23 تشرين الثاني 2024 الساعة 14:55

الاسير المحرر حسان التميمي .. اعطوه عينا ثالثة

2018-10-03 عدد القراءات : 587

الفتى الاسير المحرر عبد الخالق مزهر التميمي 18 سنة , سكان قرية دير نظام قضاء رام الله , اعتقل يوم 7/4/2018 وهو مريض قبل الاعتقال , يعاني من مشاكل صحية في الكلى والكبد نتيجة خلل في عملية امتصاص البروتينات منذ ان كان طفلا , وهو يعيش على نظام غذائي وعلاج محددين وعدم الالتزام بهما يتسبب بمخاطر صحية كبيرة .

خلال وجوده في سجن عوفر العسكري ومنذ اعتقاله تعرض لاهمال طبي من قبل اطباء السجن بعدم تزويده بجرعات الدواء اللازمة له , مما ادى الى تدهور حالته الصحية بشكل متسارع , نقل على عجل الى مستشفى تشعار تصيدق الاسرائيلي يوم 27/5/2018 وكان قد فقد بصره ودخل في حالة غيبوبة .
اطباء سجن عوفر كانوا على علم تام بحالة الفتى حسان التميمي , وبين ايديهم التقارير الطبية والفحوصات والادوية ونوعية الغذاء المطلوبة له , ولكنهم تخلوا عن مسؤولياتهم الطبية والاخلاقية , وتركوا الفتى التميمي يصارع المرض حتى اصبح اعمى .

عندما زرته في مستشفى المجمع الطبي في رام الله لم يرني , ظل يبجث بعيونه عن ظلالنا وملامحنا وشكل كلماتنا واصواتنا التي جاءت متاخرة , لا ضياء ولا شعاع في غرفته التي تحولت الى سواد , كل شيء معتم حتى الضوء والشرشف الابيض وحبة الدواء .

هذا الفتى اليافع المتحرك المندفع الذي لم يمنعه مرضه عن مقاومة الاحتلال , يريد ان يمشي ويتحرك ويلمس ويعانق ويعرف وجوه الناس , كان يعرف شكل الشجرة التي اختفت , وهو يعرف الطريق التي ضاعت , وهو يعرف مقاعد المدرسة , والكتب والطلاب والمدرسين التي جميعهم دخلوا في الظلال .

هي اكبر من مجرد اهمال طبي , انها جرائم طبية متعمدة عن سبق اصرار خلف القضبان بحق مئات الاسرى المرضى , جرحى ومعاقين ومصابين بامراض خطيرة , فهناك اما ان يصبح الاسير مشلولا مقعدا مثخنا بالامراض , واما ان ينكمش ويذوب ويصير شبحا وجثة ترسل في كيس اسود بعد انتظار وغياب .

عندما التقيت مع المقرر الخاص لحقوق الانسان في الامم المتحدة , طلبت منه ان يتحرك ويعمل على وضع حد لاستمرار اطباء مصلحة السجون بانتهاك القواعد الدولية في معاملة الاسرى المرضى , وان يلاحق قانونيا هؤلاء الاطباء الذين تحولوا الى جلادين وخانوا قسم ابو قراط الطبي , واصبحوا شركاء فاعلين في الاهمال بحياة الاسرى واساءة المعاملة , وعدم القيام بواجباتهم المهنية والطبية .

كان واضحا ان المقرر الخاص ومؤسسات الامم المتحدة عاجزة عن ايقاف الجريمة , وعندما ذكرت له حالة الاسير حسان التميمي صمت قليلا وسالني ما العمل ؟ قلت له : ان لم تحاسبوا دولة الاحتلال فعليكم ان تعطوه عينا ثالثة لكي يرى , لقد اخذوا بصره الذي يدله على احلامه , سرقوا بصره الذي يرى فيه عمره القادم . انهم اطلقوا سراحه من سجونهم , لكنهم سجنوه بقسوة مرة اخرى في ظلمة ابدية داكنة .

اعطوا الفتى حسان التميمي عينا ثالثة لكي يرى , صارت الحديقة بلا تراب , الهواء ثقيل , النور ثقيل , يتحدث معنا بعروقه ودموعه , يتشنج , كلماته تتارجح في الظلام , ينظر الى الفجر ولكنه لا يراه , ينظر الى الشمس فيسالنا لماذا دائما تغيب ؟ الحائط ينهض وهو قاعد , الوقت يقعد كسيحا على وجهه الجميل .

اعطوا الفتى حسان التميمي عينا ثالثة لكي يرى , من يكون هذا الولد الاعمى , شاهدا على احتراق البياض , شاهدا على الموت في الزنازين , شاهدا على رائحة الصرخات والاوجاع في اجساد محطمة من يكون هذا الفتى الاعمى ؟ مدوا اصابعكم العشرة والمسوه , اعطوه جفونكم كي يحلم بالحياة .

اعطوا الفتى حسان التيممي عينا ثالثة لكي يرى , من يقول له ان في السماء غيمة وليس طائرة حربية تطلق القنابل والرصاص لتقتل الاولاد على حدود غزة , من يقول له ان الحقول سنابل خضراء وليست مستوطنات ومعسكرات مسلحة ؟ من يفك القيود وينتزع الاسلاك من عينيه , يفتحهما واسعة لكي يشرق على صباه ؟

كتب الفتى حسان التميمي لنا :
كنت اود ان ارى
ماذا وراء القمم
كنت اود ان ارى
البحر وامي ورفرفة العلم
لكنني ما زلت ارى ما لا يرى
مثلما يرى جرحه الالم

أضف تعليق