رسالة من عهد التميمي إلى الزعامة الفلسطينية
السادة زعامة الشعب الفلسطيني وقادة القضية المحترمين: تحيّة طيّبة وبعد،
من داخل مُعتَقل الأطفال الذي يزجّ بهم الاحتلال لأتفه الأسباب، ثم يضعهم في ماكينة التعذيب والقهر التي تُسمّى سجوناً ومعتقلات. هنا تلموند حيث الأطفال يتجرّعون القهر الإسرائيلي بكل أشكاله، من وسط هولوكوست الأطفال الذي تفنّن في صنعه أحفاد مَن تجرّعوا هولوكوست النازية الاولى، إنقلبوا من ضحية إلى جلاّد ففاق سوطهم علينا سوط ذاك النازي في ذاك الزمان.
لا نشكو إليكم حالنا داخل السجون لأنه ليس أسوأ من حالنا خارج السجون. صحيح إننا نرى فعل الاحتلال بشكلٍ أشدّ قساوة وأوضح، فهو داخل في كل تفاصيل حياتنا ويحاول جاهداً أن يفقدنا كل شيء جميل في أرواحنا، ولكنه أيضاً نراه يدخل في كل تفاصيل حياتكم، هم يتحكّمون في أكلنا وشُربنا وعندكم يتحكّمون في اقتصادنا وأرزاقنا، هنا يتحكّمون في حركتنا من وإلى الزنازين، وعندكم يتحكّمون في المعابر والداخل والخارج وفي كل مَن يتحرّك على الطُرق فتقطعه حواجزهم الثابتة والطيّارة .
معابركم في رفح مُغلَقة وعلى جسر الكرامة حيث لا كرامة لأحد، عشرات المسافرين تتوقّف بهم الطريق على الجسر فيعودون أدراجهم من دون أن يسمع لهم ولا لزعاماتهم أي همس أو صوت. هنا ينقضّون علينا في التفتيش الليلي وعندكم ينقضّون على مَن شاؤوا من بيوت آمنة فيفتّشون ويعتقلون .. إلا أن الفارِق في هذه، أننا نبيت ولا نخشى أن نُعتقل ليلاً لأننا معتقلون، بينما أنتم تبيتون وأنتم تخشون الاعتقال. هنا نصرّح ونقول بحرية واسعة ولا نخشى لومة لائِم بينما عندكم تحسبون ألف حساب لكل كلمة تُقال، لكم معادلات مُعقّدة لإخراج التصريحات ومخاطبة الإعلام، حياتنا من هذه الناحية ليست مُعقّدة وفيها هامش واسع من حرية التعبير والكلام.
السادة الكرام: وبما أن حالكم لا تختلف كثيراً عن حالنا، عصا السجّان كما تُلاحقنا تُلاحقكم، وماكينة التعذيب هي ذاتها تضرب أوصالنا داخل الأسر كما تضرب أوصالكم خارجه، فلِمَ هذا الخِصام يا سادة يا كرام؟ على ماذا تختلفون وسياط السجّان على ظهورنا تلعب كما تشاء؟ لم يهدّد ويتوّعد بعضنا بعضاً بينما ألم سياطهم يضرب ظهورنا دونما توقّف؟ وجّهوا تهديدكم ووعيدكم إلى هذا الذي بيده السوط ويجلد ظهورنا وظهوركم.
السادة الكرام: رأيتم ما فعلوا بنا ويفعلون ونحن ما زلنا أطفالاً. هؤلاء لا يعرفون للسلام طعماً ولا لوناً. فقط هم للعدوان والقهر ومصادرة كل حقوق الإنسان خاصة مع الفلسطيني الذي يعتبرونه شرّ خلق الله، كذلك ما فعلوه بنا وبشعبنا خارج السجن رغم جنوحنا للسلام وتنازلنا عن كثير من أرضنا وحقوقنا، إلا أنهم مستمرون في العدوان كما هي الحال داخل السجون وأكثر. نحن كشفنا سرّهم وباطنهم الأسود ببراءة طفولتنا، وأنتم كشفتم ظلام نفوسهم ببراعة خبراتكم السياسية وتجربتكم العملية معهم، فالعقدة الرئيسة إذاً هي في هذا الاحتلال اللئيم ودونها كل العقد الداخلية، وطالما إننا متّفقون على أن الرد المناسب والحل كله يكمن في مواجهة الاحتلال نفسه، فلِمَ لا نؤكّد على خيار مواجهة هذا المحتل والضرب على هذه العقدة التي نحن متّفقون عليها وبكل أشكال الضرب والمواجهة؟
السادة الكرام: الوحدة ليست شعاراً أو خطبة بليغة خاصة ونحن تحت النار وفي نار جحيمهم قابضون على الجمر. الوحدة لو كنا في سلام وأمان لكانت ضرورة، أما ونحن على مرمى مدافعهم ونحن نكتوي بلظى جهّنمهم فإن الوحدة ضرورة مُطلَقة وهي الروح النافذة للقضية ولكل أصحابها. والأمّ الحقيقية هي التي ترفض اقتسام ابنها بينها وبين مَن تدعيه، بينما مَن تدعيه الحمقاء وافقت على شطر الولد نصفين. مَن يوافق اليوم على شطر فلسطين والقضية والقدس وشطر أرواحنا وشطر أسرانا؟ الوحدة تكيد أعداءنا ونعرف أنهم وأعوانهم يغذّون الانقسام فيصبّون على الزيت نار أحقادهم، لذلك فإن صاحب القضية لا يمكن أن يستمر في حال الانقسام، والوحدة تكشف بين الأمّ الحقيقية والأمّ المُستعارة لهذه القضية.
ساداتنا وزعماءنا العظام: وصيّتنا نحن الصغار ومن عُمق الجرح النازِف وعتمة زنازيننا ننشادكم الوحدة على قاعدة مواجهة هذا المحتل القاهِر لكل مكوّنات الشعب الفلسطيني. هذه رسالتي ورسالة الأسرى الأطفال أمثالي وأعتقد أن أسرانا الكبار قد سبقونا بوثيقة الوفاق الوطني قبل عقد من الآن. فهل من مُجيب؟ نخاطب الأمّ الحقيقية لهذا الشعب المُرابط، ونكشف عن وجه الأمّ المُزيّفة التي تُجيد الردح ولا سبيل لها إلى فعل الحقيقة وحمل القضية بأمانة وجدّية.
آمل ألا تنضم رسالتي هذه إلى كثير سبقها من غيري وكلها كان سبيلها سلّة المهملات. آمل أن تحمل محمل الجد حيث أرى أن جوهرها يُطالب به كل فلسطيني حر ينتمي إلى فلسطين التي هي أعلى وفوق الجميع (فصائل وأحزاب وأفراد(.
• روائي فلسطيني وعضو إتحاد الكتاب والادباء الفلسطينيين
من داخل مُعتَقل الأطفال الذي يزجّ بهم الاحتلال لأتفه الأسباب، ثم يضعهم في ماكينة التعذيب والقهر التي تُسمّى سجوناً ومعتقلات. هنا تلموند حيث الأطفال يتجرّعون القهر الإسرائيلي بكل أشكاله، من وسط هولوكوست الأطفال الذي تفنّن في صنعه أحفاد مَن تجرّعوا هولوكوست النازية الاولى، إنقلبوا من ضحية إلى جلاّد ففاق سوطهم علينا سوط ذاك النازي في ذاك الزمان.
لا نشكو إليكم حالنا داخل السجون لأنه ليس أسوأ من حالنا خارج السجون. صحيح إننا نرى فعل الاحتلال بشكلٍ أشدّ قساوة وأوضح، فهو داخل في كل تفاصيل حياتنا ويحاول جاهداً أن يفقدنا كل شيء جميل في أرواحنا، ولكنه أيضاً نراه يدخل في كل تفاصيل حياتكم، هم يتحكّمون في أكلنا وشُربنا وعندكم يتحكّمون في اقتصادنا وأرزاقنا، هنا يتحكّمون في حركتنا من وإلى الزنازين، وعندكم يتحكّمون في المعابر والداخل والخارج وفي كل مَن يتحرّك على الطُرق فتقطعه حواجزهم الثابتة والطيّارة .
معابركم في رفح مُغلَقة وعلى جسر الكرامة حيث لا كرامة لأحد، عشرات المسافرين تتوقّف بهم الطريق على الجسر فيعودون أدراجهم من دون أن يسمع لهم ولا لزعاماتهم أي همس أو صوت. هنا ينقضّون علينا في التفتيش الليلي وعندكم ينقضّون على مَن شاؤوا من بيوت آمنة فيفتّشون ويعتقلون .. إلا أن الفارِق في هذه، أننا نبيت ولا نخشى أن نُعتقل ليلاً لأننا معتقلون، بينما أنتم تبيتون وأنتم تخشون الاعتقال. هنا نصرّح ونقول بحرية واسعة ولا نخشى لومة لائِم بينما عندكم تحسبون ألف حساب لكل كلمة تُقال، لكم معادلات مُعقّدة لإخراج التصريحات ومخاطبة الإعلام، حياتنا من هذه الناحية ليست مُعقّدة وفيها هامش واسع من حرية التعبير والكلام.
السادة الكرام: وبما أن حالكم لا تختلف كثيراً عن حالنا، عصا السجّان كما تُلاحقنا تُلاحقكم، وماكينة التعذيب هي ذاتها تضرب أوصالنا داخل الأسر كما تضرب أوصالكم خارجه، فلِمَ هذا الخِصام يا سادة يا كرام؟ على ماذا تختلفون وسياط السجّان على ظهورنا تلعب كما تشاء؟ لم يهدّد ويتوّعد بعضنا بعضاً بينما ألم سياطهم يضرب ظهورنا دونما توقّف؟ وجّهوا تهديدكم ووعيدكم إلى هذا الذي بيده السوط ويجلد ظهورنا وظهوركم.
السادة الكرام: رأيتم ما فعلوا بنا ويفعلون ونحن ما زلنا أطفالاً. هؤلاء لا يعرفون للسلام طعماً ولا لوناً. فقط هم للعدوان والقهر ومصادرة كل حقوق الإنسان خاصة مع الفلسطيني الذي يعتبرونه شرّ خلق الله، كذلك ما فعلوه بنا وبشعبنا خارج السجن رغم جنوحنا للسلام وتنازلنا عن كثير من أرضنا وحقوقنا، إلا أنهم مستمرون في العدوان كما هي الحال داخل السجون وأكثر. نحن كشفنا سرّهم وباطنهم الأسود ببراءة طفولتنا، وأنتم كشفتم ظلام نفوسهم ببراعة خبراتكم السياسية وتجربتكم العملية معهم، فالعقدة الرئيسة إذاً هي في هذا الاحتلال اللئيم ودونها كل العقد الداخلية، وطالما إننا متّفقون على أن الرد المناسب والحل كله يكمن في مواجهة الاحتلال نفسه، فلِمَ لا نؤكّد على خيار مواجهة هذا المحتل والضرب على هذه العقدة التي نحن متّفقون عليها وبكل أشكال الضرب والمواجهة؟
السادة الكرام: الوحدة ليست شعاراً أو خطبة بليغة خاصة ونحن تحت النار وفي نار جحيمهم قابضون على الجمر. الوحدة لو كنا في سلام وأمان لكانت ضرورة، أما ونحن على مرمى مدافعهم ونحن نكتوي بلظى جهّنمهم فإن الوحدة ضرورة مُطلَقة وهي الروح النافذة للقضية ولكل أصحابها. والأمّ الحقيقية هي التي ترفض اقتسام ابنها بينها وبين مَن تدعيه، بينما مَن تدعيه الحمقاء وافقت على شطر الولد نصفين. مَن يوافق اليوم على شطر فلسطين والقضية والقدس وشطر أرواحنا وشطر أسرانا؟ الوحدة تكيد أعداءنا ونعرف أنهم وأعوانهم يغذّون الانقسام فيصبّون على الزيت نار أحقادهم، لذلك فإن صاحب القضية لا يمكن أن يستمر في حال الانقسام، والوحدة تكشف بين الأمّ الحقيقية والأمّ المُستعارة لهذه القضية.
ساداتنا وزعماءنا العظام: وصيّتنا نحن الصغار ومن عُمق الجرح النازِف وعتمة زنازيننا ننشادكم الوحدة على قاعدة مواجهة هذا المحتل القاهِر لكل مكوّنات الشعب الفلسطيني. هذه رسالتي ورسالة الأسرى الأطفال أمثالي وأعتقد أن أسرانا الكبار قد سبقونا بوثيقة الوفاق الوطني قبل عقد من الآن. فهل من مُجيب؟ نخاطب الأمّ الحقيقية لهذا الشعب المُرابط، ونكشف عن وجه الأمّ المُزيّفة التي تُجيد الردح ولا سبيل لها إلى فعل الحقيقة وحمل القضية بأمانة وجدّية.
آمل ألا تنضم رسالتي هذه إلى كثير سبقها من غيري وكلها كان سبيلها سلّة المهملات. آمل أن تحمل محمل الجد حيث أرى أن جوهرها يُطالب به كل فلسطيني حر ينتمي إلى فلسطين التي هي أعلى وفوق الجميع (فصائل وأحزاب وأفراد(.
• روائي فلسطيني وعضو إتحاد الكتاب والادباء الفلسطينيين
أضف تعليق