22 تشرين الثاني 2024 الساعة 17:56

أكذوبة الانفكاك الاقتصادي من الاحتلال

2019-10-28 عدد القراءات : 1010
الجدل الداخلى الفلسطيني حول قرار الحكومة الفلسطينية بوقف استيراد العجول من اسرائيل اثار من جديد قضية العلاقة مع الاحتلال و كيفية الانفكاك السياسي و الاقتصادي و ما اذا كان هذا الامر ممكن ام لا.
للتذكير فقط قبل ثلاثة شهور اعلن الرئيس الفلسطيني ابو مازن قرارا بوقف العمل بالاتفاقات مع اسرائيل بعد هدم الاحتلال لمنازل المواطنين الفلسطينين في وادي الحمص في صور باهر و امر بتشكيل لجنة من المسؤليين الفلسطينيين لوضع آليات لتنفيذ هذا الاقرار .
 بعد مرور ثلاثة شهور  من غير المعروف اذا ما عقدت هذه اللجنة اي اجتماع و ان اجتمعت غير معروف اذا ما اتخذت اي قرار او وضعت اي آليات او حتي تقدمت بمقترحات.
بشكل شخصي كنت واثقا ان قرار وقف العمل بالاتفاقات الموقعه سيكون مصيره كمصير القرارات السابقة التي اتخذتها السلطة و المجلسين الوطني و المركزي و المتعلقة بتحديد العلاقة و فك الارتباط و تجميد الاتفاقات و غيرها من المسميات التي اصطدمت بواقع مرير عنوانه ان التخلص من الاحتلال لا يتم باتخاذ قرارات عاطفيه شعبوية غير قابله للتطبيق على ارض الواقع.
هذا الواقع الذي يتحكم فيه الاحتلال بكل تفاصيلة و يتحكم بكل مفاصل السلطة ليس فقط الاقتصادية ، بل يتحكم بالهواء الذي نتنفسه و الماء الذي نشربه و الكهرباء التي نحتاجها.
السلطة الحالية التي هي نتاج اتفاق سياسي مع الاحتلال من الناحية العملية ليست اكثر من سلطة حكم ذاتي محدود لادارة الحياة الداخلية الفلسطينية ليس لها سلطة على المعابر و الحدود و ليس لها حرية الاستيراد و التصدير و ليس لها صلاحيات على الامن ليس فقط في مناطق سي بل ايضا في كافة المناطق الفلسطينية. كما سماها الرئيس عباس سلطة تحت بساطير الاحتلال.
ليس هناك شك ان كل فلسطيني حُر يريد ان يتحرر من الاحتلال الاسرائيلي سواء كان السياسي او الاقتصادي . لكن الامر لا يتعلق برغبات بقدر ما يتعلق بالظروف السياسية و الاقتصادية و القدرة على تنفيذ القرارات التي يتم اتخاذها.
قرار وقف استيراد العجول من اسرائيل الذي اتخذته الحكومة الشهر الماضي ليس من المعروف اذا كان قرارا يأتي ضمن خطة مدروسه او يـأتي ضمن خطه متكاملة تعرف الحكومة كيف ستبدء و تعرف الى اين ستصل ام قرار سيذوب مفعوله مع الزمن و ستتراجع السلطة عنه حتى دون تقديم مبررات لهذا التراجع كما حصل في حالات سابقة.
على سبيل المثال من غير المعروف كيف ستتصرف الحكومة و رئيس الوزراء الدكتور شتية اذا ما نفذت اسرائيل تهديداتها ليس فقط بمنع استيراد العجول من الخارج بل ايضا منعت تصدير بعض الاصناف الحيوية للاقتصاد الفلسطيني مثل التمور و زيت الزيتون و اصناف اخرى، سيما ان هذا القرار على ما يبدو لا يحظى باجماع داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية وقياداتها حيث عبر الوزير حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية بشكل علني عن عدم قناعته بهذا القرار او اي قرار اخر مشابه لعدم قدرة السلطة على تحمل تبعاته ؟
نعم هذا ليس من العدل ان تجبرنا اسرائيل على شراء  العجول فقط من اسواقها و لا تسمح لنا بالاستيراد الحر من الاسواق العربية و العالمية، كما انه  ليس من العدل اصلا استمرار الاحتلال  و استمرار السيطرة على المعابر و ليس من العدل استمرار مصادرة الاراضي و بناء المستوطنات و تقييد حركة الفلسطينيين.
الواقع يقول ان اسرائيل تستطيع ان تنفذ تهديداتها و لديها القدره على تنفيذ القرارات التي تتخذها اما الحكومة الفلسطينية و السلطة الفلسطينية ليس لديها الامكانيات لاجبار اسرائيل على فتح المعابر و الاستيراد و التصدير رغم انفهم .
نعم الاحتلال الاسرائيلي ليس قدر يجب التسليم به و هذا الواقع الذي فرضته علينا ليس قدر ايضا ، لكن السؤال كيف يمكن تغيير هذا الواقع و ما هي الاولويات التي يجب ان نبدء باتخاذها.
يقول رئيس الوزراء شتيه في سياق دفاعه عن قرار الحكومه موجها حديثه لرجال الاعمال الفلسطينيين قائلا ان السلطة تستورد عجول من اسرائيل ب خمسة و ثمانين مليون دولار سنويا في حين لا يسمحون لنا بتصدير البيض للاردن و طالما لا يسمحون لنا لن نسمح لهم ، فصفق له الحضور بحراره .
لكن لم يسأل احد الدكتور شتيه ماذا ستفعل حكومته اذا رفضت اسرائيل السماح للسلطة بالاستيراد و منعت تصدير بعض المنتجات الفلسطينية .
هل تستطيع السلطة توفير البديل  او هل هناك منتج وطني يغطي حاجة السوق الفلسطيني.
الم يكن من الافضل اتخاذ هذا القرار بعد دراسة معمقة و تهيئة السوق الفلسطيني لهذا
الامر الذي يحتاج الى تهيئة البنية التحتية الامر الذي قد يستغرق  عدة سنوات .
من غير المفهوم لماذا لم يتم اتخاذ قرارات اكثر عملية و تقود الى نفس النتيجة. على سبيل المثال هناك مئات الاصناف غير الضرورية التي تملاء السوق الفلسطيني و لها بديل منتج محلي مثل منتجات الالبان و الحلويات والقهوة و الدقيق و المعلبات و غيرها من المنتجات التي تستورد من اسرائيل بمئات ملايين الدولارات.
خلاصة القول لا تتخذوا قرارات انتم غير قادرين على تنفيذها  ولا تتخذوا قرارات ستضطرون للتراجع عنها في المستقبل . الشعب الفلسطيني متفهم لضعفكم و قلة حيلتكم امام غطرسة الاحتلال و صلفه.
واتمنى ان يخيب ظني و تصمدون في قراركم ولا تتراجعون عنه امام ضغوطات الواقع المرير.

أضف تعليق