حكومة اشتية والمجلس المركزي وشبكة الأمان العربية
أكد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، في اجتماعه في القاهرة، يوم الأحد الماضي، التزام الدول العربية بدعم موازنة دولة فلسطين وتنفيذ قرار قمة تونس بتفعيل شبكة أمان مالية بمبلغ 100 مليون دولار أميركي شهريا، لمواجهة الضغوط السياسية والمالية التي تتعرض لها. في الوقت ذاته يعتقد أنه بدأ توجيه الدعوات لانعقاد المجلس المركزي الفلسطيني، بينما بدأت الحكومة الفلسطينية الجديدة، بالإعلان عن خطوات تتصل عملياً في مسألة الأزمة المالية الراهنة المتصلة بالامتناع عن استلام عائدات الضرائب “المنقوصة” من الإسرائيليين، وكل هذا قد يشكل سيناريو للمرحلة المقبلة.
بالتأكيد، يعلم القادة الفلسطينيون، أنّ المطلوب ليس أن يقدّم العرب أموالا بدل الضرائب التي “يختطفها” الجانب الإسرائيلي. فالإسرائيليون عندما قرروا البدء بخصم عشرات ملايين الدولارات المتزايدة، من الأموال التي يجب أن يدفعوها للفلسطينيين، باعبتارها ضرائب على البضائع المستوردة لمناطق السلطة الفلسطينية، كانوا من ضمن أمور أخرى، يريدون إيصال رسالة أننا من يتحكم بإيقاع حياتكم اليومي واقتصادكم. والرد يكون بأنهم لا يستطيعون التحكم، وإن الاقتصاد الإسرائيلي، والإسرائيليون أنفسهم سيدفعون الثمن. بالتأكيد إنّ وقف الاعتماد على أموال يتحكم بها الاحتلال، لا يلغي أنّ ما يأخذه الجانب الإسرائيلي هو أموال فلسطينية لكن إذا ما قامت الدول العربية بتنفيذ وعودها المقرة أصلا في القمم العربية بدعم الجانب الفلسطيني، فهذا يوجه رسالة أنّ إسرائيل لا تملك كل القدرات التي تتخيلها، والأهم أن هذا سيساعد على سياسة فلسطينية جديدة.
سيكون الإسرائيليون سُعداء إذا استمر إيقاع الحياة كما هو الآن؛ امتناع الحصول على الضرائب الفلسطينية المستحقة، واستمرار التنسيق الأمني، واستمرار الواردات الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي، واستمرار أصوات عربية، حتى على شكل رجال أعمال ومثقفين يدعون للتطبيع مع الجانب الإسرائيلي، ولكن هذا كله يمكن أن يتغير. من المقرر أن يجتمع المجلس المركزي الفلسطيني قريباً، وحقيقة لا توجد قرارات جديدة يأخذها هذا المجلس، ولكن مهمته متابعة وتطوير العلاقة بين المجلس والحكومة الجديدة (وبالتالي بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية)، والتآزر في سياسات تنفيذية جديدة، وهو الأمر المهم، وربما الجديد. الحكومة الجديدة، برئاسة محمد اشتية، أعلنت مثلا قرارات تُطوّر ما أخذته الحكومة السابقة، من وقف التحويلات الطبية للمستشفيات الإسرائيلية، بالاتصال مع دول عربية لبدء استقبال المرضى الفلسطينيين.
هذا يعني ببساطة مأسسة المقاطعة للمستشفيات الاسرائيلية، التي تتلقى دخلاً مهما من تحويلات المرضى الفلسطينيين، وهو ما يعني بدء شعور قطاعات اقتصادية إسرائيلية بتبعات القرار الإسرائيلية خصم المستحقات الفلسطينية. ومع تأسيس الحكومة الجديدة، مثلا، وزارة باسم “الريادة والتمكين”، هدفها كما جاء في بيان صادر عنها “بناء اقتصاد حصين ومقاوم” والعمل على مشاريع التشغيل المستقلة عن الاحتلال بشكل أساسي، يمكن هنا ادخال موضوع شبكة الأمان العربية بشكل خاص. أقصى ما يعرضه الثلاثي الصهيوني في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، (جيسون غرينبلات، وجاريد كوشنير، وديفيد فرديمان) وأن يفعلوه، هو أن يقدموا للفلسطينيين، وخصوصاً خريجي الجامعات، فرص عمل في المستوطنات، والاقتصاد الاسرائيلي، مقابل تنازل ضمني عن المطالبة بحل سياسي سريع للقضية الفلسطينية، وعملياً مقابل التنازل عن الحقوق الوطنية، أو على الأقل القبول بالانشغال عنها. وبالتالي ما يمكن أن تفعله خطة “ريادة وتمكين” هي أن توجد بدائل مستقلة عن الاقتصاد الإسرائيلي، وتحقق استقلال اقتصادي فلسطيني، قدر الإمكان. شبكة الأمان العربية، يمكن أن تتضمن المساعدة في تقبل المرضى الفسلطينيين وتحمل أجزاء من فاتورتهم، ويمكن أن تتضمن فرص التشغيل عن بعد، عبر ما تتيحه تكنولوجيا الاتصال والعولمة، من اعتماد للكفاءات الفلسطينية، لتبقى هذه في أرضها ومستقلة عن الاحتلال في الوقت ذاته، وهذا ما يمكن لحكومة اشتية أن تطور برامج محددة بشأنه. إذا لم يشعر الشارع الإسرائيلي، والاقتصاد الإسرائيلي، ثم الأمن الإسرائيلي، بتبعات توقف الفلسطينيين، عن تلقي أموالهم، سيكون الإسرائيليون سعيدين جدا بهذا الوضع.
من هنا فإنّ برنامج شبكة الأمان العربية، يجب أن يشمل إضافة للمساعدة المالية، دعم خطة انفصال فلسطيني اقتصادياً عن الإسرائيليين، وهذا سيقود تدريجياً لتحولات في طبيعة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، بما في ذلك الشق الأمني.
*جامعة بير زيت - عن "الغد" الأردنية
بالتأكيد، يعلم القادة الفلسطينيون، أنّ المطلوب ليس أن يقدّم العرب أموالا بدل الضرائب التي “يختطفها” الجانب الإسرائيلي. فالإسرائيليون عندما قرروا البدء بخصم عشرات ملايين الدولارات المتزايدة، من الأموال التي يجب أن يدفعوها للفلسطينيين، باعبتارها ضرائب على البضائع المستوردة لمناطق السلطة الفلسطينية، كانوا من ضمن أمور أخرى، يريدون إيصال رسالة أننا من يتحكم بإيقاع حياتكم اليومي واقتصادكم. والرد يكون بأنهم لا يستطيعون التحكم، وإن الاقتصاد الإسرائيلي، والإسرائيليون أنفسهم سيدفعون الثمن. بالتأكيد إنّ وقف الاعتماد على أموال يتحكم بها الاحتلال، لا يلغي أنّ ما يأخذه الجانب الإسرائيلي هو أموال فلسطينية لكن إذا ما قامت الدول العربية بتنفيذ وعودها المقرة أصلا في القمم العربية بدعم الجانب الفلسطيني، فهذا يوجه رسالة أنّ إسرائيل لا تملك كل القدرات التي تتخيلها، والأهم أن هذا سيساعد على سياسة فلسطينية جديدة.
سيكون الإسرائيليون سُعداء إذا استمر إيقاع الحياة كما هو الآن؛ امتناع الحصول على الضرائب الفلسطينية المستحقة، واستمرار التنسيق الأمني، واستمرار الواردات الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي، واستمرار أصوات عربية، حتى على شكل رجال أعمال ومثقفين يدعون للتطبيع مع الجانب الإسرائيلي، ولكن هذا كله يمكن أن يتغير. من المقرر أن يجتمع المجلس المركزي الفلسطيني قريباً، وحقيقة لا توجد قرارات جديدة يأخذها هذا المجلس، ولكن مهمته متابعة وتطوير العلاقة بين المجلس والحكومة الجديدة (وبالتالي بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية)، والتآزر في سياسات تنفيذية جديدة، وهو الأمر المهم، وربما الجديد. الحكومة الجديدة، برئاسة محمد اشتية، أعلنت مثلا قرارات تُطوّر ما أخذته الحكومة السابقة، من وقف التحويلات الطبية للمستشفيات الإسرائيلية، بالاتصال مع دول عربية لبدء استقبال المرضى الفلسطينيين.
هذا يعني ببساطة مأسسة المقاطعة للمستشفيات الاسرائيلية، التي تتلقى دخلاً مهما من تحويلات المرضى الفلسطينيين، وهو ما يعني بدء شعور قطاعات اقتصادية إسرائيلية بتبعات القرار الإسرائيلية خصم المستحقات الفلسطينية. ومع تأسيس الحكومة الجديدة، مثلا، وزارة باسم “الريادة والتمكين”، هدفها كما جاء في بيان صادر عنها “بناء اقتصاد حصين ومقاوم” والعمل على مشاريع التشغيل المستقلة عن الاحتلال بشكل أساسي، يمكن هنا ادخال موضوع شبكة الأمان العربية بشكل خاص. أقصى ما يعرضه الثلاثي الصهيوني في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، (جيسون غرينبلات، وجاريد كوشنير، وديفيد فرديمان) وأن يفعلوه، هو أن يقدموا للفلسطينيين، وخصوصاً خريجي الجامعات، فرص عمل في المستوطنات، والاقتصاد الاسرائيلي، مقابل تنازل ضمني عن المطالبة بحل سياسي سريع للقضية الفلسطينية، وعملياً مقابل التنازل عن الحقوق الوطنية، أو على الأقل القبول بالانشغال عنها. وبالتالي ما يمكن أن تفعله خطة “ريادة وتمكين” هي أن توجد بدائل مستقلة عن الاقتصاد الإسرائيلي، وتحقق استقلال اقتصادي فلسطيني، قدر الإمكان. شبكة الأمان العربية، يمكن أن تتضمن المساعدة في تقبل المرضى الفسلطينيين وتحمل أجزاء من فاتورتهم، ويمكن أن تتضمن فرص التشغيل عن بعد، عبر ما تتيحه تكنولوجيا الاتصال والعولمة، من اعتماد للكفاءات الفلسطينية، لتبقى هذه في أرضها ومستقلة عن الاحتلال في الوقت ذاته، وهذا ما يمكن لحكومة اشتية أن تطور برامج محددة بشأنه. إذا لم يشعر الشارع الإسرائيلي، والاقتصاد الإسرائيلي، ثم الأمن الإسرائيلي، بتبعات توقف الفلسطينيين، عن تلقي أموالهم، سيكون الإسرائيليون سعيدين جدا بهذا الوضع.
من هنا فإنّ برنامج شبكة الأمان العربية، يجب أن يشمل إضافة للمساعدة المالية، دعم خطة انفصال فلسطيني اقتصادياً عن الإسرائيليين، وهذا سيقود تدريجياً لتحولات في طبيعة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، بما في ذلك الشق الأمني.
*جامعة بير زيت - عن "الغد" الأردنية
أضف تعليق