23 كانون الأول 2024 الساعة 10:36

هجرة الأطباء المتخصصين من غزة تزيد أوجاع أهالي القطاع

2019-11-09 عدد القراءات : 1053
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير وسام زغبر)
يشكو أطباء قطاع غزة من هجرة زملائهم المتميزين إلى الخارج، في ظل اشتداد وطأة الحصار الإسرائيلي على القطاع عاماً بعد عام،وسط تحذيرات من انهيار المنظومة الصحية التي تقدم خدماتها لنحو مليوني فلسطيني.
وحذر الدكتور الجراح عدنان راضي استشاري أمراض النساء والولادة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من مخاطر هجرة الأطباء المميزين، واصفاً إياها بالمصيبة.
وأضاف راضي: «غادرنا الاستشاري الأول في جراحة القلب في قطاع غزة الدكتور محمد نصار، ليُغلق هذا القسم بعد سفره للخارج». مطالباً بحل سريع وجاد للحالة المتدهورة التي يعيشها القطاع الصحي والتي تنذر بانهياره بشكل كامل.
وقالت الصحفية سما حسن: «لا يمكن أن نتوقع أن يجد الأطباء حياة أفضل بكثير من غزة في الخارج، ولكنهم سيجدون راتباً منتظماً، وتقديراً من حوافز وعلاوات ومكافآت، وسيكون لديهم بعض الأمان أن الراتب لن ينقطع إلى الأبد في أي وقت، أو يغيب لعدة أشهر في فترة ما».
وأضافت حسن: «الأطباء في غزة، لهم بصمتهم في علاج جرحى غزة ومرضاها لتعدد تخصصاتهم وندرة بعضها، والجميع يدرك ما قدمه هؤلاء من خدمات تندرج تحت مسمى «رسالة الطب السامية لشعبهم» في أحلك الظروف». مستدركة: «لكن الطبيب يبقى إنساناً أفنى عمره وزهرة شبابه في التعليم والحصول على الشهادات العليا، ولديه عائلة والتزامات».
هجرة 120 طبيبا
وقلل المسؤول عن شؤون الأطباء في إدارة المستشفيات بقطاع غزة الدكتور أحمد شتات، من مصطلح هجرة الكفاءات الطبية، واصفاً إياها بأنها «رحلة البحث عن خيارات أفضل مادياً واجتماعياً لمستقبلهم، وخاصة أصحاب الخبرات المميزة، والتي ستؤثر بالتأكيد على تقديم الخدمات الطبية في مشافي القطاع».
وأرجع شتات في حديث لـ«الحرية» أسباب هجرة الأطباء، إلى الحصار الإسرائيلي المتواصل للعام الثالث عشر على التوالي، وغياب الأفق والمحفزات لبقاء الأطباء المتخصصين، واستمرار تعرض الأطباء للإهانة من المرضى وذويهم إلى جانب عدم قدرة المنظومة الصحية على حمايتهم.
وقال شتات: «لا تكمن المشكلة في سفر الأطباء حديثي التخرج والجدد من غزة، بل بسفر الأطباء من ذوي التخصصات النادرة، ما يشكل خطراً على المنظومة الصحية». مردفاً: «هناك أطباء جدد أو من ليس على كادر وزارة الصحة يغادرون القطاع بلا عودة».
وكشف شتات عن أعداد الأطباء المسجلين في وزارة الصحة الفلسطينية والذين غادروا المشافي الحكومية للخارج دون عودة، بحوالي 120 طبيباً خلال عامي 2018 و 2019. منوهاً إلى أن هؤلاء الأطباء يغادرون القطاع لغرض التعليم أو يختلقون مبررات للسفر أو يقدمون على الاستقالة للبحث عن خيارات أفضل لهم ولذويهم.
غياب «الأمان الوظيفي»
ويلمس المرضى غياب أطباء من ذوي الاختصاص في بعض الأقسام، وتكدس مواعيد العمليات الجراحية والتي تصل لسنتين أو ثلاثة مقبلة في مشافي قطاع غزة، فيما تأثرت أقسام أخرى بهجرة الأطباء للخارج والتي أدت لإغلاقها كما هو الحال في قسم جراحة القلب بمجمع الشفاء الطبي.
وأوضح الطبيب بكر أبو صفية استشاري الجراحة في مستشفى العودة بغزة، أن الحديث عن هجرة 120 طبيباً لا يعني أن هؤلاء من الفئات الطبية المتخصصة. مبيناً أن أعداد الكفاءات الطبية التي تغادر القطاع لا تتعدى 3 أطباء بالعام الواحد والتي كان آخرها الطبيب محمد نصار الاختصاصي الوحيد في جراحة القلب بقطاع غزة.
وقال أبو صفية لـ«الحرية»:« تضخيم وزارة الصحة بغزة لأعداد هجرة الأطباء من القطاع يهدف لإلهاء الشارع وتحميل المسؤولية لوزارة الصحة بالضفة دون إصلاح الخلل في النظام الصحي». معرباً عن استيائه الشديد من تدهور الأوضاع الصحية في قطاع غزة الناجمة عن غياب الاستقرار السياسي والأمني و«الأمان الوظيفي»، وتنصل وزارة الصحة بغزة من مسؤولياتها في العديد من القضايا وتحميلها على الأطباء.
وقسمَّ أخصائي الأمراض النفسية الطبيب محفوظ عثمان في حديث لـ«الحرية»، أسباب هجرة الأطباء، لأسباب خاصة تتعلق بعدم قدرة الطبيب على بناء مستقبله، وعامة وهي تدني الرواتب وعدم مكافئة الأطباء رغم ضغط العمل، والخوف من العقاب في حال الخطأ الطبي وتغير المزاج الشعبي اتجاه الأطباء نظراً لتدني الخدمات الطبية الناجمة عن نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
مؤشر خطير
من ناحيته، قال الطبيب المتقاعد والمختص في الأورام والصحة العامة في وكالة «الأونروا» يوسف موسى لـ«الحرية»: إن «هجرة الكفاءات الطبية مؤشر خطير، وهذا يدفع وزارة الصحة للبحث عن بدائل باهظة عبر العلاج بالخارج ناهيك عن أعباء السفر للمرضى»،محملاً سلطة الأمر الواقع ووزارة الصحة المسؤولية الكاملة عن هجرة الأطباء من القطاع.
ويعتبر الطبيب أبو حمدة أحد أهم الأطباء الذي عمل بنظام العقد في غزة، على تخفيض نسبة الوفيات في صفوف المواليد في أقسام الحضانة. ولم يجد أبو حمدة أماناً وظيفياً له في غزة، ما اضطره للمغادرة إلى الأردن للحصول على فرصة عمل تناسب تخصصه.
ولم يختلف حال الطبيب منتصر إسماعيل استشاري أمراض قلب قسطرة، الذي كان يعمل رئيساً لقسم أمراض القلب في مجمع ناصر الطبي بخانيونس، وغادر القطاع، حيث أوضح أن ما دفعه للتفكير في الهجرة هو الوضع الاقتصادي الخانق. وتابع حديثه بالقول: «إيرادات العيادات الخاصة في قطاع غزة تراجع بشكل ملحوظ جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لذلك كان لا بد من البحث عن خروج مؤقت للعمل حتى تأمين مستقبل أبنائي». ■

تنويه: نشر التقرير في مجلة الحرية في عددها الاسبوعي 1749

https://drive.google.com/file/d/17xxxYIwt_KZ6DnpK6C6TOAx8WRF54GMR/view

أضف تعليق