19 تشرين الأول 2024 الساعة 07:48

تل أبيب: العمليات الفرديّة تؤكّد وجود تغيير إستراتيجيٍّ خطيرٍ في الشارع الفلسطينيّ والـ”برُكان” قادم لا محال

8

2018-03-19 عدد القراءات : 427
(الاتجاه الديمقراطي) (وكالات)- تُحاول إسرائيل لملمة جراحها واستيعاب الإخفاق وامتصاص الفشل عن طريق استخدام مُصطلح التصعيد في وصف ونعت العمليتين الفلسطينيتين اللتين وقعتا في غضون يومين، وأسفرتا عن مقتل رجل أمنٍ أمس في القدس المُحتلّة، وضابط وجنديّ، في جنين، بأنّهما تؤكّدان على أنّ التصعيد بات على الأبواب، من الذين لا ينتمون إلى أيّ تنظيمٍ.
لكن بالمُقابل، نقل المراسل العسكريّ يوحاي عوفر في صحيفة “معاريف” العبرية عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ في تل أبيب قولها إنّ الهدوء السائد على حدود قطاع غزة هدوء مضلل، وأنّ المواجهة القادمة في قطاع غزة باتت قاب قوسين أو أدنى، حسب تعبيره.
علاوة على ذلك، اعتمد المُعلّق في تحليله على أنّ الظروف السائدة حاليًا على حدود قطاع غزة شبيه بتلك الظروف التي كانت سائدة قبيل حرب 2014 على القطاع، وأوّل هذه الظروف هو استمرار عمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، إلى جانب الوضع الإنسانيّ والاقتصاديّ المتردي في القطاع.
أمّا مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان، فقد حاول تبرير الإخفاق الأمنيّ الإسرائيليّ بإعادة القرّاء إلى عامٍ خلى: حيث قال إنّه قبل سنةٍ حذّر رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، الجنرال هرتسي هليفي، من أنّ الوضع الأمنيّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة سيتفاقم وسيتصاعد في العام المُقبل 2018، عازيًا هذا الأمر إلى تضعضع وتراجع مكانة رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس (أبو مازن)، وذلك على خلفية الصراعات التي تشهدها الساحة الفلسطينيّة لليوم الذي يلي رحيل عبّاس السياسيّ، على حدّ تعبيره.
وبحسب الجنرال الإسرائيليّ فإنّ الوضع الأمنيّ في مناطق السلطة الفلسطينيّة لن يكون مُستقرًا في العام الجاري، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ هناك العديد من الجهات التي ستحتّج على قيادة عبّاس، ومن الناحية الأخرى، أضاف، بأنّ حركة حماس تُريد استغلال الوضع وتسجيل الإنجازات، وهذا الوضع، برأيه، سيضع إسرائيل أمام تحديات، على حدّ تعبيره.
وتابع فيشمان قائلاً إنّ الحوادث الأمنيّة التي تشهدها الضفّة الغربيّة والقدس ليست بمثابة ردود فعلٍ على نقل سفارة واشنطن إلى القدس، أوْ بسبب اقتراب إحياء يوم النكبة، أوْ يوم الأسير أوْ يوم الأرض، إنمّا هي بمثابة تحقق التحذير الإستراتيجيّ، الذي تُحذّر منه شعبة الاستخبارات العسكريّة وبموجبه فإنّ العقد الماضي، من الناحية الأمنيّة، الذي اتسّم بالهدوء النسبيّ قد انتهى إلى غير رجعةٍ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ المُواجهة بين الشارع الفلسطينيّ وبين الاحتلال الإسرائيليّ باتت قريبةً جدًا، وفي خطٍ مُوازٍ، فإنّ المُواجهة بين الشعب الفلسطينيّ، وتحديدًا في الضفّة الغربيّة وبين السلطة أصبح وشيكًا.
وبناءً على ما تقدّم، نقل المُحلّل فيشمان، عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، نقل عنها قولها، إنّ سُلّم الأولويات من الناحيتين العملياتيّة والاستخباراتيّة لجيش الاحتلال قد تغيّرت، وانتقل مركز الثقل من الحدود الشماليّة إلى الساحة الفلسطينيّة، التي أصبحت تُشكّل تهديدًا إستراتيجيًا على أمن الدولة العبريّة بشكلٍ كبيرٍ ولا يقّل خطورةً عن تهديد حزب الله وإيران.
ولفت فيشمان، اعتمادًا على مَنْ أسماهم بخبراء البحث الأمنيّ، إلى أنّه كانت هناك ثلاثة عوامل مفصليّة ومركزيّة، التي عملت بشكلٍ مُكثّفٍ على استقرار الوضع الأمنيّ في الضفة الغربيّة المُحتلّة خلال الأعوام العشر الماضية وهي: قدرة إحباط العمليات من قبل الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، العامل الثاني، التنسيق الأمنيّ بين الاحتلال وبين الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة، والعامل الثالث، بحسب خبراء الأمن الإسرائيليين، المُحافظة على حياةٍ عاديّةٍ نسبيًا للمُواطنين الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة، وهذه العوامل الذكورة، شدّدّ الخبراء في تل أبيب، تآكلت، على حدّ قولهم.
وشدّدّ المُحلّل على أنّ إسرائيل لا تمتلك “حلوى” لتوزيعها على الفلسطينيين في الضفّة لـ”شراء” الاستقرار الأمنيّ، مُضيفًا أنّ الـ”إرهاب الفرديّ”، وهو بحسب الخبراء عينهم، ليس فرديًا بالمعنى الكامل للكلمة، إنّما هو دليل على تغيّرٍ إستراتيجيٍّ لدى الشعب العربيّ-الفلسطينيّ في كلٍّ من الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وهذا الشعب الذي يبحث عن عمليةٍ مُحفزّة للبدء في أعمال العنف، في ظلّ ضعف مكانة رئيس السلطة، محمود عبّاس، على حدّ قوله.
ولفتت المصادر إلى أنّ الوسيلة الأخيرة التي لجأت إليها إسرائيل مؤخرًا لمنع انفجار البركان الفلسطينيّ تتمثّل في محاولاتها مع أمريكا والعديد من الدول العربيّة، وتحديدًا الخليجيّة منها، لتحسين الأوضاع الإنسانيّة في قطاع غزّة، والذي حذّرت المنظمات الأمميّة من أنّه يقترب بخطىً حثيثةٍ إلى كارثةٍ إنسانيّةٍ خطيرةٍ جدًا.
واختتم المُحلّل تقريره بالقول إنّه مع كلّ الاحترام لنجاح إسرائيل في هدم نفقين إستراتيجيين في قطاع غزّة، فإنّه يجب تذويت الحقيقة بأنّ الذي يقوم بالدهس في الضفّة، والذي يقوم بالطعن في القدس، والذي يقوم بوضع العبوات الناسفة على الحدود مع قطاع غزّة، هؤلاء جميعهم، يُشكّلون التهديد الأخطر والأعمق، على حدّ تعبيره.

أضف تعليق