بوليفيا.. انقلاب ضد الرئيس اليساري إيفو موراليس
(تقرير فيصل علوش)
استيقظت بوليفيا (10/11)، على انقلاب في السلطة غداة اضطرار الرئيس إيفو موراليس إعلان استقالته من منصبه، بعد موجة احتجاجات أعقبت انتخابات رئاسية مثيرة للجدل. ورجّح كثيرون وجود أصابع خارجية ساهمت في تسريع خروج موراليس من الحكم، وخاصة من الولايات المتحدة التي لا تستسيغ حكم اليسار في القارة الأميركية.
وقال موراليس (60 سنة)، إن هناك مذكرة توقيف صدرت بحقه، وأنّ «مجموعات عنيفة» هاجمت منزله. فيما أعلنت الشرطة البوليفية توقيف رئيسة المحكمة الانتخابية التي تتهمها المعارضة بالانحياز لموراليس. وفي السياق، نقل عن وزير الخارجية المكسيكي، مارسيلو إبرار، أن بلاده منحت حق اللجوء للرئيس موراليس.
الدور الحاسم للجيش
وقبل إعلان استقالته، تحدثت الأخبار عن أنّ «الجيش البوليفي طلب من موراليس ترك السلطة»، وذلك بعد انضمام قطاعات من الشرطة والجيش للاحتجاجات. وقال محللون إن تصريح الجيش (الذي ظلّ مؤيداً لموراليس طوال الوقت)، علانية بضرورة رحيله عن السلطة، بدّل موازين القوى على الأرض. وعنى، كما استنتج البعض، «أننا أمام ديمقراطية تشوبها الكثير من الاشكالات، وأنّ العسكر هم من يتحكمون بالأوضاع من خلف الستارة».
وجاءت هذه التطورات بعيد ساعات من موافقة الرئيس موراليس على إجراء انتخابات رئاسية جديدة. وتلت استقالة موراليس إعلان مجموعة من الوزراء استقالتهم. وأصدر المدعي العام أوامر بالقبض على شخصيات في النظام من ضمنها نائب الرئيس، ألفارو غارسيا، ومساعد الرئيس رامون كنتانا، ووزير الداخلية.
وفور الإعلان المفاجئ عن استقالة موراليس، خرج سكان بعض المدن احتجاجاً على استقالته التي لم ترُق للكثيرين، وخاصة من عامة الشعب القلقين على مستقبل ما تحقق لهم من مكاسب خلال سنوات حكم موراليس.
انجازات اقتصادية واجتماعية
وخلال سنوات حكمه الـ 14، استطاع موراليس نقل بوليفيا من دولة كانت تعدّ من أفقر الدول اللاتينية إلى مستوى متوسط ومقبول، تمّ فيه رفع مستوى معيشة الطبقات الشعبية الأكثر حرماناً، وبالأخص من السكان الأصليين، الذين كانوا يعانون من التهميش والعنصرية.
وكان موراليس، (وهو أول رئيس بوليفي ينتمي لشعب ايمارا من سكان البلد الأصليين)، نجح في الحدّ من الفقر والجوع في البلاد، وحقق انجازات ومكاسب ليست قليلة على هذا الصعيد، إذ تضاعف حجم الاقتصاد ثلاث مرات خلال عهده. وهو ما جعله يحظى بشعبية كبيرة، قبل أن تبدأ بالتراجع في الفترة الأخيرة، ولا سيما مع إصراره على الترشح لولاية رئاسية رابعة، على رغم أن الشعب كان قد وجّه إنذاراً إليه بالتصويت بـ«لا» في شباط/ فبراير 2016، في استفتاء لتعديل الدستور للسماح له بالترشح لولاية رابعة. لكن الرئيس، الذي استفاد من إبطال المحكمة الدستورية لنتيجة الاستفتاء، رفض الاستماع إلى الرسائل الشعبية، واختار الترشح لولاية رابعة، لتأتي نتائج الانتخابات بفوزه، ما كان سيتيح له البقاء في الحكم حتى عام 2025، لكنّ الاحتجاجات الرافضة لاقتراع 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، التي كانت الأكبر في بوليفيا منذ عقود، وضعت حداً لطموحه.
اضطرابات في القارة
ولا يمكن فصل ما يجري في بوليفيا عن الوضع المضطرب في قارة أميركا اللاتينية ككل. ففي موازاة الحدث البوليفي، تعيش تشيلي وسط احتجاجات مرشحة للتصاعد. كما شهدت الأرجنتين تحولاً ملحوظاً بفوز مرشح اليسار (من التيار البيروني)، ألبيرتو فرنانديز، ونائبته الرئيسة السابقة كريستينا فيرنانديز دي كوشنر، وهم من خصوم واشنطن.
وفي الأورغواي، فاز مرشح «الجبهة العريضة» للرئاسة، دانيال مارتينيز، الذي طرح برنامج «الاشتراكية الشعبية»، بنسبة مريحة. كما أفرجت المحكمة الفيدرالية العليا في البرازيل أخيراً عن الرئيس السابق لولا دي سيلفا، بعد احتجازه بتهم فساد ملفقة، ووسط احتجاجات شعبية متصاعدة تشهدها البلاد ضد حكم اليمين الشعبوي المتطرف.
وكانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البرازيل، أوصلت اليميني المتطرف جايير بولسونارو إلى سدة الحكم، ومعه بدأت تطل ملامح السياسات العنصرية والاستعلائية ضد السود والملونين في بلاده بطريقة تشبه الشعبوية في أوروبا. وفي هذا الصدد، يتحدث كثيرون عن التدخّلات الخارجية في مصير موراليس، مشيرين إلى الدور البرازيلي في دعم المعارضة اليمينية، ولم يستبعد البعض أن يكون للرئيس البرازيلي، بالتنسيق مع واشنطن، دور في ما جرى. وأشار البعض إلى دور إسرائيلي أيضاً، وخصوصاً بعد أن طرد موراليس سفير تل أبيب ومنع التأشيرات عن الإسرائيليين.
وفي المقابل، فقد سارعت دول عدة في القارة إلى رفض ما حصل، فندّدت كوبا بشدّة بالانقلاب. وأدان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بشكل حاد أيضاً بالانقلاب. كما وصف الرئيس الأرجنتيني المنتخب ألبرتو فرنانديز الوضع الذي أدى إلى استقالة موراليس بأنه «انقلاب».
* مجلة الحرية الفلسطينية العدد1750
استيقظت بوليفيا (10/11)، على انقلاب في السلطة غداة اضطرار الرئيس إيفو موراليس إعلان استقالته من منصبه، بعد موجة احتجاجات أعقبت انتخابات رئاسية مثيرة للجدل. ورجّح كثيرون وجود أصابع خارجية ساهمت في تسريع خروج موراليس من الحكم، وخاصة من الولايات المتحدة التي لا تستسيغ حكم اليسار في القارة الأميركية.
وقال موراليس (60 سنة)، إن هناك مذكرة توقيف صدرت بحقه، وأنّ «مجموعات عنيفة» هاجمت منزله. فيما أعلنت الشرطة البوليفية توقيف رئيسة المحكمة الانتخابية التي تتهمها المعارضة بالانحياز لموراليس. وفي السياق، نقل عن وزير الخارجية المكسيكي، مارسيلو إبرار، أن بلاده منحت حق اللجوء للرئيس موراليس.
الدور الحاسم للجيش
وقبل إعلان استقالته، تحدثت الأخبار عن أنّ «الجيش البوليفي طلب من موراليس ترك السلطة»، وذلك بعد انضمام قطاعات من الشرطة والجيش للاحتجاجات. وقال محللون إن تصريح الجيش (الذي ظلّ مؤيداً لموراليس طوال الوقت)، علانية بضرورة رحيله عن السلطة، بدّل موازين القوى على الأرض. وعنى، كما استنتج البعض، «أننا أمام ديمقراطية تشوبها الكثير من الاشكالات، وأنّ العسكر هم من يتحكمون بالأوضاع من خلف الستارة».
وجاءت هذه التطورات بعيد ساعات من موافقة الرئيس موراليس على إجراء انتخابات رئاسية جديدة. وتلت استقالة موراليس إعلان مجموعة من الوزراء استقالتهم. وأصدر المدعي العام أوامر بالقبض على شخصيات في النظام من ضمنها نائب الرئيس، ألفارو غارسيا، ومساعد الرئيس رامون كنتانا، ووزير الداخلية.
وفور الإعلان المفاجئ عن استقالة موراليس، خرج سكان بعض المدن احتجاجاً على استقالته التي لم ترُق للكثيرين، وخاصة من عامة الشعب القلقين على مستقبل ما تحقق لهم من مكاسب خلال سنوات حكم موراليس.
انجازات اقتصادية واجتماعية
وخلال سنوات حكمه الـ 14، استطاع موراليس نقل بوليفيا من دولة كانت تعدّ من أفقر الدول اللاتينية إلى مستوى متوسط ومقبول، تمّ فيه رفع مستوى معيشة الطبقات الشعبية الأكثر حرماناً، وبالأخص من السكان الأصليين، الذين كانوا يعانون من التهميش والعنصرية.
وكان موراليس، (وهو أول رئيس بوليفي ينتمي لشعب ايمارا من سكان البلد الأصليين)، نجح في الحدّ من الفقر والجوع في البلاد، وحقق انجازات ومكاسب ليست قليلة على هذا الصعيد، إذ تضاعف حجم الاقتصاد ثلاث مرات خلال عهده. وهو ما جعله يحظى بشعبية كبيرة، قبل أن تبدأ بالتراجع في الفترة الأخيرة، ولا سيما مع إصراره على الترشح لولاية رئاسية رابعة، على رغم أن الشعب كان قد وجّه إنذاراً إليه بالتصويت بـ«لا» في شباط/ فبراير 2016، في استفتاء لتعديل الدستور للسماح له بالترشح لولاية رابعة. لكن الرئيس، الذي استفاد من إبطال المحكمة الدستورية لنتيجة الاستفتاء، رفض الاستماع إلى الرسائل الشعبية، واختار الترشح لولاية رابعة، لتأتي نتائج الانتخابات بفوزه، ما كان سيتيح له البقاء في الحكم حتى عام 2025، لكنّ الاحتجاجات الرافضة لاقتراع 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، التي كانت الأكبر في بوليفيا منذ عقود، وضعت حداً لطموحه.
اضطرابات في القارة
ولا يمكن فصل ما يجري في بوليفيا عن الوضع المضطرب في قارة أميركا اللاتينية ككل. ففي موازاة الحدث البوليفي، تعيش تشيلي وسط احتجاجات مرشحة للتصاعد. كما شهدت الأرجنتين تحولاً ملحوظاً بفوز مرشح اليسار (من التيار البيروني)، ألبيرتو فرنانديز، ونائبته الرئيسة السابقة كريستينا فيرنانديز دي كوشنر، وهم من خصوم واشنطن.
وفي الأورغواي، فاز مرشح «الجبهة العريضة» للرئاسة، دانيال مارتينيز، الذي طرح برنامج «الاشتراكية الشعبية»، بنسبة مريحة. كما أفرجت المحكمة الفيدرالية العليا في البرازيل أخيراً عن الرئيس السابق لولا دي سيلفا، بعد احتجازه بتهم فساد ملفقة، ووسط احتجاجات شعبية متصاعدة تشهدها البلاد ضد حكم اليمين الشعبوي المتطرف.
وكانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البرازيل، أوصلت اليميني المتطرف جايير بولسونارو إلى سدة الحكم، ومعه بدأت تطل ملامح السياسات العنصرية والاستعلائية ضد السود والملونين في بلاده بطريقة تشبه الشعبوية في أوروبا. وفي هذا الصدد، يتحدث كثيرون عن التدخّلات الخارجية في مصير موراليس، مشيرين إلى الدور البرازيلي في دعم المعارضة اليمينية، ولم يستبعد البعض أن يكون للرئيس البرازيلي، بالتنسيق مع واشنطن، دور في ما جرى. وأشار البعض إلى دور إسرائيلي أيضاً، وخصوصاً بعد أن طرد موراليس سفير تل أبيب ومنع التأشيرات عن الإسرائيليين.
وفي المقابل، فقد سارعت دول عدة في القارة إلى رفض ما حصل، فندّدت كوبا بشدّة بالانقلاب. وأدان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بشكل حاد أيضاً بالانقلاب. كما وصف الرئيس الأرجنتيني المنتخب ألبرتو فرنانديز الوضع الذي أدى إلى استقالة موراليس بأنه «انقلاب».
* مجلة الحرية الفلسطينية العدد1750
أضف تعليق