بتسيلم: الجيش الإسرائيلي يعترف بالقتل العبث على حدود غزة
القدس المحتلة ( الاتجاه الديمقراطي)
مئات الفلسطينيّين استشهدوا وآلاف جُرحوا جرّاء سياسة إطلاق النّار المخالفة للقانون التي تطبّقها إسرائيل في مظاهرات «مسيرات العودة» في قطاع غزّة والتي حظيت بمصادقة محكمة العدل العليا. والآن تعترف جهات رسميّة في إسرائيل أنّها كانت تعلم جيّدًا أنّ هناك من قُتلوا في هذه المظاهرات دون أيّ مبرّر حتى من وجهة نظر الدّولة. رغم ذلك لا أحد كلّف نفسه تغيير التعليمات بل واصل الجيش العمل بطريقة التجربة والخطأ وكأنّ الفلسطينيّين ليسوا بشرًا حقيقيّين يقتلهم الرّصاص الحيّ ويصيبهم بجراح - وهو ما حدث فعلًا؛ بشر تدمّرت حياتهم وحياة أسرهم إلى الأبد.
يوم أوّل أمس (22.7.19) تبيّن أنّ الجهات الرسميّة كانت طوال الوقت تدرك جيّدًا وجود فجوة بين تصريحات المسؤولين والواقع. لقد نشرت كرميلا منشه مراسلة حدشوت كان أنّ الجيش قرّر الآن تغيير تعليمات إطلاق النّار الصّادرة للقنّاصة بعد أن تبيّن أنّ التصويب على الجزء الأسفل من الجسم وفوق الرّكبة، سبّب الموت في معظم الأحيان رغم أنّه لم يكن هذا هو القصد. التعليمات للجنود من الآن فصاعدًا هي أن يصوّبوا إلى ما تحت الرّكبة كملاذ أخير ولاحقًا قيل لهم إلى الكاحل. ضابط رفيع في كلّية مكافحة الإرهاب التابعة للجيش صرّح أنّ هدف القنّاصة "لا أن يقتلوا وإنّما أن يصيبوا ولذلك تخصّ إحدى العبر المستخلصة مسألة اتّجاه التصويب… في البداية قلنا لهم أن يصوّبوا نحو الأرجُل وعندما وجدنا أنّ هذا قد يسبّب الموت قلنا لهم أن يصوّبوا إلى ما تحت الرّكبة ولاحقًا حدّدنا التعليمات أكثر وقلنا التصويب إلى الكاحل.
قرار تغيير تعليمات إطلاق النار في هذا الوقت المتأخّر وبعد تطبيقها طيلة أكثر من سنة وتسبّبها في مقتل ما لا يقلّ عن 206 فلسطينيّين من بينهم 37 قاصرًا وجرح الآلاف ليس معناه أنّ الجيش يولي قيمة كبيرة لحياة البشر بل معناه عكس ذلك تمامًا: إنّه يدلّ على أنّ الجيش اختار وهو بكامل وعيه ألّا يعتبر من يقفون قبالته في الجانب الآخر بشرًا. محكمة العدل العليا صدّقت ببراءة مصطنعة هذا الكلام وصادقت عليه. هؤلاء وأولئك يتحمّلون مسؤوليّة هذه السياسة الإجراميّة.
خلفيّة
في آذار 2018 ابتدأ الآلاف من سكّان قطاع غزّة في التظاهر قرب الشريط الفاصل بين قطاع غزّة وإسرائيل مطالبين برفع الحصار عن القطاع وإحقاق حقّ العودة للّاجئين. منذ البداية وحتى منذ الإعلان عن المظاهرة الأولى، عرّفت إسرائيل المظاهرات كخطر وجوديّ يتهدّد الدّولة واعتبرت المشاركين مخرّبين خطيرين. من هذا المنطلق طبّق الجيش منذ المظاهرة الأولى سياسة إطلاق نار فتّاكة ومخالفة للقانون وغير أخلاقيّة ويلوح فوقها علم أسود حيث أجازت إطلاق الرّصاص الحيّ على متظاهرين متواجدين في الجانب الآخر من الشريط العازل ولا يشكّلون خطرًا على أحد، فكم بالحريّ على عناصر قوّات الأمن المدجّجين بالسّلاح والمحصّنين جيّدًا والمتواجدين بعيدًا جدًّا عن المتظاهرين. لقد ناشدت بتسيلم الجنود أن يرفضوا الانصياع لهذه التعليمات ويمتنعوا عن إطلاق النّار على متظاهرين عزّل.
تمّ رفع التماس إلى محكمة العدل العليا ضدّ هذه التعليمات وردّت الدّولة دفاعًا عن نفسها قائلة «لا شكّ في قانونيّة التعليمات" وموضحة أنّها تعليمات حظيت بمصادقة المدّعي العامّ العسكريّ والمستشار القضائيّ للحكومة. وادّعت إسرائيل أنّ التعليمات تجيز إطلاق النار "فقط لأجل مواجهة أعمال شغب عنيفة يحتمل أن تشكّل خطرًا داهمًا ومحقّقًا يهدّد قوّات جيش الاحتلال الإسرائيلي أو مواطنين إسرائيليّين»، وأنّ «القواعد تجيز التصويب بالضبط على رجلي مشاغب رئيسيّ أو محرّض رئيسيّ بهدف درء الخطر المترتّب على الشغب العنيف». وأضافت أيضًا أنّه «تتمّ طوال الوقت وبشكل منتظم عمليّة استخلاص عِبَر العمليّات في الميدان وتذويتها» ونوّهت عن صدور "إيضاحات وإضاءات مختلفة هدفها المزيد من تقليص أعداد المصابين قدر الإمكان»، كما أشارت أنّ حالات الوفاة قد «تمّ تحويلها لجهاز التحقيقات التابع لقيادة الأركان الذي يتقصّى ملابسات الأحداث الاستثنائيّة».
المحكمة من جانبها قبلت موقف الدولة المذكور جملة وتفصيلًا ودون أيّ تمحيص. القاضي حنان ملتسر نائب رئيسة المحكمة العليا أقرّ أنّ التعليمات تجيز إطلاق الرّصاص الحيّ فقط في حالة خطر داهم ومحقّق يتهدّد قوّات جيش الاحتلال الإسرائيليّ أو مواطنين إسرائيليّين وأنّها "تجيز التصويب بالضبط على رجلي مشاغب رئيسيّ أو محرّض رئيسيّ بهدف القضاء على الخطر المتوقّع والدّاهم. إستر حيوت رئيسة المحكمة ضمّت صوتها إلى صوت القاضي ملتسر وقبلت هي أيضًا جملة وتفصيلًا ادّعاءات الدّولة بخصوص الحذر الشديد الذي يتّبعه الجيش في كلّ ما يتعلّق بالرّصاص الحيّ "لكي يقلّل قدر الإمكان من الأضرار التي قد تلحق بالمشاركين من المواطنين الذين لا علاقة لهم.
في الأشهر التي تتالت منذ بدء المظاهرات أخذت الفجوة تتّسع بين ما ادّعته إسرائيل أمام المحكمة وقرار القضاة وبين النتائج المروّعة الناجمة عن تطبيق تعليمات إطلاق النار على أرض الواقع: حتى اليوم قتل الجيش في هذه المظاهرات بالرّصاص الحيّ 206 فلسطينيّين على الأقلّ من بينهم 37 قاصرًا. تفيد معطيات أوتشا OCHA - (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة في هيئة الأمم المتحدة) أنّ أكثر من 7,800 فلسطينيّ أصيبوا بالرّصاص الحيّ. أمّا منظّمة الصحّة العالميّة فتفيد معطياتها أنّ هناك 139 مصابًا من ضمنهم 30 قاصرًا اضطرّ الأطبّاء إلى بتر أعضاء من جسدهم، من بينهم 121 حالة بتر أطراف سفلى؛ وهناك 24 جريحًا أقعدهم الشّلل نتيجة لإصابتهم في العمود الفقريّ.
هذه النتائج واكبتها ونشرت عنها في حينه منظمة بتسيلم ومنظمات حقوق إنسان أخرى ومختلف وسائل الإعلام. ورغم ذلك رفضت جميع الجهات الرسميّة تغيير تعليمات إطلاق النّار حيث عادت وأكّدت بإصرار أنّ تعليمات إطلاق النّار قانونيّة وتناسبيّة وأنّ إطلاق الرّصاص الحيّ يتمّ فقط كملاذ أخير وفي غياب أيّ خيار آخر.
يوم أوّل أمس (22.7.19) تبيّن أنّ الجهات الرسميّة كانت طوال الوقت تدرك جيّدًا وجود فجوة بين تصريحات المسؤولين والواقع. لقد نشرت كرميلا منشه مراسلة حدشوت كان أنّ الجيش قرّر الآن تغيير تعليمات إطلاق النّار الصّادرة للقنّاصة بعد أن تبيّن أنّ التصويب على الجزء الأسفل من الجسم وفوق الرّكبة، سبّب الموت في معظم الأحيان رغم أنّه لم يكن هذا هو القصد. التعليمات للجنود من الآن فصاعدًا هي أن يصوّبوا إلى ما تحت الرّكبة كملاذ أخير ولاحقًا قيل لهم إلى الكاحل. ضابط رفيع في كلّية مكافحة الإرهاب التابعة للجيش صرّح أنّ هدف القنّاصة "لا أن يقتلوا وإنّما أن يصيبوا ولذلك تخصّ إحدى العبر المستخلصة مسألة اتّجاه التصويب… في البداية قلنا لهم أن يصوّبوا نحو الأرجُل وعندما وجدنا أنّ هذا قد يسبّب الموت قلنا لهم أن يصوّبوا إلى ما تحت الرّكبة ولاحقًا حدّدنا التعليمات أكثر وقلنا التصويب إلى الكاحل.
قرار تغيير تعليمات إطلاق النار في هذا الوقت المتأخّر وبعد تطبيقها طيلة أكثر من سنة وتسبّبها في مقتل ما لا يقلّ عن 206 فلسطينيّين من بينهم 37 قاصرًا وجرح الآلاف ليس معناه أنّ الجيش يولي قيمة كبيرة لحياة البشر بل معناه عكس ذلك تمامًا: إنّه يدلّ على أنّ الجيش اختار وهو بكامل وعيه ألّا يعتبر من يقفون قبالته في الجانب الآخر بشرًا. محكمة العدل العليا صدّقت ببراءة مصطنعة هذا الكلام وصادقت عليه. هؤلاء وأولئك يتحمّلون مسؤوليّة هذه السياسة الإجراميّة.
خلفيّة
في آذار 2018 ابتدأ الآلاف من سكّان قطاع غزّة في التظاهر قرب الشريط الفاصل بين قطاع غزّة وإسرائيل مطالبين برفع الحصار عن القطاع وإحقاق حقّ العودة للّاجئين. منذ البداية وحتى منذ الإعلان عن المظاهرة الأولى، عرّفت إسرائيل المظاهرات كخطر وجوديّ يتهدّد الدّولة واعتبرت المشاركين مخرّبين خطيرين. من هذا المنطلق طبّق الجيش منذ المظاهرة الأولى سياسة إطلاق نار فتّاكة ومخالفة للقانون وغير أخلاقيّة ويلوح فوقها علم أسود حيث أجازت إطلاق الرّصاص الحيّ على متظاهرين متواجدين في الجانب الآخر من الشريط العازل ولا يشكّلون خطرًا على أحد، فكم بالحريّ على عناصر قوّات الأمن المدجّجين بالسّلاح والمحصّنين جيّدًا والمتواجدين بعيدًا جدًّا عن المتظاهرين. لقد ناشدت بتسيلم الجنود أن يرفضوا الانصياع لهذه التعليمات ويمتنعوا عن إطلاق النّار على متظاهرين عزّل.
تمّ رفع التماس إلى محكمة العدل العليا ضدّ هذه التعليمات وردّت الدّولة دفاعًا عن نفسها قائلة «لا شكّ في قانونيّة التعليمات" وموضحة أنّها تعليمات حظيت بمصادقة المدّعي العامّ العسكريّ والمستشار القضائيّ للحكومة. وادّعت إسرائيل أنّ التعليمات تجيز إطلاق النار "فقط لأجل مواجهة أعمال شغب عنيفة يحتمل أن تشكّل خطرًا داهمًا ومحقّقًا يهدّد قوّات جيش الاحتلال الإسرائيلي أو مواطنين إسرائيليّين»، وأنّ «القواعد تجيز التصويب بالضبط على رجلي مشاغب رئيسيّ أو محرّض رئيسيّ بهدف درء الخطر المترتّب على الشغب العنيف». وأضافت أيضًا أنّه «تتمّ طوال الوقت وبشكل منتظم عمليّة استخلاص عِبَر العمليّات في الميدان وتذويتها» ونوّهت عن صدور "إيضاحات وإضاءات مختلفة هدفها المزيد من تقليص أعداد المصابين قدر الإمكان»، كما أشارت أنّ حالات الوفاة قد «تمّ تحويلها لجهاز التحقيقات التابع لقيادة الأركان الذي يتقصّى ملابسات الأحداث الاستثنائيّة».
المحكمة من جانبها قبلت موقف الدولة المذكور جملة وتفصيلًا ودون أيّ تمحيص. القاضي حنان ملتسر نائب رئيسة المحكمة العليا أقرّ أنّ التعليمات تجيز إطلاق الرّصاص الحيّ فقط في حالة خطر داهم ومحقّق يتهدّد قوّات جيش الاحتلال الإسرائيليّ أو مواطنين إسرائيليّين وأنّها "تجيز التصويب بالضبط على رجلي مشاغب رئيسيّ أو محرّض رئيسيّ بهدف القضاء على الخطر المتوقّع والدّاهم. إستر حيوت رئيسة المحكمة ضمّت صوتها إلى صوت القاضي ملتسر وقبلت هي أيضًا جملة وتفصيلًا ادّعاءات الدّولة بخصوص الحذر الشديد الذي يتّبعه الجيش في كلّ ما يتعلّق بالرّصاص الحيّ "لكي يقلّل قدر الإمكان من الأضرار التي قد تلحق بالمشاركين من المواطنين الذين لا علاقة لهم.
في الأشهر التي تتالت منذ بدء المظاهرات أخذت الفجوة تتّسع بين ما ادّعته إسرائيل أمام المحكمة وقرار القضاة وبين النتائج المروّعة الناجمة عن تطبيق تعليمات إطلاق النار على أرض الواقع: حتى اليوم قتل الجيش في هذه المظاهرات بالرّصاص الحيّ 206 فلسطينيّين على الأقلّ من بينهم 37 قاصرًا. تفيد معطيات أوتشا OCHA - (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة في هيئة الأمم المتحدة) أنّ أكثر من 7,800 فلسطينيّ أصيبوا بالرّصاص الحيّ. أمّا منظّمة الصحّة العالميّة فتفيد معطياتها أنّ هناك 139 مصابًا من ضمنهم 30 قاصرًا اضطرّ الأطبّاء إلى بتر أعضاء من جسدهم، من بينهم 121 حالة بتر أطراف سفلى؛ وهناك 24 جريحًا أقعدهم الشّلل نتيجة لإصابتهم في العمود الفقريّ.
هذه النتائج واكبتها ونشرت عنها في حينه منظمة بتسيلم ومنظمات حقوق إنسان أخرى ومختلف وسائل الإعلام. ورغم ذلك رفضت جميع الجهات الرسميّة تغيير تعليمات إطلاق النّار حيث عادت وأكّدت بإصرار أنّ تعليمات إطلاق النّار قانونيّة وتناسبيّة وأنّ إطلاق الرّصاص الحيّ يتمّ فقط كملاذ أخير وفي غياب أيّ خيار آخر.
أضف تعليق