ارفعوا الغطاء السياسي عن بروتوكول باريس الاقتصادي
■ أدلى رئيس الحكومة في السلطة الفلسطينية بتصريح قال فيه إن حكومته دخلت معركة الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.
من خلال ما تنشره الحكومة وإعلامها من وثائق وبيانات، فإننا لم نطلع حتى الآن على خطة الحكومة من أجل إنجاح معركة الانفكاك والفوز بها. سوى قرار المجلس الوطني، والمركزي بهذا الشأن.
ندرك أن الانفكاك لن يكون دفعة واحدة بل سيكون على خطوات، فحجم اندماج الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي كبير جداً، وحجم القيود التي فرضها بروتوكول باريس على الاقتصاد الفلسطيني، وعطل نموه وأبقاه أسيراً للاقتصاد الإسرائيلي، وخلف قضبان سلطات الاحتلال وإدارتها المدنية، ثقيل جداً، ومعقد جداً. لذا نرى أن معركة الانفكاك، سوف تكون هي الأخرى، معقدة وصعبة، وفي حال اتخذ قرار جدي بخوضها، فإن هذا يتطلب تعبئة قوى، سياسية وجماهيرية وغيرها.
هنا علينا أن نلاحظ أن معركة الانفكاك، أظهرت التالي:
1) أن ميزان القوى مختل بشكل كبير لصالح سلطات الاحتلال. السبب في ذلك طبيعة اتفاقات الإذعان التي وقعها أهل أوسلو، وأصحاب بروتوكول باريس الاقتصادي، ورضخوا فيها لاشتراطات سلطات الاحتلال، مقابل الفوز بقيادة السلطة. قامت السلطة وها هي تتحول إلى سلطة هزيلة، بلا صلاحيات، بينما تشتد قيود بروتوكول باريس تعقيداً.
2) استتباعاً، لاحظنا أن السلطة حاولت أن تخوض معركة أموال المقاصة، إذ رفضت استلامها منقوصة. لكنها بعد سبعة أشهر من معاناة الناس، واضطراب الحالة الاقتصادية، والفوضى في سوق المال، وجدت السلطة نفسها مرغمة على التراجع، والتسليم بالشروط الإسرائيلية، والرضوخ لقرارات وزارة المال في حكومة دولة الاحتلال، ما أكد بشكل مكشوف، أن مالية السلطة مرتبطة بمالية دولة الاحتلال، وأن السلطة مكبلة بالشيكل الإسرائيلي، ولم تستطع التحرر منه.
3) أن السلطة تخوض معركتها، على حد تعبير رئيس الحكومة، دون خطط واقعية، أي دون أن تطرح البدائل، والسيناريوهات المختلفة، من أجل الفوز في المعركة جولة بعد جولة. وأن الهزيمة تلو الهزيمة (على شاكله هزيمة أموال المقاصة) ستكون لها نتائج معاكسة، من أخطرها «الاقتناع» بالرضوخ «للأمر الواقع»، والتسليم به.
* * *
الآن تخوض الحكومة معركة العجول. وقد فتحت هذه المعركة «الصندوق الأسود» لبروتوكول باريس الاقتصادي.
السلطة تستورد الحاجة الكاملة من العجول من دولة الاحتلال. لكن ما يجب الكشف عنه هو أن إسرائيل لا تنتج سوى 10% من هذه الكمية، أما الـ90% الأخرى فيستوردها تجار إسرائيليون من دول أخرى، يقومون هم بدورهم بتصديرها إلى مناطق السلطة، في حفلة «سمسرة» كبرى، بين مجموعة من التجار الإسرائيليين، والتجار الفلسطينيين. ما يطرح سؤالاً وجيهاً: لماذا رضي فريق أوسلو، منذ البداية، بهذه الصيغة، ولم يتمسك بحق السلطة بأن تستورد هي مباشرة كمية اللحوم المطلوبة دون المرور بالسمسرة الإسرائيلية. سؤال لا تقدم عنه السلطة جواباً. لكن مظاهر الفساد المستشري في أنحاء السلطة من شأنه أن يقدم لنا هذا الجواب.
السلطة قررت عدم استيراد العجول من إسرائيل. سلطات الاحتلال هددت بإغلاق أبواب الاستيراد والتصدير كافة، أمام السلطة والتجار، وبحيث تفرض حصاراً على مناطق السلطة إلى أن ترضخ الحكومة وتعود عن قرارها، وتواصل استيراد اللحوم عبر إسرائيل.
رد الفعل الأولي أن أسعار اللحوم في مناطق السلطة ارتفعت من 45 شيكل للكيلو، إلى 65 شيكل، وأن البلاد باتت مقبلة على أزمة لحوم. ما يضع الحكومة والسلطة وقيادتها أمام معضلة لا تتوفر لها حلول حتى الآن. الحديث هنا عن الصمود، لا معنى له إذا لم يكن صموداً مستنداً إلى خطط واقعية توفر للصامدين عناصر الصمود وضروراته.
وبالتالي هذا يعيدنا إلى السؤال الأول: هل لدى السلطة خطة للمواجهة وما هي، ولماذا لا تنشر على الملأ؟ وهل تريد السلطة أن تخوض المعركة منفردة دون تعبئة الشارع وإشراكه في الدفاع عن مصالحه الوطنية؟.
* * *
أما السؤال الأهم والأبعد، والأكثر عمقاً، هو: هل ما تخوضه السلطة مجرد معركة انفكاك اقتصادي، أم سياسي اقتصادي، وهل يمكن الانفكاك عن بروتوكول باريس، دون الانفكاك عن الأساس السياسي لبروتوكول باريس، المتمثل في اتفاق أوسلو؟.
اتفاق أوسلو يمثل الغطاء السياسي للعلاقة مع سلطات الاحتلال.
• فهو الغطاء السياسي للاعتراف بدولة إسرائيل و«حقها في الوجود».
• هو الغطاء السياسي للتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال ضد ما يسمى «الإرهاب»، رغم أن السلطة لم تقدم لنا تفسيراً للإرهاب، مع أن دولة الاحتلال تعتبر كل أشكال المقاومة الفلسطينية (بما فيها التحريض الإعلامي واللفظي) إرهاباً. فمن نصدق، وكيف علينا يا ترى أن نفهم «التنسيق الأمني مع الاحتلال».؟
• هو الغطاء السياسي للعلاقات الاقتصادية، العميقة والعميقة جداً مع دولة الاحتلال، وصولاً إلى تطبيع كامل مع إسرائيل، فرضته ظروف الاحتلال، وكرسته اتفاقيات أوسلو، ورسمّته.
• هو الغطاء السياسي للمفاوضات الثنائية والعبثية، التي ألحقت بالشعب والقضية الكوارث والنكبات، وحولت الاحتلال من قوة معتدية تنتهك قرارات الشرعية الدولية، إلى «شريك (مزعوم) في عملية السلام» المزعومة هي الأخرى.
• هو الغطاء السياسي لمشاريع الاستيطان الكولونيالي والتهويد العنصري، على مدى أكثر من ربع قرن، حولت مناطق الضفة الفلسطينية إلى «سلطتين»، (واحدة للإدارة الذاتية للفلسطينيين والأخرى لدولة المستوطنين).
• هو الغطاء السياسي لعمليات الاعتقال العشوائية والمنظمة، الفردية والجماعية، (لا ننسىَ أنها تندرج في إطار «مكافحة الإرهاب» وفق المنطق الإسرائيلي، والذي تؤكد السلطة وقيادتها في كل مناسبة التزامها المقدس به).
فهل يمكن خوض المعركة الاقتصادية مع الجانب الإسرائيلي، دون رفع الغطاء السياسي عن الاحتلال، وممارساته، وسياساته الأمنية والاقتصادية وغيرها؟
السلطة «تهدد» أنه في حال لجأت إسرائيل إلى فرض الحصار على مناطق الضفة، فإنها سوف تلجأ إلى «التحكيم».
هذا رد لم يخرج من تحت سقف أوسلو، ولم يخرج من تحت سقف بروتوكول باريس الاقتصادي. هذا رد يعترف ويجدد الاعتراف بصلاحيات الاتفاقيات المعقودة مع دولة الاحتلال. علماً أن مسألة «التحكيم» الدولي، كما هو معروف، مسألة تطول وتطول في أروقة الجهات الدولية المختصة، ما يعني أن اللجوء إلى التحكيم هو شكل من أشكال التهرب من المواجهة، بانتظار نتائج التحكيم.
من أراد خوض المعركة الاقتصادية، وصعوباتها، عليه أن يرفع الغطاء السياسي عن دولة الاحتلال، وعن الاتفاقيات مع الاحتلال، وأن يخرج من الاتفاقيات، لا أن يبحث عن «تعديل» أو «تجميل» أو غيرها من الحلول.
رفع الغطاء خطوة سياسية لا تستطيع دولة الاحتلال أن تعطلها.
ولا تستطيع أن تضع العراقيل في طريقها، بل هي الخطوة التي من شأنها أن تعيد الاحتلال إلى مكانه الحقيقي، باعتباره عدوانا على الشعب الفلسطيني وهي الخطوة التي تعيد رسم العلاقة مع دولة الاحتلال وتضعها في مكانها الحقيقي، علاقة صدام ومقاومة يومية وهي التي تستطيع حقاً أن تنزع الشرعية عن الاحتلال وإجراءاته الأمنية والاقتصادية، التي برفع الغطاء السياسي عنه تكون قد فقدت «مشروعيتها» السياسية.
خطوتان يفترض أن تخطوها السلطة في هذا الاتجاه، فتوفر لمجموع الحالة الوطنية الفلسطينية الشروط الذاتية والموضوعية لخوض المعركة ضد الاحتلال:
• سحب الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعلى 4 حزيران (يونيو) 67 ووقف الاستيطان وقفاً تاماً.
• وقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال.
هذا كله عملاً بقرارات الإجماع الوطني، في أعلى مؤسسة تشريعية فلسطينية، قراراتها ملزمة للجميع، للجنة التنفيذية وللرئيس (وفقاً لحرفية القرارات).
هذا من شأنه أن يفتح الباب لحالة جديدة، تعبئ فيها الحالة الوطنية كل عناصر القوة في صفوفها، على الصعيد الرسمي، والفصائلي، والشعبي.
هذا من شأنه أن يسلح الحكومة في السلطة الفلسطينية بعناصر قوة لخوض المعركة الاقتصادية. عناصر مازالت التجربة تؤكد أنها مازالت تفتقر إليها.■
من خلال ما تنشره الحكومة وإعلامها من وثائق وبيانات، فإننا لم نطلع حتى الآن على خطة الحكومة من أجل إنجاح معركة الانفكاك والفوز بها. سوى قرار المجلس الوطني، والمركزي بهذا الشأن.
ندرك أن الانفكاك لن يكون دفعة واحدة بل سيكون على خطوات، فحجم اندماج الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي كبير جداً، وحجم القيود التي فرضها بروتوكول باريس على الاقتصاد الفلسطيني، وعطل نموه وأبقاه أسيراً للاقتصاد الإسرائيلي، وخلف قضبان سلطات الاحتلال وإدارتها المدنية، ثقيل جداً، ومعقد جداً. لذا نرى أن معركة الانفكاك، سوف تكون هي الأخرى، معقدة وصعبة، وفي حال اتخذ قرار جدي بخوضها، فإن هذا يتطلب تعبئة قوى، سياسية وجماهيرية وغيرها.
هنا علينا أن نلاحظ أن معركة الانفكاك، أظهرت التالي:
1) أن ميزان القوى مختل بشكل كبير لصالح سلطات الاحتلال. السبب في ذلك طبيعة اتفاقات الإذعان التي وقعها أهل أوسلو، وأصحاب بروتوكول باريس الاقتصادي، ورضخوا فيها لاشتراطات سلطات الاحتلال، مقابل الفوز بقيادة السلطة. قامت السلطة وها هي تتحول إلى سلطة هزيلة، بلا صلاحيات، بينما تشتد قيود بروتوكول باريس تعقيداً.
2) استتباعاً، لاحظنا أن السلطة حاولت أن تخوض معركة أموال المقاصة، إذ رفضت استلامها منقوصة. لكنها بعد سبعة أشهر من معاناة الناس، واضطراب الحالة الاقتصادية، والفوضى في سوق المال، وجدت السلطة نفسها مرغمة على التراجع، والتسليم بالشروط الإسرائيلية، والرضوخ لقرارات وزارة المال في حكومة دولة الاحتلال، ما أكد بشكل مكشوف، أن مالية السلطة مرتبطة بمالية دولة الاحتلال، وأن السلطة مكبلة بالشيكل الإسرائيلي، ولم تستطع التحرر منه.
3) أن السلطة تخوض معركتها، على حد تعبير رئيس الحكومة، دون خطط واقعية، أي دون أن تطرح البدائل، والسيناريوهات المختلفة، من أجل الفوز في المعركة جولة بعد جولة. وأن الهزيمة تلو الهزيمة (على شاكله هزيمة أموال المقاصة) ستكون لها نتائج معاكسة، من أخطرها «الاقتناع» بالرضوخ «للأمر الواقع»، والتسليم به.
* * *
الآن تخوض الحكومة معركة العجول. وقد فتحت هذه المعركة «الصندوق الأسود» لبروتوكول باريس الاقتصادي.
السلطة تستورد الحاجة الكاملة من العجول من دولة الاحتلال. لكن ما يجب الكشف عنه هو أن إسرائيل لا تنتج سوى 10% من هذه الكمية، أما الـ90% الأخرى فيستوردها تجار إسرائيليون من دول أخرى، يقومون هم بدورهم بتصديرها إلى مناطق السلطة، في حفلة «سمسرة» كبرى، بين مجموعة من التجار الإسرائيليين، والتجار الفلسطينيين. ما يطرح سؤالاً وجيهاً: لماذا رضي فريق أوسلو، منذ البداية، بهذه الصيغة، ولم يتمسك بحق السلطة بأن تستورد هي مباشرة كمية اللحوم المطلوبة دون المرور بالسمسرة الإسرائيلية. سؤال لا تقدم عنه السلطة جواباً. لكن مظاهر الفساد المستشري في أنحاء السلطة من شأنه أن يقدم لنا هذا الجواب.
السلطة قررت عدم استيراد العجول من إسرائيل. سلطات الاحتلال هددت بإغلاق أبواب الاستيراد والتصدير كافة، أمام السلطة والتجار، وبحيث تفرض حصاراً على مناطق السلطة إلى أن ترضخ الحكومة وتعود عن قرارها، وتواصل استيراد اللحوم عبر إسرائيل.
رد الفعل الأولي أن أسعار اللحوم في مناطق السلطة ارتفعت من 45 شيكل للكيلو، إلى 65 شيكل، وأن البلاد باتت مقبلة على أزمة لحوم. ما يضع الحكومة والسلطة وقيادتها أمام معضلة لا تتوفر لها حلول حتى الآن. الحديث هنا عن الصمود، لا معنى له إذا لم يكن صموداً مستنداً إلى خطط واقعية توفر للصامدين عناصر الصمود وضروراته.
وبالتالي هذا يعيدنا إلى السؤال الأول: هل لدى السلطة خطة للمواجهة وما هي، ولماذا لا تنشر على الملأ؟ وهل تريد السلطة أن تخوض المعركة منفردة دون تعبئة الشارع وإشراكه في الدفاع عن مصالحه الوطنية؟.
* * *
أما السؤال الأهم والأبعد، والأكثر عمقاً، هو: هل ما تخوضه السلطة مجرد معركة انفكاك اقتصادي، أم سياسي اقتصادي، وهل يمكن الانفكاك عن بروتوكول باريس، دون الانفكاك عن الأساس السياسي لبروتوكول باريس، المتمثل في اتفاق أوسلو؟.
اتفاق أوسلو يمثل الغطاء السياسي للعلاقة مع سلطات الاحتلال.
• فهو الغطاء السياسي للاعتراف بدولة إسرائيل و«حقها في الوجود».
• هو الغطاء السياسي للتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال ضد ما يسمى «الإرهاب»، رغم أن السلطة لم تقدم لنا تفسيراً للإرهاب، مع أن دولة الاحتلال تعتبر كل أشكال المقاومة الفلسطينية (بما فيها التحريض الإعلامي واللفظي) إرهاباً. فمن نصدق، وكيف علينا يا ترى أن نفهم «التنسيق الأمني مع الاحتلال».؟
• هو الغطاء السياسي للعلاقات الاقتصادية، العميقة والعميقة جداً مع دولة الاحتلال، وصولاً إلى تطبيع كامل مع إسرائيل، فرضته ظروف الاحتلال، وكرسته اتفاقيات أوسلو، ورسمّته.
• هو الغطاء السياسي للمفاوضات الثنائية والعبثية، التي ألحقت بالشعب والقضية الكوارث والنكبات، وحولت الاحتلال من قوة معتدية تنتهك قرارات الشرعية الدولية، إلى «شريك (مزعوم) في عملية السلام» المزعومة هي الأخرى.
• هو الغطاء السياسي لمشاريع الاستيطان الكولونيالي والتهويد العنصري، على مدى أكثر من ربع قرن، حولت مناطق الضفة الفلسطينية إلى «سلطتين»، (واحدة للإدارة الذاتية للفلسطينيين والأخرى لدولة المستوطنين).
• هو الغطاء السياسي لعمليات الاعتقال العشوائية والمنظمة، الفردية والجماعية، (لا ننسىَ أنها تندرج في إطار «مكافحة الإرهاب» وفق المنطق الإسرائيلي، والذي تؤكد السلطة وقيادتها في كل مناسبة التزامها المقدس به).
فهل يمكن خوض المعركة الاقتصادية مع الجانب الإسرائيلي، دون رفع الغطاء السياسي عن الاحتلال، وممارساته، وسياساته الأمنية والاقتصادية وغيرها؟
السلطة «تهدد» أنه في حال لجأت إسرائيل إلى فرض الحصار على مناطق الضفة، فإنها سوف تلجأ إلى «التحكيم».
هذا رد لم يخرج من تحت سقف أوسلو، ولم يخرج من تحت سقف بروتوكول باريس الاقتصادي. هذا رد يعترف ويجدد الاعتراف بصلاحيات الاتفاقيات المعقودة مع دولة الاحتلال. علماً أن مسألة «التحكيم» الدولي، كما هو معروف، مسألة تطول وتطول في أروقة الجهات الدولية المختصة، ما يعني أن اللجوء إلى التحكيم هو شكل من أشكال التهرب من المواجهة، بانتظار نتائج التحكيم.
من أراد خوض المعركة الاقتصادية، وصعوباتها، عليه أن يرفع الغطاء السياسي عن دولة الاحتلال، وعن الاتفاقيات مع الاحتلال، وأن يخرج من الاتفاقيات، لا أن يبحث عن «تعديل» أو «تجميل» أو غيرها من الحلول.
رفع الغطاء خطوة سياسية لا تستطيع دولة الاحتلال أن تعطلها.
ولا تستطيع أن تضع العراقيل في طريقها، بل هي الخطوة التي من شأنها أن تعيد الاحتلال إلى مكانه الحقيقي، باعتباره عدوانا على الشعب الفلسطيني وهي الخطوة التي تعيد رسم العلاقة مع دولة الاحتلال وتضعها في مكانها الحقيقي، علاقة صدام ومقاومة يومية وهي التي تستطيع حقاً أن تنزع الشرعية عن الاحتلال وإجراءاته الأمنية والاقتصادية، التي برفع الغطاء السياسي عنه تكون قد فقدت «مشروعيتها» السياسية.
خطوتان يفترض أن تخطوها السلطة في هذا الاتجاه، فتوفر لمجموع الحالة الوطنية الفلسطينية الشروط الذاتية والموضوعية لخوض المعركة ضد الاحتلال:
• سحب الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعلى 4 حزيران (يونيو) 67 ووقف الاستيطان وقفاً تاماً.
• وقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال.
هذا كله عملاً بقرارات الإجماع الوطني، في أعلى مؤسسة تشريعية فلسطينية، قراراتها ملزمة للجميع، للجنة التنفيذية وللرئيس (وفقاً لحرفية القرارات).
هذا من شأنه أن يفتح الباب لحالة جديدة، تعبئ فيها الحالة الوطنية كل عناصر القوة في صفوفها، على الصعيد الرسمي، والفصائلي، والشعبي.
هذا من شأنه أن يسلح الحكومة في السلطة الفلسطينية بعناصر قوة لخوض المعركة الاقتصادية. عناصر مازالت التجربة تؤكد أنها مازالت تفتقر إليها.■
أضف تعليق