توجه لنتنياهو رسميا بعد،إلا أن تداعيات هذا الإعلان ستنسحب على رصيد حزب الليكود الجماهيري،وهو في الطريق إلى الانتخابات الثالثة، في حال لم تحصل «معجزة» (صفقة) تمكِّن الكنيست من تشكيل حكومة في اللحظات الأخيرة.
وفي جميع الحالات،سيكون هذا الأمر عنوانا بارزا للسجالات التي ستدور بين مكونات المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي.وبالتأكيد ، لن تكون صفوف الليكود خارج هذه السجالات .. وتداعياتها.
ويعيش الليكود في هذه الفترة مأزقا مركبا في حال بقاء نتنياهو أو مغادرته. فبوجوده،سيواصل الخصوم هجومهم على الحزب، الذي يقوده متهم بالفساد وخيانة الأمانة، وهذا يعرض شعبيته للتآكل التدريجي، كما عبرت عن ذلك بوضوح نتائج الاستطلاعات التي أجريت عقب إعلان المستشار القضائي للحكومة.وفي حال مغادرته،سيؤدي التنافس على خلافته إلى نشوء صراعات داخلية، بعد أن خلا منها الحزب لسنوات طويلة في ظل القبضة الحديدية والمناورات والصفقات، التي أدار بها نتنياهو شؤون الحزب الداخلية. ولقد ساهمت قيادة نتنياهو المديدة لليكود إلى إفراغ الحزب من الشخصيات القادرة على مواجهته، وانشق الكثير من هذه الشخصيات خلال السنوات العشرة الماضية وشكلوا أحزابا جديدة دخلت الكنيست بعدد جيد من المقاعد.
محاولات الاطاحة بنتنياهو من داخل الليكود ضعيفة لكنها مرشحة للتصاعد وعلى الرغم من مؤيدو نتنياهو هم الإغلبية داخل «الليكود» في مواجهة أي منافس له على رئاسة الحزب، إلا أن التجارب تدل على أن هذه معطيات متحركة مع تطور الوقائع وردات الفعل حول إعلان المستشار القضائي. وقد تحدثت مصادر من الليكود عن وجود تعاون مابين جدعون ساعر الشخص الوحيد (حتى الآن) الذي قرر منافسة نتنياهو، وبين رئيس الكنيست يولي إدلشتاين من أجل جمع تواقيع 61 عضو كنيست لترشيح شخص غير نتنياهو من قبل الحزب، يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، في ظل تقديرات بنجاح ساعر وإدلشتاين في الحصول على توقيع أكثر من نصف كتلة الليكود في الكنيست. وهذا إن صح يعني أن ساعر سيكون منافسا قويا في مواجهة نتنياهو في حال أجريت الانتخابات الداخلية في الحزب على أبواب الانتخابات الثالثة. ومن الطبيعي أن ينعكس تدهور مكانة نتنياهو في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي على معسكر اليمين المتحالف مع الليكود، ويساعد على إنعاش محاولات «أزرق ـ أبيض» وغيره على تفتيت هذه الكتلة والتفاوض مع بعض أطرافها لتشكيل حكومة عندما تحين الفرصة.
بالمقابل، من شأن التداعيات السلبية على الليكود في حال مغادرة نتنياهو، أن تحفز الكثير من قياداته على البحث عن سبل للخروج بأقل الخسارات من هذا المأزق.وهذا مايفسر مانشرته الصحف العبرية عن محادثات جرت في الكنيست، حول خطة لتشكيل حكومة وحدة، الفترة الممنوحة للكنيست، بهدف منع انتخابات ثالثة. وحسب هذه الخطة، يتولى زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، رئاسة الحكومة في الأشهر الستة المقبلة،على اعتبار أنه سيكون في هذا المنصب تلقائيا حتى إجراء الانتخابات الثالثة. وبموجب هذه الخطة يتولى بعده رئيس كتلة «كاحول لافان»، بيني غانتس، رئاسة الحكومة لمدة سنتين، ثم يعود في نهايتها الليكود إلى رئاستها.
ويقول مؤيدو نتنياهو إنه بموجب هذه الخطة سيبقى هو رئيسا لليكود ويمتنع عن إجراء انتخابات داخلية على رئاسة الحزب.وبالتالي يتخلص من هواجس المنافسة. وفي الوقت نفسه، ينجو «الليكود» من احتمال شبه مؤكد بخسارة الكثير من المقاعد بنتيجة الانتخابات الثالثة ربطا بتطورات ملف نتنياهو القضائي.
لكن المشكلة التي ستواجه أصحاب هذا الاقتراح هي موقف تحالف كاحول لافان» منها على خلفية أن الرجل الثاني في هذا التحالف يئير لبيد يرفض على الإطلاق الجلوس يوما واحدا في حكومة يقودها نتنياهو. كما أن لدى غانتس وحلفائه أسبابا أخرى لرفض هذا الاقتراح، منها، تقديرهم بأن فرص فوزهم بمقاعد جديدة أفضل في الانتخابات الثالثة مقابل تراجع الليكود، على خلفية الأزمة التي يعيشها رئيسه نتنياهو. والأهم من هذا كله أن رهانهم ينتعش حول إمكانية حدوث بلبلة داخلة الليكود وربما انشقاق بعض الشخصيات منه، وانعكاس هذا الأمر على معسكر اليمين المتحالف مع الليكود، مما يسهل على «أزرق ـ أبيض» تشكيل حكومة بقيادته المنفردة دون تناوب مع أحد.
في ظل هذا المستجد المتعلق بملفه القضائي، من الطبيعي أن تخف حماسة نتنياهو للانتخابات الثالثة التي كان يراهن عليها لتعديل ما لضالحة في خريطة الكنيست التي نتجت عن الانتخابات السابقة،مع أنه أبدى حتى الآن موقفا يوحي بأنه مستعد لخوض الكثير من المعارك كي يحد من تداعيات إعلان المستشار القضائي. لكن ذلك بحد ذاته يعني فتح جبهات صراع يستنفد الكثير من طاقة الحزب ويبددها وينعكس سلبا على جمهوره ، في وقت كان الحزب يستعد فيه للتخطيط لفوز أفضل في الانتخابات القادمة.
وأمام هذه السيناريوهات القاتمة، من المتوقع أن يلجأ نتنياهو إلى لعبته المفضلة في خلط الأوراق، فيقرر شن عدوان جديد وواسع على قطاع غزة، وربما يترافق هذا مع تصعيد كبير في الضفة،ولاتنقصه اليافطات لتمرير ذلك داخل المجتمع الإسرائيلي،على خلفية الخطر الوجودي الذي يتهدد إسرائيل على يد محيطها «الإرهابي».
وقد سبق لنتياهو أن قام بمثل ذلك في محات سابقة شعر فيها باشتداد الأزمة من حوله فلجأ إلى الهروب منها عبر العدوان، ويرفق عادة خطاب الحرب بدعوة مكونات المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي لـ«تجاوز الخلافات» والوقوف إلى جانبه «كمدافع عن أمن الإسرائيليين».
ومع ذلك ، من الواضخ أن مايواجهه نتنياهو مختلف عما واجهه في السابق،في ظل كثرة خصومة وتراكم ملفات القضاء حوله، ويبقى مستقبله السياسي مهددا على نحو جدي، وإن نجح في تأجيل الوصول إلى خط النهاية بسبب الأزمة التي بدأت مع الانتخابات قبل الماضية .. ولم تنته فصولا. ■
أضف تعليق