24 تشرين الثاني 2024 الساعة 06:11

مصر تختبر نظاماً تعليمياً يواجه «تحديات جديدة» ... والطلاب مشتتون

2018-10-04 عدد القراءات : 824

مع مطلع أيلول (سبتمبر) الجاري، انتظم محمود هاني (16 عاماً) في دروس خصوصية لكل المواد في منزل أحد أصدقائه في إحدى قرى المنوفية (دلتا النيل) لبدء تدارس منهج الصف الأول الثانوي قبل نحو ثلاثة أسابيع من إطلاق العام الدراسي رسمياً في 22 من الشهر.


وعلى رغم أن الانتظام في تلك الدروس قبل بدء العام عادة ترسخت في مصر منذ سنوات، مع الإقبال المكثف على الدروس، ما يستدعي سرعة البدء لضمان موقع في إحدى المجموعات، كان حرص هاني وزملائه على الخضوع للعادة نفسها ذلك العام، وهم الدفعة الأولى التي ستخضع لتغيرات في التعليم الثانوي، إذ إن القائمين على التعليم في مصر راهنوا على أن تقضي المنظومة الجديدة تلقائياً على الدروس الخصوصية وإحداث ثورة هائلة في التعليم، ومجرد أن الإيمان ذاته لم ينتب الطلاب والأهالي الذين لجأوا كالعادة إلى تلك الدروس، فإن ذلك يضع النظام الجديد محل شك وتساؤلات!

والحقيقة أن ليس الشك فقط ما ينتاب النظام الجديد، بل التشتت أيضاً، إذ يقول هاني لـ «الحياة»: «بدأت الدروس قبل أسابيع على المناهج القديمة، حتى ونحن نعلم أن المناهج قد تكون تغيرت في النظام الجديد، لكني لم أملك خياراً آخر». وهو لا يملك معلومات كافية عن النظام الجديد إلا أن الطلاب سيتسلمون «تابلت» مع بداية العام الدراسي يعتمدون عليه في الدروس. وأشار هاني إلى تلقيه وأصدقائه معلوماتهم عن النظام الجديد من المدرسين، وأوضح: «هم أيضاً ليست لديهم معلومات دقيقة حوله، كلنا نترقب بداية العام الدراسي لاختباره».

وطبقت مصر منظومة تعليمية جديدة تسعى إلى تقويض الحفظ والتلقين مقابل ترسيخ مبادئ الفهم والبحث، وذلك على الملتحقين بالمرحلة التمهيدية (رياض الأطفال) وبالصف الأول الابتدائي (التعليم الأساسي) ذلك العام، وكذلك على الملتحقين بالتعليم الثانوي (الصف الأول الثانوي). وعلى رغم محاولات وزير التربية والتعليم المصري الدكتور طارق شوقي تقديم شرح للنظام الجديد في مناسبات عدة من بينها مؤتمرات صحافية متتالية استبقت إطلاق العام، وعلى رغم تدريب الوزارة المعلمين على استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في العملية التعليمية، ما زال الغموض يغلف النظام الجديد، والتحديات تحيطه.

وكانت وزارة التربية والتعليم أعلنت تسليم الطلاب الملتحقين بالثانوية العامة جهاز»تابلت» مجاناً مع بدء العام الدراسي الجديد، لكن عملياً لم تستطع الوزارة توفير الأجهزة كما أنها لم تنته بعد من إعداد الشبكات الداخلية في المدارس، والتي ستتيح للطلاب الاطلاع على مادة علمية ضخمة داخل «بنك المعرفة»، وهو يضم مقاطع مصوره لمحتويات مواضيع المنهج الدراسي لكن بتوسع أكبر، كما يحتوي على مناهج النظام التعليمي الأميركي مترجمة، كما تم توفير «16 ألفا و700 فيديو للأطفال على البنك»، وفق الوزير الذي طالب الأهالي بـ»الأخذ بيد الطفل للاستفادة من تلك الثروات الحقيقة».

وعملياً، أصاب إخفاق الوزارة الأول في تسليم الطلاب «التابلت» في المواعيد المحددة سلفاً، كل أضلع المنظومة التعليمية من أساتذة وأولياء أمور وطلاب بالإحباط ومزيد من التخبط، ما حاول رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي نفسه امتصاصه بالخروج في مؤتمر صحافي في 12 أيلول الجاري (الأول منذ توليه الحكومة في حزيران/ يونيو الماضي)، قائلاً: «لا يجب اختصار كل ما يتم من جهد لتطوير منظومة التعليم الثانوي فى موضوع «التابلت»، القضية في تطوير التعليم ليست في وجود التابلت، لكن الهدف هو القضاء على مفهوم امتحان الثانوية العامة، إذ إن المنظومة تستهدف البناء على أداء الطالب خلال فترة دراسته وإزالة الضغط النفسي والعصبي عن الأسرة وإتاحة الفرصة للطالب الذي لم يوفق في امتحان أن يكون لديه الفرصة لتعويض ما فاته، لافتاً إلى نظام جديد لأسلوب تقييم الطلاب على مدار السنوات الثلاث ما يساهم فى تخفيف العبء على الطلاب وأسرهم.

وتعتمد منظومة الثانوية العامة الجديدة على نظام تقويم تراكمي لمتوسط أفضل نتائج الطالب على مدار الثلاث سنوات الدارسية، وبذلك يتجاوز منظومة التقويم ذات الفرصة الوحيدة، حيث امتحان الشهادة الثانوية في نهاية العام الثالث، والتي بموجبها يحصل الطالب على مجموع يؤهله للالتحاق بالجامعة.

وحدد رئيس الحكومة موعداً جديداً لتسليم الطلاب التابلت، قائلاً: «سينتهي إعداد شبكة الإنترنت داخل المدارس كافة في غضون 4 شهور تحديداً في منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل، والانتهاء من توريد أجهزة التابلت خلال شهرين من نهاية أيلول الجاري»، ما يعني أن شهرين آخرين من الضبابية وغياب وسائل النظام الجديد حتى مع سريانه نظرياً في انتظار الطلاب والمعلمين.

أضف تعليق