19 أيلول 2024 الساعة 05:12

شيخوخة فلسطينية

2018-03-12 عدد القراءات : 654
هل تعرف يا أخي لماذا يتعطل العمل السياسي الفلسطيني على النحو الذي لا نتقدم فيه خطوة واحدة في المفاوضات مع المحتل، أو نبتكر فيه حلولا جديدة خارج الصندوق، أو حتى حلولا داخل الصندوق نفسه؟
هل تعرف ما الذي يجعل الانتفاضات الفلسطينية قوية وصاخبة وعفية على الأرض، فيما السياسة الفلسطينية تعجز عن استغلال هذه الانتفاضات في تحريك القضية خطوة واحدة للأمام؟
سأضع أمامك صورة واحدة وأترك الحكم لك وحدك، سأضع أمامك مشهدا واحدا من داخل هياكل منظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية، ثم أترك لك تقييم ما انتهى إليه حال هياكل القيادة في فلسطين المحتلة، والدوائر التنفيذية المسؤولة عن قضية العرب الأولى منذ منتصف القرن الماضي.
هل تعرف لماذا كانت تتأخر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن العمل؟ هل تعرف أن أمراض الشيخوخة هي التي أجهزت تماما على هذه اللجنة إلى الحد الذي عطلت عقل المنظمة عن العمل والتفكير، بل وحتى عن الاجتماع بشكل منتظم لتنسيق المواقف، وإطلاق الأفكار ومتابعتها أولا بأول؟
سأقدم لك بعض الأمثلة السريعة:
القيادي سليم الزعنون:
مواليد عام 1934 وعمره الآن حوالي 84 سنة «متعه الله بالصحة والعافية».
القيادي الراحل غسان الشكعة:
غيبه الموت، ولم يتم إحلال قيادي مكانه في اللجنة التنفيذية «رحمه الله وأسكنه فسيح جناته».
القيادي ياسر عبدربه:
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير السابق، من مواليد عام 1944 وعمره الآن حوالي 74 سنة «متعه الله بالعمر والصحة». 
القيادي زهدي النشاشيبى:
مصاب بأمراض الشيخوخة تعوقه عن الحركة والعمل «شفاه الله وعافاه».
القيادي عبدالرحيم ملوح:
مصاب بمرض عصبي من عينة أمراض الشيخوخة أيضا ومعاق عن الحركة والعمل «شفاه الله وعافاه».
القيادي صائب عريقات:
أقعده المرض عن المشاركة بفاعلية بعد عملية زرع رئة خطيرة «أتم الله شفاءه بإذن الله».
القيادي أحمد قريع:
مواليد عام 1937 عمره الآن ما يقرب من 81 سنة  «منحه الله الصحة والعافية»
القيادي زكريا الأغا:
مواليد 1942 وعمره الآن 76 سنة «متعه الله بالصحة والعافية».
هذه قيادات نبيلة وكريمة ومرموقة، ولا يمكن أن ننسى تاريخهم النضالي وعطاءهم للقضية الفلسطينية أبدا، وكل الحب لهم الأحياء منهم والأموات، ولكنني أنظر هنا من زاوية أخرى على المشهد الفلسطيني الذي ينبغي أن ينتهي إلى حل عادل بقدرة فائقة.
أنت تعرف يا أخي أن أمهات فلسطين أقسمن على أن تبقى قضيتهن شابة وعفية إلى الأبد، لا يكسرها مغتصب، ولا تشيب انتفاضاتها الفتية أبدا، ولا ينقطع هذا النسل الذي يرث جينات المقاومة ضد المحتل، دفاعا عن الأرض والحق والعدل.
 
لكن الأمهات في الأرض المحتلة لا يجلسن على طاولات التفاوض، والشباب فى الأرض المحتلة لا يتخذون القرارات فى المجلس الوطني الفلسطيني، ولا يشاركون فى أعمال الحكم، ولا يتولون السلطة فى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، القيادة فى مكان آخر، وفى زمن آخر، وبأعمار أخرى، قد تسأل أنت: ما الذي يجعل الانتفاضات الفلسطينية أقل تأثيرا من الناحية السياسية عن انتفاضات الماضي؟ كان العالم يهتز من قبل حجارة هؤلاء الصغار، لكن العالم لا يحرك ساكنا اليوم، ويكتفي بمقاعد المشاهدة، أو على الأقل يبرئ ساحته ببيانات شكلية للإدانة، أقول لك يا أخي: المأساة أن رجال الماضي هم الذين يديرون انتفاضات الحاضر والمستقبل.
• رئيس تحرير جريدة اليوم السابع المصرية

أضف تعليق