23 تشرين الثاني 2024 الساعة 15:28

الأزمة المالية بالأونروا ... وتداعيات صفقة القرن على قضية اللاجئين

2018-07-28 عدد القراءات : 539

تستمر الأزمة المالية بالأونروا وتأخذ أشكال متعددة جوهرها سياسي حيث تطال الأزمة المالية والعجز المستمر والمقدر حتى الآن 217 مليون دولار الخدمات الأساسية المقدمة للاجئين في نطاق عمل الأونروا بالداخل والخارج وتنصب الأزمة في اتجاه تقليص الخدمات المقدمة للاجئين في الإغاثة والتشغيل والرعاية الصحية والتعليم، فتحت الأزمة على مقترحات وتوجهات عمل جديدة للأونروا لمواجهة الأزمة المالية في اتجاه وقف بعض البرامج وخصوصاً برنامج الطوارئ والذي يستفيد منه أكثر من 900.000 ألف أسرة لاجئة تتلقى الدعم بالمواد الغذائية عبر السلة التموينية التي توزع كل ثلاثة شهور ويرصد لها مبالغ مالية لسد احتياجات اللاجئين من متطلبات الحياة الكريمة وتأمين الأمن الغذائي لهم وسط حالة الفقر والبطالة المرتفعة في صفوف اللاجئين، الأونروا أخذت جملة من الإجراءات تهدف بالأساس إلى التأقلم مع الأزمة المالية على حساب الأهداف السامية التي أنشئت من أجلها أونروا وفق التفويض الدولي الممنوح لها 302 والذي كرس الولاية السياسية والقانونية على اللاجئين في إطار توفير مجالات الإغاثة والتشغيل إلى حين تطبيق القرار الدولي 194 القاضي بحق العودة والتعويض.

 هذه الإجراءات تجسدت في وقف 956 موظف في برنامج الطوارئ عن العمل وعدم تمديد عقود العمل لجزء واسع من العاملين على برامج متعددة بالأونروا حيث بدأت المرحلة الأولى منها في إنهاء عقود 120 موظف من برنامج الطوارئ بشكل نهائي وتحويل 750 موظف بدوام جزئي ونصف راتب وتسديد بدل الإيجار للقادمين من سوريا واليمن وليبيا وبعدها سوف يتوقف هذا البرنامج كلياً الدورة الرابعة من السلة الغذائية سيتم توزيعها على اللاجئين ولا يوجد ضمانات بعد هذه الدفعة بالاستمرار بالبرنامج وهذا يعني عدم فتح باب التوظيف لأكثر من 500 معلم جديد مع بداية العام الدراسي الجديد وزيادة عدد الطلاب بالفصول الدراسية ليصل لأكثر من 45 طالب بالصف وعدم افتتاح العام الدراسي بموعده المحدد يؤدي إلى تشريد 250 ألف طالب وطالبة من مقاعدهم وعدم تثبيت أصحاب العقود في إطار عمل دائم ناهيك عن المخاطر الحقيقية من طرح واستبدال السلة الغذائية التي توزع في مراكز الأونروا لـــــــ 8 بالمخيمات بغزة بالقسائم الشرائية أو وضع مبالغ في حساب الحالات الاجتماعية المسجلة بالأونروا بالبنوك وهذا يعني إغلاق مراكز التوزيع وتفريغها من العاملين وقطع العلاقة اليومية بين اللاجئين ومراكز عمل الأونروا.

نحن اليوم أمام مفترق طرق خطير اتجاه خدمات الأونروا بعد قطع الحصة المالية من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تبلغ 300 مليون دولار والتي تعتبر الأكبر من بين الدول المانحة رغم كل التحركات الدولية التي يقودها المفوض العام للأونروا على صعيد المؤسسات الدولية والدول المانحة والعالم العربي والإسلامي من أجل تأمين وتوسيع شبكة الأمان المالية لخدمات الأونروا إلا أن هذه التحركات اصطدمت بالضغط الأمريكي والابتزاز للدول المانحة بعدم تسديد حصتها المالية حيث أجرت وزارة الخارجية الأمريكية اتصالات واسعة مع كافة الدول الأعضاء ومع المؤسسات الدولية من أجل عدم تسديد المبالغ المالية المستحقة للأونروا رغم انعقاد مؤتمرين دوليين واحد في روما والآخر في نيويورك خلال الأشهر الماضية للبحث في آليات حل الأزمة المالية التي وصل فيها قيمة العجز المالي 446 مليون دولار إلا أن مؤتمر روما سدد ما قيمته 100 مليون دولار ومؤتمر نيويورك سدد ما قيمته 38 مليون دولار حيث حضر المؤتمر أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية، وهذا يؤكد مجدداً على أن الأزمة المالية التي تعصف بالأونروا هي بالأساس ذات خلفيات سياسية تهدف إلى تمرير صفقة القرن والحل الأمريكي والذي يهدف إلى تصفية أعمال الأونروا وتحويل خدماتها إلى الدول المضيفة وتوطين اللاجئين بهذه الدول ودفع الأموال الأمريكية لهذه الدول لمساعدة اللاجئين بدل الأونروا وهذا يفتح الباب أمام إعادة النظر بالتفويض الدولي الممنوح للأونروا وتحويل مهام الأونروا إلى المفوضية السامية لحقوق اللاجئين في تساوق واضح مع الموقف الإسرائيلي الداعي إلى إنهاء خدمات الأونروا باعتبارها تشعل الأزمات وتبقي حق العودة للاجئين حاضراً في ذاكرة اللاجئين جراء الخدمات التي تقدمها الأونروا وهذا يتقاطع مع تحركات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة من خلال إعداد مذكرة خطيرة المحتوى يعمل على تسويقها في الإدارة الأمريكية من أجل إنهاء خدمات الأونروا وتتحدث المذكرة عن عدد اللاجئين المسجلين في سجلات الأونروا والمقدر عددهم خمسة مليون لاجئ ويتهم الأونروا بالكذب والتزوير باعتبار أن العدد الحقيقي للاجئين فقط 30.000 ألف لاجئ وأن صفة للاجئ التي تمنح لأبناء اللاجئين غير قانونية من وجهة نظر اللوبي الصهيوني.

وأمام هذه الحالة علينا نحن الفلسطينيين أن نجابه هذه الصعوبات والتحديات بخطاب سياسي إعلامي موحد مع تحرك فلسطيني عاجل وسريع من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وتنفيذ كل التفاهمات التي تمت بالرعاية المصرية التي ما زالت تبذل جهود من أجل تجاوز المخاطر على القضية الفلسطينية وسط الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة بقطاع غزة وجر القطاع إلى تصعيد عسكري غير محسوب النتائج منه وعلينا أن نكون في حالة الدفاع عن خدمات الأونروا ولا تكون في حالة عداء للمؤسسة والموظفين الدوليين العاملين فيها لأن الأزمة ليست مقتصرة على فاتورة دفع الرواتب وإيقاف عقود وتحويل برامج بل المسألة أكبر من ذلك مع ضرورة تفعيل حركة اللاجئين الشعبية والمطلبية بالمخيمات من خلال استنهاض طاقاتها وإعادة بناءها على أسس جديدة وفي القلب منها اللجان الشعبية بالمخيمات التي بحاجة إلى برنامج نضالي متواصل من أجل الدفاع عن كرامة اللاجئين والتمسك بالأونروا وتعزيز مبدأ الشراكة مع الأونروا في اتخاذ القرار وتحديد احتياجات اللاجئين.
             عبد الحميد حمد
       عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية
                 لتحرير فلسطين
       مسئول دائرة الإعلام بالمكتب التنفيذي للجان
              الشعبية في م.ت.ف – قطاع غزة

 

أضف تعليق