خمس سنوات على عدوان «الجرف الصامد» على غزة
غزة (الاتجاه الديمقراطي) (تقرير تامر عوض الله)
■ أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي على شن حربه العدوانية الثالثة، الأكثر شراسة على قطاع غزة، قبل خمس سنوات، أطلق عليها عملية «الجرف الصامد».
وأمعنت إسرائيل في عدوانها على القطاع، الذي بدأ في السابع من تموز/ يوليو 2014، وانتهى بعد 51 يوماً، في ارتكاب أفظع المجازر وحشية ضد الفلسطينيين، الذين يقبعون تحت وطأة الحصار الاسرائيلي الظالم، في بقعة جغرافية صغيرة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلو متر مربع.
هدفت اسرائيل من خلال ارتكابها للجرائم الوحشية ضد الفلسطينيين، واستهداف البيوت السكنية والمنشآت الحيوية، إلى اقتلاع المقاومة وتدمير بنيتها التحتية، وضرب الحاضنة الشعبية لها، لكن حالة الوعي المقاوم لدى الفلسطينيين، أفشلت مخططات الاحتلال في ضرب الجبهة الداخلية لتحقيق الانتصار على المقاومة، ولم يحقق شيئاً من اهدافه سوى القتل والتدمير.
ملاحم البطولة
وبحسب إحصائيات رسمية فقد أدت الحملة الاسرائيلية المسعورة واستخدام القوة النارية الهائلة ضد الشعب الفلسطيني خلال العدوان، إلى استشهاد أكثر من (2300) مواطناً، من بينهم (579) طفلاً، و(263) امرأة، و(102) مسناً، فيما أصيب أكثر من (11) ألف مواطن بجراح مختلفة من بينهم، (3303) من الأطفال، و(2101) امرأة، من بينهم المئات اصيبوا بإعاقات دائمة، وفقدان (19) فلسطينياً لم يعرف مصيرهم بعد، فيما بلغ عدد المنازل المدمرة (13217) منزلاً منهم (2465) دمر بالكامل، و (14667) دمر شبه كامل، وتضرر جزئي لـ (39500) منزلاً ، فيما دمرت خمسة أبراج سكنية بالكامل. وبلغ عدد المنشآت المتضررة (5427) منشأة بواقع (936) منشأة صناعية، و(3227) منشأة تجارية، و(93) منشأة سياحية، و(1171) مؤسسة خدماتية، قدرت خسائرها بمئات ملايين الدولارات.
وسطرت المقاومة الفلسطينية بمختلف أطيافها أروع الملاحم البطولية خلال العدوان الاسرائيلي ، واستبسلت في مواجهة جيش الاحتلال، وكبدته خسائر بشرية ومادية ومعنوية، وأحبطت أهدافه العسكرية، وتميزت في أدائها وقدرتها على إيلام جيش الاحتلال عبر تنفيذها للعمليات النوعية، وحققت انجازات عسكرية كبيرة في التصدي لعمليات التوغل البري الذي شهدته المناطق الشرقية والشمالية للقطاع، واستهداف المستوطنات والبلدات الاسرائيلية المحتلة برشقاتها الصاروخية المكثفة، الأمر الذي أدى إلى هروب الآلاف من سكان المستوطنات المحاذية للقطاع، فضلاً عن أسرها لعدد من الجنود الإسرائيليين مازال مصيرهم مجهول حتى الآن.
وقتلت المقاومة خلال تصديها للعدوان (72) جندياً إسرائيليا، وأصابت أكثر من (720) آخرين، منهم (300) جندياً خرجوا من العدوان بإعاقات دائمة، فيما هرب نحو (300) جندياً من أداء خدمتهم العسكرية، وتعرض (3000) جندي ومستوطن إسرائيلي لصدمات نفسية وهلع ورعب شديدين.
فيما بلغت تكلفة العدوان في الحسابات الإسرائيلية ما بين (3-4) مليار دولار منها (2.5) مليار دولار خسائر في الاسلحة والذخائر، أما خسائر المستوطنين فقد بلغت أكثر من (450) مليون دولار، بينما بلغت خسائر قطاع السياحة (650) مليوناً، فيما قدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بحوالي مليار دولار.
كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كان لزاماً عليها العمل على كبح جماح عدوان الاحتلال جنباً إلى جنب مع الأجنحة العسكرية المقاتلة لفصائل المقاومة، والتي أبدت مقاومة باسلة وشرسة، واستبسلت في التصدي للعدوان الاسرائيلي والرد على جرائمه البشعة، فقتلت ثمانية جنود اسرائيليين وأصابت العشرات منهم في عمليات إطلاق الصواريخ المتنوعة وقذائف الهاون تجاه المواقع العسكرية والمستوطنات والبلدات المحتلة، فيما نفذ مقاتلوها عمليات قنص واشتباك مع القوات الاسرائيلية المتوغلة في المناطق الشرقية والشمالية للقطاع. وقاموا باستدراج جنود الاحتلال من خلال الكمائن المحكمة التي أعدت مسبقاً، واستهدفت آليات الاحتلال المتوغلة عبر تفجير العديد من العبوات الأرضية الناسفة، وإطلاق قذائف (آر. بي. جي) المضادة للدروع.
وقدمت كتائب المقاومة الوطنية خلال العدوان 25 شهيداً من خيرة مقاتليها وقادتها الميامين، وفي مقدمتهم، الشهيد يوسف الوصيفي قائد الإعلام العسكري لكتائب المقاومة الوطنية وعضو مجلسها العسكري، وإبراهيم جرغون، ورأفت طوطح، ووليد أبو ظاهر ورائد أبو مغصيب، إلى جانب الشهيد زكريا أبو دقة وإسماعيل أبو ظريفة وعيسى الشاعر أعضاء القيادة المركزية للجبهة الديمقراطية وغيرهم، الذين استشهدوا إثر عمليات اغتيال اسرائيلية، وفي محاور الدفاع والتصدي للهجوم الاسرائيلي البري على القطاع.
وحدة الموقف الفلسطيني
ورغم اشتداد المواجهة العسكرية بين المقاومة وجيش الاحتلال، جرت مفاوضات غير مباشرة بين الوفد الفلسطيني الموحد وبين الاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية في القاهرة. وقدم الوفد الفلسطيني الموحد نموذجاً فريداً في وحدة القرار الذي استند إلى الصلابة والشراسة بفعل قوة المقاومة في الميدان وصمود الشعب الحاضن لها، ما ساهم في تعزيز موقفه في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والإقليمية من خلال تمسكه بمطالبه وشروط وقف إطلاق النار.
وفي26 آب/ أغسطس 2014، توصل الجانبان إلى اتفاق وقف إطلاق النار برعاية مصرية، وتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
لم تكتف اسرائيل بذلك، ولم تحترم الاتفاق الذي يلزمها بوقف كافة أشكال العدوان، ورفع الحصار المفروض على غزة، بل واصلت عدوانها وخروقاتها المتواصلة ضد المدنيين في القطاع، لأن عقيدتها الراسخة قائمة على استباحة الدم الفلسطيني، فقد قتلت بعد هذا العدوان مئات الفلسطينيين وجرحت عشرات الآلاف منهم، لكن المقاومة قد استفادت من هذه التجربة، وعملت على توحيد الطاقات والامكانيات وحققت انجازاً عظيماً من خلال تشكيل «غرفة العمليات المشتركة»، والتي تضم (كتائب المقاومة الوطنية – كتائب القسام – سرايا القدس – كتائب ابو علي مصطفى – ألوية الناصر صلاح الدين وتشكيلات عسكرية مسلحة تتبع لفصائل عدة)، استناداُ على قاعدة أن الجميع بدون استثناء «شركاء في الدم .. شركاء في القرار»، وطورت من أدائها العسكري في إدارة المواجهة مع الاحتلال، لاسيما في جولات التصعيد الإسرائيلي التي صاحبت انطلاق «مسيرات العودة وكسر الحصار» في 30 آذار/مارس 2018.
وعملت على تثبيت قواعد اشتباك جديدة مع الاحتلال، وقابلت العدوان برد فلسطيني موحد قائم على قاعدة الصمود والتحدي وقوة الردع، وكانت ثماره بشكل أوسع على صعيد المواجهة مع الاحتلال، كان آخرها ما حققته من انجازات عسكرية خلال جولة التصعيد الاسرائيلي الأخيرة في القطاع في 4 أيار/مايو 2019.
إن تجربة المقاومة النوعية وتوحدها في ميدان المواجهة مع الاحتلال، ما هي إلا واحدة من التجارب الغنية الواجب صونها وتطويرها وتعميقها، على أن تكون معبراً للحالة الفلسطينية، وأداة ضغط على طرفي الانقسام «فتح وحماس» لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، حتى نستطيع مواجهة كافة المشاريع الهادفة إلى تصفية القضية وشطب الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمها «صفقة ترامب» ومخرجات «ورشة البحرين» الاقتصادية. ■
• ينشر بالتزامن مع مجلة الحرية في عددها رقم 1733
■ أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي على شن حربه العدوانية الثالثة، الأكثر شراسة على قطاع غزة، قبل خمس سنوات، أطلق عليها عملية «الجرف الصامد».
وأمعنت إسرائيل في عدوانها على القطاع، الذي بدأ في السابع من تموز/ يوليو 2014، وانتهى بعد 51 يوماً، في ارتكاب أفظع المجازر وحشية ضد الفلسطينيين، الذين يقبعون تحت وطأة الحصار الاسرائيلي الظالم، في بقعة جغرافية صغيرة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلو متر مربع.
هدفت اسرائيل من خلال ارتكابها للجرائم الوحشية ضد الفلسطينيين، واستهداف البيوت السكنية والمنشآت الحيوية، إلى اقتلاع المقاومة وتدمير بنيتها التحتية، وضرب الحاضنة الشعبية لها، لكن حالة الوعي المقاوم لدى الفلسطينيين، أفشلت مخططات الاحتلال في ضرب الجبهة الداخلية لتحقيق الانتصار على المقاومة، ولم يحقق شيئاً من اهدافه سوى القتل والتدمير.
ملاحم البطولة
وبحسب إحصائيات رسمية فقد أدت الحملة الاسرائيلية المسعورة واستخدام القوة النارية الهائلة ضد الشعب الفلسطيني خلال العدوان، إلى استشهاد أكثر من (2300) مواطناً، من بينهم (579) طفلاً، و(263) امرأة، و(102) مسناً، فيما أصيب أكثر من (11) ألف مواطن بجراح مختلفة من بينهم، (3303) من الأطفال، و(2101) امرأة، من بينهم المئات اصيبوا بإعاقات دائمة، وفقدان (19) فلسطينياً لم يعرف مصيرهم بعد، فيما بلغ عدد المنازل المدمرة (13217) منزلاً منهم (2465) دمر بالكامل، و (14667) دمر شبه كامل، وتضرر جزئي لـ (39500) منزلاً ، فيما دمرت خمسة أبراج سكنية بالكامل. وبلغ عدد المنشآت المتضررة (5427) منشأة بواقع (936) منشأة صناعية، و(3227) منشأة تجارية، و(93) منشأة سياحية، و(1171) مؤسسة خدماتية، قدرت خسائرها بمئات ملايين الدولارات.
وسطرت المقاومة الفلسطينية بمختلف أطيافها أروع الملاحم البطولية خلال العدوان الاسرائيلي ، واستبسلت في مواجهة جيش الاحتلال، وكبدته خسائر بشرية ومادية ومعنوية، وأحبطت أهدافه العسكرية، وتميزت في أدائها وقدرتها على إيلام جيش الاحتلال عبر تنفيذها للعمليات النوعية، وحققت انجازات عسكرية كبيرة في التصدي لعمليات التوغل البري الذي شهدته المناطق الشرقية والشمالية للقطاع، واستهداف المستوطنات والبلدات الاسرائيلية المحتلة برشقاتها الصاروخية المكثفة، الأمر الذي أدى إلى هروب الآلاف من سكان المستوطنات المحاذية للقطاع، فضلاً عن أسرها لعدد من الجنود الإسرائيليين مازال مصيرهم مجهول حتى الآن.
وقتلت المقاومة خلال تصديها للعدوان (72) جندياً إسرائيليا، وأصابت أكثر من (720) آخرين، منهم (300) جندياً خرجوا من العدوان بإعاقات دائمة، فيما هرب نحو (300) جندياً من أداء خدمتهم العسكرية، وتعرض (3000) جندي ومستوطن إسرائيلي لصدمات نفسية وهلع ورعب شديدين.
فيما بلغت تكلفة العدوان في الحسابات الإسرائيلية ما بين (3-4) مليار دولار منها (2.5) مليار دولار خسائر في الاسلحة والذخائر، أما خسائر المستوطنين فقد بلغت أكثر من (450) مليون دولار، بينما بلغت خسائر قطاع السياحة (650) مليوناً، فيما قدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بحوالي مليار دولار.
كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كان لزاماً عليها العمل على كبح جماح عدوان الاحتلال جنباً إلى جنب مع الأجنحة العسكرية المقاتلة لفصائل المقاومة، والتي أبدت مقاومة باسلة وشرسة، واستبسلت في التصدي للعدوان الاسرائيلي والرد على جرائمه البشعة، فقتلت ثمانية جنود اسرائيليين وأصابت العشرات منهم في عمليات إطلاق الصواريخ المتنوعة وقذائف الهاون تجاه المواقع العسكرية والمستوطنات والبلدات المحتلة، فيما نفذ مقاتلوها عمليات قنص واشتباك مع القوات الاسرائيلية المتوغلة في المناطق الشرقية والشمالية للقطاع. وقاموا باستدراج جنود الاحتلال من خلال الكمائن المحكمة التي أعدت مسبقاً، واستهدفت آليات الاحتلال المتوغلة عبر تفجير العديد من العبوات الأرضية الناسفة، وإطلاق قذائف (آر. بي. جي) المضادة للدروع.
وقدمت كتائب المقاومة الوطنية خلال العدوان 25 شهيداً من خيرة مقاتليها وقادتها الميامين، وفي مقدمتهم، الشهيد يوسف الوصيفي قائد الإعلام العسكري لكتائب المقاومة الوطنية وعضو مجلسها العسكري، وإبراهيم جرغون، ورأفت طوطح، ووليد أبو ظاهر ورائد أبو مغصيب، إلى جانب الشهيد زكريا أبو دقة وإسماعيل أبو ظريفة وعيسى الشاعر أعضاء القيادة المركزية للجبهة الديمقراطية وغيرهم، الذين استشهدوا إثر عمليات اغتيال اسرائيلية، وفي محاور الدفاع والتصدي للهجوم الاسرائيلي البري على القطاع.
وحدة الموقف الفلسطيني
ورغم اشتداد المواجهة العسكرية بين المقاومة وجيش الاحتلال، جرت مفاوضات غير مباشرة بين الوفد الفلسطيني الموحد وبين الاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية في القاهرة. وقدم الوفد الفلسطيني الموحد نموذجاً فريداً في وحدة القرار الذي استند إلى الصلابة والشراسة بفعل قوة المقاومة في الميدان وصمود الشعب الحاضن لها، ما ساهم في تعزيز موقفه في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والإقليمية من خلال تمسكه بمطالبه وشروط وقف إطلاق النار.
وفي26 آب/ أغسطس 2014، توصل الجانبان إلى اتفاق وقف إطلاق النار برعاية مصرية، وتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
لم تكتف اسرائيل بذلك، ولم تحترم الاتفاق الذي يلزمها بوقف كافة أشكال العدوان، ورفع الحصار المفروض على غزة، بل واصلت عدوانها وخروقاتها المتواصلة ضد المدنيين في القطاع، لأن عقيدتها الراسخة قائمة على استباحة الدم الفلسطيني، فقد قتلت بعد هذا العدوان مئات الفلسطينيين وجرحت عشرات الآلاف منهم، لكن المقاومة قد استفادت من هذه التجربة، وعملت على توحيد الطاقات والامكانيات وحققت انجازاً عظيماً من خلال تشكيل «غرفة العمليات المشتركة»، والتي تضم (كتائب المقاومة الوطنية – كتائب القسام – سرايا القدس – كتائب ابو علي مصطفى – ألوية الناصر صلاح الدين وتشكيلات عسكرية مسلحة تتبع لفصائل عدة)، استناداُ على قاعدة أن الجميع بدون استثناء «شركاء في الدم .. شركاء في القرار»، وطورت من أدائها العسكري في إدارة المواجهة مع الاحتلال، لاسيما في جولات التصعيد الإسرائيلي التي صاحبت انطلاق «مسيرات العودة وكسر الحصار» في 30 آذار/مارس 2018.
وعملت على تثبيت قواعد اشتباك جديدة مع الاحتلال، وقابلت العدوان برد فلسطيني موحد قائم على قاعدة الصمود والتحدي وقوة الردع، وكانت ثماره بشكل أوسع على صعيد المواجهة مع الاحتلال، كان آخرها ما حققته من انجازات عسكرية خلال جولة التصعيد الاسرائيلي الأخيرة في القطاع في 4 أيار/مايو 2019.
إن تجربة المقاومة النوعية وتوحدها في ميدان المواجهة مع الاحتلال، ما هي إلا واحدة من التجارب الغنية الواجب صونها وتطويرها وتعميقها، على أن تكون معبراً للحالة الفلسطينية، وأداة ضغط على طرفي الانقسام «فتح وحماس» لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، حتى نستطيع مواجهة كافة المشاريع الهادفة إلى تصفية القضية وشطب الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمها «صفقة ترامب» ومخرجات «ورشة البحرين» الاقتصادية. ■
• ينشر بالتزامن مع مجلة الحرية في عددها رقم 1733
أضف تعليق