23 كانون الأول 2024 الساعة 19:13

هل نتعلم من كارثة البحر الميت

2018-11-25 عدد القراءات : 761
وأخيراً تم الإفراج بكفالة عن الموقوفين بقضية البحر الميت ، وهو قرار لا كرم فيه من أحد ولا فضل فيه لمن إتخذ الإجراء ، بل هو حق كان مؤجل بشكل تعسفي ، فمن هو صاحب القرار بالإفراج عنهم ؟؟، فالمؤسسات الرسمية واحدة طينتها واحدة وتتصرف بعقلية واحدة ، وربما بمرجعية واحدة حتى ولو تم الإدعاء باستقلالية المؤسسات عن بعضها البعض ، فالتغول قائم وبقوة من قبل المؤسسة التنفيذية على المؤسستين التشريعية والقضائية ، وتعملان وفق التعليمات واللمسات والإشارات الواردة ، فصاحب قرار التعيين هو مصدر السلطة وهو صاحب القرار والنصوص يتم تكريسها وقراءتها لمصلحة القرار ، ولمصدر القرار وصاحب الصلاحية !! .

قضية البحر الميت والضحايا هم ثلاثة أصناف أولهم الذين رحلوا قضاء وقدراً ولهم الرحمة والسكينة ، وثانيهم العائلات الذين فقدوا أعزائهم وأحبائهم ولهم الصبر والتعويض الإنساني النفسي وشجاعتهم لتحمل النتائج القاسية بفقدان الأعزاء على قلوبهم وحياتهم وأنفسهم ، أما الضحية الثالثة فهم هؤلاء الذين تم توقيفهم تعسفاً وظلماً وبهتاناً لسببين :

 

أولهما : للتهرب الرسمي الحكومي المؤسساتي الذين ورثوا التقصير وسوء الإدارة ولازالوا وأمعنوا في ذلك ، ولولا التطوع من قبل المتطوعين لكانت المصيبة في عدد الضحايا أكبر ، فالمؤسسة المعنية بالإغاثة كانت أخر من وصل إلى موقع الكارثة ، ولذلك بحثوا عن ضحية ضعيفة لا غطاء لها ولا رافعة ولا حول ولا قوة وحملّوها نتائج الكارثة .     

 

وثانيهما : لأسباب ودعاوي سياسية وتسييس القضية نظراً لحجم الإحتجاجات الشعبية على الكارثة كوننا لم نتعود على مثل هذه الكوارث منذ كارثة معان أواخر الستينات ، فالهدف من عملية الإهتمام الإعلامي السياسي الرسمي لإظهار الإهتمام الحكومي بالكارثة بعد تأخر إستقالة الوزيرين ، هو أجراء أخلاقي مهني معنوي مطلوب وهو توجه صائب وتقليدي لدى كل الشعوب والحكومات والأنظمة التي تحترم نفسها حرصاً منها على إحترام شعوبها وتحفيزها لعدم التقصير في قضايا جماعية وخسارات مجتمعية ، وهذا لا يعني إطلاقاً أن المستقيلين من الوزراء يتحملون مسؤوليات شخصية ، بل هي مسؤوليات وظيفية لا علاقة بالأشخاص لما جرى من تقصير .

الموقوفون لا علاقة لهم بالحادث حتى ولو كانوا أصحاب قرارات إدارية مباشرة ، فهي قرارات إجرائية تراكمية يتم إقرارها بدون مرجعية وبدون إدراك للنتائج المترتبة على مثل هذه القرارات .

قرار الإفراج عن الموقوفين يعود لسببين : أولهما لعدم توفر الدوافع المنطقية لدى صاحب القرار بإستمرار عملية التوقيف بعد أن رأت محكمة الإستئناف عدم وجود ضرر بالإفراج عنهم ولا تتوفر المسوغات لتغطية بقاء التوقيف ، وثانيهما تكون الأطراف المتنفذة قد إستنفذت دوافعها في توجيه الأتهام بدلاً من التقصير الحكومي الرسمي المؤسساتي ، ووجهته لهؤلاء الغلابى الأبرياء من فعل الكارثة ، ونتائجها .
وأخيراً لعائلات الضحايا الأعزاء الذين فقدناهم ، وشجاعتهم في سحب الشكاوي ، لهم من كل الأردنيين الذين تضامنوا وتفاعلوا معهم الشكر والتقدير على نُبلهم ورُقي أخلاقهم ، وهذا يدلل على طيبة شعبنا ونبله وتماسكه عند الشدائد والكوارث ، والإعتذار كل الإعتذار للذين تم توقيفهم ظُلماً وتعسفاً ، ولا ذنب لهم فيما جرى لعلنا جميعاً نتعلم من درس الكارثة لأن لا تتكرر وأن تعود المؤسسات لدراسة تقصيرها وتتخذ الإجراءات الكفيلة لعدم تكرار الكارثة والكوارث المشابهة ، وترتقي بأدائها إلى مستوى تضحيات الأردنيين في تغطية نفقات هذه المؤسسات من جيوب دافع الضريبة : المواطن ! .

 

أضف تعليق