23 كانون الأول 2024 الساعة 04:29

دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى حماية المدنيين الفلسطينيين

2019-03-23 عدد القراءات : 639
تخوف حاخامات يهود من دعوة أنطونيو غوتيريش إلى تحسين حماية المدنيين الفلسطينيين، عبر ملاحظين غير مسلحين، أو بعثة أممية، من شرطة أو قوة عسكرية لحفظ السلام، لأن الدعوة حسب تعبيرهم، ميرانيسية آتية من اليهود المهاجرين الخارجين من البرتغال، تحت ضغط محاكم التفتيش، وقد بنوا كنسهم في أمستردام والبرازيل، ويوجد أقدم كنيس لهذه الفئة في الولايات المتحدة، حيث أقيمت صلاة لحماية دولية للفلسطينيين.
وتعد هذه الطائفة (غوتيريش) الأمين العام للأمم المتحدة من أصول يهودية، لاعتمادها على أسماء العائلات واسمه بالعبرية (رأس الممر الضيق) دلالة على أوضاع مأساوية عاشها الآباء تحت طائلة الإعدام في محاكم التفتيش التي مرت بها إسبانيا والبرتغال بعد سقوط الأندلس.
المجموعات في البرتغال
وسكن (غوتيريش) منطقة القديسين القدماء (سانتوس أوفاليو) في العاصمة لشبونة أو (لياشفونا) كما في كتابات الطائفة وتعني الدعوى الحسنة التي بارك فيها الحاخامات هذه الأرض قبل مغدرتهم إياها.
وحسب صامويل أوسك في كتابه الذي أتمه في منتصف 1553 م والمسمى (عزاء إلى قبائل إسرائيل) فإن الاسم المذكور يتبع هذه الأصول، وقد أقدمت العائلة على اعتناق الكاثوليكية، وتعمدوا على خدمة الكنيسة العالمية، فور حرق يهودي حيا في تولوز في 1522، فيما هاجر الآخرون إلى البرازيل الهولندية وباتجاه المغرب، وجزء من هذه المعلومات وثقتها عائلة (أبيدانا) أو (أبيندان) أكبر كنيس في فاس من (رامابام) الميموني.
ويزيد (صمويل أدغار) من توثيق هذه الشبكات العائلية في كتاب صادر له عام 2004 عن يهود إنكلترا والبرتغال الذين عاد بعضهم في إقليم (بيلمونت) البرتغالي إلى اليهودية في سبعينيات القرن الماضي، وبدعم أمريكي افتتح اليهود كنيستهم في هذه المدينة عام 1996.
وينتمي غوتيريش إلى المجموعة الأولى ضمن أربع مجموعات يهودية في البرتغال، وإن اشتهرت منذ 1801 العائلات القادمة من جبل طارق إلى العاصمة البرتغالية، وجرى حصرها في (أم زلاغ، كوردوسو كوهين، حزان، وكونكي) في لائحة المواطنين الإنكليز، ورفضت عائلات من أصول يهودية، التزاما بفكرتها الوطنية الالتحاق بهذه الموجة، وهناك من أنكر يهوديته مثل جد غوتيريش.
وهذه الدعوى يغلب عليها البطلان لأن الشواهد المذكورة غير كافية، وقد يرى البعض أن جدته من أمه عملت في مطبخ الفقراء (ليوأمزلاغ) واشتهرت أنها يهودية، وقيل مؤمنة ملتزمة فقط.
وحاولت إسرائيل دعم (أنطونيو غوتيريش) على رأس المندوبية السامية للاجئين لـ 10 سنوات و 6 أشهر و 16 يوما.
وطيلة هذه الفترة زاد عزل الملف الفلسطيني، وتحولت قضية اللاجئين إلى قضية (مدنيين فلسطينيين) تجب حمايتهم إلى درجة جاء في أحد أقوال حاخامات أمستردام: إن (أنطونيو مانويل داواليفير غوتيريش) محارب جيد لصالح إسرائيل، وانتشر في بعض الصلوات في الجزيرة الأيبيرية، حاملا الكلمة ومعناها، وانتقل إلى اللغات الأوروبية، ففي الألمانية تكون (غوته) هي الخير و(ريس) هي (الدقة) أو رأس الشيء، أي مقدمة الخير، وعلى نفس المعنى صارت الكلمة بمعنى الدقيق والمراقب، وفي الأندلس (رأس الغوث) من فصيح العربية التي استخدمتها القشتالية.
وتساعد هذه الخلفية بعض حاخامات إسرائيل الذين يقولون بيهودية (غوتيريش) لربح موقفه في صراع الشرق الأوسط، وهو ما نبه إليه بشكل صريح رئيس أقدم منظمة عبرية في العالم (بناي بريث) الأمريكي من تكساس (شارل كوفمان) في عمله مع الأمم المتحدة بشأن نقل التعاليم الصهيونية إلى الشباب والمهاجرين، وترى هذه الجهة أن الأصول اليهودية لغوتيريش تساعد على فهم جيد لقضايا اللاجئين اليهود الذين فرضوا حقهم للوصول إلى الدولة، وتمييز عملهم عن اللاجئين الفلسطينيين الذي يطمحون إلى الشيء نفسه.
إن العمل المضني للأمين العام للأمم المتحدة حول موضوع الهجرة يجب، في نظر الصهاينة، أن ينفصل عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهناك خطة لهذا الفصل بين ملفي الهجرة وفلسطين في الوسط الأممي كي تكون رواية أخرى لدعم الشعب الفلسطيني.
يقول التقرير الأخير لـ (بناي بريث): « إن مشكلة اللجوء والهجرة ليست فلسطينية، بل يهودية منذ قرون، وعرف البرتغاليون اليهود هذه الكارثة «، وفي فقرة أخرى: « إن الجذور اليهودية لأنطونيو غوتيريش تثير عند الجميع المأساة التي عشناها، لأن اللجوء والهجرة قد يكونان للدفاع عن الأسرة اليهودية، ولا يختلف غوتيريش و (كوفمان) في أمرين، كون الصهيونية جزءا من تراث سلبي يجب تصحيحه، وأنها دعوة لإعادة بناء نظرة بديلة عن المهاجرين والمرغمين على اللجوء، في أزمة اضطهاد استمرت منذ قرون وإلى النازية الألمانية والاستعمار البريطاني للأراضي المقدسة.
مسألة الهجرة
وتطورت محاولة (بناي بريث) العمل مع غوتيريش من خلال أولوياته وأجندته في الأمانة العامة للأمم المتحدة إلى عمل ميداني يحرم الفلسطينيين اللاجئين من التعاطف التي تحظى بها صورة اليهود اللاجئين إلى إسرائيل، لمنع تشجيع الدولة الفلسطينية كخيار لحل مشكل يدخل مائويته الثانية.
ومن اللافت أن يؤكد غوتيريش في لقائه كوفمان أن مشكلة اليهود والفلسطينيين، لأسباب مختلفة وظروف غير متناسبة، مشكلة هجرة قسرية تلقاها الشعبان وتحلها الدولتان الفلسطينية والإسرائيلية للوصول إل سلام شرق أوسطي دائم وعادل.
ولا يهتم الأمين العام للأمم المتحدة للخلفية الدينية في مسألة صراع ما يسمى إسرائيل والفلسطينيين، بل يقدمها على أساس أنها هجرة ولجوء يهودي تسببت في مشكلة هجرة ولجوء شعب آخر، ولا يمكن حل جزء من المشكل دون الالتفات لباقي مقاربة الأمين العام للأمم المتحدة، يقول (غوتيريش) كما تنقل عنه التقارير الصهيونية، إن القدرة على فهم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مختلفة لأن زاوية النظر التي ينطلق منها مفاجئة لبعض المحاورين، لكن اهتمامه بموضوع الهجرة أصبحت مقاربة يرى من خلالها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد أخذ في نظره بعدا آخر، لأنه يدعم إنشاء الدولة الفلسطينية، كما كانت دولة إسرائيل حلا لصراع دولي بعد الحرب العالمية الثانية.
وتعلق (بناي بريث) على هذه المقاربة بالقول: إن غوتيريش يعطي بعدا إنسانيا جديدا للصراع، لا يفيد بالضرورة إسرائيل، لكنه يهدئ الفلسطينيين في إطلاق انتفاضة جديدة، لأنه يؤكد على أنهم ضحايا، وأن تسوية مشكلتهم عبر (الدولة الفلسطينية ) مسألة مفهومة وعميقة، وليست صفقة سياسية يتفق عليها الطرفان، أو يقترحها طرف قوي مثل الولايات المتحدة، كما في حالة ترامب، في صفقة القرن.
إن (غوتيريش) معرقل مادي لصفقة القرن التي تغلب الطابع الجيوسياسي وتبني نفسها ظرفيا على موازين القوى التي تخدم نتنياهو في هذه المرحلة، فإضافة بعد عميق وإنساني وتاريخي للصراع، كما يقوم به شخصيا الأمين العام للأمم المتحدة لا يفيد الأجندة الصهيونية الأمريكية، كما يكتبها بوضوح كوفمان باسم (أبناء العهد) أو (بناي بريث) التي تعود في خدمتها لليهود إلى تاريخ تأسيسها في 13 تشرين الأول/أكتوبر 1843، أي قبل إنشاء إسرائيل بمائة سنة.
ويعلم الجميع أن منظمة (بناي بريث) متخصصة في عمل الأمم المتحدة والعمل مع أمنائها العامين للتأثير عليهم في موضوع ما تسميه (إسرائيل والفلسطينيين)، وقد يكون موضوعها حول: الأصول اليهودية جزء من بناء المعارك على الأساطير بمتعلقاتها المقدسة، وهو ما تكشفه الورقة الألمانية عن عمل المنظمة تحت النظام النازي بمسمى (بني بريس)، وهي سر بين 12 مهاجرا من يهود ألمانيا، ولم يجدوا غضاضة في بناء قصص لدعاواهم للتسامح، وفعلا أثرت هذه القصص في واقع الصراع العربي الإسرائيلي، وهو المصطلح المستخدم في مدارسها وفروعها في 60 بلدا، مع مجلة شهرية لها قسم عبري لا يخضع للترجمة.
وتطوير هذه المنظمة لـ (الأصول اليهودية) لأنطونيو غوتيريش يذهب أبعد مما يؤكده منشورها بالعبرية من ثلاث زوايا: أن مأساة الهجرة واللجوء اليهودي لا تتجاوزها مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وثانيا، التأكيد الإعلامي أن مأساة اللجوء السوري تتجاوز مأساة اللجوء الفلسطيني، وثالثا، العمل على عدم ربط حل مشكل اللجوء الفلسطيني بالدولة الفلسطينية، وهو ما لا يتقبله غوتيريش الذي عمل على ملف اللاجئين الفلسطينيين، ويؤكد على الانتشار الأممي عبر مراقبين لحفظ السلام لمنع بيئات اللجوء من صنع المزيد من الضحايا.
ولم يتفهم الأمين العام للأمم المتحدة قضية جرحى غزة برصاص الجنود الإسرائيليين، عندما قال لكوفمان:
حتى اللجوء لضمان وحماية الحياة ليس مسموحا به في غزة، وفي هذه الحالة تصنع إسرائيل جهنم حولها، ليعلق رئيس منظمة أبناء العهد: لقد كان متأثرا ولا بد مع ذلك من العمل معه، وبهذا تكشف إسرائيل أنها تصنع أساطيرها دائما، ولكل مناسبة حكايتها بين الوهم والتلفيق، وهذه الطريقة لا يحتاجها الفلسطينيون، لأن الواقع، قبل التاريخ، يقف إلى جانب حقهم في الدولة، يقول غوتيريش للرئيس كوفمان القادم من تكساس، وهو العارف والقائل أن قصر النظر إلى التاريخ مرارا يسبب محنة يعيشها الجميع في الشرق الأوسط.

أضف تعليق