27 كانون الأول 2024 الساعة 23:04

29 عاما على انعقاد المؤتمر الوطني العام للاتحاد العام لطلبة فلسطين .. الى متى ؟؟...

2019-01-19 عدد القراءات : 864
يعتبر الاتحاد العام لطلبة فلسطين، إحدى أهم المؤسسات والمنظمات الشعبية الفلسطينية المنضوية باطار منظمة التحرير الفلسطينية، حيث لعب الاتحاد الذي تأسس في العام 1959 دوراً كبيرا وهاماً في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، وشكل الركيزة الاساسية لانطلاق الحركة الوطنية الفلسطينية وفصائلها المتعددة، وتبوأت قياداته المواقع الأولى والرئيسية في عموم الفصائل الوطنية وحركات المقاومة.
كما ساهم الاتحاد عبر فروعه الخارجية المنتشرة في العديد من دول العالم كما من خلال عضويته في الاتحادات الشبابية والطلابية العالمية في شرح القضية الفلسطينية ونقل صورة ومعاناة شعبنا الفلسطيني الى الرأي العام العالمي من خلال مشاركاته المتعددة في الفعاليات الدولية والعربية والاقليمية. هذا الى جانب دوره النقابي في الدفاع عن قضايا الطلبة كما في دوره المتقدم ومشاركته الفاعلة في الثورة الفلسطينية والدفاع عنها في وجه الاعتداءات الاسرائيلية.
ورغم الظروف التي عاشتها الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية في مرحلة السبعينيات والثمانينات والحروب التي شنت عليها، لكنه يسجل للاتحاد محافظته على الحياة الديمقراطية واستمراره في عقد مؤتمراته الوطنية ومؤتمرات فروعه التي وصلت لأكثر من 45 فرعاً في العديد من دول العالم.
الا ان هذا الالتزام الديمقراطي للاتحاد العام لطلبة فلسطين قد تعطل بشكل كامل منذ المؤتمر الوطني العام العاشر الذي انعقد في العراق عام 1990، وانتخب هيئة ادارية ومجلساً تنفيذياً استمر بعمله لغاية عام 1998، ثم أعيد ترميمه بعدما تعالت الاصوات المطالبة بعقد المؤتمر والتجديد في هيئات الاتحاد وبنيته، فتم عقد جلسة خاصة في قطاع غزة للمجلس الاداري كونه السلطة الأعلى في ظل غياب المؤتمر العام، وحضره الرئيس الشهيد ياسر عرفات وعدد من قادة المنظمة، وجرى إعادة ترميم المجلس الاداري بإدخال أعضاء جدد وانتخبت هيئة تنفيذية جديدة أوكلت اليها مهمة رئيسية وهي التحضير لعقد المؤتمر الوطني العام الحادي عشر للاتحاد. لكنها فشلت في مهمتها ولم تتمكن من عقد المؤتمر العام، واستمرت في احتجازها للموقع القيادي الاول في الاتحاد حتى يومنا هذا، وما زال طلابنا الفلسطينيون في مختلف انحاء العالم ينتظرون ساعة الافراج عن مؤسستهم واتحادهم.
أجيال عبرت، وطلاباً تخرجوا واصبحوا آباءً واجداد، وهيئة ادارية مع تقديرنا واحترامنا لنضالاتها ودورها لكنها شاخت وترهلت وبعض اعضائها تجاوزت أعمارهم 60 عاماً، والبعض الأخر يتولى الان مسؤوليات رئيسية اخرى في منظمة التحرير ودوائرها، وبعيداً كل البعد عن الحركة الطلابية وواقعها وشؤونها واحتياجاتها، وبالتالي باتت قيادة الاتحاد منعزلة كليا وتعمل بعيداً عن قاعدتها الطلابية المؤطرة التي يفترض بها الحاضنة والرافعة الرئيسية لعمل الاتحاد.
واليوم وبعد 29 عاماً على انعقاد آخر مؤتمر للاتحاد، الا تستحق الحركة الطلابية وشريحة الطلبة والتحديات التي تعيشها قضيتنا الوطنية الفلسطينية والمشكلات المتعددة والمتفاقمة لطلابنا أن يكون لهم إطاراً وطنياً حاضناً لهمومهم ومشكلاتهم وراعياً لدورهم ونضالاتهم الوطنية والسياسية والنقابية؟.
إن استمرار تعطيل الحياة الديمقراطية في الاتحاد وغياب الرأس القيادي وانعزاله عن الفروع في البلدان المتعددة يساهم بشكل كبير في تراجع دور الحركة الطلابية ويحول القائم منها الى أطر سياسية أكثر منها اطراً نقابية تستند لرؤية وخطط عمل متكاملة تحاكي هموم وقضايا الطلبة على كافة الصعد، مع تسجيلنا الايجابي للمبادرات المحلية للطلبة والاطر الطلابية الفلسطينية في العديد من البلدان كما هو الحال في لبنان والجزائر وكوبا والصين والمغرب وتونس وقبرص الشمالية وغيرها من الدول التي إستشعر فيها الطلاب الفلسطينيون قيمة وأهمية وجود الاتحاد وبادروا لإعادة إحيائه بمعزل عن أي دور أو متابعة من قبل الهيئة التنفيذية. فيما بقيت العديد من الفروع الأخرى تعيش واقعاً من الجمود والانفلاش والاحباط وغياب الحياة الديمقراطية وتفتقد للبرنامج الذي يلبي حاجات الطلبة ويؤطر صفوفهم، والكثير من هذه الفروع باتت هياكل وهمية خاوية تفتقد المضمون الفعلي والحقيقي لدورها ونشاطها نتيجة السياسة التهميشية من قبل قيادة المنظمة والاتحاد الغائبة عن متابعة اوضاع الفروع وعدم مساهمتها في معالجة مشكلاتها واوضاعها وتجديد بنيتها واعادة الروح والحياة اليها من جديد.
كما يمكن ان نسجل فقدان الحركة الطلابية الفلسطينية للكثير من علاقاتها الدولية والاقليمية وحتى العربية، الى جانب تراجع فعلها وموقعها التمثيلي في الكثير من الاتحادات العالمية بسبب هشاشة وغياب إطارها القيادي الاول، مما أفقدها الكثير من المواقع والادوار القيادية في العديد من المحطات والفعاليات الدولية وبالتالي خسرت فلسطين صوت طلابها في هذه المحافل المفترض أن تكون منبراً وفرصة لنقل قضية شعبنا للعالم وشبابه وطلابه.
ان الواقع الذي يعيشه الاتحاد العام لطلبة فلسطين يتناقض ويتعاكس كلياً مع قرارات المجالس الوطنية والمركزية لمنظمة التحرير التي انعقدت في السنوات الاخيرة ودعت وأقرت في بياناتها وتوصياتها بإعادة ترتيب اوضاع الاتحادات الشعبية وعقد مؤتمراتها، الا ان هذه التوصيات بقيت اسيرة المصالح والحسابات الضيقة كما بقيت اسيرة سياسة التهميش واللامبالاة، ولم تشق طريقها للتطبيق لغاية اليوم بسبب غياب الجدية وسياسة الاهمال تجاه تنظيم صفوف الحركة الشعبية والجماهيرية لأسباب سياسية وأخرى فئوية.
إن أي حديث عن تفعيل وتطوير مشاركة الشباب والطلبة الفلسطينيين في الحياة السياسية والوطنية لا يمكن أن يستقيم او يأخذ مجراه الصحيح في ظل التعاطي مع المؤسسات الوطنية بهذه الطريقة وبهذه السياسة، حيث لا إمكانية لنهوض الحركة الطلابية الفلسطينية بدون استنهاض دور مؤسستها واتحادها الأم. وهذه قضية باتت تشكل ضرورة وطنية ومصلحة طلابية، حيث هناك عشرات الآلاف من الطلبة الفلسطينيين الملتحقين في جامعات العالم وهؤلاء طاقة وثروة وطنية كبرى ينبغي إستثمارها بما يخدم قضيتنا وحقوقنا الوطنية، كما أن هناك الآلاف من الطلبة في جامعات لبنان وسوريا وغيرها من الدول المضيفة للاجئين لديهم هموم ومشكلات كبيرة، يضاف اليهم عشرات الآلاف من الطلبة الملتحقين في جامعات الوطن التي يفتقد العديد منها للأطر الطلابية النقابية بسبب تعثر انتخابات مجالس الطلبة في العديد منها سواء بسبب الاحتلال أو بسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي.
كل ذلك يجعلنا نرفع الصوت لكل الجهات المسؤولة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ودائرة العمل والتنظيم الشعبي والهيئة التنفيذية بأن يبادروا فوراً بفتح هذا الملف الذي لم يعد يحتمل المماطلة والانتظار، ويكفي ما ضاع من سنوات طويلة حرم فيها طلابنا من بيتهم الوطني ومؤسستهم الجامعة، وترك طلابنا عرضة للعديد من المخاطر والتحديات التي هددت مستقبلهم ووجودهم المنظم، واضعفت مشاركتهم في النضال الوطني التحرري. وبهذا السياق نتطلع ايجاباً للكلام الذي سمعناه مؤخراً من عضو اللجنة التنفيذية ورئيس دائرة التنظيم الشعبي في المنظمة د.واصل ابو يوسف الذي أكد خلال اجتماعه بالهيئة الادارية لاتحاد الطلبة الفلسطينيين في لبنان بتاريخ 19/1/2019 عزم الدائرة على عقد المؤتمر الوطني العام الحادي عشر للاتحاد خلال منتصف العام 2019، وهذا التوجه يفرض على الدائرة تكليف الهيئة التنفيذية بمهام اللجنة التحضيرية للمؤتمر ووضع سقف زمني محدد لعملها لا يتعدى الستة شهور، ومتابعتها لاتخاذ الخطوات اللازمة لانجاز هذا الاستحقاق من خلال التواصل السريع مع الفروع القائمة والمنتخبة واجراء الانتخابات للفروع الاخرى حيث أمكن، والتوافق حيث يتعذر ذلك.
وأخيرا لا بد من القول أن تحقيق هذا المطلب يفرض على كل الاطر الطلابية الفلسطينية في الوطن والشتات الخروج من موقع المتفرج والمنتظر، والانتقال من حالة السكون المفروضة علينا، الى موقع الفعل والضغط والتأثير وأن ترفع صوتها وتتحمل مسؤوليتها في الضغط على اصحاب القرار لدفعهم للإستجابة لهذا المطلب الوطني المحق، من أجل إعادة الإعتبار للاتحاد العام لطلبة فلسطين وتفعيل حياته الديمقراطية وإعادة بناء فروعه وفقاً لقانون التمثيل النسبي الكامل وبما يؤدي الى انجاز مؤتمره الوطني العام الحادي عشر، بعيداً عن سياسة الاستخدام والحلول الوهمية والمجزوءة، لأن استمرار الاتحاد وهيئاته القيادية الاولى بهذا الحال يزيد الوضع تعقيداً، وتتفاقم بالمقابل المشكلات أمام الطلبة الفلسطينيين الباحثين عن مشروعية دورهم ووجودهم وحقهم في صياغة حاضرهم ومستقبلهم.

أضف تعليق