«حصن مرغنيت»: عملية فدائية نوعية أدمت الاحتلال وحيَّرت خبراؤه العسكريين
غزة (تقرير تامر عوض الله)
■ تصادف هذه الأيام الذكرى الثامنة عشر لعملية اقتحام «حصن مرغنيت» البطولية، التي نفذها الشهيدان المقاتلان في كتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أمين أبو حطب وهشام أبو جاموس، وسطرا خلالها أروع ملاحم البطولة والفداء، لتظل وسام شرف على صدر كل حر ينتمي لهذه الأرض. حيث أربكت العملية قادة الاحتلال وجنوده، ولقنته درساً بليغاً، ووجهت ضربة نوعية للمنظومة الأمنية الاسرائيلية، فكانت فاتحة للطريق أمام سلسلة من العمليات البطولية التي استهدفت مستوطنات ومواقع الاحتلال العسكرية في قطاع غزة، خلال «انتفاضة الاستقلال»، التي اندلعت في خريف عام 2000.
اختراق أمني
انطلق الشهيدان المقاتلان أبو حطب وأبو جاموس في تاريخ 25 آب/ أغسطس2001، لتنفيذ عملية نوعية دقيقة التخطيط وجريئة التنفيذ، اخترقا خلالها «حصن مرغنيت» العسكري الواقع في قلب مستوطنة جان أور، إحدى مستوطنات تجمع غوش قطيف الاستيطاني على شاطئ البحر بين محافظتي رفح وخانيونس، قبيل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. ونجح المقاتلان في اجتياز السياج الأمني الاسرائيلي والموانع والعوائق الالكترونية ونقاط المراقبة العسكرية المزودة بمناظير متطورة، وتمكنا من الدخول الى قلب الحصن المنيع، وباغتا جنود الاحتلال بالبنادق الرشاشة والقنابل اليدوية، واشتبكا مع جنود الاحتلال وجها لوجه من مسافة صفر، ما أدى إلى مقتل 3 جنود اسرائيليين بينهم ضابط من لواء النخبة «جفعاتي» وعدد من الجرحى، قبل ان يستشهدا على أرض المعركة.
دلالات العملية
حققت عملية الاقتحام البطولية توازناً للرعب، وقوة للردع، وأعطت مؤشراً على جهوزية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية للرد على جرائم الاحتلال، وقدرة مقاتلي كتائب المقاومة الوطنية على الوصول إلى أهدافهم وضرب جيش الاحتلال داخل مواقعه العسكرية المحصنة، وتكبيده خسائر فادحة.
وفي هذه العملية تجاوز الأداء القتالي لمقاتلي كتائب المقاومة الوطنية كل التوقعات، من خلال الاعتماد على اسلوب العمل الفدائي الفلسطيني القائم على اقتحام الحصون العسكرية، وتركيز العمليات المسلحة ضد الوجود العسكري الاحتلالي والأهداف الاستيطانية في الأراضي المحتلة عام 1967. وتتم ضد جنود عسكريين ومستوطنين مسلحين يمارسون القتل اليومي والعدوان بكافة أشكاله بحق الفلسطينيين، وينتهكون القانون الدولي والانساني متجاهلين قرارات الشرعية الدولية.
فيما رأى الدكتور عدنان ابو عامر المحلل السياسي في الشأن الإسرائيلي أن عملية «حصن مرغنيت»، جاءت استمراراً لهجمات المقاومة التي لم تسلم منها أي من المواقع العسكرية الإسرائيلية التي تنوعت وسائلها، بين اقتحام المستوطنات وإطلاق قذائف الهاون والصواريخ، واستخدام العبوات الموجهة وتفجير الآليات العسكرية، وحفر الأنفاق وتفجير عبوات ناسفة كبيرة تحت مواقع جيش الاحتلال.
وأكد أبو عامر في حوار خاص لـ«الحرية»، أن عملية «حصن مرغنيت» شكلت هدفاً مفضلاً للمقاومين رغم تحصينه، واعتبرها الخبراء العسكريون الإسرائيليون شكلاً من أشكال المقاومة يمثل قمة المواجهة مع الاحتلال، وذروة التحدي لأسطورته الأمنية والعسكرية التي روجها خلال العقود الماضية. فاقتحام وتدمير المواقع العسكرية، واختراق أنظمتها الأمنية ذات الحصانة العالية، والتمكن من الوصول إلى عمقها، وإعمال القتل والتجريح في أفرادها، يشكل أعلى درجات الإهانة لجيش الاحتلال الذي كثيراً ما تباهى بحرفيته العالية ومهنيته الرفيعة وقدراته الكبيرة، التي تتفوق على مجموع الجيوش العربية، ويدلل على مستوى الارتقاء النوعي الذي بلغته المقاومة، وتقدمها المطرد في مضمار المواجهة مع الاحتلال.
واضاف قائلاً: «لا شك فإن هذا الأسلوب القوي والمتميز يستلزم إعداداً جيداً وتخطيطاً دقيقاً قد يفوق الإعداد والتخطيط لأشكال المقاومة الأخرى، بدءا بتحديد الهدف المفترض اقتحامه واستهدافه، وجمع كامل المعلومات والمعطيات الخاصة بالهدف، ودراسة إمكانيات وفرص اقتحامه والثغرات الموجودة فيه، ورسم خطة عملية استناداً إلى معطيات الواقع الميداني، تراعي المفاجآت ودواعي الفشل، وتضع البدائل للاحتمالات المختلفة، وتنفيذ سليم وتطبيق دقيق، قد يتكلل بالنجاح، وقد يمنى بالفشل والإخفاق لاعتبارات مختلفة».
رد فعل الشارع الفلسطيني
عمت أجواء الفرح والسرور كافة محافظات الوطن، حيث اعتبر الفلسطينيون هذه العملية النوعية رداً طبيعياً على جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكب بحقهم وحق قادتهم، حيث اغتالت الطائرات الحربية الاسرائيلية بعد يومين من العملية القائد الوطني الكبير أبو علي مصطفى الأمين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وعبر المواطنون عن مشاعر الغضب بإطلاق صيحات تدعو لاستمرار المقاومة، ورددوا الهتافات المؤيدة لهذا النوع من العمليات المسلحة ضد الاحتلال، وأطلق سائقو السيارات أصوات زمامير سياراتهم، فيما قام مسلحون بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء تعبيراً عن ابتهاجهم بهذه العملية البطولية.
ردود أفعال الاحتلال
لقد أحدثت عملية «حصن مرغنيت» البطولية، صدمة قوية لدى المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، واهتزت لها أركان الاحتلال، وأحدثت جدلاً عاصفاً في صفوف الاحتلال على المستوى السياسي والعسكري، وفي الرأي العام. حيث سارع مئير روزين مستشار رئيس وزراء دولة الاحتلال أرئيل شارون أنداك لتحميل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المسئولية عن العملية.
فيما قال آفي بارنز المتحدث باسم حكومة شارون في حينه إن «هذا الهجوم خطير لانهما تسللا الى قاعدة اسرائيلية، وسترد اسرائيل». في اشارة الى مدى الرعب الذي احدثته العملية في صفوف الاحتلال.
وقال وزير النقل في حكومة الاحتلال افرايم سنيه إن «الحدث الاخطر في هذا الهجوم هو انه يدل بالطريقة التي اتبعها نموذج مقاتلي الجبهة الديمقراطية ومقاتلي حزب الله اللبناني». وهنا لا بد من التنويه إلى العمليات الخاصة التي نفذها مقاتلي القوات المسلحة الثورية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الفترة ما بين عامي (1973-1979).
وأضاف أن «السؤال المطروح هو ليس معرفة كيف سنرد عسكريا على هذه العملية لكن كيف سنرد ذهنياً».
كما حذر رئيس دولة الاحتلال الاسرائيلي الحالي روفن ريفلين، الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من تكرار هجمات مماثلة، معتبراً ذلك سيكون بمثابة «اعلان حرب»، حيث كان يشغل وزير الاتصالات في حكومة شارون آنذاك.
وقال ريفلين في مقابلة مع التلفزيون الاسرائيلي «إذا بات الفلسطينيون يستخدمون الوسائل التكتيكية ذاتها وينفذون الهجمات النوعية، فسيتحتم علينا أن نعيد النظر في الوضع ونقول للفلسطينيين «ان كنتم تريدون الحرب فسوف تحصلون عليها. لا يمكن لأحد ان ينجو بفعلته بعد ما فعلتموه وان استمرت مثل هذه الاعمال فسيكون ذلك بمثابة اعلان حرب على اسرائيل».
فيما كتب الصحفي الإسرائيلي زئيف شيف في إحدى مقالاته حول مجريات العملية: «من خلال النظر لتخطيط الهجوم ونتائجه، نستطيع أن نقول أن غزة تملك عقول عسكرية ستدمرنا إذ لم نقطعها».
بعد عملية «حصن مرغنيت»، توالت عمليات المقاومة النوعية ضد الاحتلال، وتنوعت أساليبها وتكتيكاتها، وأجبرته على الانسحاب من قطاع غزة في عام 2005، هروباً من ضربات المقاومة الموجعة وتكتيكاتها ضد مواقع جيش الاحتلال الاسرائيلي وحصونه، فلم يجد رئيس حكومة الاحتلال شارون آنذاك سوى الانسحاب من غزة وتفكيك المستوطنات التي أقامتها اسرائيل على أرضها، فلم يكن هذا الانسحاب الاسرائيلي إلا دلالة على عدم قدرة اسرائيل على حماية مستوطناتها وحصونها العسكرية، والقضاء على المقاومة في القطاع الصامد.
ماضون على خطى الشهداء
من جهتها، أكدت كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين،(25/8) وهي تحيي الذكرى الثامنة عشر لعملية اقتحام «حصن مرغنيت» البطولية، والتي نفذها الشهيدان المقاتلان أمين ابو حطب وهشام أبو جاموس، وأدت إلى مقتل واصابة عدد من جنود الاحتلال، وأربكت قادة الاحتلال وجنوده، واسقطت حصونه الأمنية، إنها «ستبقى وفية للشهيدين أبو حطب وأبو جاموس، بالسير على خطاهم في مقاومة الاحتلال والدفاع عن أبناء شعبنا الذي يمثل الحاضنة الشعبية للمقاومة حتى تحقيق أهدافه الوطنية، ومواجهة التحديات والصفقات التي تحاك ضده وتهدف لتصفية حقوقه الوطنية وقضيته الفلسطينية وفي مقدمتها «صفقة ترامب- نتنياهو»».
وشددت الكتائب على أن العمليات البطولية هي نتاج طبيعي وحق مشروع لشعبنا الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي رداً على جرائمه المتواصلة في قطاع غزة والضفة الفلسطينية والقدس المحتلة، مشيدة بالعمليات النوعية التي نفذت بشتى الأساليب والأدوات القتالية ضد جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، والتي كان آخرها العملية البطولية التي وقعت غرب مدينة رام الله بالضفة الفلسطينية، والقادرة على تكبيده مزيد من الخسائر وكسر هيبته وقوة ردعه.
وأكدت الكتائب أنها تُعد نفسها وإمكانياتها بكل الأساليب والوسائل النوعية لمفاجأة الاحتلال، إذا ما تجرأ وشن عدوان على القطاع. معاهدةً الشهداء والجرحى والأسرى وجماهير شعبنا بأن تبقى وفية لهم، وحاضرة في الدفاع عن شعبنا وحقوقه الوطنية المشروعة. ■
■ تصادف هذه الأيام الذكرى الثامنة عشر لعملية اقتحام «حصن مرغنيت» البطولية، التي نفذها الشهيدان المقاتلان في كتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أمين أبو حطب وهشام أبو جاموس، وسطرا خلالها أروع ملاحم البطولة والفداء، لتظل وسام شرف على صدر كل حر ينتمي لهذه الأرض. حيث أربكت العملية قادة الاحتلال وجنوده، ولقنته درساً بليغاً، ووجهت ضربة نوعية للمنظومة الأمنية الاسرائيلية، فكانت فاتحة للطريق أمام سلسلة من العمليات البطولية التي استهدفت مستوطنات ومواقع الاحتلال العسكرية في قطاع غزة، خلال «انتفاضة الاستقلال»، التي اندلعت في خريف عام 2000.
اختراق أمني
انطلق الشهيدان المقاتلان أبو حطب وأبو جاموس في تاريخ 25 آب/ أغسطس2001، لتنفيذ عملية نوعية دقيقة التخطيط وجريئة التنفيذ، اخترقا خلالها «حصن مرغنيت» العسكري الواقع في قلب مستوطنة جان أور، إحدى مستوطنات تجمع غوش قطيف الاستيطاني على شاطئ البحر بين محافظتي رفح وخانيونس، قبيل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. ونجح المقاتلان في اجتياز السياج الأمني الاسرائيلي والموانع والعوائق الالكترونية ونقاط المراقبة العسكرية المزودة بمناظير متطورة، وتمكنا من الدخول الى قلب الحصن المنيع، وباغتا جنود الاحتلال بالبنادق الرشاشة والقنابل اليدوية، واشتبكا مع جنود الاحتلال وجها لوجه من مسافة صفر، ما أدى إلى مقتل 3 جنود اسرائيليين بينهم ضابط من لواء النخبة «جفعاتي» وعدد من الجرحى، قبل ان يستشهدا على أرض المعركة.
دلالات العملية
حققت عملية الاقتحام البطولية توازناً للرعب، وقوة للردع، وأعطت مؤشراً على جهوزية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية للرد على جرائم الاحتلال، وقدرة مقاتلي كتائب المقاومة الوطنية على الوصول إلى أهدافهم وضرب جيش الاحتلال داخل مواقعه العسكرية المحصنة، وتكبيده خسائر فادحة.
وفي هذه العملية تجاوز الأداء القتالي لمقاتلي كتائب المقاومة الوطنية كل التوقعات، من خلال الاعتماد على اسلوب العمل الفدائي الفلسطيني القائم على اقتحام الحصون العسكرية، وتركيز العمليات المسلحة ضد الوجود العسكري الاحتلالي والأهداف الاستيطانية في الأراضي المحتلة عام 1967. وتتم ضد جنود عسكريين ومستوطنين مسلحين يمارسون القتل اليومي والعدوان بكافة أشكاله بحق الفلسطينيين، وينتهكون القانون الدولي والانساني متجاهلين قرارات الشرعية الدولية.
فيما رأى الدكتور عدنان ابو عامر المحلل السياسي في الشأن الإسرائيلي أن عملية «حصن مرغنيت»، جاءت استمراراً لهجمات المقاومة التي لم تسلم منها أي من المواقع العسكرية الإسرائيلية التي تنوعت وسائلها، بين اقتحام المستوطنات وإطلاق قذائف الهاون والصواريخ، واستخدام العبوات الموجهة وتفجير الآليات العسكرية، وحفر الأنفاق وتفجير عبوات ناسفة كبيرة تحت مواقع جيش الاحتلال.
وأكد أبو عامر في حوار خاص لـ«الحرية»، أن عملية «حصن مرغنيت» شكلت هدفاً مفضلاً للمقاومين رغم تحصينه، واعتبرها الخبراء العسكريون الإسرائيليون شكلاً من أشكال المقاومة يمثل قمة المواجهة مع الاحتلال، وذروة التحدي لأسطورته الأمنية والعسكرية التي روجها خلال العقود الماضية. فاقتحام وتدمير المواقع العسكرية، واختراق أنظمتها الأمنية ذات الحصانة العالية، والتمكن من الوصول إلى عمقها، وإعمال القتل والتجريح في أفرادها، يشكل أعلى درجات الإهانة لجيش الاحتلال الذي كثيراً ما تباهى بحرفيته العالية ومهنيته الرفيعة وقدراته الكبيرة، التي تتفوق على مجموع الجيوش العربية، ويدلل على مستوى الارتقاء النوعي الذي بلغته المقاومة، وتقدمها المطرد في مضمار المواجهة مع الاحتلال.
واضاف قائلاً: «لا شك فإن هذا الأسلوب القوي والمتميز يستلزم إعداداً جيداً وتخطيطاً دقيقاً قد يفوق الإعداد والتخطيط لأشكال المقاومة الأخرى، بدءا بتحديد الهدف المفترض اقتحامه واستهدافه، وجمع كامل المعلومات والمعطيات الخاصة بالهدف، ودراسة إمكانيات وفرص اقتحامه والثغرات الموجودة فيه، ورسم خطة عملية استناداً إلى معطيات الواقع الميداني، تراعي المفاجآت ودواعي الفشل، وتضع البدائل للاحتمالات المختلفة، وتنفيذ سليم وتطبيق دقيق، قد يتكلل بالنجاح، وقد يمنى بالفشل والإخفاق لاعتبارات مختلفة».
رد فعل الشارع الفلسطيني
عمت أجواء الفرح والسرور كافة محافظات الوطن، حيث اعتبر الفلسطينيون هذه العملية النوعية رداً طبيعياً على جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكب بحقهم وحق قادتهم، حيث اغتالت الطائرات الحربية الاسرائيلية بعد يومين من العملية القائد الوطني الكبير أبو علي مصطفى الأمين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وعبر المواطنون عن مشاعر الغضب بإطلاق صيحات تدعو لاستمرار المقاومة، ورددوا الهتافات المؤيدة لهذا النوع من العمليات المسلحة ضد الاحتلال، وأطلق سائقو السيارات أصوات زمامير سياراتهم، فيما قام مسلحون بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء تعبيراً عن ابتهاجهم بهذه العملية البطولية.
ردود أفعال الاحتلال
لقد أحدثت عملية «حصن مرغنيت» البطولية، صدمة قوية لدى المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، واهتزت لها أركان الاحتلال، وأحدثت جدلاً عاصفاً في صفوف الاحتلال على المستوى السياسي والعسكري، وفي الرأي العام. حيث سارع مئير روزين مستشار رئيس وزراء دولة الاحتلال أرئيل شارون أنداك لتحميل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المسئولية عن العملية.
فيما قال آفي بارنز المتحدث باسم حكومة شارون في حينه إن «هذا الهجوم خطير لانهما تسللا الى قاعدة اسرائيلية، وسترد اسرائيل». في اشارة الى مدى الرعب الذي احدثته العملية في صفوف الاحتلال.
وقال وزير النقل في حكومة الاحتلال افرايم سنيه إن «الحدث الاخطر في هذا الهجوم هو انه يدل بالطريقة التي اتبعها نموذج مقاتلي الجبهة الديمقراطية ومقاتلي حزب الله اللبناني». وهنا لا بد من التنويه إلى العمليات الخاصة التي نفذها مقاتلي القوات المسلحة الثورية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الفترة ما بين عامي (1973-1979).
وأضاف أن «السؤال المطروح هو ليس معرفة كيف سنرد عسكريا على هذه العملية لكن كيف سنرد ذهنياً».
كما حذر رئيس دولة الاحتلال الاسرائيلي الحالي روفن ريفلين، الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من تكرار هجمات مماثلة، معتبراً ذلك سيكون بمثابة «اعلان حرب»، حيث كان يشغل وزير الاتصالات في حكومة شارون آنذاك.
وقال ريفلين في مقابلة مع التلفزيون الاسرائيلي «إذا بات الفلسطينيون يستخدمون الوسائل التكتيكية ذاتها وينفذون الهجمات النوعية، فسيتحتم علينا أن نعيد النظر في الوضع ونقول للفلسطينيين «ان كنتم تريدون الحرب فسوف تحصلون عليها. لا يمكن لأحد ان ينجو بفعلته بعد ما فعلتموه وان استمرت مثل هذه الاعمال فسيكون ذلك بمثابة اعلان حرب على اسرائيل».
فيما كتب الصحفي الإسرائيلي زئيف شيف في إحدى مقالاته حول مجريات العملية: «من خلال النظر لتخطيط الهجوم ونتائجه، نستطيع أن نقول أن غزة تملك عقول عسكرية ستدمرنا إذ لم نقطعها».
بعد عملية «حصن مرغنيت»، توالت عمليات المقاومة النوعية ضد الاحتلال، وتنوعت أساليبها وتكتيكاتها، وأجبرته على الانسحاب من قطاع غزة في عام 2005، هروباً من ضربات المقاومة الموجعة وتكتيكاتها ضد مواقع جيش الاحتلال الاسرائيلي وحصونه، فلم يجد رئيس حكومة الاحتلال شارون آنذاك سوى الانسحاب من غزة وتفكيك المستوطنات التي أقامتها اسرائيل على أرضها، فلم يكن هذا الانسحاب الاسرائيلي إلا دلالة على عدم قدرة اسرائيل على حماية مستوطناتها وحصونها العسكرية، والقضاء على المقاومة في القطاع الصامد.
ماضون على خطى الشهداء
من جهتها، أكدت كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين،(25/8) وهي تحيي الذكرى الثامنة عشر لعملية اقتحام «حصن مرغنيت» البطولية، والتي نفذها الشهيدان المقاتلان أمين ابو حطب وهشام أبو جاموس، وأدت إلى مقتل واصابة عدد من جنود الاحتلال، وأربكت قادة الاحتلال وجنوده، واسقطت حصونه الأمنية، إنها «ستبقى وفية للشهيدين أبو حطب وأبو جاموس، بالسير على خطاهم في مقاومة الاحتلال والدفاع عن أبناء شعبنا الذي يمثل الحاضنة الشعبية للمقاومة حتى تحقيق أهدافه الوطنية، ومواجهة التحديات والصفقات التي تحاك ضده وتهدف لتصفية حقوقه الوطنية وقضيته الفلسطينية وفي مقدمتها «صفقة ترامب- نتنياهو»».
وشددت الكتائب على أن العمليات البطولية هي نتاج طبيعي وحق مشروع لشعبنا الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي رداً على جرائمه المتواصلة في قطاع غزة والضفة الفلسطينية والقدس المحتلة، مشيدة بالعمليات النوعية التي نفذت بشتى الأساليب والأدوات القتالية ضد جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، والتي كان آخرها العملية البطولية التي وقعت غرب مدينة رام الله بالضفة الفلسطينية، والقادرة على تكبيده مزيد من الخسائر وكسر هيبته وقوة ردعه.
وأكدت الكتائب أنها تُعد نفسها وإمكانياتها بكل الأساليب والوسائل النوعية لمفاجأة الاحتلال، إذا ما تجرأ وشن عدوان على القطاع. معاهدةً الشهداء والجرحى والأسرى وجماهير شعبنا بأن تبقى وفية لهم، وحاضرة في الدفاع عن شعبنا وحقوقه الوطنية المشروعة. ■
أضف تعليق