25 كانون الأول 2024 الساعة 22:19

«المطلوبون الـ 18» لعامر شوملي .. استعادة سينمائية لزمن الانتفاضة

2018-12-11 عدد القراءات : 1078
حقق المخرج عامر شوملي في فيلمه الذي يدمج ما بين الرسوم المتحركة والوثائقي "المطلوبون الـ 18"، حضوراً متميزاً عالمياً، فقد فاز بالجائزة الأولى لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي كأفضل فيلم وثائقي طويل، نهاية العام 2014، وبجائزة "التانيت الذهبي" كأفضل فيلم وثائقي في مهرجان قرطاج السينمائي الدولي، في الشهر الأخير من العام 2014، فيما واصل "المطلوبون الـ 18" حصد المزيد من الجوائز في الأعوام التالية، ومنها جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في مهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية.
وتدور أحداث فيلم "المطلوبون الـ 18" في إطار وثائقي كرتوني ساخر، تتمحور حول أحداث واقعية في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، حين قرر فلسطينيو مدينة بيت ساحور الاعتماد على أنفسهم في تزويد مدينتهم بالحليب ومشتقاته، فاشتروا لذلك 18 بقرة تظهر في الفيلم برسوم متحركة، أبرزها البقرة "روت" التي لا تحب الفلسطينيين كثيرا وترى أنهم يفضلون التمرد على العمل، و"لولا"، أصغرها وأكثرها إثارة ومن المعجبات بمادونا.
 أثارت هذه التجربة رد فعل لدى الحاكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، حتى أنه أمر بالتخلي عن البقرات الـ 18، مشددا على أن هذه الحيوانات تشكل تهديدا على الأمن القومي الإسرائيلي، كما جاء على لسان أحد المشاركين في هذا الفيلم، الذي يستعرض مغامرات أهالي المدينة في إخفاء البقرات الـ 18 عن أعين الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يتربصون بها.
هذه الأبقار كانت جزءاً من منظومة الاكتفاء الذاتي التي عمل عليها الفلسطينيون من أجل الاستقلال اقتصادياً عن الاحتلال الإسرائيلي، في خضم اشتعال انتفاضة العام 1987، حيث أسس المواطنون في بلدة بيت ساحور مزرعة أبقار ليقوموا بإنتاج مشتقات الألبان والاستعاضة عن منتجات الشركة الإسرائيلية (تنوفا) المحتكرة للسوق.
بعد أيام قليلة من بدء إنتاج الحليب، هاجم الجيش الإسرائيلي مزرعة الأبقار واعتقل الناشطين وأمر بإغلاق المزرعة. حينها قرر المواطنون إخراج الأبقار من المزرعة وإخفائها في بيوتهم بعيداً عن أعين جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليبدأ فيما بعد الجيش بحملة تفتيش واسعة استمرت أربعة سنوات، حيث حاول خلالها "الجيش الأقوى في المنطقة" القضاء على 18 بقرة.
والفيلم وثائقي يستعيد زمن الانتفاضة الأولى، كما وصفها شوملي، واسمه مستوحى من حكاية ثمان عشرة بقرة "مطلوبات" لجيش الاحتلال الإسرائيلي بذريعة "تهديد الأمن القومي"، وذلك عبر حكاية مجموعة من المزارعين في بيت ساحور قرروا إنشاء مزرعة للأبقار لإنتاج حليب فلسطيني حمل فيما بعد اسم "الانتفاضة"، بديلاً عن الحليب الإسرائيلي، وحين شعر الاحتلال بأن هذا المشروع يخلق "طاقة باتجاه العصيان المدني"، فاتجهوا إلى المزرعة ومنحوا القائمين عليها 24 ساعة لإغلاقها وتسليم الأبقار، إلا أنهم لم يرضخوا للقرار، وقاموا بتهريب البقرات، وبدأت عملية مطاردة.
وأشار شوملي إلى أن استخدام تقنية الرسوم المتحركة (الأنيميشن)، ومنح كل بقرة شخصية خاصة بها، وبالتالي باتت البقرات تتحدث وتتفاعل مع بعضها البعض، وهو ما خلق تفاعلاً خاصاً من قبل الجمهور مع الفيلم.
وقال: حين اندلعت الانتفاضة كنت أعيش في مخيم اليرموك للاجئين بدمشق، وعندما عدت وأسرتي إلى فلسطين العام 1996 كانت الصورة مختلفة كليّاً عما رسمته بمخيلتي عن فلسطين، وشعر بأن ثمة خداعاً ما حدث لهذه الذاكرة المتخيلة، إلى أن قابلت إحدى شخصيات الفيلم وأكد لي أن الصورة التي رسمتها عن فلسطين حقيقية، أو كانت حقيقية في زمن الانتفاضة، وأنني جئت إلى فلسطين في "الوقت الغلط".
ويشير شوملي: انطلقت في ما يمكن تسميته بالاشتباك مع التاريخ الفلسطيني المعاصر، وبالتحديد تاريخ الثورة الفلسطينية بقصصها وحكاياتها ومنتجاتها البصري، وهذا الاهتمام جاء بداية عبر عملي في الملصقات والكاريكاتير، والتي هي فنون تحاول التواصل مع الناس بالاعتماد على التناقض في المتشابهات، والتشابه في المتناقضات، وساعدني في ذلك العمل في مشروع لأرشفة ملصقات (بوسترات) الثورة الفلسطينية، وما سبقها، ويعود إلى قرابة القرن .. خلفية الكاريكاتير و"البوستر" هو ما دفعني للعمل في هذه المنطقة.
وأكد شوملي أن فيلم "المطلوبون الـ 18" شكّل فرصة له كي يعيش زمن الانتفاضة، هذا الزمن الفلسطيني الجميل، من خلال حكايات شخصياته وقصصهم، وفرصة أيضاً لتوثيقها لكل من لم يعش الانتفاضة كي يتمكن من التعرف على شيء من ملامحها، لعله يستعيدها، ويعيشها بشكل أو بآخر.

أضف تعليق