22 تشرين الثاني 2024 الساعة 10:41

الزواج بالكمبيالة والطلاق بالتقسيط

2018-03-26 عدد القراءات : 574
انقضى زمن الكشف عن قيمة المهر المُقدم والمُتأخر في حفلات عقد القران في قطاع غزة منذ صار الانقسام الفلسطيني رفيقاً لحياتنا، فقد جرت العادة أن يكشف مأذون الزواج عن القيمة. ولكن أخيرا تم استحداث طريقة جديدة في تقديم المهر، عبر كمبيالات يُوقع عليها العريس باسم العروس، أو والدها، ويدفع المهر على دفعات من أجل تأمين زواجه الميمون، وتتم كتابة تلك الكمبيالات في أحد مكاتب المحاماة.
 وعندما يسأل قاضي المحكمة الشرعية: هل استلمت المهر المعجل، يهز والد العروس برأسه بأنه استلم المبلغ المُتفق عليه، ثم يقضي العريس شهوراً وهو يتنقل ما بين المؤسسات الخاصة التي تقدم قروضاً وخدمات لوجستية لإتمام الزواج، والتي انتشرت أخيرا في قطاع غزة بكثرة، وتلقى رواجاً بين الشباب، وتُسمع إعلاناتها الإذاعية في كل مكان، والتي تُروج الزواج من خلال مكاتبها.
هذا الواقع الذي نعيشه فرضته الظروف المحيطة بمستقبل الشباب في الأراضي الفلسطينية عامة، وفي قطاع غزة خصوصا، فتكلفة الزواج الباهظة والمرتفعة هي من تدفع الشباب في بلادي إلي التطرف والهروب نحو التشدد، والبحث عن الحركات والفصائل وأصحاب الفكر المنحرف، الذين يدفعون المال مقابل تنفيذ الأجندات الخارجية، فكيف يُوفر شاب في مقتبل حياته ثمن منزل بسيط من غرفتين وحمام ومطبخ وصالة صغيرة؟
هو يحتاج إلى قرابة الـ 20 ألف دولار، ويحتاج أيضا إلى تكاليف الزواج والمهر وغيرهما، وهي تُقدر بـ 10 آلاف دولار. وهنا، أُريد أن أسال: كيف يمكن الحصول على هذا المبلغ في ظل الظروف الراهنة؟
لا حياة ولا عمل ولا وظائف ولا أسواق حرة، ولا معابر مفتوحة، ولا ميناء ولا مطار ولا قطاع خاص ولا شركات استثمار ولا أفق سياسي، كل المؤشرات تُشير إلي التطرف.
في نظرة بسيطة على واقع الزواج والطلاق في قطاع غزة بالتحديد، نجد أنه في عام 2017، عُقد قران 17 ألف، وتم تسجيل قرابة ثلاثة آلاف حالة طلاق في المجتمع، واللافت للنظر أن نسبة الزواج كانت في العام 2016، تُقدر بـ 19 ألف، أي أنّ هناك انخفاضا ملحوظا وعزوفا عن الزواج بواقع ألفين كل عام.
 العدد الهائل من الخريجين والعاطلين عن العمل في صفوف الشعب الفلسطيني كبير جداً خصوصا بين الشباب، ولا أحد يُنكر أن هناك عزوفا عند الشباب على الزواج، وأن قطار العنوسة توقف في محطة كل بيت تقريباً، فما هو المخرج؟
أخيرا ارتفعت مؤشرات الطلاق في المجتمع الفلسطيني بين صفوف الشباب، لأسباب متعدّدة. ويرى المهتمون أنّ سوء الأوضاع الاقتصادية هي السبب، وأن التناحر السياسي في الأراضي الفلسطينية سبب آخر، وذلك لانعدام الرؤية السياسية الموحدة لدى فصائل المجتمع الفلسطيني وأحزابه، من أجل إعادة الاعتبار للعمود الفقري للمجتمع الفلسطيني، وهو الاستقرار الاجتماعي.
لا يستطيع من يُطلق زوجته في مجتمعنا أن يدفع متأخر المهر المُتفق عليه في عقد الزواج، لأنه وبكل بساطة لو كان يملك ذلك المتأخر من المهر لما طلّق زوجته، بل سيكون ذلك المال كفيلا بحل مشكلاتهم التي أوصلتهم إلى حالة الطلاق، لذا لجأ عديدون منهم إلى تقسيط متأخرات الطلاق من خلال المحاكم الشرعية، وذلك يُمثل بحد ذاته أيضا ظاهرة خطيرة للمجتمع، تهدد بنيانه، وركائزه.

أضف تعليق