مذكرة سياسية من الجبهة الديمقراطية إلى المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية دورة 30/4/2018 – رام الله
رام الله (الاتجاه الديمقراطي)-
• «صفقة العصر» مشروع ترامب لتصفية المسألة الفلسطينية يجري تطبيقه خطوة خطوة قبل الإعلان عنه
• «صفقة العصر» يطال كل المنطقة العربية ومكافحته واجب على الشعب الفلسطيني أولاً وعلى باقي الشعوب الأخرى
• «رؤية الرئيس» كما قدمها أبو مازن الى مجلس الأمن الدولي في 20/2/2018 إنقلاب على قرارات المجلس المركزي وعودة صريحة الى إتفاق أوسلو وإلتزاماته
• ندعو المجلس الوطني لإجراء المراجعة المطلوبة لتجربة المؤسسة الوطنية وإنهاء سياسة التفرد والإستفراد لصالح إعادة بناء الوحدة الوطنية الإئتلافية التشاركية
• نؤكد أن تكون هذه الدورة هي الأخيرة لهذا المجلس، يتم بعدها إنتخاب مجلس جديد بنظام التمثيل النسبي الكامل، يعيد بناء الوحدة الوطنية على أسس ديمقراطية
• نؤكد على الإلتزام بقرارات المجلس المركزي وفك الإرتباط بأوسلو، وسحب الإعتراف بإسرائيل، وفك الإرتباط بالإقتصاد الإسرائيلي ووقف التنسيق الأمني
• إعادة صياغة هيكل السلطة وبرنامجها الإجتماعي لتكون سلطة لشعب تحت الإحتلال، وسلطة حركة تحرر وطني، توفر الصمود للشعب وقواه الإجتماعية
• رفع الإجراءات العقابية والحصار عن قطاع غزة وإنجاز المصالحة
• تشكيل المرجعية الوطنية الإئتلافية للقدس
• إمتلاك إستراتيجية لقضية اللاجئين تتمسك بحق العودة الى الديار والممتلكات ورفض كل المشاريع البديلة
• إعادة الإعتبار لدور م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين والقيادة الوطنية لمسيرته النضالية
• إعادة رسم صلاحيات السلطة ووزاراتها بإعتبارها إدارة للمناطق الفلسطينية وتوفير مستلزماته اليومية ويبقى التمثيل السياسي بيد م.ت.ف ومؤسساتها
• إعادة الإعتبار للدور القيادي للجنة التنفيذية ودوائرها ذات الإختصاص ووضع حد لازدواجية الصلاحيات مع وزارات السلطة
• إعادة تشكيل إدارة للصندوق القومي باعتباره صندوق الشعب الفلسطيني بعد أن تحول الى أداة لتصفية الخلافات والحسابات مع الفصائل والإفراد
• التأكيد على صلاحيات المجلس المركزي وقراراته بإعتبارها ملزمة للجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية وليست مجرد توصيات
تقدم المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، من رئيس وأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته في 30/4/2018، في رام الله بمذكرة سياسية، حملت مواقفه السياسية ورؤيته لواقع الحال في القضية الفلسطينية، وللمهام النضالية الملقاة على عاتق الحركة الوطنية للشعب الفلسطيني، في عموم مناطق تواجده. كما حملت رؤيته لضرورة الإصلاح الديمقراطي لمؤسسات م.ت.ف، وإعادة الاعتبار إليها، بعد أن كادت أن تذوب بشكل كامل في مؤسسات السلطة الفلسطينية. وشددت المذكرة على ضرورة الالتزام بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني في دورتيه الأخيرتين في 5/3/2015 و15/1/2018، والعمل على إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، وفك الحصار ورفع العقوبات عن قطاع غزة، والالتزام الثابت والدائم. بالحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني، في تقرير المصير، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 حزيران/يونيو/ 67، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي كفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.
في الجانب السياسي، انتقدت المذكرة السياسية الرسمية الفلسطينية التي اتسمت بالتردد والانتظار والارتباك والإرباك والرهانات الفاشلة والتي لم تقطع صلتها بإتفاق أوسلو والتزاماته، وتعطل تطبيق قرارات المجلس المركزي ما يفقد مؤسسات م.ت.ف، صدقيتها في عيون القوى السياسية وعيون أبناء شعبنا والشعوب العربية.
وشددت المذكرة على رفض الجبهة ما بات يعرف بإسم "رؤية الرئيس"، تقدم بها الأخ أبو مازن إلى مجلس الأمن الدولي في 20/2/2018 ورأت فيها انقلاباً على قرارات المجلس المركزي الفلسطيني وانتهاكاً لها، وعودة إلى اتفاق أوسلو والتزاماته، ودعت المجلس إلى رفض هذه الرؤية والتأكيد بالمقابل على قرارات المجلس المركزي بما يعيد للقضية الوطنية وجهها الحقيقي باعتبارها حركة تحرر وطني للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، يناضل في إطار برنامج كفاحي يجمع بين المقاومة الشعبية في الميدان، وتدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية في الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية.
أما في جوانب الإصلاح الديمقراطي لمؤسسات م.ت.ف وإعادة الاعتبار، لها فقد دعت المذكرة إلى :
1) إجراء مراجعة لأداء م.ت.ف، عبر إعادة النظر بالعلاقات الوطنية الداخلية التي أخلت، بسبب سياسة التفرد، بأسس الوحدة الوطنية الإتئلافية وعطلت مبادئ التشاركية.
2) أن تكون هذه الدورة هي الدورة الأخيرة للمجلس الوطني، وأن تتم الدعوة لتشكيل مجلس وطني جديد على أسس ديمقراطية بالانتخابات في الداخل والخارج وبنظام التمثيل النسبي.
3) التأكيد على قرارات المجلس المركزي، والتأكيد على كونها ملزمة للجنة التنفيذية ولمؤسسات م.ت.ف، وللسلطة الفلسطينية وحكومتها وأجهزتها.
4) فك الارتباط بأوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي. ووقف التنسيق الأمني، والتحرر من التبعية للاقتصاد الاسرائيلي، فضلاُ عن سحب الاعتراف بإسرائيل.
5) امتلاك استراتيجية واضحة في التمسك بحق العودة للاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منذ العام 1948 ورفض كل المشاريع البديلة.
6) توثيق العلاقة مع الشعوب العربية، ومطالبة الدول العربية بوقف التطبيع مع إسرائيل، وإغلاق البعثات الاسرائيلية فيها وسحب سفرائها من اسرائيل، ومقاطعة الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس.
7) العمل على إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا والمؤسسة الوطنية المعنية بقيادة مسيرته الوطنية، والمرجعية السياسية العليا للسلطة الفلسطينية، وإعادة رسم صلاحيات السلطة باعتبارها سلطة لإدارة المناطق الفلسطينية وتوفير مستلزماتها، بينما يبقى التمثيل السياسي بيد م.ت.ف، ومؤسساتها.
8) تطوير صلاحيات المجلس المركزي، إلى حين انتخاب مجلس وطني جديد.
9) إعادة الاعتبار للجنة التنفيذية وإعادة تشكيل دوائرها وإعادة الحياة لمن ألغي منها كالدائرة السياسية. ووضع حد لازدواجية الصلاحيات بين الدوائر و وزارات السلطة.
10) إعادة الاعتبار للصندوق القومي الفلسطيني باعتباره صندوقاً لكل الشعب بعد أن تحول إلى أداة سياسية تستعمل في الخلافات وتصفية الحسابات السياسية مع الفصائل والأفراد
وفيما يلي النص الكامل للمذكرة:
الأخ الفاضل سليم الزعنون، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني
الأخوة والأخوات الأعضاء في المجلس الوطني
«تحية القدس والحرية والعودة»
تتقدم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إليكم وإلى الرأي العام، بهذه المذكرة، مساهمة منها في إنجاح أعمال المجلس الوطني الفلسطيني.
مقدمة
■ تنعقد الدورة الحالية لمجلسنا الوطني، وهي الأولى منذ 22 عاماً، شهدت خلالها القضية الوطنية لشعبنا، تطورات كبرى، كان أهمها وصول مشروع أوسلو إلى الفشل وإلى الطريق المسدود، بعد أن اصطدمت مفاوضات الحل الدائم في كامب ديفيد/ في تموز – يوليو 2000 بالتعنت الإسرائيلي، والانحياز الأميركي، والخلل الفادح في موازين القوى، وفساد الأساس السياسي الذي قامت عليها هذه المفاوضات، خارج رعاية الأمم المتحدة، وخارج قراراتها ذات الصلة، ودون أية ضمانات دولية تكفل الحقوق الوطنية لشعبنا المناضل، في مؤتمر دولي بقراراته الملزمة تقود إلى رحيل الإحتلال والاستيطان، وممارسة شعبنا المناضل حقوقه الوطنية كاملة في تقرير المصير، والفوز بالاستقلال والسيادة، في دولة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 حزيران/يونيو/67، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 194الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948. ومنذ كامب ديفيد 2000 والعملية السياسية تعيش حالة موت سريري، لم تنجح كل المحاولات لانعاشها، بما في ذلك التنازلات المجانية التي قدمها المفاوض الفلسطيني، من ضمنها الموافقة على تبادل متفق عليه للأراضي، ما ينسف خطوط 4 حزيران كأساس للحل، أو القبول «بحل عادل متفق عليه» لقضية اللاجئين، ما يؤدي إلى اسقاط حق العودة وشطبه لصالح المشاريع والحلول البديلة. كذلك لم تنجح التعهدات التي تقدمت بها القيادة الرسمية إلى الإدارة الأميركية، بإعادة الحياة إلى المفاوضات، من بينها عدم الانتساب إلى 22 وكالة، وعدم اللجوء إلى الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، والتزام التنسيق الأمني، الذي اعتبر يوماً ما في أحد خطابات القيادة الرسمية «مقدساً» لا يمس. كذلك فشل الرهان على «صفقة القرن» الأميركية التي كانت القيادة الرسمية الفلسطينية في مقدمة المرحبين بها، وأكثر المتعجلين للإعلان عنها، أو أصحاب الرهان على أنها ستحمل في طياتها مشروعاً للعمل، على أساس «حل الدولتين». لكن تبين أنها كانت «صفعة العصر» كما قالت القيادة الفلسطينية لا صفقة العصر، التي حملت لنا سياسة أميركية هجومية، تتقدم الصفوف، وتقتحم المواقع، وتفتح الطريق أمام الجانب الإسرائيلي لفرض مشروعه السياسي على حساب الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا، وتقدم له الاسناد القوي، عسكرياً، ومالياً، واقتصادياً، ودبلوماسياً، في الوقت الذي لا تتوقف فيه عن ممارسة الضغوط على الحالة الفلسطينية، إن بالشروط التي حملها المبعوث الأميركي جيسون غرنبلات، أو الحسم بقرار فوقي منفرد لقضايا ما يسمى بـ «الحل الدائم» كقضية القدس، واللاجئين، والحدود، والمستوطنات، لفرض الأمر الواق، على الجميع، وتهيئة المسرح السياسي أمام الجانب الإسرائيلي لاتخاذ خطوات متسارعة تندرج في السياق نفسه. ولعل قرار الخارجية الأميركية والبنتاغون الاميركي نزع صفة «المحتلة» عن الأراضي الفلسطينية، في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وعن الجولان، من شأنها أن تمهد الطريق أمام حكومة اليمين الاسرائيلي للعمل على تطبيق قرار تشييد مليون شقة استيطانية إستعمارية، منها 300 ألف في القدس وحدها، لإغراق الضفة الفلسطينية والقدس المحتلتين بأكثر من خمسة ملايين مستوطن خلال عشر سنوات، وقرار ما يسمى «تمكين وحدة القدس»، وتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات، وتقسيم الضفة الفلسطينية إلى ثلاثة كانتونات، شمال ووسط وجنوب، وأخيراً، وليس آخراً، قرار الليكود العمل على ضم الضفة الفلسطينية كاملة لإسرائيل، والبناء على «حل دائم» يقوم على «إدارة ذاتية» لشعبنا في بعض مناطق الضفة، تحت الهيمنة الاسرائيلية الكاملة، أمنياً، واقتصادياً.
وهكذا نجد أنفسنا أمام «صفقة القرن» التي وعدنا بها ترامب وادارته، وأمام «حل دائم» ترسم الولايات المتحدة منفردة، وبالتعاون مع إسرائيل، خطواته المتدحرجة، خطوة خطوة، لتفرضه علينا كفلسطينيين وعلى عموم دول المنطقة العربية.
وبالتالي فإن الخطر الناشيء لا يقتصر على ملف دون غيره من ملفات القضية الوطنية، بل يطال مجمل القضية والحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا، ولا يقتصر على الملف الفلسطيني وحده، بل يطال المنطقة العربية كلها، في سياسة أميركية متوحشة تستهدف اخضاعنا للنفوذ الأميركي المتحالف مع الإحتلال التوسعي الاستيطاني الإسرائيلي.
جاءت «صفقة القرن» لتطلق رصاصة الرحمة على مشروع أوسلو، الميت سريرياً، والذي امتدت مفاوضاته العبثية والعقيمة على الجانب الفلسطيني، ربع قرن، شكلت غطاء لمشاريع نهب الأرض، وتوسيع مشاريع الاستيطان، وتهويد القدس، والزج بالآلاف من أبناء شعبنا في المعتقلات، وتدمير اقتصادنا الوطني، وتجريد السلطة الفلسطينية من صلاحياتها المحدودة أصلاً، بحيث بات رجالها، كما قال الرئيس عباس في مجلس الأمن الدولي في 20/2/2018 «موظفين لدى الإحتلال»؛ وامتهان سياسة قتل المواطنين الفلسطينيين بدم بارد، بدعوى مكافحة الإرهاب، وفرض الحصار الظالم على أهلنا في قطاع غزة، وشن حروب دموية ضد أبنائه بين فترة وأخرى، وتدمير أحيائه ومخيماته، وبنيته التحتية وتحويله إلى مكان يفتقر إلى الشروط الانسانية للعيش الكريم.
بالمقابل اتسمت السياسة الرسمية الفلسطينية بالتردد والانتظار والارتباك والارباك، والرهانات الفاشلة، ولم تقطع صلتها حتى الآن باتفاق أوسلو وبروتوكول باريس والتزاماتهما، ولم تعمل على التحرر من قيودهما، فمازالت قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، في دورتيه الأخيرتين (5/3/2015 + 15/1/2018) معطلتين، ومازالت اقتراحات اللجنة السياسية العليا التي تشكلت بقرار من اللجنة التنفيذية مركونة جانباً، أما حكومة السلطة الفلسطينية، فلم تتقدم حتى الأن إلى اللجنة التنفيذية، باقتراحاتها لتطبيق قرارات المجلس المركزي في الشؤون التي تعود إليها، ما يفقد مؤسسات م.ت.ف، وخاصة اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي، صدقيتها في عيون القوى السياسية الفلسطينية وفي عيون شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية وقواها السياسية.
وفي هذا السياق، نعلن عدم موافقتنا على ما بات يعرف باسم «رؤية الرئيس» التي تقدم بها الأخ أبو مازن إلى مجلس الأمن الدولي في 20/2/2018، لأنها تشكل انقلاباً على قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، وإنتهاكاً لها، وعودة إلى اتفاق أوسلو، وعودة إلى التعهدات المقدمة للولايات المتحدة مقابل دورها في استئناف المفاوضات. وندعو للتراجع عنها، كما ندعو المجلس الوطني لعدم المصادقة عليها، والمصادقة بدلاً من ذلك على قرارات المجلس المركز الفلسطيني في دورتيه الأخيرتين، بما يعيد لقضيتنا الوطنية وجهها الحقيقي، قضية تحرير وطني لشعبنا تحت الاحتلال يناضل من أجل الحرية والاستيطان والكرامة الوطنية والعودة، في اطار برنامج كفاحي، يجمع بين المقاومة الشعبية في الميدان، وتدويل القضية الحقوق الوطنية الفلسطينية في الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية.
ومما لا شك فيه أن التجربة الابداعية لشعبنا، في انتفاضته الباسلة منذ 6/12/2017، والتي تطورت في 30/3/2018، في القدس والضفة الفلسطينية، وقطاع غزة، والتي باتت تحمل عناوين «جمعة الغضب» وآخرها «جمعة الشباب الفلسطيني الثائر»، تشكل نموذجاً متقدماً لما يمكن أن يحققه شعبنا، عندما يتولد لديه اليقين لصلابة الموقف السياسي القيادي.
ونغتنم هذه الفرصة لنوجه التحية إلى اللجنة الوطنية لمسيرة العودة والتي تتشكل من الجبهة الديمقراطية، وحماس، والشعبية، والجهاد، وفتح وكل الفصائل والقوى السياسية والفعاليات الوطنية، وندعو للعمل على تعميمها في المناطق المحتلة ومناطق تواجد شعبنا كافة.
الأخ الفاضل رئيس المجلس الوطني الفلسطيني
الأخوة والأخوات أعضاء المجلس
إن هذه التطورات الكبرى تدعونا للبحث الجماعي في القضايا التالية:
I – الوحدة الوطنية
في هذا السياق ندعو إلى التالي:
• أن نعيد النظر، وأن نمتلك الشجاعة لإجراء مراجعة صريحة للإستراتيجية السياسية التي إعتمدتها القيادة الرسمية الفلسطينية، والتي تقوم على المفاوضات الثنائية تحت الرعاية الأميركية المنفردة وخارج قرارات ورعاية الشرعية الدولية ومظلتها، وبدون سقف زمني ملزم، خياراً وحيداً، وأن نعترف بفشل هذا الخيار، وضرورة التراجع عنه وعدم العودة إليه في أسسه، وشروطه وألياته المعروفة.
• أن نعيد النظر بالأسلوب القيادي الذي أديرت به العملية السياسية وباقي ملفات القضية الوطنية، والذي اعتمد سياسة التفرد بالقرار، وسياسة تهميش المؤسسات، كما هو حال اللجنة التنفيذية، أو تعطيلها وتعليق قراراتها وعدم تطبيقها، كما هو حال مجلسنا المركزي الذي عقد خلال 4 سنوات دورتين فقط والذي مازالت قراراته معطلة حتى الآن، أو كما هو حال مجلسنا الوطني الذي كانت آخر جلساته في العام 1996.
إن مدخلنا لمراجعة جدية وصريحة وشجاعة، هو إعادة النظر بالعلاقات الوطنية الداخلية التي أخلت، بسبب الانقسام المدمر وسياسة التفرد بالقرار، بأسس الوحدة الوطنية الإئتلافية، وعطلت مبادئ التشاركية.
إن وحدتنا الوطنية هي مدخلنا لصياغة إستراتيجية سياسية ترتقي إلى مستوى الأحداث، الخطيرة والجِسام التي تجابه قضيتنا وتجابه شعبنا، وبدون وحدة وطنية متماسكة، تقوم على أسس ائتلافية وتشاركية، تعيد الإعتبار للمؤسسات الوطنية الفلسطينية، من اللجنة التنفيذية، إلى المجلس المركزي، إلى المجلس الوطني، ستبقى أية قرارات وأية إستراتيجيات يتم التوافق عليها، معرضة لأن تبقى معلقة على الرف كما هو قرارات دورتي المجلس المركزي في 5/3/2015 و 15/1/2018 .
لذلك ندعو المجلس الوطني لتحمل مسؤولياته، وإجراء المراجعة المطلوبة لتجربة المؤسسات الوطنية الفلسطينية، والخروج بالقرارات اللازمة والملزمة التي تمكننا من بناء وحدة وطنية راسخة، تقوم على مبادئ الإئتلاف الوطني والتشاركية الديمقراطية وإحترام المؤسسات.
وفي هذا السياق ندعو أن تكون هذه الدورة للمجلس الوطني هي الدورة الأخيرة، وأن نقرر الدعوة لتشكيل مجلس وطني جديد، على أسس ديمقراطية، بالانتخابات الديمقراطية والنزيهة والشفافة، في الداخل والخارج، وحيث أمكن، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، بعتبة حسم لا تتجاوز 1%، وأن يتم لذلك تشكيل لجنة تحضيرية، من الكل الفلسطيني برئاسة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأن يواكب ذلك التحضير اجتماع «لجنة تفعيل وتطوير م.ت.ف» التي تضم رئيس اللجنة التنفيذية وأعضاءها، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني، والأمناء العامين، وشخصيات مستقلة للتوافق على برنامج واستراتيجية المرحلة والأسس التوافقية للوحدة الوطنية المنشودة وعلى أسس تشاركية. على أن ننجز هذا العمل الوطني الكبير خلال عام واحد من تاريخه.
II – في الاستراتيجية السياسية
لا نضيف جديداً إذا ما أعدنا التأكيد على أن مشروع أوسلو قد وصل إلى نهاياته وأعلن إفلاسه. ولقد سبق لمجلسنا المركزي في 5/3/2015 وفي 15/1/2018 أن توصل إلى الخلاصة ذاتها، وبناء عليه إتخذ قراراته التي مازالت ـــــ للأسف ــــ معلقة. وأتت قرارات إدارة ترامب وحكومة نتنياهو لتشكل دلائل إضافية على صحة هذه الخلاصة. لذلك ندعو مجلسنا الوطني إلى تبني إستراتيجية كفاحية، جديدة وبديلة، تنطلق من كوننا أولاً، وقبل كل شيء، حركة تحرر وطني لشعب تحت الإحتلال، يناضل من أجل حقه في الحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير والخلاص من الإحتلال والإستيطان.
إننا ندعو إلى التأكيد على قرارات المجلس المركزي في إطار الاستراتيجية السياسية الجديدة والبديلة، والتأكيد على كونها ملزمة للجنة التنفيذية ومؤسسات م.ت.ف كافة، وكذلك ملزمة للسلطة الفلسطينية وحكومتها وأجهزتها ومؤسساتها كافة.
1) الإعلان عن فك الإرتباط بأوسلو وبروتوكول باريس وبكل التزاماتهما..
2) سحب الإعتراف بإسرائيل.
3) وقف التنسيق الأمني مع الإحتلالً وقفاً تاماً.
4) فك الإرتباط بالإقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك سحب اليد العاملة الفلسطينية من مشاريع الإستيطان الإسرائيلي، ووقف التعامل بالشكل الإسرائيلي لصالح حلول بديلة.
5) توفير الحماية السياسية للإنتفاضة الشعبية الباسلة، و«ومسيرات العودة»، وتوفير عناصر الدعم الرعاية لها، وتطويرها نحو إنتفاضة شعبية شاملة، على طريق تحولها إلى عصيان وطني ومقاومة شعبية ضد الإحتلال.
6) طي صفحة المفاوضات الثنائية مع الجانب الإسرائيلي، تحت الرعاية الأميركية المنفرد، والتوقف عن زرع الأوهام حول إمكانية إستعادة الدور الأميركي المنفردة بشكل أو بآخر.
7) التحرر من أية تعهدات إلى الإدارة الأميركية أو غيرها بما في ذلك الانتساب إلى الوكالات الدولية والتقدم نحو محكمة الجنايات الدولية، والأمم المتحدة، ووقف التنسيق الأمني.
8) طلب العضوية العاملة لدولة فلسطين في الجمعية، العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 19/67، الذي منح العضوية المراقبة لدولة فلسطين على حدود 4 حزيران67 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي كفل لهم حق العودة.
9) الدعوة إلى مؤتمر دولي لحل المسألة الفلسطينية، برعاية الأمم المتحدة، والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بموجب قرارات الشرعية الدولية، التي كفلت لشعبنا حقوقه الوطنية المشروعة في تقرير المصير، والإستقلال والسيادة، وحق العودة.
10) طلب الحماية الدولية لشعبنا وأرضنا وقدسنا، ضد الإحتلال والإستيطان.
11) إحالة جرائم الحرب الإسرائيلية إلى محكمة الجنايات الدولية وتفعيل الشكاوي ضد مرتكبيها، بما في ذلك ملفات الإستيطان، والأسرى، وحصار قطاع غزة، والحروب العدوانية التي شنت ضده، وجرائم القتل ضد أبناء شعبنا في القدس والضفة الفلسطينية.
12) العمل على إستعادة سجل السكان من الإدارة المدنية للإحتلال، كشكل من أشكال إستعادة السيادة الفلسطينية المفقودة.
13) العمل على إستعادة سجل الأراضي من الإدارة المدنية للإحتلال، كشكل من أشكال إستعادة السيادة الفلسطينية المفقودة.
14) تأكيد الإلتزام الوطني والأخلاقي وضمان حقوق الأسرى ودعم نضالاتهم خلف القضبان إلى أن تشرق شمس الحرية، وضمان حقوق الجرحى والمعاقين وعائلات الشهداء.
15) إعادة صياغة هيكل السلطة وبرنامجها الإجتماعي وخططها الإقتصادية، لتخدم الإستراتيجية السياسية الجديدة والبديلة، بما في ذلك دعم صمود الشرائح الفقيرة والدنيا وأصحاب الدخل المحدود في المدينة والقرية والمخيمات، في نضالهم ضد الإحتلال والإستيطان في إطار الإنتفاضة الشعبية.
16) رفع الاجراءات العقابية والحصار عن قطاع غزة وإنجاز اتفاق المصالحة.
وفي هذا السياق، نجدد الدعوة لعدم المصادقة على «رؤية» الرئيس كما تقدم بها إلى مجلس الأمن الدولي في 20/2/2018، كونها تتعارض وتتعاكس مع قرارات المجلس المركزي، تشكل انقلاباً عليها وانتهاكاً لها.
17 ) إن السياسات الاجتماعية الاقتصادية للسلطة لا يمكنها ان تؤسس لواقع يختلف عن ذلك الذي أحدثته الاتفاقيات لعدة اعتبارات من بينها الأجندة السياسية الاقتصادية النيوليبرالية المغرقة في يمينيتها التي تبنتها السلطة الوطنية منذ نشأتها ، الأمر الذي يملي على القوى الوطنية الجذرية والديمقراطية لعب دور ملموس في الدفاع عن حقوق الطبقات الشعبية الكادحة وتطوير وسائل النضال من اجل تحويل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية الى أعمدة للنضال الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة والمساواة والى قضية تفرض نفسها على أعمال المجلس الوطني الفلسطيني وهيئات م ت ف دفاعا عن الطبقات الشعبية الكادحة التي تدفع ثمناً باهظاً للأزمة التي يعيشها الاقتصاد الفلسطيني الذي يرزح تحت مطرقة التبعية الثقيلة للاقتصاد الاسرائيلي بفعل الاتفاقيات الموقعة وسندان السياسة الاقتصادية النيوليبرالية للسلطة تحت ضغط شروط الدول المانحة ما يدعو الى التصدي للتوحش الطفيلي في الحياة الاقتصادية دفاعا عن الطبقات الاجتماعية المهمشة ، وبالذات في الريف وفي مخيمات الفلسطينية والعمل على اعادة توزيع الموارد المالية المتاحة للشعب الفلسطيني وتوجيه انفاقها بما يخفف من الأثار السلبية الواسعة لهذه التبعية الاقتصادية والسياسات الاقتصادية النيوليبرالية للسلطة الفلسطينية من أجل تعزيز صمود المواطنين تحت الاحتلال .
إلى هذا توجد ضرورة وطنية قصوى لاتخاذ المجلس الوطني قرارا بالوقف الفوري للعقوبات المنزلة بحق أبناء غزة وهي تخوض معركتها الحاسمة مواجهة الحصار الإسرائيلي بإطلاقها لمسيرات العودة المتواصلة ، والمتوهجة نموذجاً لأسلوب مبتكر فعال في المقاومة الشعبية السلمية من جانبنا ، والدموية بأسلوب إرهاب الدولة المنظم من جانب المحتل.
18 ) وفي ظل الانقسام ، الذي افسد الحياة السياسية وقدم افضل الخدمات للقوى المعادية وبخاصة لدولة الاحتلال ، أخذ النظام السياسي الفلسطيني ينحو اكثر فأكثر بسبب غياب الرقابة نحو التحول الى نظام شبه بوليسي يتخذ من أجهزة الأمن اداة للتدخل في الشؤون المدنية والتضييق على الحريات العامة والديمقراطية وعلى حرية التعبير والتظاهر وحرية الصحافة وغيرها ، ما بات يفرض التصدي لما يترتب على ذلك من انتهاكات تهدد الحياة الديمقراطية الفلسطينية . وعليه ندعو هذه الأجهزة في الضفة الغربية كما في قطاع غزة أن تعي دورها دائماً في خدمة الوطن والمواطن ، وان تبقى أداة بيد القيادة السياسية عندما تدعوها للقيام بواجباتها الوطنية وأداة بيد السلطة القضائية لفرض النظام وتوفير الأمن وسيادة القانون . وكل خروج عن هذا الدور المحدد للأجهزة الأمنية والعسكرية الفلسطينية يبني حواجز وسدود بينها وبين المواطن والرأي العام الفلسطيني ويؤسس لنظام معاد للديمقراطية وحقوق الانسان. نحن ندعو الى ابعاد هذه الأجهزة عن التجاذبات والصراعات السياسية وندعوها الى احترام الحريات العامة والديمقراطية وحقوق المواطن والتعددية السياسية والحزبية وان تمتنع عن كل عمل يشكل بحد ذاته مساسا او اعتداء على هذه الحريات والحقوق .
III – القدس
1) تشكيل المرجعية الوطنية الموحدة لمدينة القدس على أسس إئتلافية، تقود الكفاح الميداني لشعبنا ضد الإحتلال وسياسة الضم والتهويد والأسرلة، ولصالح الشخصية الوطنية لعاصمة دولتنا الفلسطينية.
2) توفير الموازنات المالية اللازمة لدعم المؤسسات والمنظمات الأهلية المقدسية في الميادين المختلفة، الثقافية والإجتماعية والتربوية والتعليمية والبلدية وغيرها.
3) توفير الدعم للإقتصاد المقدسي في ظل الحصار الإسرائيلي وتعطل الأعمال اليومية للتجار والحرفيين وغيرهم بفعل الأزمات السياسية التي تعيشها المدينة.
IV- قضية اللاجئين وحق العودة
1) إمتلاك إستراتيجية واضحة في التمسك بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948 ورفض كل المشاريع البديلة الأمر الذي يتطلب:
أ) تمكين دائرة شؤون اللاجئين وتطوير دورها وتسليحها بالخطط لصالح قضايا مخيمات شعبنا في مناطق إنتشارها كافة.
ب) تعزيز العلاقة بين دائرة شؤون اللاجئين والمؤسسات الأهلية والإجتماعية في المخيمات، في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة والشتات.
ج) صون مصالح سكان المخيمات في الدول المضيفة، بما فيها حق العمل والتملك والعمل السياسي في الأطر الوطنية الفلسطينية في الوطن والشتات. وتوفير الدعم بشكل خاص للاجئين في سوريا، ولبنان، وحل قضاياهم المختلفة.
د) التصدي لمحاولات حصار وكالة الغوث، وتجفيف مواردها، ورفض إعادة النظر بالتفويض الممنوح لها عبر الدعوات لإعادة النظر بتعريف اللاجئ.
V- على الصعيد العربي والإسلامي والدولي
في ظل التأكيد أن «صفقة القرن» لا تقتصر خطورتها على المسألة الوطنية الفلسطينية بل تطال الحالة العربية كلها دون إستثناء، ندعو المجلس الوطني لتبني السياسات التالية:
1) توثيق العلاقة مع الحركة الشعبية العربية ومع حركة الشعوب المسلمة، في مواجهة «صفقة القرن» والضغط على حكوماتها لتحمل مسؤولياتها القومية والوطنية والأخلاقية، نحو القضية الفلسطينية ونحو المصلحة الوطنية لشعوبها، بما في ذلك مقاومة كل أشكال التطبيع السياسي والإقتصادي وغيره مع العدو الإسرائيلي.
2) دعوة الدول العربية والمسلمة لسحب سفرائها من إسرائيل، وإغلاق البعثات الإسرائيلية لديها حيث وجدت، ووقف كل أشكال التطبيع العلني وغير العلني مع إسرائيل.
3) الدعوة لمقاطعة الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس.
4) دعوة الدول العربية والمسلمة لتوفير الدعم اللازم لتمكين م.ت.ف والسلطة الفلسطينية من الصمود أمام الضغوط الأميركية والإسرائيلية وفي معركة التحرر من الإحتلال، بما في ذلك دعم وإسناد المؤسسات والجمعيات الأهلية الفلسطينية في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
5) تعزيز العلاقة مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والتي صوتت في مجلس الامن الدولي وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قرار ترامب. ودعم حركة مقاطعة إسرائيل (B.D.S) على الصعيد الدولي.
6) تطوير العلاقة مع الجاليات الفلسطينية في أوروبا والأميركيتين ودول الكاريبي وحيث أمكن، الأمر الذي يتطلب تمكين دور دائرة شؤون المغتربين وعدم التشويش عليها وإزالة العراقيل من أمامها.
VI – في إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية
أدت تطبيقات اتفاق أوسلو، وحجم التنازلات التي قدمت في سياق ذلك، إلى تهميش م.ت.ف، ومؤسساتها وتحويلها إلى هياكل مفرغة من مضمونها، لا دور لها في رسم السياسات الوطنية، والتي أصبحت بيد السلطة الفلسطينية من جهة، وبيد المطبخ السياسي من جهة أخرى، على حساب اللجنة التنفيذية، التي أصبحت لجنة لا تملك سلطة القرار، رغم أنها، القيادة اليومية لشعبنا الفلسطيني، وحكومة الدولة الفلسطينية في المنفى، وعلى حساب دوائر اللجنة التنفيذية، التي شطب بعضها كالدائرة السياسية، وجرت مزاحمة بعضها الآخر، على مهامه ووظائفه، بطرق غير مشروعة، كما هو حال دائرة شؤون المغتربين، فضلاً عن ازدواجية المهام بين بعض هذه الداوئر، ووزارات السلطة، في ترجيح وازن للوزارات وفي تهميش فاقع لدوائر م.ت.ف.
أما المجلس المركزي، فقد تحول إلى هيئة، تستدعي عند الحاجة. بحيث لم يعقد دورته الاخيرة إلا بعد حوالي اربع سنوات على انعقاد دورته السابقة؛ وذهب البعض في تهميش المجلس إلى حد الإدعاء أن قراراته مجرد توصيات، وليست ملزمة لا للجنة التنفيذية ولا لرئيسها، في تهرب مقصود وواضح المعالم من الاستحقاقات السياسية التي سيفرضها تطبيق قرارات المجلس، وفي تجاهل وانكار تام بأن المجلس المركزي هو الهيئة، الوسيطة بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية. أما مجلسنا الوطني الفلسطيني فهو الغائب والمغيب الأكبر، وكانت دورته الاخيرة في 26 نيسان 1996، بعدها أحيل المجلس إلى التقاعد.
ولا بد من التأكيد أن تغييب مؤسسات م.ت.ف الوطنية أو تهميشها، وإحالة صلاحياتها إلى السلطة الفلسطينية تارة، وإلى المطبخ السياسي تارة أخرى، ليس من شأنه فقط أن ينعكس على الأداء السياسي وأن يحدث خللاً كبيراً في هذا الأداء، وما نحصده من فشل لأوسلو خير دليل على ذلك، بل من شأن هذا التغييب أن يمس وحدة شعبنا في مناطق تواجده كافة، ووحدة حقوقه الوطنية ووحدة تمثيله، وإن يضعف، إلى حد كبير، الموقع التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يفتح الباب للتشكيك في هذا التمثيل وشرعيته وقانونيته، وأن يوفر الذرائع لمن يشاء للدعوة لابتداع هيئات ومؤسسات موازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مثال ذلك مؤتمر اسطنبول، الذي حاول الدخول في مزاحمة المنظمة على تمثيلها لشعبنا، من بوابة القول بتهميش الخارج، لصالح الداخل.
مقابل تهميش م.ت.ف، واهمالها والدفع بها نحو التأكل، لم تنجح السلطة الفلسطينية في ملء الفراغ الذي تمت المراهنة عليه. ففشل فشلاً ذريعاً مشروع تحويل السلطة الفلسطينية إلى نواة لقيام الدولة المستقلة تحت الاحتلال، بل على العكس من ذلك بدأت صلاحيات دوائره ومساحة مسؤوليات السلطة في التقلص التدريجي لصالح سلطات الاحتلال وتغول الاستيطان، حتى أن رئيس السلطة نفسه اعترف أمام مجلس الأمن الدولي في 20/2/2018 أن اجراءات حكومة نتنياهو حولت رجال السلطة إلى موظفين لدى الاحتلال. وهذا كله، وفضلاً عن اضعاف موقع م.ت.ف، التمثيلي أدى إلى إضعاف دور السلطة وعمق حالة اللايقين لدى الصف الواسع من أبناء شعبنا الفلسطيني، في الداخل والخارج، بشرعية الهيئات الفلسطينية وصلاحياتها لقيادة المسيرة الوطنية.
ومما لا شك فيه أن الأجواء التي سادت حالتنا الوطنية، بعد الاعلان عن دعوة المجلس الوطني إلى الانعقاد، وحجم الخلافات في الصف الوطني، وحجم التباينات في الرأي العام، لدى الشارع الفلسطيني بين مؤيد، وبين معارض، لهذا المجلس، وشرعيته وقانونيته، يعطينا مثالاً ساطعاً على طبيعة الحالة التي وصلنا إليها في ظل الادارة السياسية الحالية، وما انتجته من تدهور في تماسك الحالة الوطنية الفلسطينية.
إنعقدت الدورة الاخيرة للمجلس الوطني في ظروف سياسية تختلف تماماً عن الظروف السياسية الحالية، كما غادرنا، منذ ذلك التاريخ، أكثر من جيل من أعضاء المجلس، وأبناء شعبنا، ودخل معترك الحياة السياسية أكثر من جيل، وشهد الكون تطورات كبرى، ومازال مجلسنا يستعيد قديمه، ويراوح مكانه، بل ويتراجع دوره، وبينما باقي المؤسسات مهمشة أو مغيبة. من هنا، وربطاً بما سبق، في التقديم، وفي التحليل السياسي، وفي رسم التوجهات، ندعو الى التالي:
1) العمل على اعادة التوازن إلى العلاقة بين م.ت.ف، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، وباعتبارها المؤسسة الوطنية المعنية بقيادة مسيرته الوطنية، وباعتبارها المرجعية السياسية العليا للسلطة الفلسطينية، بما يتطلب اعادة رسم صلاحيات السلطة ووزاراتها باعتبارها سلطة لإدارة المناطق الفلسطينية تحت مسؤولياتها وتوفير مستلزمات الحياة اليومية لشعبنا في هذه المناطق. بينما يبقى التمثيل السياسي بيد م.ت.ف. ومؤسساتها.
2) ان يقرر مجلسنا أن تكون هذه الدورة هي دورته الاخيرة، وأن يتم العمل، كما اوردنا سابقاً، على اعادة تشكيل مجلس وطني جديد، بالانتخاب، خلال عام واحد.
3) اعادة النظر بصلاحيات المجلس المركزي، باعتباره الهيئة الوسيطة بين المجلس الوطني الفلسطيني وبين اللجنة التنفيذية، بما في ذلك:
• صلاحية ملء الشواغر في اللجنة التنفيذية، دون الحاجة لانعقاد المجلس الوطني لدوره طارئة، حرصاً على التوازن في التمثيل السياسي في اللجنة التنفيذية، وعلى الشرعية القانونية للجنة نفسها، (تجربة خلو مقعد الجبهة الشعبية بغياب ممثلها المنتخب وحضورها كعضو مراقب مثال حي).
• صلاحية حل المجلس التشريعي، واسترداد صلاحيته، حتى لا يبقى الموقع التشريعي في السلطة معطلاً، ما يفتح الباب حكماً لتغول السلطة التنفيذية( حكومة السلطة ورئيسها) على حساب السلطة التشريعية، واللجوء إلى سياسة سن القوانين النافذة بدون رقابة تشريعية بما في ذلك الموازنات السنوية والأداء اليومي.
• إنتظام أعمال المجلس المركزي من خل تشكيل مكتب رئاسة، للمجلس له صلاحية دعوته دورياً وفق النظام، للتحرر من سطوة اللجنة التنفيذية.
4) اعادة الاعتبار اللجنة التنفيذية، بتركيبتها المتفق عليها وطنياً: ثلث الاعضاء للفصائل والثلث الآخر للاتحادات الشعبية، والثلث الثالث للمستقلين. مع التأكيد على عدم الالتفاف على صفة المستقل، على غرار ما جرى في انتخاب اللجنة التنفيذية في الاجتماع الاستثنائي عام 2009. وانتظام اجتماعاتها الدورية، والتوافق على سياسة استدعائها للاجتماع عند الطلب.
5) اعادة الاعتبار لدوائر اللجنة التنفيذية، وإعادة الحياة للدائرة السياسية والتي تحولت صلاحياتها إلى وزارة الخارجية. ووضع حد للمضاربة المضرة بين صلاحيات دوائر اللجنة التنفيذية، ووزارات السلطة الفلسطينية كما جرى مؤخراً مع دائرة شؤون المغتربين.
6) اعادة الاعتبار لإدارة الصندوق القومي الفلسطيني، باعتباره صندوقاً للشعب الفلسطيني، خارج الهيمنة الفردية، واحترام قرارات المجلس الوطني بشأنه، واعتباره مصدر التمويل لمؤسسا وفصائل واتحادات م.ت.ف، والسلطة الفلسطينية، بعد أن تحول إلى اداة سياسية تستعمل في الخلافات وتصفية الحسابات السياسية مع الفصائل الأفراد.
أخيراً
نتوجه بالتحية إلى شعبنا الصامد في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وفي مناطق اللجوء والشتات، في وقفته المشرفة، دفاعاً عن القدس، عاصمة دولته المستقلة وعن أرضه وسيادة دولته المستقلة ودفاعاً عن حق اللاجئين من أبنائه في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها.
وتحية خاصة إلى أسرانا في سجون الإحتلال
ووقفة إجلال لذكرى الشهداء
عاشت م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني
عاشت الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية
أضف تعليق