سأحدثكم عن مريم
عن رفيقة عرفها الكثيرون حين استطاعت أن تستقطب نسوة وصبايا مخيم برج الشمالي ومخيمات جنوب لبنان, تعلمهم فنون التطريز وحنكة الخياطة في مشغل أقامته مؤسسة النجدة الاجتماعية في المخيم عرف باسم مشغل مريم الجليل.
سأحدثكم عن مريم
عن تجربة رفيقة مميزة أجادت عملها بإتقان وامتازت بأن استخدمت هذا العمل أيضا لتأطير وتنظيم المرأة في أطر نسوية كرّس حضور المرأة في مواقع النضال المختلفة.
سأحدثكم عن مريم
الخياطة .. المناضلة لا بل القائد وسط الجماهير بعد أن نذرت عمرها كلّه دفاعا عن حقوق المرأة.
كانت تتقدّم الصفوف وفي كافة المناسبات تراها في المشغل, تحيك وترتب وتغرز, وتعطي التوجيهات لعمل ما بعد المشغل.
سأحدثكم عن مريم
في الميدان وبين أزقة المخيم وفي بيوت الفقراء تزورهم وتطمئن على حالهم وتقدم لهم احتياجاتهم وتضع لهم الحلول بأن العمل قيمة للمرأة, فتوزع عليهن قطع (الكنفة) لتطريز القطع التراثية والثوب الفلسطيني مقابل أجر يساعدهم في سداد نواقصهم.
سأحدثكم عن مريم
وهي تشارك بهمة ونشاط في حملات الجباية المالية وأحيانا وهي تجمع الورود من بيوت المخيم لنصنع منها أكاليل نضعها على نعوش وأضرحة الشهداء بما يليق بهم وكيف يزف شهيد دون أن ننثر عليه الورود؟
سأحدثكم عن مريم
الرفيقة البسيطة والتي لا تجيد التنظير ولكنها تبدع في وسائل العمل المختلفة والتي أهّلها لتتقرّب أكثر من نسوة المخيم ولتحثهم على أخذ دورهم المتقدم في مجالات الحياة المختلفة وفي مقدمتها الانخراط في العمل النضالي في مقدمة الصفوف. بهذا شهدت المنظمة النسائية للجبهة الديمقراطية في المخيّم نهضة بارزة أنجبت عشرات الكادرات النضالية للمنظمة.
سأحدثكم عن مريم
المناضلة التي لم تترك رفاقها ورفيقاتها في أشد الظروف صعوبة إبان الغزو الصهيوني للبنان وللمخيم عام 1982, وبقيت تمارس مهامها تشد من أزر المدافعين عن المخيّم وتقدّم لهم احتياجاتهم لمزيد من الصمود والمواجهة.
حين أضطر المدافعون للتراجع وإخلاء المخيم والانتشار في البساتين المجاورة بعد أن سوّت طائرات ومدافع جيش الاحتلال المخيم بالأرض وسقط حوالي الخمسمائة شهيد ومنهم ستّة عشر شهيدا من رفاق مريم المدافعين عن المخيم. تحمّلت مريم مهامها الجديدة والأكثر صعوبة وبدأت تمارس دور صلة الوصل بين منظمة الجبهة في المخيم وخارجه, كثيرا ما كانت تغادر سرا إلى البقاع للتواصل مع قيادة الجبهة وتأمين مقومات صمود عوائل الشهداء والأسرى وعموم المنظمة أثناء العمل السري.
سأحدثكم عن مريم
بعد مغادرة المقاتلين للمخيّم ودخول جيش الاحتلال للملمة بقايا جثث ضباطه وجنوده الذي تم إخفائهم ... جنّ جنون الاحتلال بحثا عنهم, وفي محاولة لوقف الهجمات التي لم تتوقف, فما كان من الاحتلال إلاّ أن يقوم باعتقال مريم وأخذها مختطفة إلى سجون فلسطين المحتلة ويمارس بحقها شتى أنواع التعذيب والامتهان وصمدت صمود شهدت له رفيقاتها في المعتقل .. وبعد أن فشل الاحتلال في كسر شموخها وصلابتها. خرجت مريم منهكة مصابة بأمراض مختلفة عانت منها لسنوات وسنوات واصطبرت وصابرت وبقيت مدرسة لكل من عرفها وعايشها, يتناقل الناس سيرتها النضالية بالفخر والاعتزاز.
وداعا مريم لترقد روحك الطاهرة بسلام وسكينة رفيقتنا الشهيدة البطلة الباسلة مريم، كان الوفاء منك عظيما وكان العهد آفاقا ونجوما.
وداعا مريم قد صدقت الوعد وما بدلت تبديلا ...
أضف تعليق