غزة 2014.. ويستمر العدوان
■ شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً عدوانية واسعة وقاسية استمرت لـ 51 يوماً على قطاع غزة في 8 تموز/ (يوليو) 2014، أطلقت عليها إسرائيل عملية «الجرف الصامد»، وصفت بالأكثر دموية والأشرس على الإطلاق، لم يسلم منها البشر ولا الحجر ولا الشجر. ألقت إسرائيل حممها النارية الهائلة على القطاع الصغير الذي لا تتجاوز مساحته 365 كيلو متر مربع، ويقطن فيه أكثر من مليوني مواطن فلسطيني.
مجازر وحشية
ارتكبت إسرائيل أكثر المجازر وحشية خلال العدوان راح ضحيته ألاف الشهداء، ودمرت مناطق وأحياء سكنية كاملة في القطاع وشرد سكانها وأصبحوا نازحين بلا مأوى، فيما مُسحت أسر كاملة من السجل المدني الفلسطيني بفعل آلة الحرب الإسرائيلية.
وأشارت الإحصائيات الرسمية فور انتهاء العدوان أن إسرائيل قتلت أكثر من 2300 فلسطينياً من بينهم 579 طفلاً و263 امرأة و102 مسناً، فيما أصيب أكثر من 11 ألف مواطن بجراح مختلفة كثير منها إعاقة دائمة من بينهم، 3303 من الأطفال و2101 امرأة ، وفقدان 19 فلسطينياً وأصبح مصيرهم في دائرة المجهول. فيما بلغ عدد المنازل المدمرة 13217 منزلاً منهم 2465 دماراً كليا و14667 دمار شبه كلي، و39500 منزل متضرر، فيما تم تدمير 5 أبراج سكنية بالكامل، ولا يزال يعاني بعض أصحاب المنازل المدمرة من توقف عملية إعادة الاعمار بعد مرور أربع سنوات على العدوان بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
فيما بلغ عدد المنشآت المتضررة 5427 منشأة بواقع 936 منشأة في القطاع الصناعي، و3227 في القطاع التجاري، و1171 في القطاع الخدماتي، و93 في قطاع السياحة وقدرت خسائرها بأكثر من مائتي مليون دولار.
توازن الرعب
لم تقف المقاومة الفلسطينية بمختلف أطيافها وألوانها مكتوفة الأيدي بعد أن بلغت جرائم الاحتلال ذروتها، وأثبتت هذا في التصدي الأسطوري لآلة التدمير الإسرائيلية، واستبسلت في المواجهة مع جيش الاحتلال، وكبدته الخسائر البشرية والمادية والمعنوية، وخلقت حالة من توازن الرعب، وأحبطت أهدافه العسكرية من خلال الأداء والتكتيك العملياتي المتنوع والأسلوب القتالي الجديد الذي فاجأ العسكريين الإسرائيليين الأمر الذي لم يكن في حساباتهم، وجعلت المستوطنين في مرمى صواريخها، الأمر الذي أدى إلى هروب الآلاف منهم من المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، فضلاً عن أسر عدد من الجنود مازال مصيرهم في دائرة المجهول حتى هذه اللحظة، وما كان ليتحقق الصمود العظيم للمقاومة الفلسطينية لولا الحاضنة الشعبية الكبيرة لها، والتفاف الشعب حول المقاومة الموحدة في الميدان.
في خضم العدوان وأثناء المعارك العنيفة التي خاضتها المقاومة الفلسطينية لمنع التقدم البري لجيش الاحتلال على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، بالإضافة إلى تصديها لمحاولات التقدم على الشواطئ البحرية، قتلت المقاومة الفلسطينية 72 جندياً إسرائيلياً وأصابت أكثر من720 آخرين، منهم 300 جندي خرجوا من العدوان بإعاقة، وفرار 292 من الخدمة العسكرية، فيما تعرض 3000 جندي ومستوطن إسرائيلي لصدمات نفسية وهلع ورعب شديدين.
وبلغت تكلفة العدوان في الحسابات الإسرائيلية ما بين 3 و4 مليارات دولار منها 2.5 مليار خسائر في الذخائر والمعدات، أما خسائر المستوطنين فقد بلغت أكثر من 450 مليون دولار، بينما بلغت خسائر قطاع السياحة 650 مليون دولار، وقدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بحوالي مليار دولار.
وقف إطلاق النار
على الرغم من شراسة العدوان الإسرائيلي وبسالة المقاومة الفلسطينية في الميدان، دارت مفاوضات غير مباشرة بين الوفد الفلسطيني المفاوض الموحد وبين الاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية في القاهرة. وقدم الوفد الموحد نموذجاً للمفاوضات المتوازنة لأنها كانت تستند إلى قوة المقاومة وصمود الشعب ووحدة الموقف، ما ساهم في تعزيز موقفه في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والإقليمية من خلال تمسكه بمطالبه العادلة وشروطه لوقف إطلاق النار.
في26 آب/ (أغسطس) 2014، توصل الوفد الفلسطيني الموحد مع الاحتلال الإسرائيلي إلى إبرام اتفاق التهدئة برعاية مصرية. وتوقف العدوان الإسرائيلي، إلا أن إسرائيل لم تحترم هذا الاتفاق الذي يتضمن وقف كافة أشكال العدوان، ورفع الحصار المفروض على القطاع، بل واصلت عدوانها وخروقاتها لكل هذه التفاهمات من خلال قتلها لمئات الفلسطينيين واستهداف الصيادين الفلسطينيين في عرض البحر في مساحة اقل من المسموح لهم للصيد، واستهداف المزارعين وممتلكاتهم على حدود القطاع، وشن عشرات الغارات على القطاع، وترويع المدنيين الآمنين، وكان أخرها قمع وقتل الفلسطينيين المتظاهرين سلمياً في مسيرة العودة على حدود القطاع منذ 30 آذار/ مارس الماضي. لم تكتفٍ إسرائيل بذلك بل شنت غارات جوية على مواقع المقاومة الفلسطينية وصفت بالأقوى منذ انتهاء العدوان في صيف 2014، لإرباك القطاع وإرهاب الفلسطينيين وإفشال مسيرة العودة، وقوبلت هذه الغارات برد عسكري فلسطيني موحد من خلال «الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة»، التي أوصلت رسالة للاحتلال الإسرائيلي بعدم التمادي في عدوانه على الشعب الفلسطيني، وكسرت معادلته بفرض قواعد اشتباك جديدة ، وان إسرائيل لم تعد صاحبة «اليد العليا» وسيدة القرار في أي مواجهة، وفرضت معادلة «القصف بالقصف» في محاولة منها لتثبيت التهدئة، ما أدى إلى توقف الغارات الإسرائيلية، الأمر الذي يدلل على أن إسرائيل قبلت ميدانياً هذه المعادلة رغم التصريحات الإعلامية الإسرائيلية المنافية لذلك، وهذا يؤكد بأن المقاومة الفلسطينية لن تتأثر بفعل ضربات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وستظل شوكة في حلقه، وهي جاهزة لجولات وصولات قتالية قادمة مع إسرائيل.
تحمل معارك الصمود ضد الحرب العدوانية في قطاع غزة 2014 دروساً مهمة في ضرورة صون وحدة الشعب، ووحدة قواه. وما تجربة الوحدة في الميدان لصد العدوان، إلا واحدة من التجارب الغنية الواجب صونها وتطويرها وتعميقها، على أن تكون معبراً للحالة الفلسطينية وأداة ضغط على طرفي الانقسام«فتح وحماس» لإنجاز اتفاق المصالحة، وإعادة بناء الوحدة الداخلية، وسد الثغرات التي من خلالها تتسلل المشاريع المشبوهة والضغوطات التنازلية على الحالة الفلسطينية.■
مجازر وحشية
ارتكبت إسرائيل أكثر المجازر وحشية خلال العدوان راح ضحيته ألاف الشهداء، ودمرت مناطق وأحياء سكنية كاملة في القطاع وشرد سكانها وأصبحوا نازحين بلا مأوى، فيما مُسحت أسر كاملة من السجل المدني الفلسطيني بفعل آلة الحرب الإسرائيلية.
وأشارت الإحصائيات الرسمية فور انتهاء العدوان أن إسرائيل قتلت أكثر من 2300 فلسطينياً من بينهم 579 طفلاً و263 امرأة و102 مسناً، فيما أصيب أكثر من 11 ألف مواطن بجراح مختلفة كثير منها إعاقة دائمة من بينهم، 3303 من الأطفال و2101 امرأة ، وفقدان 19 فلسطينياً وأصبح مصيرهم في دائرة المجهول. فيما بلغ عدد المنازل المدمرة 13217 منزلاً منهم 2465 دماراً كليا و14667 دمار شبه كلي، و39500 منزل متضرر، فيما تم تدمير 5 أبراج سكنية بالكامل، ولا يزال يعاني بعض أصحاب المنازل المدمرة من توقف عملية إعادة الاعمار بعد مرور أربع سنوات على العدوان بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
فيما بلغ عدد المنشآت المتضررة 5427 منشأة بواقع 936 منشأة في القطاع الصناعي، و3227 في القطاع التجاري، و1171 في القطاع الخدماتي، و93 في قطاع السياحة وقدرت خسائرها بأكثر من مائتي مليون دولار.
توازن الرعب
لم تقف المقاومة الفلسطينية بمختلف أطيافها وألوانها مكتوفة الأيدي بعد أن بلغت جرائم الاحتلال ذروتها، وأثبتت هذا في التصدي الأسطوري لآلة التدمير الإسرائيلية، واستبسلت في المواجهة مع جيش الاحتلال، وكبدته الخسائر البشرية والمادية والمعنوية، وخلقت حالة من توازن الرعب، وأحبطت أهدافه العسكرية من خلال الأداء والتكتيك العملياتي المتنوع والأسلوب القتالي الجديد الذي فاجأ العسكريين الإسرائيليين الأمر الذي لم يكن في حساباتهم، وجعلت المستوطنين في مرمى صواريخها، الأمر الذي أدى إلى هروب الآلاف منهم من المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، فضلاً عن أسر عدد من الجنود مازال مصيرهم في دائرة المجهول حتى هذه اللحظة، وما كان ليتحقق الصمود العظيم للمقاومة الفلسطينية لولا الحاضنة الشعبية الكبيرة لها، والتفاف الشعب حول المقاومة الموحدة في الميدان.
في خضم العدوان وأثناء المعارك العنيفة التي خاضتها المقاومة الفلسطينية لمنع التقدم البري لجيش الاحتلال على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، بالإضافة إلى تصديها لمحاولات التقدم على الشواطئ البحرية، قتلت المقاومة الفلسطينية 72 جندياً إسرائيلياً وأصابت أكثر من720 آخرين، منهم 300 جندي خرجوا من العدوان بإعاقة، وفرار 292 من الخدمة العسكرية، فيما تعرض 3000 جندي ومستوطن إسرائيلي لصدمات نفسية وهلع ورعب شديدين.
وبلغت تكلفة العدوان في الحسابات الإسرائيلية ما بين 3 و4 مليارات دولار منها 2.5 مليار خسائر في الذخائر والمعدات، أما خسائر المستوطنين فقد بلغت أكثر من 450 مليون دولار، بينما بلغت خسائر قطاع السياحة 650 مليون دولار، وقدرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بحوالي مليار دولار.
وقف إطلاق النار
على الرغم من شراسة العدوان الإسرائيلي وبسالة المقاومة الفلسطينية في الميدان، دارت مفاوضات غير مباشرة بين الوفد الفلسطيني المفاوض الموحد وبين الاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية في القاهرة. وقدم الوفد الموحد نموذجاً للمفاوضات المتوازنة لأنها كانت تستند إلى قوة المقاومة وصمود الشعب ووحدة الموقف، ما ساهم في تعزيز موقفه في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والإقليمية من خلال تمسكه بمطالبه العادلة وشروطه لوقف إطلاق النار.
في26 آب/ (أغسطس) 2014، توصل الوفد الفلسطيني الموحد مع الاحتلال الإسرائيلي إلى إبرام اتفاق التهدئة برعاية مصرية. وتوقف العدوان الإسرائيلي، إلا أن إسرائيل لم تحترم هذا الاتفاق الذي يتضمن وقف كافة أشكال العدوان، ورفع الحصار المفروض على القطاع، بل واصلت عدوانها وخروقاتها لكل هذه التفاهمات من خلال قتلها لمئات الفلسطينيين واستهداف الصيادين الفلسطينيين في عرض البحر في مساحة اقل من المسموح لهم للصيد، واستهداف المزارعين وممتلكاتهم على حدود القطاع، وشن عشرات الغارات على القطاع، وترويع المدنيين الآمنين، وكان أخرها قمع وقتل الفلسطينيين المتظاهرين سلمياً في مسيرة العودة على حدود القطاع منذ 30 آذار/ مارس الماضي. لم تكتفٍ إسرائيل بذلك بل شنت غارات جوية على مواقع المقاومة الفلسطينية وصفت بالأقوى منذ انتهاء العدوان في صيف 2014، لإرباك القطاع وإرهاب الفلسطينيين وإفشال مسيرة العودة، وقوبلت هذه الغارات برد عسكري فلسطيني موحد من خلال «الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة»، التي أوصلت رسالة للاحتلال الإسرائيلي بعدم التمادي في عدوانه على الشعب الفلسطيني، وكسرت معادلته بفرض قواعد اشتباك جديدة ، وان إسرائيل لم تعد صاحبة «اليد العليا» وسيدة القرار في أي مواجهة، وفرضت معادلة «القصف بالقصف» في محاولة منها لتثبيت التهدئة، ما أدى إلى توقف الغارات الإسرائيلية، الأمر الذي يدلل على أن إسرائيل قبلت ميدانياً هذه المعادلة رغم التصريحات الإعلامية الإسرائيلية المنافية لذلك، وهذا يؤكد بأن المقاومة الفلسطينية لن تتأثر بفعل ضربات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وستظل شوكة في حلقه، وهي جاهزة لجولات وصولات قتالية قادمة مع إسرائيل.
تحمل معارك الصمود ضد الحرب العدوانية في قطاع غزة 2014 دروساً مهمة في ضرورة صون وحدة الشعب، ووحدة قواه. وما تجربة الوحدة في الميدان لصد العدوان، إلا واحدة من التجارب الغنية الواجب صونها وتطويرها وتعميقها، على أن تكون معبراً للحالة الفلسطينية وأداة ضغط على طرفي الانقسام«فتح وحماس» لإنجاز اتفاق المصالحة، وإعادة بناء الوحدة الداخلية، وسد الثغرات التي من خلالها تتسلل المشاريع المشبوهة والضغوطات التنازلية على الحالة الفلسطينية.■
أضف تعليق