انتخابات وحسابات!
يقترب موعد انتخابات الكنيست الحادية والعشرين. ومع كل يوم يمر ينشط الحراك في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي. وتبقى الأحزاب والكيانات التي نشأت عشية الانتخابات ضمن حدود الخريطة التي يحتل يمينها المتطرف «الليكود» وحلفاؤه «بجدارة»، دون أن يعني ذلك أن باقي المشهد مشغول بما كان يسمى «اليسار الصهيوني» مع الانزياح المضطرد لمكوناته نحو برنامج اليمين في السياسة والاقتصاد.
وحتى اليوم، تجتمع المؤشرات حول أفضلية فرص نتنياهو بالعودة إلى مقعد رئاسة الوزراء بنتيجة الانتخابات. والسبب هو ضعف المنافسين وتهلهل أحزابهم وتراجعها، وافتقاد «القادمين الجدد» إلى برامج مختلفة وروافع حزبية تحشد لهم التأييد بين الناخبين.
أما الأحزاب العربية، فتقف مجدداً أمام سؤال الوحدة الذي نجحت بجدارة في الإجابة عليه عشية الانتخابات السابقة وقلبت بذلك محاولة إضعافها وتهميشها.
منذ انتهاء مرحلة القطبين في المشهد الحزب الإسرائيلي بات استقرار الائتلافات الحكومية هشاً مع تكاثر الأحزاب الصغيرة، التي استمتعت بميزة «بيضة القبان» التي ترجح فرصة أحد الأحزاب الكبيرة(نسبياً) في تشكيل الحكومة وبأغلبية بسيطة. وتميزت في ذلك الأحزاب الدينية التي وجدت في هذه المعادلة مصدر تمويل سخي لمدارسها الدينية و«مكسر عصا» في وجه رئاسة الائتلاف الحكومي للضغط من أجل تشريع إعفاء منتسبيها الشباب من الخدمة في الجيش، فزادت شعبيتها ووصلت حصة بعضها أحيانا (شاس مثلا) من مقاعد الكنيست ما يفوق حصة أحزاب كبيرة سابقة (العمل وكاديما). وقد امتدت حالة عدم الاستقرار هذه منذ بدء تراجع «العمل» بعد خسارة رئيسه شمعون بيريس في مواجهة بنيامين نتنياهو(1996) وحتى فوز الأخير في انتخابات الكنيست(2009).
ومنذ ذلك الوقت، بقي نتنياهو على رأس «الليكود» والائتلافات الحكومية، واجتاز انتخابات الكنيست المتعاقبة بعد ذلك دون تحديات كبيرة، وقد مكنه هذا الاستمرار من تعميق السياسات اليمينية على الأصعدة الحزبية والاقتصادية والمجتمعية، وعمل من خلال هذه السياسات على تغول التوسع الاستيطاني وتعزيز دور المستوطنين في إدارة شؤون الدولة العبرية وتوجيه سياساتها، وقدم نفسه منذ ولايته الأولى (بعد عودته) كحام للاستيطان والمستوطنين.
وبذلك انتقل نتنياهو عبر هذه السنوات من مرحلة محاولة إثبات الذات بعد هزيمة العام 1999 على يد إيهود باراك، إلى مرحلة تعزيز عوامل استمراره على رأس الهرم الحزبي والسياسي في إسرائيل. واعتمد لتحقيق ذلك سياسة المناورة على الخصوم والحلفاء معاً. لكن التحدي الأكبر الذي واجهه كان في ميدان السياسة على جبهة تسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، عندما ألقى الرئيس باراك أوباما خطابه الشهير في جامعة القاهرة (2009) ودعا فيه إلى تجميد مؤقت للاستيطان متحدثا عن وقف هدم منازل الفلسطينيين وضرورة قيام دولة فلسطينية في سياق الدعوة لإعادة إطلاق المفاوضات، بعد إعلان فشلها في العام 2008 أواخر ولاية الرئيس الذي سبقة بوش الابن.
لقد استند نتنياهو في رفضه الدعوة الأميركية لتجميد الاستيطان إلى قراءة صحيحة لجوهر الموقف الأميركي الإستراتيجي من التسوية ومآلاتها. ومن موقع معرفته بحدود الوظيفة الإعلامية لخطاب أوباما الذي يحمس المفاوض الفلسطيني على العودة إلى المفاوضات لا أكثر، خاض تجاذبات مع إدارة أوباما، التي سرعان ما استدارت بالضغط إلى الجانب الفلسطيني حتى أدخلته حلبة التفاوض دون أي تجميد عملي للاستيطان.
وبذلك، سجل نتنياهو انتصاره على المعارضة التي راهنت على زيادة الضغط الأميركي على رئيس الوزراء لتعديل تشكيلة الائتلاف الحكومي بإخراج أفيغدور ليبرمان رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» وإدخال تسيفي ليفني رئيسة كاديما في ذلك الوقت (2010) مكانه وتوليها ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وهذه إحدى المحطات التي دعمت موقع نتنياهو على رأس حزبه وفي رئاسة الحكومة وفي مواجهة المعارضة.
ويتفق المحللون على أن نتنياهو نجح في محطة لاحقة في إحباط محاولة ليفني ولبيد تشكيل معارضة داخل الحكومة عندما شاركا فيها وقلب الطاولة بإعلانه التوجه إلى انتخابات مبكرة بعد أن أقال نهاية العام 2014 ستة وزراء من حكومته بينهم وزيرة العدل تسيبي ليفني ووزير المالية يئير لبيد.
عشية الانتخابات القادمة، يوجد بحسب المراقبين ثلاثة رؤساء قوائم يطمح كُل منهم للوصول إلى مقعد رئاسة الحكومة: يئير لبيد الذي تمنحه الاستطلاعات بين 12ـ 14 مقعدًا؛ بيني غانتس، قائد هيئة الأركان السابق، الذي تمنحه الاستطلاعات بين 14- 16 مقعدًا؛ وآفي غباي، رئيس حزب العمل الحاليّ، الذي تمنحه الاستطلاعات بين 8- 9 مقاعد.
واللافت أن غانتس لم يعلن كغيره رفضه المشاركة في حكومة برئاسة نتنياهو، وربما يعني هذا الكثير بالنسبة لنتنياهو في مرحلة ما بعد نتائج الانتخابات في حال جاءت منسجمة مع توقعات استطلاعات الرأي الأخيرة. وبالمقابل سيكون هذا الموقف عائقا أمام المنافسين المحتملين الآخرين، كون أي بادرة تقارب بين نتنياهو وغانتس على قاعدة عرض مغر بحقيبة وزارية أساسية تعني تلاشي طموحهما في تشكيل تحالف قوي في مواجهة «الليكود» ورئيسه. وما يساعد نتنياهو حتى الآن هو التماسُك النسبيّ لليمين الذي يقوده، وإجماع أطرافه على اختياره رئيساً بلا منازع للحكومة القادمة.
أمّا بالنسبة إلى القائمة المشتركة، فربما تعيش حالة من تدارك الذات وخوض مُفاوضات على إعادة تشكيلها من جديد، بعد أن انسحبت الحركة العربيّة للتغيير برئاسة د. أحمد الطيبيّ. وتمنح استطلاعات الرأي القائمة المشتركة بين 12- 13 مقعدًا، وهو تقريبًا ذات الوضع الذي كانت عليه في الدورة السابقة. أمّا في حال حل القائمة وإنشاء قائمتين منفصلتين أو أكثر فهذا سيتعلّق بتركيبة القائمتين والحملة الانتخابيّة التي ستقوم بها كُل منها، وتشير كل المعطيات إلى أن الجهود تبذل حثيثا من أجل الحفاظ على وحدة القائمة، التي حققت سلسلة من الانجازات والمكاسب وأفشلت بتشكيلها محاولة تهميش وإضعاف التمثيل العربي في الكنيست. وقد خلصت «لجنة الوفاق الوطني» إلى ضرورة «صون المنجز الهام في تاريخ الجماهير العربية من خلال إقامة القائمة المشتركة وفحص الآليات الواجب اتخاذها لتقويتها وتعزيز مكانتها وصدقيتها في أوساط جماهير الناخبين»، باعتبار تشكيل القائمة جاء على أساس أن تكون تجربة تراكمية تضيف إلى تجربة فلسطينيي الـ48 السياسية والحزبية ما يعزز قدرتهم على مواجهة وإفشال سياسات الإقصاء والتهميش والتمييز العنصري، ويعزز بالتالي دورهم في تقدم المشروع الوطني الفلسطيني العام وتجسيد حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة إلى الديار والممتلكات وتحقيق الاستقلال الناجز.
وحتى اليوم، تجتمع المؤشرات حول أفضلية فرص نتنياهو بالعودة إلى مقعد رئاسة الوزراء بنتيجة الانتخابات. والسبب هو ضعف المنافسين وتهلهل أحزابهم وتراجعها، وافتقاد «القادمين الجدد» إلى برامج مختلفة وروافع حزبية تحشد لهم التأييد بين الناخبين.
أما الأحزاب العربية، فتقف مجدداً أمام سؤال الوحدة الذي نجحت بجدارة في الإجابة عليه عشية الانتخابات السابقة وقلبت بذلك محاولة إضعافها وتهميشها.
منذ انتهاء مرحلة القطبين في المشهد الحزب الإسرائيلي بات استقرار الائتلافات الحكومية هشاً مع تكاثر الأحزاب الصغيرة، التي استمتعت بميزة «بيضة القبان» التي ترجح فرصة أحد الأحزاب الكبيرة(نسبياً) في تشكيل الحكومة وبأغلبية بسيطة. وتميزت في ذلك الأحزاب الدينية التي وجدت في هذه المعادلة مصدر تمويل سخي لمدارسها الدينية و«مكسر عصا» في وجه رئاسة الائتلاف الحكومي للضغط من أجل تشريع إعفاء منتسبيها الشباب من الخدمة في الجيش، فزادت شعبيتها ووصلت حصة بعضها أحيانا (شاس مثلا) من مقاعد الكنيست ما يفوق حصة أحزاب كبيرة سابقة (العمل وكاديما). وقد امتدت حالة عدم الاستقرار هذه منذ بدء تراجع «العمل» بعد خسارة رئيسه شمعون بيريس في مواجهة بنيامين نتنياهو(1996) وحتى فوز الأخير في انتخابات الكنيست(2009).
ومنذ ذلك الوقت، بقي نتنياهو على رأس «الليكود» والائتلافات الحكومية، واجتاز انتخابات الكنيست المتعاقبة بعد ذلك دون تحديات كبيرة، وقد مكنه هذا الاستمرار من تعميق السياسات اليمينية على الأصعدة الحزبية والاقتصادية والمجتمعية، وعمل من خلال هذه السياسات على تغول التوسع الاستيطاني وتعزيز دور المستوطنين في إدارة شؤون الدولة العبرية وتوجيه سياساتها، وقدم نفسه منذ ولايته الأولى (بعد عودته) كحام للاستيطان والمستوطنين.
وبذلك انتقل نتنياهو عبر هذه السنوات من مرحلة محاولة إثبات الذات بعد هزيمة العام 1999 على يد إيهود باراك، إلى مرحلة تعزيز عوامل استمراره على رأس الهرم الحزبي والسياسي في إسرائيل. واعتمد لتحقيق ذلك سياسة المناورة على الخصوم والحلفاء معاً. لكن التحدي الأكبر الذي واجهه كان في ميدان السياسة على جبهة تسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، عندما ألقى الرئيس باراك أوباما خطابه الشهير في جامعة القاهرة (2009) ودعا فيه إلى تجميد مؤقت للاستيطان متحدثا عن وقف هدم منازل الفلسطينيين وضرورة قيام دولة فلسطينية في سياق الدعوة لإعادة إطلاق المفاوضات، بعد إعلان فشلها في العام 2008 أواخر ولاية الرئيس الذي سبقة بوش الابن.
لقد استند نتنياهو في رفضه الدعوة الأميركية لتجميد الاستيطان إلى قراءة صحيحة لجوهر الموقف الأميركي الإستراتيجي من التسوية ومآلاتها. ومن موقع معرفته بحدود الوظيفة الإعلامية لخطاب أوباما الذي يحمس المفاوض الفلسطيني على العودة إلى المفاوضات لا أكثر، خاض تجاذبات مع إدارة أوباما، التي سرعان ما استدارت بالضغط إلى الجانب الفلسطيني حتى أدخلته حلبة التفاوض دون أي تجميد عملي للاستيطان.
وبذلك، سجل نتنياهو انتصاره على المعارضة التي راهنت على زيادة الضغط الأميركي على رئيس الوزراء لتعديل تشكيلة الائتلاف الحكومي بإخراج أفيغدور ليبرمان رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» وإدخال تسيفي ليفني رئيسة كاديما في ذلك الوقت (2010) مكانه وتوليها ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وهذه إحدى المحطات التي دعمت موقع نتنياهو على رأس حزبه وفي رئاسة الحكومة وفي مواجهة المعارضة.
ويتفق المحللون على أن نتنياهو نجح في محطة لاحقة في إحباط محاولة ليفني ولبيد تشكيل معارضة داخل الحكومة عندما شاركا فيها وقلب الطاولة بإعلانه التوجه إلى انتخابات مبكرة بعد أن أقال نهاية العام 2014 ستة وزراء من حكومته بينهم وزيرة العدل تسيبي ليفني ووزير المالية يئير لبيد.
عشية الانتخابات القادمة، يوجد بحسب المراقبين ثلاثة رؤساء قوائم يطمح كُل منهم للوصول إلى مقعد رئاسة الحكومة: يئير لبيد الذي تمنحه الاستطلاعات بين 12ـ 14 مقعدًا؛ بيني غانتس، قائد هيئة الأركان السابق، الذي تمنحه الاستطلاعات بين 14- 16 مقعدًا؛ وآفي غباي، رئيس حزب العمل الحاليّ، الذي تمنحه الاستطلاعات بين 8- 9 مقاعد.
واللافت أن غانتس لم يعلن كغيره رفضه المشاركة في حكومة برئاسة نتنياهو، وربما يعني هذا الكثير بالنسبة لنتنياهو في مرحلة ما بعد نتائج الانتخابات في حال جاءت منسجمة مع توقعات استطلاعات الرأي الأخيرة. وبالمقابل سيكون هذا الموقف عائقا أمام المنافسين المحتملين الآخرين، كون أي بادرة تقارب بين نتنياهو وغانتس على قاعدة عرض مغر بحقيبة وزارية أساسية تعني تلاشي طموحهما في تشكيل تحالف قوي في مواجهة «الليكود» ورئيسه. وما يساعد نتنياهو حتى الآن هو التماسُك النسبيّ لليمين الذي يقوده، وإجماع أطرافه على اختياره رئيساً بلا منازع للحكومة القادمة.
أمّا بالنسبة إلى القائمة المشتركة، فربما تعيش حالة من تدارك الذات وخوض مُفاوضات على إعادة تشكيلها من جديد، بعد أن انسحبت الحركة العربيّة للتغيير برئاسة د. أحمد الطيبيّ. وتمنح استطلاعات الرأي القائمة المشتركة بين 12- 13 مقعدًا، وهو تقريبًا ذات الوضع الذي كانت عليه في الدورة السابقة. أمّا في حال حل القائمة وإنشاء قائمتين منفصلتين أو أكثر فهذا سيتعلّق بتركيبة القائمتين والحملة الانتخابيّة التي ستقوم بها كُل منها، وتشير كل المعطيات إلى أن الجهود تبذل حثيثا من أجل الحفاظ على وحدة القائمة، التي حققت سلسلة من الانجازات والمكاسب وأفشلت بتشكيلها محاولة تهميش وإضعاف التمثيل العربي في الكنيست. وقد خلصت «لجنة الوفاق الوطني» إلى ضرورة «صون المنجز الهام في تاريخ الجماهير العربية من خلال إقامة القائمة المشتركة وفحص الآليات الواجب اتخاذها لتقويتها وتعزيز مكانتها وصدقيتها في أوساط جماهير الناخبين»، باعتبار تشكيل القائمة جاء على أساس أن تكون تجربة تراكمية تضيف إلى تجربة فلسطينيي الـ48 السياسية والحزبية ما يعزز قدرتهم على مواجهة وإفشال سياسات الإقصاء والتهميش والتمييز العنصري، ويعزز بالتالي دورهم في تقدم المشروع الوطني الفلسطيني العام وتجسيد حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة إلى الديار والممتلكات وتحقيق الاستقلال الناجز.
أضف تعليق